– أكد أن الحكومة غير جادة بطرح المبادرات وأنها مصرة على استمرار الأزمة
– ولا يمكن للمعارضة التحول لجهات أمنية لإيقاف العنف
– رفض بـ «الحلول السياسية الترقيعية» التي تقدمها الحكومة لحل الأزمة السياسية
– عدم جدية الحكومة في طرح المبادرات وإصرارها على استمرار الأزمة.
– جمعيات المعارضة ستستمر في التنسيق الوطني على صعيد المساحات المشتركة بينها
– الجمعيات المعارضة تسعى لخلق مجتمع مدني حقيقي تترسخ فيه الوحدة الوطنية بعيداً عن التعصب الطائفي
– أكثر من ثلث الموازنة يذهب إلى الدفاع والداخلية والأمن، بل إن الإيرادات النفطية الحقيقية لا تذهب كلها إلى الموازنة
– هناك أزمة حقيقية في البلد، ناتجة عن الخلل الذي تمخض عنه دستور 2002.
– الحوار وضع على طريق مسدود منذ البداية،
رفض ممثل جمعيات المعارضة في حوار التوافق الوطني الأمين العام لجمعية التجمع القومي الديمقراطي حسن العالي، ما وصفه بـ «الحلول السياسية الترقيعية» التي تقدمها الحكومة لحل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، معتبراً إياها مؤشراً على عدم جدية الحكومة في طرح المبادرات وإصرارها على استمرار الأزمة.
وفي مقابلة أجرتها معه «الوسط»، رد العالي على اتهامات المتحاورين للمعارضة بعدم إدانة العنف، أن المعارضة لا يمكن أن تتحول لجهات أمنية لوقف أعمال العنف، والتي اعتبرها ردة فعل للعنف الرسمي. وأكد أن جمعيات المعارضة ستستمر في التنسيق الوطني على صعيد المساحات المشتركة بينها، وفي الوقت نفسه تسعى لخلق مجتمع مدني حقيقي تترسخ فيه الوحدة الوطنية بعيداً عن التعصب الطائفي.
وفيما يأتي نص المقابلة مع العالي:
تحدث الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان في مؤتمر صحافي عن مشروع لحل الأزمة في البحرين وصفه بـ «المحبط»، وأكد أن المعارضة لن تدخل فيه، فما هي ملامح هذا المشروع؟ وهل تتبنون في جمعية التجمع القومي وجهة النظر ذاتها بشأنه؟
– أي حل لا يستجيب لمعالجة مظاهر الأزمة السياسية والاقتصادية المتجذرة في البحرين لا يمكن القبول به، لأنه سيكون حلاً ترقيعياً ومؤقتاً وسيؤدي لمزيد من النتائج السلبية في المستقبل.
وحسب المعلومات المتوافرة لدينا عن المشروع المطروح، فإنه لا يستجيب للحد الأدنى من المطالب الشعبية، إذ إنه لا يعطي السلطة المنتخبة كامل الصلاحيات التشريعية، ولا يدخل تعديلاً جوهرياً على الدوائر الانتخابية، وفيه نوع من النبرة الطائفية، في خلق نوع من المحاصصة الطائفية في تشكيل الحكومة.
فهو من جهة لا يلبي المطالب الديمقراطية، ومن جهة أخرى يدخل المحاصصة الطائفية في تشكيلة الحكومة. وكل القوى المعارضة ترفض هذا الحل، ونجدد تمسكنا في وثيقتي المنامة والتيار الوطني الديمقراطي.
ونظرتنا في جمعية التجمع القومي لما يحدث في البحرين، تقوم على أن الركن الأساسي في قيام أي دولة في العالم، هو ضرورة وجود عقد اجتماعي بين الشعب والحاكم لترتيب العلاقات وتأطير شكل الدولة. ومنذ استقلال البحرين في العام 1970، سعى الأمير الراحل لإيجاد هذا العقد الاجتماعي، فتم انتخاب المجلس التأسيسي، من أجل تولي وضع دستور عقدي للبلاد ينظم حياة الناس، وبناء على هذا الدستور العقدي، تم إجراء أول انتخابات برلمانية، ودخلت البحرين مرحلة من الديمقراطية بناء على دستور ينظم حياة الناس في شئونها الاقتصادية والسياسية، ولكن بعد مرور أقل من عامين على هذه التجربة الديمقراطية، بطشت الدولة بالعقد الاجتماعي وألغته من خلال حل البرلمان.
ومنذ حل البرلمان في السبعينات، دخلت البحرين في أزمتها السياسية، واستمرت مظاهر الخلل السياسي والاقتصادي منذ ذلك الحين، وتراكمت ووصلت لمرحلة خطيرة جداً في منتصف التسعينات، حين شهدنا الانتفاضات الجماهيرية، إلى أن طرح جلالة الملك على ضوء ذلك العديد من المبادرات لمعالجة الأزمة السياسية. واليوم بعد مرور أكثر من 10 أعوام على العقد الاجتماعي، يتضح أنه لم يكن هناك تجسيد حي لما تم الاتفاق عليه في ميثاق العمل الوطني، إذ إنه لم يسهم في معالجة مشكلات الناس السياسية والاقتصادية، وكل ذلك بسبب الخلل في العقد الاجتماعي المتمثل في دستور 2002.
وفي الوقت الحالي، مظاهر الأزمة السياسية والاقتصادية مستفحلة في البحرين، فعلى مستوى الترتيبات السياسية، هناك دوائر انتخابية غير عادلة وبرلمان منقوص الصلاحيات، وعلى المستوى الاجتماعي هناك انقسام اجتماعي خطير ونبرة طائفية عالية، وعلى المستوى الاقتصادي هناك أزمات خانقة، إذ إن نحو 28 في المئة من الشباب عاطل عن العمل، ونحو 75 في المئة من الأسر البحرينية يتراوح دخلها بين 300 إلى 700 دينار.
كما أن أكثر من ثلث الموازنة يذهب إلى الدفاع والداخلية والأمن، بل إن الإيرادات النفطية الحقيقية لا تذهب كلها إلى الموازنة، وذلك بحسب دراسات خليجية أكيدة تشير إلى أن 25 في المئة من الإيرادات النفطية لا تدخل في الموازنة، بخلاف أزمة السكن التي بلغت 50 ألف طلب إسكاني، ناهيك عن انخفاض معدلات الأجور.
ويجب عدم إغفال مشكلة العمالة الأجنبية التي تحول 780 مليون دينار سنوياً خارج البلاد، وتحمل بذلك الاقتصاد أعباء كبيرة، لأنها تستهلك التعليم والصحة والطرق، ولو أتينا إلى العمالة الأجنبية لوجدنا أنها لا تفيد البلاد غير أنها تخلق وظائف متدنية وبرواتب منخفضة وتزاحم العمالة الوطنية في الوظائف. إضافة إلى قضايا الفساد، وما كشفت عنه لجنة التحقيق البرلمانية السابقة بشأن أملاك الدولة بأن 65 كيلومتراً مربعاً من الأراضي تم مصادرتها من دون وجه حق، إضافة إلى كلفة الدفان التي بلغت أكثر من 20 مليار دولار من دون أن تدخل موازنة الدولة.
كل تلك مؤشرات واضحة على أن هناك أزمة حقيقية في البلد، ناتجة عن الخلل الذي تمخض عنه دستور 2002.
وبأخذ بعض النماذج في العالم، فإن الحزب الشيوعي في الصين لديه حيوية مكنته من تجديد نفسه، من دون حاجة لإعلان ثورة من الناس، وجعل الصين على مسار تنمية حقيقية، وفي مصر، التقت الإدارة الشعبية مع الجيش لإحداث التغيير المطلوب.
وفي البحرين، فإن المواطنين ينتظرون الحكومة للمبادرة بتصحيح هذه الأزمة الاقتصادية والسياسية المستفحلة، وخصوصاً أنه على مدى العشرة أعوام الماضية كان هناك تراجع كبير في الحياة الاقتصادية والسياسية، وعلى الدولة أن تبادر لإيجاد حل سياسي واقتصادي للبحرين، لأن الناس حتى وإن لم تتمكن من فرض إرادتها اليوم، فإن استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية، سيؤدي لنتائج وخيمة حتى فيما يتعلق بالتحرك السلمي للناس، ويمكن أن يأخذ طابع آخر غير سلمي.
بالعودة إلى المشروع المطروح والذي ترفضونه كقوى معارضة، ألا تعتبرون أن هذا المشروع هو سقف ما يمكن أن تقدمه السلطة لحل الأزمة؟ وهو ما يعطي مؤشر على أن حوار التوافق الوطني يسير إلى طريق مسدود؟
– الحوار وضع على طريق مسدود منذ البداية، وخصوصاً في ظل التشكيلة التي تم الدعوة إليه بموجبها، ولذلك طالبنا بتغيير تشكيلة الحوار لأنها لا تؤدي لتحقيق النتائج المطلوبة المثمرة، ووضعت بطريقة لا تؤدي لنتائج مطلوبة.
كما أن ما هو مطروح من حلول سياسية ترقيعية يؤكد على عدم جدية الحكومة في طرح المبادرات السياسية، وإصرارها على وجود الأزمة، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من مظاهر العنف في الشارع، ومزيد من الأزمات المتلاحقة في البلد.
…إذاً لماذا الاستمرار في الحوار؟
– الواقع أن الحديث الذي يدور عبر الوسطاء لا يرقى لكونه مشروعاً رسمياً للحل السياسي، أو يمثل وجهة نظر معينة. ولذلك مازلنا مصرّين، قبل الدخول في أجندة الحوار أن نضمن أن يكون هناك استفتاء على ما نتوصل إليه دستورياً، وتمثيل متكافئ وتمثيل حقيقي للحكم في الحوار، وبعد الحصول على هذه الضمانات، يمكن الدخول لموضوع الأجندة، فهناك صورة واضحة لما هو مطروح من مشروعات سياسية، وحينها يمكن أن نقرر ما يمكن أن نتجاوب معه أو نرفضه.
ولكن إذا استمرت التشكيلة على ما هي عليه، فإنها ستُرفض من قبل المعارضة، والموضوع ليس مغالبة أو فرض الشروط على الآخر، وإنما هي أزمة اقتصادية سياسية حقيقية، بحاجة لإيجاد حلول حقيقية ترتقي بالأزمة التي تمر بها البلاد، وإلا فإن جميع الأطراف ستكون خاسرة، وستُستنزف موارد البلد، وستزداد مظاهر العنف في الشارع.
ولذلك فإننا نطالب السلطة بالنظر إلى مصلحة البلد ومستقبله ومستقبل شعبه من خلال المسارعة في إيجاد حلول سياسية للبلد، لا الهروب إلى مسار التعاطي الأمني. ونحن ندعو السلطة للنظر إلى الدول المجاورة التي تبني وتنهض وتتقدم إلى الأمام، بينما نحن نخسر الوقت في مواجهات لا طائل منها.
ما هو تعليقك على تصريحات ممثل الحكومة في الحوار وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، والتي أكد من خلالها أكثر من مرة، أن أي حل للأزمة لن يكون إلا على طاولة الحوار؟
– هذا حديث غير رشيد سياسياً، لأن وزير العدل يعرف أن أي حلول تتم داخل قاعات الاجتماعات، لابد أن يتم التمهيد لها خارج قاعة الاجتماعات، وأن يكون هناك تواصل خارج القاعة لبلورة وجه من أوجه الحل هو مسألة مشروعة وطبيعية.
كما أنه للأسف أن أسلوب تعامل الحكم مع الأزمة السياسية فتح الباب لتدخلات خارجية في البلد، بما فيها بريطانيا والولايات المتحدة، والكل بات يحاول الدخول على الخط ويدفع الطرفين لإيجاد حل يرضي الجميع.
وبالتالي فإن وزير العدل يعرف قبل غيره أن الكل يدفع باتجاه إيجاد حل سياسي، ونحن نعرف أن بقية أطراف المعارضة لديهم تواصل مع الوسطاء الذين يأتون بحل سياسي، ولذلك فإن النظر خارج طاولة الحوار هو مسألة إيجابية تسهم بإيجاد الحل، وخصوصاً أن من هم في الحوار لا يمتلكون صلاحية الموافقة على أي حل لأن هذه الصلاحية بيد القيادة السياسية، ومن هم بداخل الحوار يبدون وجهة نظرهم في الحلول لا يتخذون القرار.
يتضح من خلال تصريحاتكم خلافاتكم مع وزير العدل في الحوار، فهل ترون أن تمثيله للحكومة في الحوار سبباً إضافياً لتحفظاتكم على آلية الحوار؟
– لنأخذ الموضوع بصورة حقيقية، الأزمة التي تمر بها البلاد لا تحتاج إلى هذه الطريقة العقيمة في محاولة علاجها، في حين أن الحل واضح، وأي رشيد وعاقل ينظر إلى البحرين يمكنه أن يرى التوصيف اللازم للأزمة السياسية والاقتصادية. فالحل المطلوب أعلناه منذ العام 2002، والكل اتفق معنا بضرورة العودة للدستور العقدي.
وفي فبراير/ شباط 2011، وضع صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة النقاط على الحروف في المبادرة التي طرحها، وهذا يعني أن الحلول واضحة، وتتمثل في حكومة تمثل الإرادة الشعبية، ومجلس منتخب كامل الصلاحيات، ووقف التمييز والتجنيس والعنف، وإرجاع أملاك الدولة، فلماذا يتم التعامل من جديد مع هذه النقاط، وكأننا نبحث عن حل للغز؟!
ولذلك فإن الشد والجذب الذي يحدث في الحوار، يأتي كنتيجة طبيعية للطريقة العقيمة التي وُضع بها الحوار.
كما أن جلالة الملك حين خوّل ولي العهد لمعالجة ملف الأزمة في العام 2011، فإن هذا يعني أن الحل بيد الحكم لا الحكومة، أما اللف والدوران من خلال هذه الصيغ المطروحة في الحوار، لن تكون مجدية، والحقيقة أنني هنا أشيد بالنفس الطويل للمعارضة من خلال وجودها في مثل هذا الحوار.
ولكن وزير العدل ألمح في وقت سابق إلى أن مبادرة ولي العهد لم تعد قائمة، فهل مازلتم تعوّلون على هذه المبادرة، التي يرى البعض أنكم لم تتعاملوا معها بإيجابية أثناء طرحها من قبل سموه؟
– على العكس، فإن المعارضة أعلنت ترحيبها بمبادرة ولي العهد وطلبت بعض الاستفسارات والتوضيحات بشأنها، وهو أمر طبيعي. ولكنني أستغرب ممن يرى أن المبادرة التي كانت تحاول معالجة الأزمة قبل الخسائر التي تكبدها المجتمع والشعب منذ بدء فترة السلامة الوطنية لم تعد صالحة الآن بعد وقوع هذا الكم من الخسائر. اليوم نحن بحاجة لما هو أعلى من مبادرة ولي العهد، تغطي ما قبل فبراير 2011 وما ترتبت عليه حالة السلامة الوطنية، وتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف. كما أننا بحاجة للتعامل بشكل مغاير مع موضوع استقلالية القضاء والنيابة العامة.
وبالتالي فإن الموضوع ليس مبادرة عفا عليها الزمن، بل من غير المعقول أن يقال أنه فات الأوان على طرح حل سياسي، لا عقديا ولا سياسيا ولا إقليمياً.
والموضوع ليس مغالبة، وإنما لدينا أزمة حقيقية تم تشخيصها منذ العام 2002، وأكبر دليل على أن دستور 2002 أضعف السلطة التشريعية، هو كل الفساد الذي حدث في العشرة أعوام الأخيرة في البحرين، ولا أدل على ذلك مما يرد سنوياً في تقرير ديوان الرقابة المالية، وهو ما يعني أن هناك خلل حقيقي، وأنا مستغرب من عدم انفتاح الدولة ومبادرتها لإيجاد حلول لهذا الخلل الذي قد يقود المجتمع لمنعطفات خطيرة لا يحمد عقباها.
هل فوجئتم بحجم اللا توافق بينكم وبقية الأطراف المتحاورة، وخصوصا ائتلاف جمعيات الفاتح؟
– نعم لقد تفاجأنا، وأنا لا أتهم أحداً هنا، ولكن عدد من ممثلي الائتلاف في الحوار ليس لديهم الوعي السياسي والثقافة السياسية المطلوبة، وبالتالي كانت الاطروحات خلال الحوار متواضعة ولا تنم عن الوعي السياسي المطلوب، وخصوصاً حين رد البعض على مطالبتنا بتمثيل الحكم في الحوار، بأنهم سينسحبون من الحوار إذا شارك ولي العهد فيه. وفي الوقت الذي نطالب فيه بأن يقتصر الحوار بين الحكم وجمعيات المعارضة والائتلاف، فإنهم – الائتلاف – يصرون على وجود المستقلين في الحوار. وحين طالبنا بأن يكون هناك استفتاء على ما يتمخض عنه الحوار، اعتبروا أن طلبنا يعتمد على المغالبة وفيه طرح طائفي.
وكان واضح أن ممثلي جمعيات الائتلاف يدخلون في مماحكات ليس لها مبرر أو أساس، ولكن المعارضة لها إرث ووعي سياسي كبيرين، ناهيك عن ما تملك من رؤية سياسية وفكرية واضحة وعميقة، في مقابل مستوى متواضع من جمعيات الائتلاف إلا فيما ندر.
وحين نتحدث عن الحوار بين المعارضة والحكم، فلأن الحكم هو من يملك الحل والعقد، لا الحكومة المعينة من قبل جلالة الملك ولا تملك صلاحيات البت في حل سياسي.
نحن نبحث عن تعديل العقد الاجتماعي بين الحكم والشعب، وبالتالي يجب أن يكون الحوار مع الحكم الذي بيده تعديل العقد الاجتماعي، وتم ضربه بشكل عنيف بعد العام 2002. وأكدت الأحداث طوال عشرة أعوام أن الدستور عاجز عن حل الأزمة التي تمر بها البلاد، والدليل استفحال المشكلات الاقتصادية والسياسية بسبب ضعف السلطة التشريعية وعدم قدرة البرلمان على حماية مصالح المجتمع.
ما هي من وجهة نظرك مبررات رفض جمعيات الائتلاف للاستفتاء الذي تطرحونه؟
– الواقع أننا نستغرب من رفضهم الذي يأتي تحت حجج أنه يؤدي إلى مغالبة وانقسام طائفي، وإذا كانوا يقولون أن تجمع الفاتح جمع أكثر من 400 ألف فلماذا يتم الحديث عن مغالبة؟، كما أن الاستفتاء سيذهب إلى توافقات تم التوافق عليها في الحوار والمفترض ألا تؤدي لمنحى طائفي.
يرى المتحاورون أن إدانتكم للعنف لا زالت تقتصر على البيانات الخجولة، معتبرين أن رفضكم التوقيع على بيان إدانة العنف من داخل جلسة الحوار يوفر غطاءً لأعمال العنف، فما ردك على هذا الاتهام؟
– تفاجأنا في أول جلسة للحوار بطلب المتحاورين إصدار بيان مشترك باسم المتحاورين لإدانة العنف الذي يحدث في الشارع، ولكننا رفضنا مبدأ صدور بيانات عن الحوار، لأن نريد أن نبعد الحوار قدر الإمكان عما يحدث في الشارع، وقلنا أننا لا نمانع تخصيص جلسات لمناقشة موضوع العنف.
وأذكر أني ذكرت في ذات الجلسة التي تم فيها الدعوة للتوقيع على بيان يدين العنف، أن إدانة العنف يجب أن تأخذ بالاعتبار بداية الأحداث وكيف بدأ العنف في البحرين، ونحن على قناعة أن العنف لم يبدأ بعنف الشارع، وحين كان الناس متواجدون في «دوار اللؤلؤة» كانت المسيرات والتجمعات سلمية جدا. صحيح أنه تم رفع بعض الشعارات التي قد لا يتوافق عليها الجميع، ولكن مثل هذه الشعارات موجودة في كل العالم، كما أن رفع الشعارات لا يعني اقتران القول بالفعل وسعي لتمكين هذا الشعار، وإنما يأتي ذلك من باب حرية إبداء الرأي.
وواقع الأمر أن العنف بدأ بعد أن تم ضرب الدوار لمرة ومرتين، ومن ثم دخلنا في مرحلة السلامة الوطنية التي خلفت حجم هائل من الانتهاكات والعقاب الجماعي والفصل من الأعمال، وكل أشكال العنف الرسمي التي وثقها تقرير لجنة تقصي الحقائق، وبالتالي فما حدث هو ردة فعل على العنف الرسمي.
إلا أن ذلك لا يعني أننا نقبل عنف الشارع، وفي الوقت نفسه نرفض وندين العنف الرسمي، كما أن بعض مظاهر عنف الشارع أثرت سلبا على التحركات السلمية، وأعطت مسوغات للحكومة.
وأؤكد مرة أخرى أن لدينا إدانة واضحة للعنف الرسمي ورفض واضح وقاطع لعنف الشارع، ولكننا نرى أن عنف الشارع ردة فعل للعنف الرسمي.
كما أننا أصدرنا وثيقة اللا عنف وأكثر من بيان رفضنا من خلالهم عنف الشارع، ولكن ليس المطلوب من المعارضة الدخول في مواجهات في الشارع أو التحول لجهات أمنية لإيقاف العنف، لأن هذا العنف له جذور وأسباب حقيقية تتطلب معالجتها، والمعالجة يجب ألا تكون سياسية، وإنما المطلوب معالجة سياسية أمنية.
هناك تصريحات لبعض ممثلي المعارضة، ربطت فيها الأوضاع في البحرين بالمتغيرات الإقليمية، فهل تعولون على هذه المتغيرات في موقفكم من سير الأحداث في البحرين؟
– نحن نؤمن أن هناك مطالب للشعب السوري لكننا رفضنا تدخل قوى إقليمية لعسكرة هذه الانتفاضة، ورأينا الدمار الذي حدث في سورية بعد التدخل الأجنبي، وعلى النمط ذاته نرفض التدخلات الأجنبية في البحرين، ونؤمن أن الحل يجب أن يكون حل وطني بين الشعب والحكم، ولكن واقع الأمر يثبت أن المعارضة ليست هي من تعول بالدرجة الأساسية على المتغيرات الاقليمية للحل. ولو أخذنا على سبيل المثال اليمن باعتباره جزء من المنظومة الإقليمية، فإن دول الخليج بادرت لوضع حل للمشروع السياسي هناك وفرضته في اليمن، فلماذا لم يتم حل الموضوع في البحرين على ذات النهج وتم الأخذ بالخيار الأمني بدلاً من الحل السياسي؟
كما أن زيارات ولي العهد لبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية هي للتباحث في المشروع السياسي، وهذا يعني أن الحكومة قابلة ومنخرطة في مشاركة أطراف دولية لإيجاد حل سياسي في البحرين، وبحكم الحلف الاستراتيجي بين البحرين وأميركا فإن هذه المشاركة لا تقتصر على المشاورات وإنما تشمل الشراكة أيضاً، وإذا كان الحكم يشرك أطراف أخرى لإيجاد حل سياسي، فلا بد للمعارضة من فتح خط مع هذه الأطراف، ومحاولة إقناعها بما لديها من مطالبات.
فأطراف المعارضة لم تلجأ للصين، وإنما تحاورت مع الجهات التي لدى السلطة شراكة معها وتؤثر على الحكومة، وعرضت عليها ما لديها من حلول للأزمة.
هل من الممكن في مرحلة من المراحل أن تنسحب المعارضة أو التجمع القومي الديمقراطي من الحوار؟
– إذا كان هناك انسحاب من الحوار فسيكون بقرار جماعي من المعارضة، إذ أننا كجمعيات لدينا تنسيق متكامل، ولكن الحديث عن الانسحاب في هذا الوقت غير وارد، ولا شك أننا سنواصل بالضغط، داخل وخارج الحوار، لإيجاد حل للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد.
وأنا أستغرب ممن يقول أنه من غير المقبول وجود حوار خارج الحوار، إذ أن الكل مطالب باستثمار هذه الفرصة لاستمرار الحوارات في الخارج من أجل إنضاج حل سياسي.
وكمعارضة حاولنا عقد نقاشات مع جمعيات الائتلاف، ولن نتردد من الاجتماع معهم داخل وخارج الحوار، وذلك في إطار السعي خلال هذين الشهرين اللذين يتوقف فيهما الحوار، للدفع باتجاه تفاهمات سياسية.
ففي هذه المرحلة لا نرى بديل عن الحل السياسي، وبالنسبة لي، فأنا أفضل الحل السياسي خارج الحوار، لأن الحوار تركيبته عقيمة، والحل السياسي يجب أن يكون على شكل مبادرة من الحكم، يدعو من خلاله المتحاورين لإبداء وجهة نظرهم فيه.
خارج قاعة الحوار، لا زلتم مستمرون في دعواتكم لتنظيم المسيرات، فهل ترون أن خروج هذه المسيرات يحقق الهدف الذي تدعون إليها من أجله؟، وخصوصاً أن البعض يرى أنها تقود علاقتكم والسلطة إلى مزيد من التأزيم؟
– لا شك أن ما مرت به الناس في مرحلة ما قبل السلامة الوطنية وتراكم الأزمات السياسية والاقتصادية والتي فجرت احتجاجات فبراير 2011، سيؤدي إلى استمرار المسيرات والحركات الاحتجاجية في الشارع، وليس ذلك فقط، وإنما بروز حركات وجهات الكل يتحدث عنها.
والتحرك السلمي مقبول، ومن لديه رشد وعقل يجب أن يستوعب ما يحدث في الشارع، ولا أدل على ذلك مما شهدته مصر أخيراً، حين تجمع الملايين في القاهرة، وقرأ الجيش المصري ما يدور في الشارع من خلال هذا التجمع الضخم، وتحرك على ضوء ذلك استجابة لمطالب الشعب.
وبمقارنة التجمعات التي شهدتها كلٌ من البحرين ومصر، كنسبة وتناسب، فإن بعض المسيرات في البحرين تشهد أحياناً مشاركة أكثر من 200 ألف مشارك، وهو ما يعني أن ثلث الشعب في الخارج، بينما في مصر تمت الاستجابة لطلبات 20 مليون محتجاً، أي ما يساوي ربع المصريين.
ولذلك فإن المسيرات في البحرين تقدم قراءة واضحة، على أن الناس لديها مطالب لن تتنازل عنها وستتمسك بها إلى حين تحقيقها، إذ إنها ليست أمراً ثانوياً، وإنما نتيجة مضاعفات سياسية تحتاج إلى علاج.
هل ستذهبون في تحالفكم كجمعيات معارضة إلى ما هو أبعد من الأزمة الحالية؟ وخصوصاً في ظل اختلاف المواقف من بقية الملفات؟
– لدينا قدرة واضحة على التفرقة بين حاجة العمل الوطني المشترك للبحرين، وبين الاختلاف في ملفات سياسية أخرى. والتحالف والتنسيق الحالي يأتي في سياق المساحات المشتركة، أما في الملفات الأخرى فلدينا مواقفنا المختلفة. وهذا التنسيق يأتي استجابة لتطلعات العمل الوطني المشترك والحاجة للعمل على أرضية مشتركة فيما يخص الملفات التي تخدم الشعب.
وفي التجمع القومي كنا في تنسيق رباعي مع الجمعيات قائم على رفض دستور 2002 منذ العام 2002، ثم تحول هذا التحالف إلى سداسي وسباعي وخماسي، ولكننا كنا دائماً موجودين مع «وعد» و «الوفاق» ضمن كل أشكال التنسيقات التي حدثت منذ العام 2002.
ولدينا ملاحظات معروفة على الجمعيات الإسلامية أو التركيبة الإسلامية للجمعيات، وخصوصاً أن الدستور والميثاق أكدا على عدم تأسيس الجمعيات على أسس طائفية، وإنما ننظر لأحزاب توحد كل طوائف المجتمع التي لم تأتِ على خلفية إسلامية، ولاشك أن لكل شخص ممارسة شعائر مذهبه على الطريقة التي يراها، ولكن تأسيسها على أحزاب طائفية يؤدي لتفرقة المجتمع، والتفرقة حتى بين أفراد المذهب الواحد.
ولذلك سنستمر على استمرار التنسيق الوطني، ولكن في الوقت نفسه نسعى لخلق مجتمع مدني حقيقي تترسخ فيه الوحدة الوطنية بعيداً عن التعصب الطائفي، ونحن لا نحب التأسيس الطائفي، ولكن نأخذ في الاعتبار وضع البحرين، ومؤمنين أن من يغذي الطائفية في البحرين هو غياب الدولة المدنية.
إذا وُجدت الدولة المدنية التي تساوي في الحقوق والواجبات، فإن منابع الطائفية ستخفّ تلقائياً، وإذا كان المواطن يرى أنه يعامل كأي شخص آخر فإنه لن يلقى أي صدى، لذلك لابد من السعي لبناء دولة المؤسسات والمواطنة والحقوق والواجبات وترسيخ المؤسسات الدستورية والديمقراطية وتكافؤ الفرص والقضاء على التمييز في الوظائف والتعليم والتوظيف، لنستطيع خلق مجتمع متوحد حقيقياً، وهذا هدف رئيسي لنا على المستوى الاستراتيجي مع كل القوى الوطنية الأخرى.
البعض يتهمكم كجمعيات يسار تمثل التيار الديمقراطي، بأنكم تخليتم عن مبادئكم لتركبوا الموجة مع جمعية الوفاق الإسلامية، وأن قرار جمعيات المعارضة هو في واقع الأمر بيد الوفاق، فما تعليقك على هذا الاتهام؟
– يجب أن نوضح حقيقة تاريخية، مفادها أن التجمع القومي هو امتداد للبعث، والمنبر الديمقراطي التقدمي تابعة لجبهة التحرير، و «وعد» امتداد للجبهة الشعبية، وهي جمعيات كانت جميعها موجودة منذ منتصف الخمسينات والستينات والسبعينات، بل إن المطالب المرفوعة حالياً، كانت مطالب جوهرية منذ تأسيسها حين لم يكن هناك وجود للحركات الإسلامية السنية أو الشيعية في البحرين. كما أن هذه الحركات قدمت شهداء وتضحيات، وبالتالي فإن ما نطرحه في الوقت الحالي امتداداً للمطالب التاريخية لهذه الحركات السياسية، وهي مطالب تؤمن بالديمقراطية والدولة المدنية وبأن الشعب له الكلمة الأخيرة في الحكم نفسه، والحياة الكريمة والحرة للشعب.
وبعد صدور دستور 2002، أعلنت جمعيات الوفاق ووعد وأمل المواقف ذاته الذي أعلنته التجمع القومي من الدستور، وحينها بدأ التنسيق بناء على مواقف سياسية مشتركة، وهذا الأمر يتكرر الآن، إذ إننا متفقون على أن المطالب وطنية مشروعة، وإن الحركة الاحتجاجية كانت عفوية وتفجرت في الشارع، والتقت مطالبنا كقوى سياسية مع مطالب الناس.
وجذورنا الفكرية والسياسية تفرض علينا أن نكون في قلب الحركة الجماهيرية، فلا قومية أو عروبة إلا وسط الجماهير، والجماهير دائماً على حق، ولذلك هذه مطالب مشروعة، وكان التنسيق بين الجمعيات مسألة طبيعية.
ونحن هنا نرفض المزايدة علينا في المواقف الطائفية، ولا نريد فتح هذه الجبهة لأن الأطراف التي تزايد علينا هي ملبسة بالطائفية، وأكبر دليل على ذلك المواقف الطائفية التي تؤخذ في موضوعات سورية ومصر والعراق.
وهناك تعمد لإغفال أن مطالب البحرين رفعت حتى في هيئة الاتحاد الوطني، وهي مطالب تاريخية للناس، والمؤسف أنه بسبب أن طائفة معينة من المجتمع البحريني تعاني أكثر من غيرها، لذلك وسم البعض هذه المطالبة بالطائفية. فالمطالبة بعدالة الدوائر الانتخابية لا علاقة له بالطائفية، كما أن المطالبة بتوافر كامل الصلاحيات التشريعية للمجلس المنتخب ليس لها علاقة بالطائفية.
ثم إن ما زرع الطائفية هو عدم التعامل بالمساواة مع الناس، ولو تم التعامل بسواسية بين الناس جميعاً، لتم القضاء على الطائفية وعلى أي نافذة من أي قوى إقليمية تريد الدخول بها لاستغلال مطالب الناس للتدخل في شئوننا المحلية. وإذا أردنا أن نسد المنافذ ونقضي على الطائفية، فيجب أن يتعامل الجميع معاملة سواسية، وأن تستجيب السلطة لمطالب الناس الرئيسية، فالناس بحاجة للتعبير عن رأيها في مسار المجتمع وهذا لا يتم إلا عبر الديمقراطية الحقيقية في البلد.
كما أن من يتهم الحركة المطلبية بشعارات ولاية الفقيه، عليه أن يعود إلى التصويت على ميثاق العمل الوطني 2002، حين صوت الشعب البحريني على الميثاق بنسبة 98.4 في المئة، والذي كان يقضي بتحول البحرين لملكية دستورية، وهذا يعني أن الناس لم تكن ترد أن تكون الولاية لخارج البحرين، وإنما داخل البحرين، وأن تكون هناك إصلاحات سياسية.
فالناس لا تعترض على الملكية الدستورية مثلما وعد بها ميثاق العمل الوطني، وكان يمكن أن تكون ملكية دستورية متدرجة، ولكن كان ينبغي أن يكون هناك مسار واضح لتنفيذ الإصلاحات المراد تحقيقها، وللأسف فإن ما نراه هو العكس، إذ يزداد في كل يوم نفوذ السلطة، كما أنها تستفرد بالقرار والثروة أكثر.
ما هي تطلعاتك للعبور من الأزمة التي تمر بها البحرين حالياً؟
– يجب أولاً أن تعي مختلف الأطراف ذات العلاقة أن الجميع خاسر في الوضع الراهن، وأن على كل من لديه رشد سياسي ومجتمعي أن يدرك اليوم وقبل الغد، أن هناك أزمة سياسية اقتصادية مستفحلة، بحاجة إلى حلول سياسية شاملة وعاجلة، وهذه الحلول لا توجد إلا لدى الحكم الذي عليه أن يطرح مشروعه للحل السياسي، وهو الحل الذي يجب أن يشمل إصلاحات سياسية دستورية ومصالحة وطنية حقيقية تعالج ما خلفته حالة السلامة الوطنية من إفرازات خطيرة في المجتمع وفي نفوس المواطنين لنستطيع تجاوز الوضع الحالي، ولذلك فإننا نحذر من أن استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه سيؤدي لنتائج خطيرة ووخيمة لن نتمكن من التعاطي معها بسهولة مع مرور الوقت.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3973 – الأربعاء 24 يوليو 2013م الموافق 15 رمضان 1434هـ