منصور الجمري
عندما بدأنا شهر رمضان المبارك هذا العام كان الطموح بأن تكون أجواء الشهر فرصة للتقريب والانطلاق نحو آفاق مختلفة تتجاوز الجمود الذي أصاب الحل السياسي منذ مطلع العام 2011، ولكن الأمور تطورت باتجاه التأزيم والتصعيد، ووصلنا إلى تفجير الرفاع المدان من قبل الجميع، لتتوتر الأجواء أكثر من ذي قبل.
ولعل من أكثر التصريحات تعبيراً عن وضعنا هو ما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي عبّر قبل أيام قليلة عن «قلقه إزاء تصاعد العنف في البحرين»، و «كرر دعوته حكومة وشعب البحرين إلى المشاركة بصورة شاملة للجميع في حوار هادف من أجل نزع فتيل التوترات، وتشجيع الإصلاحات وتعزيز المصالحة». وأضاف بان كي مون أنه أعرب في يناير/ كانون الثاني الماضي (2013) عن ترحيبه بمبادرة الحوار الوطني، ولكنه عقّب بأنه «لم يكن هناك حتى الآن تحرك يُذكر نحو محادثات ذات معنى».
وبغضّ النظر عن جميع النوايا والمقاصد، فإن الوضع في شهر رمضان تدهور تدريجياً بصورة مقلقة، وأدى تقلب النفسية العامة تجاه مجريات الأمور إلى تشوش الأفكار والجهود الباحثة عن أفق أفضل لمعالجة الأزمة السياسية.
البعض يطرح بأن مشكلتنا أصبحت معقدة وخارج قدراتنا الوطنية، ولكن الشأن المحلي لن يقدر على حله إلا أبناء الوطن، ومن المؤسف أن نتحول إلى واحدة من تلك القضايا المزمنة التي تستعصي على أي حل أو مخرج.
إن ما نحتاجه هو الانتقال من البيئة المحمومة بأحداث منهكة للبلاد إلى أجواء تقاربية تطرح فكرة الانتقال إلى وضع سياسي توافقي، ولعل هناك من يرى أن الحل يكمن في إلغاء الآخر، وأن مهمة إلغاء الآخر تتطلب الاستمرار في استنزافه مع تطويل النفَس. هذا التفكير قاصر؛ لأنه لا ينظر إلى الهدر المستمر في الفرص التي تتاح في كل فترة ومن ثم تتبخر. نعم، هناك من يتلذذ بالوضع الحالي لأنه مستفيد منه، ولكن هؤلاء أقلية من دون مبادئ، وهي لا تمثل جماعة أو طائفة أو فئة، وينبغي عدم الاستماع لها.
البحرين قادرة بأبنائها على تجاوز المشكلات مع توافر العزيمة، ومع التمسك بنظرة مستنيرة للمستقبل تقوم على التعاون مع الآخر بدلاً من السعي إلى إلغائه. البحرين ستبقى لكل البحرينيين من دون استثناء، والبحرينيون – جميعاً – يستحقون الأفضل لحاضرهم ومستقبلهم، وهذا يمكن الوصول إليه عبر عملية سياسية «لها معنى»، كما أشار إلى ذلك الأمين العام للأمم المتحدة.