منصور الجمري
ازدياد أخبار العنف في البحرين يعكس حالة غير حسنة للأوضاع التي نمر بها. فالعنف، من أي مصدر كان، مدان ومرفوض ولا يمكن تبريره تحت أي عنوان، تماماً كما أن القمع مدان ومرفوض ولا يمكن تبريره.
ما نمر به في البحرين منذ مطلع العام 2011 يعتبر حالة صعبة جداً عندما نقارنها بالعقود القريبة الماضية. ففي التسعينات عاشت البحرين وعلى مدى أربعة أعوام بين 1994 و1998 أحداثاً متواصلة بعد اندلاع انتفاضة في نهاية 1994 كردة فعل على القمع الذي تعرضت له حركة العريضة النخبوية في 1992 وثم حركة العريضة الشعبية في 1994.
شهدنا في التسعينات تموجات ومراحل مختلفة، بدأت بعرائض تطالب بتفعيل دستور 1973، وكانت الأجندة جامعة لمختلف أنواع الطيف السياسي الذي كان ينشط في تلك الفترة. ولكن كان رد فعل السلطات آنذاك قد اتسم باستخدام تكتيكات قمعية من جانب، وتفريقية من جانب آخر، بحيث تم فصل حركة العريضة عن حركة الشارع، وتم تلوين حركة الشارع بالطائفية.
ذلك التكتيك ركز على الطائفة التي تحرك شارعها كنتيجة مباشرة للاستراتيجية الأمنية التي استهدفت التلوين الطائفي… وكانت ردة الفعل انتشار حالة من التضامن الاجتماعي الرافض لأساليب الشرطة والأجهزة الأمنية. وهكذا مرت أحداث التسعينات بتموجات عديدة، وعانت البحرين آنذاك من الإصرار على الحل الأمني، ودخلت البحرين في دوامة العنف والقمع التي أنهكت جوانب عديدة في الحياة العامة.
انتهى عقد التسعينات والآفاق كانت مغلقة من كل جانب، والبحرين كانت تهبط تدريجياً في الأداء مقارنة مع الآخرين. ثم دخلنا القرن الحادي والعشرين، وحينها كانت هناك إرادة من القيادة السياسية العليا بتحريك المياه باتجاه مختلف، وتم استبدال القمع بمشروع إصلاحي فاجأ الكثيرين آنذاك. مباشرة بعد ذلك، انتقلت كل المؤشرات من الجانب السلبي إلى الجانب الإيجابي وانعكس ذلك على كل شيء، بما في ذلك الرياضة، إذ تمكنت البحرين من تشكيل فريق ذهبي كاد أن يصل مرتين إلى نهائيات كأس العالم.
كل شيء بحاجة إلى صيانة وتطوير لكي لا تتعثر الأمور، والضغط الذي تعرضت له الحالة البحرينية كان كبيراً، ودخلنا في تموجات أصعب من التسعينات، والمخرج من كل ذلك سيتطلب استراتيجية إصلاحية متجددة تحوّل الجمود الحالي إلى حيوية سياسية تنعش البحرين مرة أخرى.