منصور الجمري
انتشر يوم أمس الأول (11 يونيو/ حزيران 2013) على موقع اليوتيوب مقطع فيديو لجلسة تحقيق مع شاب بحريني اعتُقل في إحدى القرى، والشاب يظهر في الفيديو ونصفه الأعلى من دون ملابس، فيما بدت آثار للدم على جسده في نهاية المقطع. ومن الواضح أن الشاب كان يجيب تحت الإكراه؛ إذ إنه نطق بأسلوب مختلف عن الأسلوب الذي يتحدث به شباب القرى.
من جانبه، قال رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن على حساب وزارة الداخلية على موقع «تويتر» إنه «فتح تحقيقاً فورياً بشأن الفيديو المتداول حول اعتراف موقوف بتعرضه للتحريض على قتل رجال الأمن»، وأشار إلى «اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأن الواقعة وتوقيف المتهمين فيها عن العمل وإحالتهم للتحقيق».
الفيديو يوضح مأساة ماثلة أمامنا؛ فلهجة المحقق مختلفة تماماً عن لهجة الشاب، والشاب غيّر من أسلوب حديثه من أجل إرضاء المحقق، كما أنه نطق بأسماء شخصيات معارضة بالطريقة التي ينطق بها من يحقق معه. وعلى الرغم من أن الدولة أنشأت العديد من المؤسسات والمناصب التي تتحدث عن حقوق الإنسان والمظالم، إلا أن كل ذلك لا يقنع البحرينيين الذين يتحدثون بلهجة الشاب المعتقل بأن العدالة ستأخذ مجراها. فحتى الحالات التي سجلتها لجنة تقصي الحقائق وتسببت في الموت لم تتحرك القضايا فيها إلى مستوى يقارن بالطريقة التي تتحرك فيها القضايا عندما يكون المتهم يتحدث بنفس لهجة الشاب الذي ظهر في الفيديو.
إننا نسعى إلى مَخرَج للأزمة السياسية التي تمر بها بلادنا، وبداية الطريق تكون عبر إرساء إجراءات حقيقية للعدل والإنصاف، بحيث تتحرك هذه الإجراءات بصورة حيادية وبعيداً عن انتماء الفرد الإثني والطائفي ولهجته التي يتحدث بها. فحالياً تسير الأمور في سياق معروف مسبقاً، وكل الإجراءات تتوقف عند «فتح تحقيق»، والجميع يعلم أن هذا مجرد تكرار لعبارات لا تغير في الواقع شيئاً، ويبقى الوضع الراهن كما هو.
إن معالجة القضايا على أساس من العدالة والإنصاف والمساواة تحتاج إلى إرادة سياسية فولاذية واضحة تجعل حكم القانون على الجميع، وتنظر إلى كل مواطن – بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الطائفي أو أسلوب لهجته – من خلال عدسة المواطنة فقط.