أوصت منظمة محامون إيرلنديون لأجل حقوق الإنسان، المجلس الطبي الإيرلندي بالتحقيق في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة في المرافق الطبية المستخدمة من قبل الكلية الملكية للجراحين في البحرين لأغراض التعليم والتدريب.
جاء ذلك في التقرير الذي رفعته المنظمة إلى المجلس الطبي الإيرلندي، الذي يزور البحرين للمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في العام 2011، وذلك لاعتماد الكلية الملكية للجراحين في البحرين، وهو الاعتماد الذي يضمن جودة التعليم الطبي في البحرين، إذ يعتمد المجلس الطبي معايير الاتحاد العالمي للتعليم الطبي في تقييمه للبرامج التدريبية والمستشفيات التي تجري فيها.
وجاء في التقرير: «شهدت البحرين العديد من انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة على مدى العامين الماضيين، والتي شملت أفراداً من الكوادر الطبية، والمرافق الطبية العامة والخاصة، التي تستخدمها الكلية الملكية للجراحين».
وأضاف: «إن المجلس الطبي هو هيئة عامة غير ملزمة بالعمل بشكل يتوافق مع التزامات إيرلندا في مجال حقوق الإنسان. وتتطلب هذه الالتزامات النظر في قضايا حقوق الإنسان ذات الصلة عند اعتماد الكلية الملكية للجراحين، بما في ذلك استمرار اضطهاد عدد من الكوادر الطبية لإسهامهم في علاج المحتجين، وادعاءات التعذيب وسوء المعاملة للمرضى داخل المستشفيات المستخدمة من قبل الكلية، والتمييز في تقديم الرعاية الصحية في مواقع الدراسة السريرية المستخدمة من قبل الكلية الملكية، وكذلك الممارسات التمييزية في مجال العمل في القطاع الصحي البحريني».
وأكدت المنظمة في تقريرها، أنها تسعى إلى تعزيز المساءلة في القضايا الدولية لحقوق الإنسان، وأن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات البحرينية رداً على الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية مسألة مثيرة للقلق، على حد تعبيرها.
وأشارت إلى أن الكلية الملكية تعتمد على المستشفيات العامة في البحرين في عمليات التعليم والتدريب والتطوير المهني لطلابها، وهي المواقع التي أكدت المنظمة، أنها كانت مسرحاً للتعاطي الحكومي مع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية.
وأوضحت المنظمة، أنه من المقرر اعتماد الكلية من قبل المجلس الطبي الإيرلندي باستخدام المعايير المطلوبة، والمتصلة بحقوق الإنسان بصورة مباشرة، وأنه يجب على المجلس الطبي أن يأخذ بالأدلة التي تم جمعها من المنظمات الحقوقية الموثوق بها، والوثائق المقدمة من أصحاب المهن الطبية في البحرين، ناهيك عن المعلومات التي تم جمعها من خلال المنظمات الإيرلندية الأخرى، بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، وذلك على رغم محدودية وصول المنظمات المستقلة لحقوق الإنسان، والباحثين، والصحافيين الدوليين إلى البحرين، بحسب ما أوردت المنظمة.
وأكد التقرير أن الكلية الملكية تعرضت في إيرلندا للانتقاد على نطاق واسع بسبب عدم اتخاذها موقفاً علنياً ضد الانتهاكات التي وقعت على الكادر الطبي في البحرين، بما فيهم العشرات من الممرضين والأطباء، وبعضهم خريجو الكلية الملكية للجراحين.
وتطرق التقرير إلى زيارة وفد منظمة «فرونت لاين» إلى البحرين بعد ادعاءات اعتقال وتعذيب عدد من أفراد الكادر الطبي البحريني، إذ التقى الوفد بعدد من الأطباء ومنتسبي الكلية الملكية للجراحين في شهر يوليو/ تموز 2011، لافتاً إلى أن الوفد أعرب حينها عن قلق العميق فيما يتعلق بإساءة معاملة الطاقم الطبي والعديد من الادعاءات المتعلقة بالتعذيب.
وأكد التقرير على ضرورة أن تحدد معايير الاتحاد العالمي للتعليم الطبي، دور المجلس الطبي أثناء زيارته للبحرين، وذلك بغرض تحديد التزامات حقوق الإنسان التي تنطبق على عملية اعتماد الكلية الملكية في البحرين، باعتبار أن معايير حقوق الإنسان تتقاطع مع معايير الاتحاد العالمي، وإطاراً تفسيرياً مهماً لهيئات الاعتماد، وفقاً لما ورد في التقرير.
وأكدت منظمة محامون لأجل حقوق الإنسان، أنها مستمرة في النظر بانتهاكات حقوق الإنسان ذات الصلة بمعايير الاتحاد العالمي في البحرين، وأن أكثر المجالات قلقاً بالنسبة لها، كانت تلك المتعلقة بالتعذيب، وتقييد حرية التعبير والرأي.
وأوصى التقرير أن يقوم وفد المجلس الطبي بزيارة إلى الموقع، للتحقيق والنظر في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المرتبطة بمواقع استخدام التدريس السريري من قبل الكلية الملكية للجراحين، مطالباً في الوقت نفسه المجلس الطبي الأخذ في الاعتبار بالادعاءات العديد للتمييز وانتهاكات الحق في التعليم والعمل، وانتهاكات آداب مهنة الطب المتصلة بالمرافق الطبية المستخدمة من قبل الكلية الملكية للجراحين.
كما أوصى التقرير بضرورة أن يراعي المجلس الطبي في تقييمه، القيود المفروضة على الحق في حرية التعبير، والتواصل بطريقة سرية مع أصحاب المصلحة الرئيسيين الذين قد يكونون خاضعين لهذه القيود، وفقاً لما ورد في التقرير.
وأكد التقرير على ضرورة أن يستشير المجلس الطبي الوزراء ذوو الصلة عند اتخاذ قرار اعتماد برنامج التعليم المتكامل مع النظم الصحية التي قد تكون متصلة بالتعذيب، والسلوك التمييزي في توفير الرعاية الصحية والعمل، والانتهاك المستمر للحق في حرية التعبير والتجمع.
وخلصت المنظمة في تقريرها، إلى أن اعتماد المجلس الطبي للكلية الملكية للجراحين، يستلزم اتخاذ خطوات إيجابية لضمان تنفيذ التزامات الدولة المحلية والدولية على صعيد حقوق الإنسان.
وجاء في التقرير: «هناك شكوك بشأن تنفيذ الحكومة لالتزاماتها الدولية، وخصوصاً على صعيد الفشل في تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وهي أمور أثيرت خلال المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في البحرين، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، والتي أسفرت عن صدور بيان مشترك لمجموعة من 44 بلداً، بما في ذلك جميع الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في فبراير/ شباط 2013، تطالب فيه البحرين بتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها، وأعربت عن قلقها البالغ بشأن الوضع الحالي لحقوق الإنسان في البلاد، وقرارات سجن عدد من أفراد الكادر الطبي».
يشار إلى أن منظمة محامون من أجل حقوق الإنسان، هي منظمة مستقلة غير ربحية تسعى لتعزيز تطبيق معايير حقوق الإنسان على الصعيد الدولي من خلال إجراءات قانونية مبتكرة، وتهدف إلى إحداث تغيير في مجال حقوق الإنسان في البلدان الأخرى من خلال استخدام الآليات الإيرلندية والإقليمية والدولية بهدف تعزيز المساءلة في القضايا الدولية لحقوق الإنسان.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3919 – الجمعة 31 مايو 2013م الموافق 21 رجب 1434هـ