حسن المدحوب
عن نفسي أحمد الله أننا نعيش في البحرين مئة مرة كل يوم، 20 مرة عند استيقاظي، و30 عند قيلولة الظهيرة، ومثلها عند المغرب، وأقل منها بعشر قبل الخلود إلى النوم، كيف لا ونحن ننعم بكل الخيرات التي يحسدنا عليها القاصي قبل الداني.
صباحاً، عندما استيقظ من النوم أبدأ بالحمد لما نتمتع به من سواحل ممتدة الأطراف، من شرق البحرين إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، ومن وفرة الأراضي التي أصابتنا التخمة منها، فلا أجد بحرينياً إلا ولديه على الأقل ثلاث أو أربع منها بأحجام ومواقع مختلفة. بل إننا من كثرة تملكها بتنا لا نعرف ما نفعل بها، ولعل ذلك ما يفسر انتشار الهبات في بلادنا للبعيد قبل القريب.
أما في الظهيرة، فأكرّر الحمد مرةً أخرى، لأني ألتفت حولي يميناً ويساراً، فلا أجد تمييزاً ولا ظلماً لأي بحريني يعيش على هذه الأرض، فأخال نفسي في مدينة أفلاطون الفاضلة، التي لا عيون تُفقأ فيها، ولا صفعات ولا طلقات شوزن ولا غازات مسيلة للدموع، ولا انتهاكات شنيعة لحقوق الإنسان، ولا ضحايا سقطوا تحت التعذيب في المعتقلات، ولا معتقلين أخذتهم أيدي زوار الفجر، ولا مفصولين حُرموا من أرزاقهم وانتزعت من أفواه أطفالهم الفرحة والبسمة.
وفي المغرب، حيث تبدأ الشمس تشيح بوجهها عن سمائنا، يزداد يقيني بالشكر على ما نحن فيه من خير، فالعالم كله بات يحسدنا على الخير الوفير الذي يتمتع به كل بحريني، فلا فقراء عندنا، بل إن الإعانات الاجتماعية لا تجد من يريدها أو يطالب بها أو حتى يتذكرها! موازنة علاوة الغلاء فيها فائض وصل إلى 20 مليون دينار لأننا لا نجد بحرينيين كفاية يريدونها، أليس كل ذلك يستحق الحمد!
وعند خلودي للنوم، وخصوصاً منذ عدة أشهر، دائماً ما يطلع على ذهني صورة المواقف البطولية لمن طالب بزيادة الرواتب، ولمن رفع صوته عالياً بمكافأة المواطنين الشرفاء على ما قدّموه للوطن خلال الأزمة التي مرت به، واعتبر هذه الزيادة حلاً لكل ما نحن فيه من مشاكل وأزمات لم تنتهي للآن، فيطيب خاطري لأنني أعرف قوة هذه الأصوات وصلابتها، فأتيقن أن هذه الزيادة قادمةٌ لا محالة إن لم يكن اليوم أو غداً أو حتى بعد 100 عام، لكنها قادمةٌ لا محالة، بل إنني لا أظن أن نزار قباني ما كتب قصيدته الرائعة «زيديني عشقاً… زيديني»، وإلا وهو يخاطب الحكومة ويعلم أن الزيادة قادمة للبحرينيين يقيناً!
هو عيبٌ ما بعده عيب، ألا نحمد الله على كل هذه النعم التي حبانا الله إياها، صدّقوني لو كنتم في دولة غير ديمقراطية تنتهك فيها حقوق الإنسان جهاراً نهاراً، ويفيض فيها التمييز بكل أنواعه، ولو كان المواطنون ينتظرون 20 عاماً ليحصلوا على بيت إسكان، وكانت العدالة مفقودة، والفساد مستشرياً، والأراضي تُسرق في وضح النهار لعذرت من ينتقد أو يرفع صوته مطالباً بحق أو مظلمة، وربما خجلت من نفسي على ما أقول، لكننا في البحرين يا جماعة، بلد العدل والإنصاف وصيانة حقوق الإنسان، فاحمدوا ربكم!