عقيل ميرزا
مازالت التقارير الدولية التي تتناول البحرين بين الحين والآخر لا تسر أحداً يسكن على هذه الأرض الطيبة، وفي الوقت نفسه فإن «الزعل» من هذه التقارير لا يبدو أنه يحد من تناولها للبحرين.
ولعل آخر تلك التقارير وليس أخيرها هو تقرير وزارة الخارجية الأميركية الذي صدر يوم الإثنين (20 مايو/ أيار 2013) والذي يقيّم كيفية حماية الحكومات للحرية الدينية في نحو 200 بلد من بينها البحرين.
ومن بين ما تعرض له تقرير وزارة الخارجية الأميركية بشأن البحرين هو أن «فئة من المجتمع البحريني تواجه التمييز الرسمي، كما تواجه الاحتجاز، والاستخدام المفرط للقوة».
كما أضاف أن «فئة في المجتمع البحريني تتعرض للتعذيب أيضاً، بالإضافة إلى أن 31 من هذه الفئة تم سحب جنسياتهم مؤخراً، بما في ذلك ثلاثة من رجال الدين وذلك بتهمة الإضرار بأمن الدولة».
المتتبع لغالبية التقارير التي تتطرق للبحرين يجد أن المعلومات المدونة فيها متشابهة ومتكررة، وبعض الانتهاكات وإن اختلفت عن غيرها في الفترة الزمنية التي حدثت فيها إلا أنها هي هي.
أعلم مدى الحساسية التي تصيب الجهات الرسمية من هذه التقارير، ومدى الانزعاج الذي يبدو واضحاً على تلك الجهات مع صدور كل تقرير دولي يتناول الأوضاع في البحرين، إلا أن هذه الحساسية لوحدها وإن رافقها «زعل» في أكثر الأحيان غير قادرة على كبح جماح هذه التقارير التي تمطر البحرين بوابل من سهامها على مدار العام.
إذاً نحن في البحرين نحتاج إلى علاج آخر غير «الحساسية» وغير «الزعل» لصد هذه الهجمات المتعمدة أو غير المتعمدة، ونحتاج إلى تعاط آخر مع هذه التقارير حتى تحجز لها البحرين مكاناً يليق بها في الصفحات البيضاء من تلك التقارير.
إذا كان تقرير وزارة الخارجية تحدث اليوم عن التعذيب، فقد أسهب تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 في هذا الموضوع، كما أن هناك انتهاكات أخرى غير التعذيب تناولها بسيوني في تقريره وتكررت في عشرات التقارير التي صدرت بعد تقرير بسيوني، والسؤال المهم: لماذا يتكرر رصد هذه الانتهاكات؟!
واضح وضوح الشمس في رابعة النهار أن لدينا مشكلة في العلاج، ونحتاج أن ننظر لهذه التقارير بنظرة تختلف عن طريقة أولئك الذين يكتفون بسب وشتم مصدر هذه التقارير، لأنها طريقة لم تستطع أن تغير من قناعة المنظمات الحقوقية، والدول الديمقراطية، في غض الطرف عن البحرين، وإن علينا بدلاً من تضييع الوقت في مساجلة العالم، أن نضع الحلول المناسبة التي تمكننا جميعاً حكومة وشعباً سنة وشيعة من الخروج من هذا النفق المظلم الذي طال مسيرنا فيه، وإن بابتعادنا عن الحلول الناجعة والحقيقية إنما نصب زيتاً على نار، وماء على طين، وننثر ملحاً على جرح، وبذلك نحن نطيل عمر هذه الأزمة الضاربة بأنيابها في لحم هذا الوطن، تنهش فيه ليل نهار.