اطلقت شبكة المدافعين عن حرية الاعلام العربي (سند) أمس الاول الاحد (19 مايو/ ايار 2013) في العاصمة الاردنية (عمان) تقريرها السنوي الاول (336 صفحة) عن حالة الحريات الاعلامية في العالم العربي للعام 2012 تحت عنوان «حرية تحت الهراوات»، ورصدت من خلاله الانتهاكات التي غطت كل الدول العربية. واشار التقرير الى 63 حالة انتهاك تم رصدها في البحرين شملت «تعرض الصحافيين والمصورين للملاحقة الممنهجة والمتعمدة لمنعهم من تغطية قمع الحراكات الشعبية على ايدي رجال الامن»، فيما «استمرت الانتهاكات الجسيمة بحق الاعلاميين من قبيل احتجازهم وسجنهم وتعذيبهم واساءة معامتهم». هذا اضافة الى منع الصحافيين الاجانب من دخول البحرين.
وتحدث التقرير المفصل عن انتهاكات جسيمة شملت جميع الدول العربية، بحيث اصبح العامل المشترك في العالم العربي هو انتهاك الحريات الإعلامية بصورة جسيمة وعمدية، وذلك تزامنا مع اندلاع واستمرار الاحتجاجات والحراكات الشعبية المطالبة بالديمقراطية. واشار التقرير الى أن «واقع الحريات الإعلامية في البلدان العربية واقع مرير، وأن الإعلاميين مازالوا يعانون من القمع والبطش والملاحقة، ولم يعد يقتصر هذا القمع على الأجهزة الرسمية، ولكنه بات يشمل كذلك جماعات وأشخاصاً عاديين في ظل سكوت تام من قبل الدول، أو فشل عن وضع حد لذلك». ورصد التقرير أبرز الانتهاكات التي عانى منها الصحافيون في الدول العربية مع جدولة لطبيعة تلك الانتهاكات وأشكالها ومصادرها واتجاهاتها.
تقرير «سند» بيّن ان الاتجاهات العامة لانتهاكات الحريات الإعلامية في الدول العربية تمثلت في كثرة الانتهاكات الجسيمة، وأن المصدر الأساسي لارتكاب الانتهاكات هو رجال الأمن والبلطجية، وكثرة الاعتداءات المرتكبة من أشخاص عاديين ومجهولي الهوية، وتعدد الاعتداءات على صحافيين أجانب، وشيوع سياسة الإفلات من العقاب، وأخيراً الفجوة الواسعة بين التشريعات الوطنية والمعايير الدولية لحرية الإعلام.
لقد سجل التقرير نحو 1690 حالة انتهاك رصدتها شبكة «سند» في مختلف الدول العربية شكلت بمجملها 30 شكلاً ونوعاً من أشكال الانتهاكات التي وقعت على الصحافيين والإعلاميين في العالم العربي والمؤسسات الإعلامية.
أبرز أشكال الانتهاكات كمّاً ونوعاً كانت الاعتقال والحبس والتوقيف واحتجاز الحرية حيث بلغت 353 وبنسبة 21 في المئة، الاعتداء بالضرب 193 حالة بنسبة 11.4 في المئة، المنع من التغطية 184 حالة بنسبة 10.8 في المئة، التهديد بالإيذاء 117 حالة 7 في المئة، الإصابة بسبب التغطية 104 حالات وبنسبة 6 في المئة، الذم والقدح واغتيال الشخصية 97 حالة بنسبة 5.7 في المئة، الخسائر بالممتلكات 75 حالة 4.4 في المئة، فيما سجل التقرير وقوع 68 حالة مقتل صحافيين 39 منهم في سورية نتيجة الأحداث الجارية هناك منذ عامين، ثم الصومال 19 صحافيا، العراق 5، فيما ارتكبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي 3 حالات قتل لصحافيين في قطاع غزة. وقد أشرف مركز حماية وحرية الصحافيين في العاصمة الاردنية على إدارة شبكة «سند»، فيما شارك بالعمل في الإعداد والتنسيق والتدقيق بالمعلومات الواردة في التقرير طاقم متكامل من راصدين وباحثين وحقوقيين. كما شاركت مؤسسات مجتمع مدني عربية في التقرير من خلال الجهود التي بذلتها خلال العام 2012 برصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين في بلدانها.
وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور في توطئة تقرير حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي 2012 ان «حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي محيرة، ولا يمكن اختزالها بكلمات، فنحن ما بين التفاؤل والتشاؤم، ويصلح على حالنا ما أطلقه إميل حبيبي على روايته «المتشائل» قبل عقود، فالإعلاميون لم ينالوا حريتهم كاملة بعد، ولم يخرجوا من دائرة الخطر والاستهداف، ولم تتوقف الانتهاكات التي تمارس ضدهم تحت مبررات وعناوين مختلفة».
وأضاف «من الإجحاف أن ننكر أيضاً أن حالة الحريات الإعلامية تقدمت، وأن زمن الدكتاتوريات التي تصنع الإعلام على مقاسها قد ولى، وأن صوت الصحافيين ما عاد ممكناً خنقه، وصار مستحيلاً على الحكومات مهما كانت هويتها أن تسيطر على الإعلام وتحتويه بعد انتشار وسائل الإعلام الجديد، وسطوة وسائل التواصل الاجتماعي العصية على الرقابة المسبقة على عقول الناس، والأهم من كل ذلك هو كسر الصحافيين لحاجز الخوف، ورفضهم أن يكونوا (كومبرس) في مسرحية تزين صورة النظام الحاكم مهما كان». وأضاف منصور أنه «لا يبدو المشهد الإعلامي في العالم العربي قد اقترب من الانفراج، ومن المؤكد أن الانتهاكات ضد الإعلاميين مستمرة حتى تحت ظل الأنظمة الجديدة الحاكمة، حتى وإن تبدلت وتغيرت أشكال الانتهاكات والتجاوزات، وهذا ما يزيد من أهمية رصد وتوثيق الانتهاكات، والعمل على حث الإعلاميين على ممارسة سياسة الإفصاح عن المشكلات التي تعترضهم».
ووضعت الشبكة 16 توصية أبرزها وجوب التوقف عن سياسة الإفلات من العقاب التي تتبعها سائر الحكومات العربية إزاء الانتهاكات الجسيمة للحريات الإعلامية والتي تتم من خلال القتل والتعذيب وإساءة المعاملة أيا كان مصدرها، والمباشرة بالتحقيق في سائر الانتهاكات الجسيمة المذكورة في التقرير تحقيقاً مستقلاً يفضي إلى ملاحقة المتورطين ومحاكمتهم.
وأوصى التقرير بالتفكير جدياً بإنشاء محكمة عربية جنائية يكون من بين اختصاصاتها محاكمة المتورطين بانتهاكات جسيمة بحق الإعلاميين، ومراجعة سائر التشريعات المقيدة لحرية الإعلام لتصبح متوافقة مع المعايير الدولية المعمول بها في مجال الإعلام والحريات الإعلامية.
ودعت التوصيات إلى التوقف عن السيطرة على وسائل الإعلام واحتكارها، وتوفير الحماية اللازمة للإعلاميين أثناء قيامهم بعملهم من قبل الحكومات العربية والأجهزة المختصة وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3909 – الثلثاء 21 مايو 2013م الموافق 11 رجب 1434هـ