ها هو العراق من جديد يتصدر مشاهد القتل والدمار فيه مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بعد المجزرة المروعة التي وقعت في الحويجة بمحافظة كركوك في شمال العراق، وراح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى بعد أن قامت قوات حكومة المالكي باقتحام ساحة اعتصام المتظاهرين العزل، في انتهاك صارخ لأبسط حقوق الإنسان وللقيم الإنسانية.
ان العراق الشقيق منذ الجريمة الكبرى التي ارتكبها المحتلون المجرمون وحلفائهم وعملاءهم قبل عشر سنوات، وهذا البلد يعيش كارثة حقيقية متواصلة، وآلة القتل والقمع لو تتوقف يوماً ضد شعب العراق الأبي، الذي يقدم كل يوم بل كل ساعة الدماء العزيزة والتضحيات السخية دفاعاً عن عزة العراق وكرامته واستقلاله، رافضاً كل أساليب القهر والظلم التي يتعرض لها، مقاوماً كل عمليات التخريب والتدمير التي طالت كل مقاومات الحياة في هذا البلد الأشم.
وبعد كل ما حصل ويحصل في العراق، وبعد كل ما قام به المحتل وعملائه من قتل وإرهاب، وبعد حالة الفوضى العارمة التي عمت هذا البلد على كل المستويات، يصحو العالم اليوم على بعض إفرازاته ومخططاته التدميرية التي تستهدف العراق ووحدة أرضه وشعبه، ويرى كيف تقوم قوات المالكي المدججة بالسلاح بارتكاب جريمة بشعة بحق مواطنين مجتمعين بصورة سلمية، لتضع العراق أمام مشهد دامي وكارثي بكل المعاني الإنسانية والأخلاقية، وتدخله في أزمة خطيرة ومستعصية تهدد حاضره ومستقبله بحرب طائفية عمياء تأكل الأخضر واليابس ويصعب التحكم في مسارها ونتائجها المدمرة.
ان هذه الجريمة تكشف الوجه الاستبدادي والديكتاتوري لدولة المالكي وسجلها الحافل بالفشل والدمار، رغم كل الادعاءات الفارغة والمزاعم الباطلة بشأن الديمقراطية والوطنية، وإننا اذ ندين بشدة هذه الجريمة النكراء التي راح ضحيتها مواطنين أبرياء، فأننا نحمل حكومة المالكي وجلاوزته، المسئولية الكاملة عن هذه الدماء الزكية، التي انتفضت اليوم في ما يشبه الثورة ضد ظلم واستبداد هذه الحكومة الفاشلة والفاسدة.
كما ندين الدور التخريبي للمحتل الأمريكي وللنظام الإيراني وأجهزة مخابراته، وكذلك القوى الإرهابية التكفيرية، وهي الأطراف التي تقوم جميعها بجهود حثيثة ومحاولات مستمرة لإشعال حرب أهلية طائفية تدمر أساس وحدته وقيم التعايش في هذا القطر العربي.
وفي ذات السياق نرى من الواجب الوطني أن نحذر من مغبة الإنصات أو الانسياق وراء بعض الأصوات الشريرة والدعوات المغرضة التي تعمل على خلط الأوراق من خلال تعمد القيام بإسقاطات مصطنعة لما يحدث في العراق وبعض الأقطار العربية على المشهد البحريني، في محاولة لتحريك الغرائز الطائفية والنفخ فيها لأهداف مفضوحة لا يمكن أن تنطلي على شعبنا، وعلى من يحاول أن يصطاد في هذه المياه العكرة، أن يعي جيداً ان قيم العدالة والحق لا يمكن تجزئتها، وان حرمة وقديسة الدماء في أية بقعة في هذا العالم، لا يجب أن تخضع للانتقامية السياسية أو للمعايير الطائفية، فالقتل والإجرام والإرهاب ليس له وطن أو دين أو مذهب، كما ليس لهذه الجرائم علاقة بأية قيم وطنية أو إنسانية أو أخلاقية، سواء قام بها قوات حكومية أو ارتكبتها قوى إرهابية، وسواء كان المستهدف ساحة اعتصام للمتظاهرين أو دار عبادة أو مسجد للمصلين.
وأخيراً ومن منطلق إيماننا العميق بعظمة شعب العراق وبقدرته على مواجهة التحديات، رغم كل الأهوال والمعاناة التي يعاني منها، فأننا نجدد ثقتنا في هذا الشعب الصابر على هزيمة المؤامرات والمخططات التي تحاك له من الداخل والقادمة من وراء الحدود، وانه بما يقدمه من تضحيات أسطورية من أجل عزة وكرامة العراق، سوف ينتصر على حكم الطغيان والاستبداد والفساد، وسوف يصون وحدة أرضه ويحمي وحدته الوطنية من الفتن والشرور الطائفية التي يراد له أن يفرق فيها، وان هذا الشعب ومقاومته الوطنية الباسلة سوف يعيدان مجد هذا القطر العربي الشامخ، ويواصلان مسيرته الوطنية والقومية والحضارية، بعد أن يكتمل خلاصه من المحتل ومن كل مخلفاته وتركاته.
التجمع القومي الديمقراطي – البحرين
24/4/2013م
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.