المحتويات :
أولا: المقدمة.
ثانيا: المرتكزات الفكرية والسياسية.
ثالثا: الجوانب التفصيلية في برنامج العمل :
أ . على الصعيد الوطني :
1. الجوانب الدستورية والتشريعية والقضائية :
(1) الجانب الدستورية.
(2) الجانب التشريعي.
(3) الجانب القضائي.
2. الجوانب السياسية :
(1) مبادئ العمل السياسي.
(2) قضايا العمل السياسي.
(3) أهداف العمل السياسي.
3. جوانب الدفاع والأمن.
4. الجوانب الاقتصادية.
(1) التنمية المستدامة.
(2) المالية العامة.
(3) دور الدولة والقطاع العام.
(4) القطاع الخاص.
(5) تنويع المصادر.
(6) التنمية البشرية.
(7) سوق العمل.
(8) الاستثمارات المحلية والأجنبية.
(9) محاربة الفساد.
(10) محاربة الاحتكار.
(11) التخصيص.
(12) الفقر والإقصاء وغياب العدالة الاجتماعية.
(13) المشكلة الإسكانية.
(14) الشفافية .
5. الجوانب الاجتماعية والثقافية والإعلامية :
(1) التربية والتعليم.
(2) الصحة والبيئة.
(3) السياسة السكانية.
(4) المرأة والأسرة والطفولة.
(5) مؤسسات المجتمع المدني.
(6) الطلبة والشباب.
(7) الجنسية والتجنيس.
(8) المجالس البلدية.
(9) الأدب والثقافة والفنون.
(10) الإعلام.
ب . على الصعيد القومي :
1. المنطلقات الفكرية للتجمع
2. المنطلقات السياسية للتجمع
3. الأهداف القومية للتجمع
ج . على الصعيد العالمي
أولاً: المقدمة :
عبر المسيرة الإنسانية الطويلة شكلت المواريث الحضارية والقومية والإنسانية مرتكزات أساسية اتكأ عليها العمل الوطني، واستخلص منها دروساً وعبر ومحفزات للتعامل مع الحاضر والتهيؤ لصناعة المستقبل.
وقراءة لتاريخ النضال الوطني البحريني في العصر الحديث تقدم نموذجا متقدماً على التفاعل الخلاق بين الأبعاد الوطنية والقومية والإنسانية. فالحركة الإصلاحية التي برزت عام 1923م لم تكن معزولة عن حركة التحرر العربي التي انبثقت قبيل وبعد الحرب العالمية الأولى، والتي ارتبطت بداياتها بمواجهة سياسات التتريك العثمانية، وتواصلت إثر وضع اتفاقيات سايكس- بيكو موضع التطبيق. وبالمثل، لا يمكن فصل التحرك الشعبي والوطني الذي قادته هيئة الاتحاد الوطني والشعارات الإصلاحية التي رفعتها خلال أعوام 1954م- 1956م عن حالة النهوض القومي التي سادت أرجاء المنطقة العربية خلال فترة الخمسينيات. وقد أسهم الكثير من الشخصيات الوطنية البحرينية، ذات التوجه القومي، بشكل مؤثر في هذه الحركة.
وفي الستينيات، تفاعل شعبنا في البحرين مع الهبة العربية القومية، وعبر عن ذلك بنضالات شعبية وعمالية واسعة، توجت بانتفاضة مارس 1965م، التي طالبت بالمشاركة السياسية وإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وقد كان للقوى القومية دوراً مميزاً في قيادة تلك النضالات، مجسدة بذلك عمق التزامها بوحدة النضال العربي، بمختلف جوانبه وأبعاده.
وفي بداية السبعينيات، توج شعبنا نضالاته القومية، حين صوت بكل طوائفه، ضد الادعاءات الإيرانية بتبعية البحرين لها، معلنا انتماء البحرين لمحيطها العربي، ومطالبا بتحقيق الاستقلال. وقد ترك هذا الموقف القومي انعكاسات إيجابية على المسيرة الوطنية البحرانية منذ ذلك الحين، بدأت بإعلان الاستقلال الوطني لدولة البحرين في 14 أغسطس 1971م، ثم الدعوة لانتخابات المجلس التأسيسي عام 1972م الذي أقر الدستور العقدي بين الشعب والحكم وصادق عليه الأمير الراحل في السادس من ديسمبر 1973م. وأصبح الدستور، منذ ذلك التاريخ، أحد أبرز مكتسبات شعبنا الوطنية، وبموجبه جرت أول انتخابات تشريعية نيابية في البلاد عام 1974م، متوجة بذلك نضالات وتضحيات شعبنا على طريق التقدم والتحرر.
وإثر حل المجلس الوطني في عام 1975م وتعطيل العمل ببعض مواد الدستور، شهدت البحرين فراغاً دستورياً وسياسياً، وأزمات واحتقانات حادة، وملاحقة للوطنيين والمناضلين والمثقفين، تحت سيادة قانون أمن الدولة. كما شهدت البلاد ظواهر سلبية أخرى، كتفشي الفساد والرشوة والمحسوبية والطائفية وغياب كامل للمؤسسات الدستورية والتشريعية، وانعدام الرقابة والمشاركة الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني.
وكان من الطبيعي، مع تدهور الأوضاع، أن يستمر الكفاح من أجل إعادة الحياة النيابية وإصلاح الأوضاع الاقتصادية، وهذا هو بالدقة ما حدث خلال مرحلة الثمانينيات والتسعينيات. وقد اتخذ ذلك أشكالا سرية في البداية، بسبب قسوة الأجهزة الأمنية، وهيمنة الحقبة النفطية بكل تداعياتها، وضعف التجربة الوطنية. إلا أنه سرعان ما عبر عن نفسه بوضوح، خاصة في التسعينيات، كنتيجة حتمية لتراكم الخبرة النضالية، وتفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وإفرازات حرب الخليج الثانية. وفي هذه الظروف توفي الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله، وتولي الملك حمد بن عيسى مقاليد الحكم.
وإثر تسلمه للحكم، بادر عاهل البلاد بوضع حداً للأزمة باتخاذ سلسلة من الخطوات والتدابير، كان أبرزها العفو العام عن المسجونين والمحكومين والمبعدين، وإلغاء قانون أمن الدولة وعدد آخر من الإجراءات التي هدفت إلى تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين.
وقد مثل طرح ميثاق العمل الوطني، ومن ثم الاستفتاء الشعبي عليه وحصوله على 4ر98% من أصوات الناخبين في فبراير عام 2001 إنجازاً وطنياً كبيراً، على صعيد السير نحو الخيار الديموقراطي. وجاء تزامن إصدار الميثاق مع جملة من التأكيدات الحكومية بأن ذلك لن يكون مساساً بمكتسبات دستور عام 1973م، بما تضمنه من الحقوق التشريعية والرقابية للسلطة المنتخبة، ليعطي دفعة قوية للحراك الوطني في البلاد. لكن الدستور المنحة الجديد الذي صدر عام 2002م جاء مناقضاً لتلك التأكيدات، ومخيباً للآمال. وهكذا جرى فتح الباب مجدداً، أمام القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، لمواصلة النضال لتحقيق مطالب الشعب في إعادة الحياة النيابية كاملةً غير منقوصة. ولا شك أن التحولات التي جرت في المنطقة والعالم ساهمت بالتعجيل في بروز إجماع محلي بضرورة العمل على فتح آفاق غير مسبوقة للتطور السياسي والوطني، تُحشد من خلالها كافة الإمكانيات لرسم معالم مستقبل.
إن تلك التحولات تفرض على القوى السياسية الحية، ومؤسسات المجتمع المدني في بلادنا، النهوض بمسؤولياتها كاملة، وبلورة منهاج عمل يرتقي إلى ما تفرضه طبيعة المرحلة من تحديات، ويكون قادراً على ترجمة الأهداف الوطنية والقومية لأبناء شعبنا ترجمةً طموحة.
وعلى هذا الأساس، فإن تجمعنا الذي ينطلق من إيمانٍ عميق بقضايا الشعب الوطنية، والعمل جنباً إلى جنب، مع سائر القوى الوطنية، في إطار شرعية الحكم، من أجل تحقيقها، فإنه وعياً منه بطبيعة التحديات التي تمر بها بلادنا والمنطقة العربية، يؤكد على التلازم التاريخي بين الشؤون المحلية ومجمل القضايا القومية، وأن نضالنا الوطني هو جزء لا يتجزأ من النضال التاريخي للأمة العربية، ويرى أن مستقبل وطننا مرتبط ارتباطاً عميقاً بمستقبل الأمة وقدرتها على النهوض. وقد بات واضحاً أننا نعيش في عصر كتل وتحالفات كبرى، وأن الوحدات القطرية الصغيرة قدرها أن تكون ضعيفة وتابعة، فالأقطار العربية ليست قادرة على أن تضمن لها وطناً حراً وتنمية مستقلة، وأن تواجه التحديات والمخاطر التي تتعرض لها، بشكل منفرد. وأن قدرها هو توحيد جهودها وتجسير الوطني بالقومي في مواقفها وخططها وبرامج عملها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن التوجه القومي، على هذا الأساس، يأتي ضمن سياق تاريخي وموضوعي صحيح، ومنسجم مع اتجاهات العصر وقوانينه.
ومن هنا، فإن تجمعنا القومي الديمقراطي يؤكد على انتمائه العربي، ويبني منطلقاته على أساس أن البحرين جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، ويعتبر ذاته استمراراً وامتداداً للحركة القومية التي أخذت مكانها في بلادنا منذ بدايات القرن الماضي عبر جملة من الأشكال النضالية والمؤسسية الفاعلة. وفي ذات الوقت يعبر عن التزامه الراسخ بقيم الديمقراطية والتعددية وبناء مؤسسات المجتمع المدني، باعتبار الممارسة الديموقراطية الوجه الآخر للانتماء والمواطنة.
ثانياً: المرتكزات الفكرية والسياسية :
يناضل التجمع القومي الديمقراطي من أجل ترسيخ القيم والمبادئ القومية في أوساط شعبنا، مترجماً ذلك إلى أهداف وبرامج عمل تحشد من خلالها قوى الشعب بمختلف فئاته وانتماءاته، بكافة الوسائل والإمكانيات، وبما ينسجم مع التوجه الديموقراطي الذي يحكم حركة المجتمع في بلادنا. ووفقاً لهذه الرؤية، واستناداً للأهداف الواردة في نظامه الأساسي، تمت صياغة المرتكزات الفكرية والسياسية للتجمع. ويعتبر هذا البرنامج جزءً من هذا النظام ودليلا لعمله في المرحلة المقبلة:
1. إن المجتمع البحريني ينتمي للأمة العربية في إطار وحدة اللغة والدين والتاريخ والجغرافيا والمصير المشترك، وعقيدة المجتمع هي الإسلام الحنيف. وعلى هذه الأسس، تتحقق الوحدة الوطنية بين كافة طوائف المجتمع، دون تمييز طائفي أو عرقي أو قبلي، من خلال الإقرار بمبدأ المواطنة وتحقيق المساواة بين أبناء الشعب في الحقوق والواجبات.
2. الالتزام بمكتسبات دستور 1973م المقر من قبل ممثلي الشعب والعمل على تطويرها، وتأكيد الثوابت الدستورية التي تعتبر الشعب مصدر السلطات، واعتبار المجلس التشريعي المنتخب صاحب الحق في العملية التشريعية. والتأكيد على الفصل بين المجلس المنتخب (البرلمان) وبين المجلس الاستشاري المعين (الشورى) باعتبار البرلمان المنتخب هو السلطة المخولة بتشريع القوانين واتخاذ القرارات، والتسليم بحتمية الفصل بين السلطات الثلاث : التنفيذية والتشريعية والقضائية.
3. تجسيد مبادئ ميثاق العمل الوطني وتفعيلها في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
4. إن الإنسان هو أداة البناء والتنمية وغايتهما كما أن حقوق الفرد السياسية والاقتصادية والاجتماعية مكفولة بموجب الدستور وميثاق العمل الوطني.
5. توثيق كافة أشكال التعاون والتنسيق مع القوى الوطنية والسياسية، والعمل على أساس ثنائي أو جماعي، لتجسيد هذه المبادئ والأهداف.
6. إن مؤسسات المجتمع المدني هي التعبير العملي عن مشاركة كافة فئات المجتمع وقواه الحية في البناء والتقدم، وينبغي أن تبنى على أسس وطنية، وأن توفر لها كافة سبل النجاح وحرية العمل دون معوقات.
7. إن قضايا العمل الوطني السياسية والاقتصادية والاجتماعية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بقضايا الوطن العربي وتطلعاته القومية، ومعالجتها في هذا الإطار يضمن لها إمكانيات أكبر للنجاح.
8. التأكيد على مبادئ حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة الكريمة والعمل والتعليم والعلاج وحرية الفكر والرأي والتعبير، والمساواة أمام القانون.
9. التمسك بالثوابت القومية للأمة العربية في الوحدة والتحرر والتكافؤ والتقدم الاجتماعي والديمقراطية، واعتبار القضية الفلسطينية جوهر الصراع العربي – الإمبريالي الصهيوني.
10. التمسك والدفاع عن المشروع النهضوي الحضاري للأمة العربية باعتباره طريق الأمة لتحقيق رسالتها.
ثالثاً : الجوانب التفصيلية في برنامج العمل :
حرص التجمع القومي على أن يكون برنامج عمله وليد دراسة معمقة لواقع البحرين وتجارب ومعاناة شعبنا ونضاله. وبالرغم من الوعي بأهمية الانفتاح على التجارب الإنسانية الأخرى، إلا أن الخصوصية البحرينية، المطلة على الآفاق القومية ومكوناتها، وطبيعة التطور السياسي الذي تمر به البلاد، تبقى أموراً رئيسية ومعتبرة في صياغة هذا البرنامج.
إن نجاح هذا البرنامج مرهون، إلى حدٍ كبير، بنجاح التجربة الديموقراطية في البلاد. ويبقى مشروع الإصلاح السياسي، بشقيه التشريعي والدستوري، الأساس في نماء المجتمع وتطوره، وبدون تحقيق هذا المشروع لن يكون المجتمع قادراً على إصلاح الاقتصاد أو الإدارة أو التربية وبقية المفاصل الرئيسية. ومن نافلة القول أن عملية الإصلاح السياسي لن تأخذ مكانها إلا من خلال زخم وطني حقيقي، يمارس فيه كل فرد دوره، من خلال دفاعه عن حقوقه ومشاركته في اتخاذ القرار، ويساهم في بناء الوطن المستقل والحر، بعيداً عن كافة أشكال التبعية والهيمنة.
أ. على الصعيد الوطني :
1. الجوانب الدستورية والتشريعية والقضائية :
تشكل القواعد الدستورية والتشريعية والقضائية البيئة التي تضمن بناء دولة المؤسسات والقانون بناءً سليماً ومتيناً، وتضمن حقوق الفرد وتصونها. كما تدفع بالعملية التنموية، مشاركة الفرد في بناء مستقبله ومستقبل أجياله. ووفقا لهذا الالتزام، يرسم التجمع القومي رؤيته في المجالات الدستورية والتشريعية والقضائية على النحو التالي :
(1) الجانب الدستوري :
منذ صدور الدستور المنحة الجديد في 14 فبراير عام 2002م، دخلت بلادنا في أزمة دستورية أخرى ما نزال نعاني من تداعياتها ونتائجها السلبية بعد أن ضيع الدستور الجديد حقوق الشعب التي اكتسبها في دستور 1973م، حيث صدر الدستور الجديد بدون موافقة أو أخذ رأي الشعب فيه، وبطريقة مغايرة للآليات التي نص عليها الدستور العقدي لعام 1973م، لذا فإن موقف التجمع القومي كان ولا يزال متمسكاً بالحقوق الدستورية المكتسبة لشعبنا، ويعمل مع كافة التجمعات السياسية، ومن خلال الحوار الوطني، للتغلب على هذه الإشكالية الدستورية في سبيل تأكيد حق شعبنا في المشاركة الفعلية في صنع القرار السياسي.
وانسجاماً مع هذا الموقف فإن التجمع القومي الديمقراطي يؤكد على :
1. التمسك بمكتسبات دستور 1973 والعمل على تطويرها.
2. التمسك بميثاق العمل الوطني، وخاصة فيما يتعلق ببناء المملكة الدستورية، كما هو متعارف عليه في التجارب الديمقراطية المتقدمة، والحفاظ على حقوق الشعب ومبدأ فصل السلطات.
3. التمسك بأن يكون نظام المجلسين منسجماً مع مبادئ ميثاق العمل الوطني، من حيث تكريس سيادة الشعب عبر ممثليه المنتخبين، وأن يتمتع المجلس المنتخب وحده بسلطة التشريع والرقابة والمحاسبة، على أن يكون دور مجلس الشورى (المعين) محصورا في تقديم الرأي والمشورة، وأن يكون أعضاؤه من ذوي الكفاءات العلمية والنزاهة المشهود بها لدى جميع فئات الشعب.
4. تعديل المرسوم رقم 27 لسنة 2002م، بشأن إنشاء المحكمة الدستورية بما يعزز ويوسع صلاحيات هذه المحكمة واستقلاليتها عن السلطة التنفيذية.
(2) الجانب التشريعي :
يسعى التجمع القومي إلى إجراء تغيير في الواقع التشريعي الذي خلقته الحكومة، من خلال إصدارها منفردة مجموعة من المراسيم بقوانين، والتي تصادر حقوق المواطن الأساسية التي نص عليها ميثاق العمل الوطني، وأقرتها المواثيق والاتفاقيات الدولية والعربية. أن التجمع القومي يرى في تلك المراسيم التي شرعتها الحكومة مساساً بالحريات الشخصية وانتقاصاً للحقوق العامة، مثل حق التعبير والنشر والتجمع وحرية المعتقد والرأي. وعليه، فإن التجمع القومي سوف يعمل في إطار برنامج عمله على تطوير البنية التشريعية للمجتمع، ولا سيما في مجالات التشريعات التالية :
1. إلغاء المرسوم الخاص بقانون رقم 56 لسنة 2002م بشأن تفسير بعض أحكام المرسوم رقم 10لسنة2001م بالعفو الشامل عن الجرائم الماسة بالأمن الوطني.
2. تعديل المرسوم الخاص بقانون العقوبات رقم 15 لسنة 1976م والتعديلات بمراسيم القوانين التابعة له وقانون الإجراءات الجنائية رقم 46 لسنة 2002م بما يكفل حرية الدفاع عن المتهم في كافة مراحل التحقيق والمحاكمة.
3. تفعيل هدف فصل الادعاء العام عن وزارة الداخلية وإنشاء نيابة عامة تتبع السلطة القضائية.
4. إصدار قانون لإدارة السجون يتلاءم مع المعايير الدولية وفصل إدارة السجون عن وزارة الداخلية.
5. تعديل المرسوم بقانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 14 لسنة 2002م بما يضمن حرية التجمع والتعددية السياسية وإنشاء الأحزاب.
6. إصدار قانون خاص بحرية العمل السياسي ينص على حرية تشكيل الأحزاب السياسية.
7. تعديل المرسوم بقانون رقم 16 لسنة 2002م بشأن ديوان الرقابة المالية بما يكفل توسيع صلاحياته والاستقلالية التامة عن الجهاز التنفيذي، على أن يكون ملحقاً بالمجلس النيابي.
8. تعديل المرسوم بإصدار قانون الجنسية لسنة 1963م والتعديلات اللاحقة له، والخاصة بازدواج الجنسية، بما يضمن حق المواطنة والجنسية لأولئك الذين ولدوا وعاشوا كمواطنين على أرض هذا الوطن ولم يعرفوا وطناً غيره. وإلغاء التجنيس السياسي والتمييز في قانون الجنسية الذي يتعارض مع المعايير المقرة دولياً.
9. رفض المرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2002م والصيغة المعدلة له بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر وتغييرهم بما يكفل حرية الصحافة والنشر والتعبير والفكر والثقافة.
10. تعديل المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 1989م بشأن الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والمرسوم بقانون رقم 44 لسنة 2002م بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم المذكور سابقاً بما يكفل ويعزز حرية واستقلالية العمل التطوعي وجمعياته.
11. إصدار قانون الأحوال الشخصية لينظم علاقات ومسائل العائلة من الزواج والطلاق والنسب والولاية والوصاية والإرث والوصية، إضافة إلى الهبة والوقف وما إليها.
12. إصدار قانون بشأن حق المواطن في الحصول بحرية على المعلومات من أجهزة الدولة.
(3) الجانب القضائي :
يعتبر استقلال القضاء من أهم الضمانات الجوهرية لتثبيت وتعزيز المبادئ الدستورية وصيانة حقوق المواطنين العامة والخاصة، كما تعتبر استقلالية السلطة القضائية الركيزة الأساسية لدولة القانون وسيادته. ونظراً لوجود الكثير من المشاكل والنواقص التي يعاني منها الجهاز القضائي في البحرين، والتي ساهمت في إعاقة تطوره، فإن التجمع القومي يرى أهمية توافر أرضية متينة لضمان استقلالية القضاء و تعزيز دوره، وذلك بالتركيز على:
01 بسط سلطة استقلالية القضاء، والتزام السلطة التنفيذية بهذا الاستقلال، وعدم التدخل في شؤون السلطة القضائية.
02 التمسك بمعايير النزاهة والشفافية والكفاءة في تشكيل مجلس القضاء الأعلى، وإعطاءه الدور الكامل لبسط سلطته على كافة الهيئات القضائية.
03 تفعيل مبدأ استقلالية النيابة العامة عن الجهاز الأمني للدولة، وعدم نقل ضباط الأمن العام إلى كادر النيابة العامة، واختيار عناصرها وفق معايير تكرس استقلاليتها وحيادها.
02 الجوانب السياسية :
يهدف العمل السياسي في البحرين إلى المحافظة على المصالح العُليا للبلاد، والمساهمة في تطوير الحياة الدستورية والديمقراطية، وصيانة استقلال البلاد وذلك بالعمل على توفير المزيد من الحريات والحياة الكريمة للمجتمع والفرد، بما يتماشى مع قيم وتقاليد وثقافة الأمة العربية والموروث الإسلامي العظيم.
(1) مبادئ العمل السياسي :
إن التجمع القومي يرى بأن مسألة تعميق الممارسة الديمقراطية، من خلال تحقيق المكاسب للشعب وتوسيع مساحة المشاركة السياسية، يمثل حجر الزاوية في أي برنامج للإصلاح السياسي. وتأتي المسألة الدستورية على رأس أولويات مشروع النهوض السياسي وذلك من أجل سيادة مبدأ القانون والعدالة، وإطلاق حريات مؤسسات المجتمع المدني، وحرية تشكيل الأحزاب، وترسيخ مبدأ الحوار الوطني، وصولاً إلى تحقيق الإجماع الوطني حول قضايا الإصلاح كافة.
كما يرى التجمع أن على كافة القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في البحرين أن تنفتح على نظرائها في الوطن العربي، وأن تعمل على خلق روابط وثيقة من التعاون والعمل المشترك معها لإعطاء البُعد الشعبي والقومي والديمقراطي للنضال من أجل الوحدة العربية. وتبعا لذلك، على الدولة أن تتبنى السياسات التي تصب في خدمة هذه الأهداف بعيداً عن كافة أشكال الهيمنة والتبعية.
وعلى ضوء ما سبق، يرى التجمع القومي أن هناك عدداً من المبادئ الأساسية التي يجب أن تحكم عملنا السياسي وتشكل نقاط ارتكاز له في كل الظروف والأوقات، وهي :
1. الناحية المبدئية : وتمثل منظومة المبادئ والقيم التي تحكم عملنا السياسي، ويجب أن تكون حاضرة دائماً في سلوكنا وعملنا، فهي التي تجعل من عملنا السياسي متجانسا، وتحقق تلازم الغاية والوسيلة، بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن.
2. الناحية الأخلاقية : يرتكز هذا الجانب على المصداقية والشفافية في التعامل مع الذات ومع الآخرين، وأن البُعد الأخلاقي للعمل السياسي يبقى أحد المقومات الأساسية في التغلب على الكثير من المشاكل التي تعترض طريق عملنا، خاصة مشكلة عزوف وانعدام ثقة المواطنين بجدوى العمل السياسي.
3. الناحية الثقافية : الثقافة في جانب كبير منها تعني تمازج السياسي بالثقافي من أجل إثراء كليهما. وقد أثبتت كل التجارب التاريخية العلاقة الجدلية والتي لا تنفصم بين الحيوية السياسية والنهوض الثقافي.
(2) قضايا العمل السياسي :
وفي ضوء ذلك يسعى التجمع القومي الديمقراطي إلى تعميق الممارسة الديمقراطية وتعزيزها من خلال زيادة المكاسب الشعبية وتوسيع مساحة المشاركة السياسية.
وللوصول إلى هذه الأهداف فإن التجمع يؤكد على ما يلي :
1. تمثل المسألة الدستورية لب العملية الديمقراطية وبدون الإصلاح الدستوري لن يقف المشروع الإصلاحي على أرضية صلبة، ولن يحظى بالتأييد الشعبي الذي تحقق لميثاق العمل الوطني.
2. تمثل الحريات العامة حجر الزاوية في المشروع الإصلاحي وأن توسيعها وزيادتها سيحول دون حدوث إخفاقات أو انتكاسات سياسية أو أمنية.
3. تمثل الشفافية المحك لمصداقية أي عمل سياسي وطني بكل ما تتطلبه من نشر للحقائق والمعلومات عن مختلف جوانب الحياة العامة من سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها.
4. تعد العصبيات القبلية والنعرات الطائفية عقبة في وجه أي تغيير وأن استمرارها يؤدي إلى تمزيق وحدة المجتمع، التي تعتبر الشرط الضروري لإصلاح العمل السياسي في البحرين. وهنا تكمن أهمية تعزيز الوحدة الوطنية على أسس تؤمن التوازن الداخلي للمجتمع.
5. يجب تمكين مؤسسات المجتمع المدني من القيام بدورها في العملية السياسية.
(3) أهداف العمل السياسي :
تتمثل أهداف التجمع القومي الديمقراطي على صعيد العمل السياسي الوطني فيما يلي :
01 التمسك بالمكتسبات الوطنية لشعبنا وفي المقدمة منها مكتسبات دستور 1973م وميثاق العمل الوطني وبناء الحياة البرلمانية وفق أسس سليمة دستورياً ووطنياً وضمان أن يكون كامل القرار التشريعي بيد الهيئة المنتخبة، والتأكيد على مبدأ فصل السلطات وبناء الملكية الدستورية كما ورد في الميثاق.
02 الوصول إلى مجتمع ديمقراطي يتمتع فيه المواطن بكافة حقوق المواطنة والحياة الحرة الكريمة والتي تقوم على حق حرية الرأي والتعبير وحق الانتماء السياسي والمشاركة في القرار السياسي وحرية تشكيل الأحزاب.
03 تحقيق التنمية المستدامة بمضامينها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبشرية مع القضاء على الآفات الاقتصادية ومنها محاربة الفساد والمحسوبية بكل أشكالها.
04 الحفاظ على الوحدة الوطنية والمصالح العليا للوطن، والعمل على تعميق التلاحم بين القوى الاجتماعية والسياسية.
05 إرساء وتعزيز العلاقات بين القوى السياسية على مبدأ حق الاختلاف في الرأي والاحترام، والعمل على تطوير صيغ العمل المشترك والتنسيق القائمة بين هذه الجمعيات وتوسيعها بحيث تكون هناك أولويات وأهداف وطنية عامة تسعى كل الجمعيات السياسية لتحقيقها.
06 التصدي لكل المشاريع الطائفية ومحاربة رموزها وأدواتها واقتلاع أسبابها، من خلال تعميق الوعي والفكر الوطنيين والقوميين لدى جماهير شعبنا وتأصيل الثقافة الجماهيرية بالأهداف المصيرية للأمة العربية.
07 تعميق وتعزيز مبدأ المواطنة القائمة على احترام حقوق المواطن السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، والمرتكزة على المساواة بين المواطنين وتجريم التمييز الطائفي والمسئولين عنه.
08 ضرورة السماح لكل المواطنين بكافة طوائفهم وانتماءاتهم في الالتحاق بجميع الوظائف الحكومية المتاحة، خاصة الوظائف العسكرية بمختلف صنوفها ورتبها، ووقف التوظيف الطائفي الذي ما زال سارياً في قوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية.
09 احترام استقلالية مؤسسات المجتمع المدني من أندية وجمعيات ونقابات، وخلق رأي عام يدافع عن حقوق المجتمع ويراقب السلطات، علاوة على أهمية تشكيل الاتحادات الطلابية والنسائية والعمالية والمهنية، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لها.
10 التأكيد على حماية الاستقلال الوطني لمملكة البحرين، وما يتطلبه من استقلالية في القرار الوطني الذي ينأى بالبحرين عن أي تورط في أهداف ومشاريع تتناقض مع مصالح البحرين وتوجهها العربي وتطلعات شعبنا الوطنية والقومية.
11 تعزيز تلاحم شعبنا من خلال مؤسساته المدنية والسياسية مع قضاياه القومية المصيرية، واعتبار أن صيانة الاستقلال الوطني لبلدنا تكمن في ربط مصيره بوحدة الوطن العربي، والتعامل مع التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها وفق منظور قومي تكاملي.
3. جوانب الدفاع والأمن :
تكتسب قضايا الدفاع والأمن أهمية خاصة ليس على صعيد دورها في حماية الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وصيانة الأمن الاجتماعي والاستقلال الوطني فحسب، بل وعلى صعيد دورها في تحقيق الاستقرار السياسي ودفع عجلة التنمية الاقتصادية. ونؤكد في هذا الصدد على دور قوة دفاع البحرين في الذود عن استقلال الوطن وحريته، وأهمية استمرار الحكومة في بناء هذه القوة وتعزيزها بالإمكانيات البشرية والتقنية المتطورة التي تؤهلها للعب دورها المنشود. إلا أننا بذات الوقت، نؤكد على ضرورة إعادة النظر في حجم النفقات المرصودة للقضايا العسكرية على ضوء الاحتياجات الفعلية، والدور المنظور والمتوقع لهذه القوة، كونه مقتصر على الجوانب الدفاعية عن الوطن ضد الأخطار الخارجية المحتملة، وهي كما نرى محدودة وغير منظورة. ومن المهم أيضاً التأكيد على ضرورة تمكين المواطنين بكافة طوائفهم وانتماءاتهم من الالتحاق بالوظائف العسكرية، على مختلف صنوفها ورتبها، ووقف التوظيف المستند على أسس طائفية. وكذلك وقف التجنيس السياسي، نظرا لخطورته البالغة على أمن الوطن.
وليس بخاف أن الأجهزة الأمنية في البلاد لعبت، وخاصة خلال الحقبة الماضية، دوراً قمعياً مقيتاً ضد الشعب ونضالاته الوطنية، الأمر الذي ولد الكراهية والتوجس ضد هذه الأجهزة، وغطى على عدد من الجوانب الإيجابية التي لعبتها في مجالات أخرى، كمكافحة الجريمة والمخدرات وصيانة الأمن الاجتماعي. ومما زاد من قتامة الدور الذي لعبته هذه الأجهزة، استشراء الفساد في صفوف بعض كبار الضباط، الذين استغلوا نفوذهم الأمنية ليعيثوا في الأرض فساداً ونهباً وسرقات وتعذيب، تحت سمع وبصر الدولة ودون اتخاذ العقوبات الرادعة بحقهم التي تطمئن الشعب إلى نظافة هذه الأجهزة. بل جاء التعديل بمرسوم 56 لسنة 2002م ليوفر الحماية لهؤلاء المجرمين والفاسدين ويحول دون إلحاق العقاب العادل بهم.
وهنا نؤكد على ضرورة إعادة النظر في دور ومهام الأجهزة الأمنية في البلاد بما يتلاءم مع معطيات عهد الإصلاح السياسي الجديد، ووقف الإنفاق الباذخ والمفرط على هذه الأجهزة، والذي يتم بسرية ودون أرقام معلنة، علاوة على توظيف الآلاف من المجنسين والاستعانة بالخبرات الأمنية القمعية لبعض الدول العربية والأجنبية مما حول هذه الأجهزة إلى كابوس يؤرق المواطنين. وينبغي تفعيل دور هذه الأجهزة في وقف واستئصال ظواهر التنامي الخطير في جرائم السرقة والمخدرات والفساد وحوادث المرور، من أجل الحفاظ على أمن الوطن وضمان حق المواطنين العيش بسلام، والحفاظ على ممتلكاتهم وأعراضهم. وفي هذا الاتجاه، بات من الضروري أن تبادر قيادات أجهزة الأمن إلى إعادة تأهيل وتدريب ضباطها ومنتسبيها للنهوض بمسؤولياتهم الوطنية الجديدة.
ولا شك أن أمن المملكة واستقلالها ضد التحديات الخارجية سيكون ذي سياج أقوى وأمتن إذا ما ارتبط بالأمن القومي العربي الجماعي، وعزز وحدة وتكامل البلاد مع بقية أقطار الوطن العربي في اتفاقيات دفاعية مشتركة. ويشدد التجمع في هذا الصدد على المطالبة بإزالة القواعد العسكرية الأجنبية في البلاد وفك التحالفات العسكرية مع القوى الأجنبية وأن يعوض عنها بالتكامل السياسي والاقتصادي والعسكري خليجياً وعربياً القائم على خدمة مصالح الأمة العربية.
4. الجوانب الاقتصادية :
(1) التنمية المستدامة :
على الرغم من أن البحرين حققت معدلات نمو اقتصادية جيدة خلال العقود الثلاثة الماضية، بسبب وفرة الإيرادات النفطية، إلا أن ذلك لم يحقق التنمية الاقتصادية المنشودة؛ إن ما تعاني منه البلاد اليوم من مشاكل اقتصادية عميقة تكشف عن عدد من الاختلالات الاقتصادية الهيكلية، نتيجة لغياب تصور واضح لمفهوم التنمية واستراتيجياتها، علاوة على جملة من الأخطاء والممارسات السلبية التي عمقت من تأثيرات هذه الاختلالات.
إن التنمية بكل مسمياتها الايجابية تعني أنها مفهوم مركب، عملية وآلية، إلى جانب كونها أداة ووسيلة لتحقيق أهداف مرحلية، وغايات إنسانية وحضارية. وتكمن مؤشراتها في نمو اقتصادي، يعبر عنه بتزايد مطرد في إنتاجية الفرد والمجتمع، وتحقيق تحولات هيكلية تطال أوجه التخلف بكافة تشعباتها، بهدف تنمية القدرات وإطلاق الطاقات على المستويين الفردي والجماعي، وتحسن مطرد ومستدام لنوعية الحياة المعنوية والمادية للأفراد والجماعات، وأخيرا العمل على تكريس نسق اجتماعي يهدف إلى توسيع الخيارات المتاحة للمواطنين بأجيالهم المتعاقبة، ويكون ذلك عن طريق تبني استراتيجية مجتمعية للتنمية المستدامة.
إن جملة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها البحرين ـ شأنها شأن بقية دول الخليج الأخرى – لم تهتدِ بأهداف اقتصادية واجتماعية تحقق التنمية المستدامة، وتصون الهوية، وتحافظ على المصالح العليا للمجتمع باعتبارها مؤسسة دائمة تتعاقب عليها الأجيال، وإنما كانت بمثابة تحولات خضعت في الجانب الرئيسي منها لما وفرته عائدات النفط.
أن التنمية، كمشروع حضاري شامل، تتطلب سيادة نمط ثقافي اجتماعي اقتصادي جديد، وجهداً مجتمعياً ضخماً ليصل إلى نقطة يصبح أثر هذا النمط واضحا في نظام القيم والسلوك والمواقف الفكرية والمرتكزات الاقتصادية والمؤسسات وصيغة التنظيم الاجتماعي والاقتصادي. وبهذا المعنى أيضا فان التنمية يجب أن تستهدف بالدرجة الأساس الأكثرية المحرومة من المواطنين. إن توصيف معنى ومضامين التنمية هذا يعني بالضرورة إنها تنمية معتمدة على الذات، وذلك في مقابل نماذج التنمية المشوهة التي تعمق التبعية، وتؤدي إلى مزيد من التخلف الاجتماعي والسياسي. وعلى هذا الأساس، فان التحدي الأبرز الذي يواجهنا هو بلوغ نموذج التنمية المعتمد على النفس.
وعليه فإن التجمع القومي الديمقراطي يرى ضرورة تحديد الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للتنمية وفقا لمفهومها الحديث، ثم تحديد السياسات الواجب تنفيذها, وتخصيص الموارد المتاحة التي تأخذ في الاعتبار حجم وحاجة كل قطاع اقتصادي والأهداف الموضوعة لكل قطاع.
كما يرى ضرورة وضع مفهوم واستراتيجية للتنمية الاقتصادية المستدامة، وتبني البرامج والأنشطة اللتين تجسدهما على المدى القريب والبعيد، بما يرفع المستوى المعيشي والاجتماعي والثقافي للمواطنين، وينوع مصادر الدخل، ويعزز الاستقلال الوطني بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وإذ يأخذ التجمع بالاعتبار التوجهات المتسارعة للدولة نحو الانفتاح الاقتصادي العالمي من خلال تنفيذ التزاماتها بموجب عضويتها في منظمة التجارة العالمية، وتوقيع عدداً من اتفاقيات التجارة الحرة مع بعض الدول الأجنبية، وإذ يدرك التجمع كذلك أن لهذه التوجهات جوانبها الإيجابية على الاقتصاد البحريني من حيث زيادة الاستثمارات والمشروعات وفرص العمل، فأنه يرى أن لها جوانبها السلبية أيضا نتيجة للمنافسة الضارية التي سوف تتعرض لها الأنشطة المحلية ذات الحجم الصغير نسبياً، وربط اقتصاد البحرين بعجلة الاقتصاد العولمي الخال من أي قيم أو قواعد إلا تلك القائمة على الغلبة للأقوى.
وبذلك، يؤكد التجمع بقوة أن البحرين ونظراً لصغر حجمها وتواضع مواردها المادية والبشرية، لا يمكن أن تحقق التنمية المستدامة المستندة إلى إمكانياتها الذاتية، ولن تواجه مقتضيات الاقتصاد العولمي إلا بتكاملها الاقتصادي خليجياً وعربياً، وخلق تكتل اقتصادي قوي تتوفر له الإمكانيات الضرورية لمواجهة تحديات التكتلات الاقتصادية العالمية ومظاهر العولمة. لذلك، فإن تجمعنا يري أن سياسات الدولة الرسمية وقوى المجتمع السياسية والمدنية يجب أن تعمل على تكريس هذا المنظور في التعامل مع كافة القضايا الاقتصادية، حيث أن الكثير من المعضلات الاقتصادية التي نواجهها كالبطالة، وتنويع الصادرات وجذب الاستثمارات يمكن أن تحل من خلال التكامل الاقتصادي الخليجي والعربي.
(2) المالية العامة :
يلاحظ أن ميزان المالية العام للدولة في عجز دائم, وأن الإيرادات من النفط والغاز لا تزال تمثل 68% من إجمالي الإيرادات , وان الدين العام في تصاعد مستمر حيث تبلغ نسبة الدين المحلي فقط 19% من الناتج المحلي الإجمالي 2003م وذلك وفقا لإحصاءات مؤسسة نقد البحرين. كما أن مكونات الاستثمار والإنفاق الحكوميين لا يزالان يمثلان الجزء الأعظم من الناتج المحلي الجمالي. إن هذه المؤشرات، ولاسيما تلك الخاصة بالدين العام، مرشحة للتدهور، خاصة على المدى البعيد، مع النضوب التدريجي للنفط في البحرين. لذلك، لا بد من التعامل مع هذه القضية تعاملاً بالغ الجدية وذلك من خلال إيجاد جهاز تخطيط للتنمية وتنويع مصادر الدخل الحكومي، مع استمرار ترشيد النفقات والتوسع في تطبيق ميزانية البرامج، كوسيلة لتفعيل الرقابة ورفع كفاءة الإنفاق، والتركيز على الشفافية التامة في الإعلان عن إيرادات ومصروفات الحكومة بكافة أجهزتها ومؤسساتها، وأن ينهض ديوان الرقابة المالية بمسئولياته كاملة في التدقيق على المعاملات المالية لهذه الأجهزة والمؤسسات.
(3) دور الدولة والقطاع العام :
يدعو التجمع إلى تنظيم دور الدولة والقطاع العام في الحياة الاقتصادية للمجتمع، لضمان توجيه دفة النمو بعيداً عن تسلط قوى السوق، وتحديد هذا الدور وفقاً للاحتياجات الفعلية للمجتمع. وهذا يتطلب بدوره وجود إدارة اقتصادية فاعلة وكفوءة للمجتمع والاقتصاد، تستوعب كافة إمكانيات المجتمع المادية والبشرية، وتضع الخطط والبرامج السليمة لنموه، وتديره بشكل حي وفاعل. كما يتطلب تخليص القطاع العام من أمراضه الراهنة كالفساد والرشوة والروتين التي تطغى على بعض أجهزته ووزاراته، علاوة على أهمية تجنب تداخل الوظيفة الحكومية مع العمل الخاص حتى على مستوى الوزراء والمسئولين.
(4) القطاع الخاص :
ينبغي أن يكون القطاع الخاص شريكاً فاعلاً وأساسياً في الحياة الاقتصادية، ومساهماً في كافة أنشطتها. وذلك يتطلب التغلب على الدور الضعيف والمحدود الذي يلعبه هذا القطاع حالياً في البحرين. كما يتطلب التغلب على التجاهل الحكومي لدور هذا القطاع كشريك للدولة في رسم استراتيجيات التنمية وتحديد الأجهزة والبرامج والسياسات المعنية بتنفيذها. وإذا كان للقطاع الخاص مطالبه المشروعة في المشاركة بعملية التنمية تشريعاً وإدارة وتمويلاً، وتخصيص بعض مشاريع الدولة له، أخذاً بالاعتبار، عند طرح المناقصات الحكومية وتنفيذها، تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد الإداري ومعالجة المشاكل التي يعاني منها، فإن هذا القطاع مطالب بذات الوقت بالخروج من سلبيته وحساباته الربحية الآنية، خصوصا فيما يخص توظيف العمالة الوطنية والدخول في أنشطة إنتاجية واقتصادية جديدة تنمي القيمة المضافة للمكونات المحلية لأنشطته ومشاريعه.
إن التجمع القومي يدعم وبكل قوة المطالب المشروعة للآلاف من منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة العاملة في حقول الصناعة والتجارة والمقاولات والخدمات، وأصحاب المهن الحرة والحرفيين ممن يعانون من المنافسة غير العادلة، وارتفاع رسوم الخدمات الحكومية، وغياب أدوارهم في التخطيط الاستراتيجي للاقتصاد، ويطالب بتقديم وسائل الدعم والمساندة لهذه المنشآت انطلاقاً من القناعة بأن دورها يشكل أحد ركائز عماد الاقتصاد الوطني. كما يدعو التجمع إلى تشجيع المبادرات الفردية لأصحاب رؤوس الأموال والمشروعات الصغيرة في مختلف الأنشطة الاقتصادية وفقاً لتصور واضح لزيادة دورها في تنويع مصادر الدخل القومي وتقليص تغلغل الأيدي العاملة الأجنبية في هذه المشروعات.
(5) تنويع مصادر الدخل :
أدى غياب استراتيجية واضحة للتنمية، إلى بقاء الأنشطة الاقتصادية غير النفطية تتراوح في معدلاتها التي تتقارب 80% تقريبا طوال العقد الماضي. بل أن مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي سجلت زيادة ملحوظة عام 2003م لتبلغ 25% نتيجة ارتفاع أسعار النفط وذلك وفقاً لإحصاءات وزارة المالية والاقتصاد الوطني. إن المشكلة الحقيقية التي تواجه الاقتصاد البحريني تكمن في ضعف الاستثمار الوطني بشكل عام من جهة، وضعف القيمة البشرية المضافة المتولدة عن تلك الأنشطة من جهة أخرى. وقد حددت البحرين قطاعات اقتصادية رائدة هي قطاع التكنولوجيا، كأعمال التجارة الإلكترونية وخدمات الإنترنت وقطاع الخدمات الصحية، كالتأمين الصحي وإنتاج وتوزيع الأدوية والعلاج التخصصي وقطاع الخدمات المالية والمصرفية، وتطوير أسواق رأس المال والبنوك والمؤسسات والخدمات المالية المباشرة للمستهلكين. إلا أن تحقيق هذه الاستراتيجية بحاجة إلى خطة تنموية واضحة وموارد مالية وبشرية غير متاحة أو على الأقل غير معبئة بالصورة المنهجية في الوقت الحاضر. لذلك لا بد من وضع برامج قصيرة ومتوسطة الأجل لتنويع مصادر الدخل وتعظيم الاستفادة من المزايا النسبية للاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وفقا لمنظور يستهدف توسيع مشاركة الفئات الواسعة من الشعب في جني ثمار التقدم الاقتصادي.
كما يرى التجمع أن جهود تنويع مصادر الدخل بالاعتماد على تنويع الصناعات والصادرات يجب أن تتبنى بقوة منظور التوسع في إقامة المشروعات الخليجية والعربية المشتركة، والمبادرة إلى الانفتاح على رؤوس الأموال والأسواق العربية وتسهيل حركة رؤوس الأموال والتجارة البينية والتعجيل في إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى كأولوية استراتيجية بدلاً من التعويل على إقامة المناطق الحرة مع الدول الأجنبية التي قد تعمق التبعية الاقتصادية والسياسية مع هذه الدول.
(6) التنمية البشرية :
تتصدر البحرين في مجال التنمية البشرية ــ ووفقا للتقارير الدولية ــ مركزاً متقدماً، الأمر الذي يعد إنجازاً طيباً بالنظر إلى ضآلة موارد الدولة الاقتصادية وكثافة سكانها. ومع ذلك، يتبين لنا وبالتحليل العلمي والشواهد العملية تغلغل نواقص محددة في البنية المؤسسية للمجتمع تعوق بناء التنمية البشرية والإنسانية بناءً سليماً، يتمثل بغياب القرار السياسي المطلوب في التعامل مع هذه القضية الحيوية تعاملاً جدياً، وارتفاع معدل البطالة الذي يقدر بنحو 15% من القوى العاملة الوطنية ( عام 2003م )، وغياب الحريات وعدم تمكين المرأة من المساهمة الفاعلة في التنمية وضعف القدرات الإنسانية الممثلة بالمعرفة والمهارات المهنية، علاوة على ضعف فعالية برامج التعليم والتدريب المهني والفني. ومما يضاعف من محنة التنمية البشرية أننا دخلنا عصر العولمة دون إستراتيجية واضحة وموحدة. فخيار الاستثمار في البشر هو الأهم والأكثر حيوية لبناء المجتمع بناءًً سليماً وأن تنفيذ هذا الخيار بالصورة الصحيحة يتطلب وجود استراتيجية للتنمية البشرية تستجيب إلى احتياجات المجتمع الراهنة والمستقبلية تتوفر لها إمكانيات التنفيذ، وفي مقدمتها توفر الإرادة السياسية، والبرامج التعليمية والتدريبية الحديثة، وفرص العمل الملائمة.
(7) سوق العمل :
على الرغم من التأكيدات الحكومية أن أولوياتها تتمثل في توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين والتصدي لمشكلة البطالة, ووضع برامج للبحرنة، إلا أن هذه الجهود لا تزال ينقصها القرار السياسي الحازم والاستراتيجية الشاملة والأجهزة المؤسسية لتنفيذها. إن الاقتصاد الوطني لديه قدرة على إيجاد فرص عمل كثيرة سنوياً, والإحصاءات تشير إلى وجود أكثر من 200 ألف عامل أجنبي في مقابل 20 ألف بحريني عاطل عن العمل عام 2003م وفقا لدراسة أعدها مكتب ( ماكينزي وشركاه ) في البحرين. وهكذا، فالمشكلة الرئيسية هي أن حصة العمالة البحرينية من فرص العمل الجديدة تعتبر محدودة، بسبب إغراق السوق بالعمالة الأجنبية ويؤدي ذلك لا محالة إلى تخفيض الأجور بدرجة كبيرة، وانتشار البطالة في أوساط العمالة البحرينية الماهرة وغير الماهرة. نحن بحاجة لتحديد حجم البطالة وفئاتها العمرية والتعليمية, والأعمال المناسبة للعاطلين، وأعداد الخريجين سنويا من المدارس والجامعات وتخصصاتهم، واستقراء سوق العمل المستقبلي، وماهية الوظائف ذات الأجر الجيد وشروط العمل الأفضل, وإعداد البرامج التدريبية المناسبة.
ولا جدال في أن حرمان أصحاب الشأن من عمال وموظفين ومهنيين وأصحاب أعمال ومنظمات ونقابات عن المشاركة في صناعة القرار قد تسبب في اتخاذ قرارات عشوائية، اضطرت الحكومة للتراجع عنها، مما أثار انعكاسات سلبية على استقرار الوضع الاقتصادي ونفور رؤوس الأموال. كما أن ضعف الأنشطة الاقتصادية والاستثمارات المنتجة قد ساهم في التقليل من فرص وجود وظائف جديدة، وتفاقم مشكلة البطالة. يضاف إلى ذلك الفساد المستشري في سوق العمالة الأجنبية، الذي تقف وراءه فئات من المستفيدين من المتاجرة بالعمالة السائبة، ووجود السياسة التمييزية في الوظائف التي تعتمدها بعض الوزارات ضد فئات من المجتمع وخاصة في وزارتي الدفاع والداخلية. لذلك نرى تفعيل بند التأمين ضد التعطل الوارد في نظام التأمينات الاجتماعية, وعدم التمييز بين المواطنين في الوظائف الحكومية وبحرنة الوظائف الحكومية متى ما أمكن إيجاد بحرينيين لشغلها، ووضع حداً أدنى للأجور بهدف رفع مستوى المعيشة للمواطنين ذوي الدخل المحدود، وتحسين شروط العمل، وإطلاق الحريات النقابية بما يضمن الدفاع عن حقوق العمال، ووضع برامج التدريب المناسبة والحوافز المادية لضمان استقرار العمالة الوطنية في الوظائف غير المرغوبة كثيراً, والقضاء على مشكلة العمالة السائبة, وتطبيق قانون العمل وأنظمة ولوائح وإجراءات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على الجميع بالتساوي. ومن المؤكد أن قيام الدولة بعقد اتفاقيات ثنائية أو أكثر مع بقية دول مجلس التعاون لفتح أسواقها أمام العمالة المحلية مع توفير التشريعات التي تكفل مساواتها في جميع الحقوق مع عمالتها الوطنية من شأنه أن يسهم في علاج مشكلة البطالة في البحرين.
(8) الاستثمارات المحلية والأجنبية :
لكي نواكب معدلات النمو الاقتصادي والسكاني، ونتمكن من رفع المستوى المعيشي للمواطنين، لا بد من زيادة حجم الاستثمارات الموظفة في الاقتصاد، والتي تتسم بالضعف حالياً، ولا تتناسب مع السمعة التي تتمتع بها البحرين في مجالي الحرية الاقتصادية والتنمية البشرية. كذلك من الضروري أن تغطي هذه الاستثمارات كافة مناطق البحرين، ولا سيما تلك المناطق والقرى التي لم يطاولها إلا النزر اليسير من التحديث والتطوير. إن متطلبات جذب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية كثيرة أهمها وجود إدارة فاعلة للاقتصاد الوطني، وخطط تنموية، استراتيجية وقصيرة الأمد، وبيئة سياسية واقتصادية وتشريعية جاذبة، مع برامج زمنية لترجمة التوجهات الاستراتيجية، وتنفيذ سياسات إعلامية وترويجية واضحة. ويرى التجمع أن الأولوية، يجب أن تعطى للاستثمارات الموجهة للقطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية، والتي تسهم في تعزيز القاعدة التكنولوجية، ولا تضر بالبيئة أو تزيد من الاعتماد على العمالة الأجنبية، كما يجب أن تعطى الأولوية للاستثمارات المحلية فالعربية ثم الأجنبية، لكون الاستثمارات العربية تصب في خدمة قضايا التكامل الاقتصادي العربي المنشود.
(9) محاربة الفساد :
يؤكد التجمع على ضرورة محاربة الفساد بكل أشكاله، من خلال الشفافية والصحافة الحرة واحترام مبدأ سيادة القانون، وإيجاد مؤسسات للرقابة والمحاسبة بعيدة عن السلطة التنفيذية، وفتح باب المساءلة، وتوفير المعلومات البيانات الاقتصادية الدقيقة للتأكد من سلامة التوجهات الاقتصادية والمالية والاستغلال الأمثل لموارد الدولة.
(10) محاربة الاحتكار :
يؤكد التجمع على أهمية تحرير المجتمع من كافة أشكال الاحتكار والاستغلال، والعمل على فتح الأسواق للتنافس الحر وتكافؤ الفرص أمام المؤسسات الوطنية، مع أخذ الاعتبار تأثيرات ذلك على أوضاع العمالة الوطنية وخاصة في القطاعات المخصخصة أو المفتوحة أمام التنافس، وأن يؤدي ذلك إلى تحسين نوعية الخدمة وكفاءتها ومستويات الأسعار.
(11 ) التخصيص :
يؤمن التجمع بضرورة أن تكون سياسة التخصيص التي تتم في بعض القطاعات جزءً مكملاً لمجمل السياسات المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وأن يجري تحديد القطاعات والشركات والأعمال التي تتم خصخصتها، وأسباب ذلك، والمردود المالي المتوقع وكيفية استخدامه. ويجب أن تتسم عملية التخصيص بالشفافية والتوافق مع المصلحة العامة، كما ندعو الدولة إلى زيادة الاستثمار في مجال الخدمات الاجتماعية، وحماية الفئات المتضررة من ذوي الدخل المحدود من عملية التخصيص.
(12) الفقر والإقصاء وغياب العدالة الاجتماعية :
تزداد يوماً بعد آخر مشكلة الفقر والإقصاء الاجتماعي لفئات غير قليلة من المجتمع، وذلك في ظل غياب المشاركة السياسية وانعدام عدالة توزيع الثروة وتنامي أنماط التنمية المشوهة، والفساد وقلة الوظائف الجديدة وعدم تكافؤ فرص التعليم، والتوظيف والحصول على الخدمات الإسكانية وغيرها من الخدمات، مما أدى إلى تفشي أمراض خطيرة في المجتمع، مثل جرائم السرقات والاغتصاب والمخدرات والانحراف والانفلات الأخلاقي بين صفوف بعض الشباب.
لذلك ندعو إلى تبني سياسات حكومية تقر بخطورة تفشي ظاهرة الفقر والإقصاء والعمل على وضع معالجات جدية للتعامل معها، عملاً بما ورد في الدستور وميثاق العمل الوطني بخصوص العدالة الاجتماعية وحق العمل والحياة الحرة الكريمة للمواطنين كافة.
(13) المشكلة الإسكانية :
تكتسب المشكلة الإسكانية أهمية متزايدة، نظراً لتراجع حجم المشروعات الإسكانية الجديدة بالمقارنة مع حجم وتزايد معدلات النمو السكاني المرتفعة، وضعف دور القطاع الخاص في علاج هذه المشكلة، وغياب المنظور الاستراتيجي في التعامل معها. ومما يفاقم من حجم المشكلة وجود ظاهرة التجنيس، وبعض مظاهر الفساد المالي في تنفيذ المشروعات الإسكانية والتمليك للأراضي الحكومية والدفن العشوائي للأغراض الاستثمارية. وانطلاقاً من أن توفير السكن اللائق للمواطن هو حق كفله الدستور، فإنه يجب التعامل مع مشكلته تعاملاً جاداً وعملياً، من تشجيع للقطاع الخاص كي يساهم في توظيف استثمارات كبيرة في هذا القطاع تعود عليه وعلى المجتمع بالنفع، والعمل على تخفيض الأقساط وإلغائها تماماً لغير القادرين من المواطنين، وتوفير وسائل الترفيه والمنتزهات العائلية في الأماكن السكانية، والعمل على حماية المناطق السكنية من التلوث البيئي والضوضاء. وفي هذا الاتجاه، ينبغي زيادة الاهتمام بالشئون المهنية والمعيشية للكوادر الهندسية المحلية، وإعطائها فرص قيادة تنفيذ المشروعات الإسكانية، وتشجيع القطاع الخاص على توظيف الأعداد المتزايدة من خريجي الهندسة بمختف تخصصاتهم.
(14) الشفافية :
ترتبط الشفافية بجوانب حيوية كثيرة في المجتمع كمحاربة الفساد بمختلف أشكاله، ولا سيما في الأجهزة الرسمية، والعمل على تحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين، بما في ذلك الحق في الوصول إلى المعلومات والبيانات التي تمس حياة المجتمع، وترشيد القرارات والنفقات الحكومية. إلا أن البحرين لا تزال تفتقد الكثير من التشريعات التي تنظم هذه الجوانب. ونظراً لغياب هذه التشريعات وحداثة تأسيس بعض الأجهزة التي تتعامل مع هذه الجوانب، كديوان الرقابة المالية ومجلس المناقصات الحكومية، يستمر تفشي مظاهر الفساد وانخفاض مستوى الشفافية حتى في بعض القضايا الحيوية، مما يولد بيئة طاردة للاستثمارات المحلية والأجنبية، ويضع المعوقات أمام تحقيق التنمية المستدامة، مما يؤدي إلى بروز مؤثرات سلبية اجتماعية واقتصادية. لذلك لا بد من الاهتمام بإصدار التشريعات الضرورية المقننة للشفافية ومحاربة الفساد، والارتقاء بها في أجهزة الدولة ومؤسساتها وشركاتها، وفي استثمار للموارد الوطنية وتنفيذ للسياسات الموضوعة, وعودة الحقوق التشريعية المكتسبة كاملة للمجلس المنتخب والمتمثلة في تبعية ديوان الرقابة المالية له, وفي صلاحياته الخاصة بالرقابة والمحاسبة للسلطة التنفيذية. وإطلاق الحريات الصحفية والإعلامية وتطوير أنظمة إعداد ونشر البيانات والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وجهود الإصلاح الإداري والمالي والاقتصادي.
5. الجوانب الاجتماعية والثقافية والإعلامية:
(1) لتربية والتعليم :
لقد واجه قطاع التربية والتعليم خلال السنوات الماضية عدداً من المشاكل والصعوبات، الأمر الذي فوت عليه الكثير من فرص التطوير، وحال دون أن يؤدي دوره في معالجة قضايا الوطن والتنمية وغيرها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية. والتجمع القومي يؤمن بأن التعليم حق من حقوق المواطن وأن تطور المجتمع وتحقيق أهدافه التنموية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال برامج تعليمية ملائمة تساهم في القضاء على الفقر والتخلف والأمراض الاجتماعية، وتوفر قاعدة بشرية مسلحة بالعلم والمعرفة تكون السياج المتين لحماية الوطن، وذلك من منطلق أن الاستثمار الصحيح في التعليم هو طريق التنمية الصحيحة، وهذا يتطلب وجود رؤية متكاملة لإصلاح قطاع التربية والتعليم، تقود إلى ربط مخرجات التعليم باحتياجات التنمية المستدامة، ومواكبة هذا القطاع للمتغيرات التكنولوجية والحاجات الاقتصادية والاجتماعية، بما يخدم مستقبل النهضة في بلادنا. ولبلوغ هذه الأهداف يدعو التجمع القومي إلى ما يلي :
1. إصلاح شامل لبرامج التعليم في إطار رؤية قومية ووطنية، تلبية لاحتياجات المجتمع البحريني، وبهدف بناء المواطن من النواحي التربوية والأكاديمية والأخلاقية.
2. تنمية قيم الديمقراطية وقبول الرأي الآخر وروح التسامح، وترسيخ مبادئ العدالة والمواطنة والمساواة والوحدة الوطنية في مناهج التعليم، واستبعاد التوجهات والممارسات الطائفية والعنصرية.
3. ترسيخ مبادئ الحرية واحترام حقوق الإنسان في مناهج التعليم والتأكيد على الهوية العربية والإسلامية للمجتمع.
4. التأكيد على مبدأ المساواة لجميع المواطنين في فرص التعليم وخصوصا التعليم الأساسي ويشمل المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية ثم المرحلة الجامعية دون أي تمييز.
5. ربط مخرجات التعليم باحتياجات الاقتصاد الوطني ووضع شروط مهنية لقبول المدرسين حتى لا يتقدم إليها إلا من الكفاءات الجيدة، وتطوير برامج التربية والتعليم لتواكب التطورات الحديثة في طرق التعليم ومناهجه.
6. إتاحة الفرص أمام العاملين في قطاع التعليم دون تمييز للمشاركة في التخطيط والتطوير عن طريق تمثيلهم في اللجان التربوية، على أن يكون عمل هذه اللجان جزءً مهماً من عملية متابعة وتقويم العملية التربوية.
7. الاعتزاز بمكانة المعلم العلمية والاجتماعية والعمل على تطوير مهاراته وتوفير الأجواء الإيجابية لجميع المعلمين من حوافز وترقيات ومكافآت، وتحسين الظروف المعاشية للكادر التعليمي وتشجيعه على الإبداع والتطوير، ووضع حد أدنى لأجور المعلمين في البحرين.
8. وضع خطة دائمة لمتابعة وضع الخريجين العاطلين عن العمل لتمكينهم من التوظف في السلك التعليمي.
9. توسيع استخدامات الوسائل التعليمية القائمة على التكنولوجيا والمعارف الإنسانية الحديثة عن طريق تعميم تدريس استخدامات الحاسوب الآلي والإنترنت بدءً من المرحلة الابتدائية، والقضاء على الأمية الإلكترونية من خلال برنامج وطني شبيه ببرنامج القضاء على محو الأمية.
10. ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي وتطوير كوادره ومؤسساته، نظرا لما يحتله هذا الحقل من أهمية استراتيجية في تطوير المجتمعً والاستفادة من المزايا الاقتصادية والبشرية للبحرين.
11. تفعيل الإشراف الحكومي على المدارس الخاصة، بحيث تكون برامجها متوافقة مع مناهج المدارس الرسمية، خاصة حيال القضايا الوطنية والقومية، والاهتمام باللغة والمناهج العربية في هذه المدارس.
(2) الصحة والبيئة :
أ . في مجال الصحـة:
شهدت البحرين تطوراً جيدا في مجال الخدمات الصحية والارتقاء بالرعاية الطبية للمواطنين والمقيمين على حد سواء، مما جعلها تحتل موقعاً متقدماً في هذا المجال، قياساً إلى بعض دول المنطقة. إلا أن ذلك يجب أن لا تخفي وجود بعض السلبيات والنواقص التي ما زالت تشكل عائقاً أمام هذا المرفق الحيوي، مثل تدني مستوى بعض الخدمات الصحية الأساسية والتأهيلية، ونقص المراكز الصحية وعدد الأطباء والمهنيين في بعض المناطق والمستشفيات والمراكز الصحية، قياساً إلى حجم الكثافة السكانية لكل منطقة. كما لوحظ وجود بعض التخبط والعشوائية في اتخاذ القرارات في هذا القطاع مما أدى إلى انعكاسات سلبية على الجهاز الإداري والطبي وعلى الشؤون الصحية عموماً. ولأن التجمع القومي يؤمن بأن الرعاية الصحية السليمة تعتبر إحدى المقومات العامة لنجاح العملية التنموية في البلاد، فإننا ندعو إلى :
1. العمل على الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية بكافة أنواعها.
2. العمل على رفع مستوى الكفاءات والكوادر الطبية والمهنية وتحسين أوضاعها المعيشية، وزيادة عدد الأطباء والمهنيين بالمستشفيات والمراكز الصحية بما يتناسب مع عدد السكان في مختلف المناطق، وبناء مستشفيات ومراكز صحية جديدة، وخاصة في القرى والمناطق ذات الكثافة السكانية.
3. تطوير مستشفيات الولادة وعيادات الصحة النفسية وزيادتها ومراكز العلاج الطبيعي وعيادات العناية بصحة الفم والأسنان بما يضمن تأمين أرقى الخدمات والرعاية الطبية النوعية للمواطنين والمقيمين.
4. التأمين الصحي الشامل واللائق لكافة أفراد المجتمع دون تمييز.
5. التأكيد على الرعاية الصحية الوقائية للمجتمع عن طريق توفير المياه الصالحة للشرب، وعدم السماح لدخول المواد الغذائية الرديئة الضارة بالصحة العامة. وتوعية أفراد المجتمع بالأنماط والعادات الغذائية المفيدة وغير الضارة بالبيئة.
6. إعادة النظر في سياسات القبول في كليات الطب والتمريض لإفساح المجال للمتفوقين دراسياً للانخراط في مهنة الطب والرعاية الصحية بكافة تخصصاتها.
7. دعم وتشجيع البحث العلمي لتشخيص الأمراض الوراثية لوضع أفضل السبل العلاجية له.
8. إقامة العيادات المتخصصة للطب البديل، كالعلاج بطب الأعشاب والطاقة وما شابه ذلك لما له الأثر في دعم السياحة العلاجية وجلب الخبرات العالمية المتخصصة في هذا المجال.
ب . في مجال البيئة :
تواجه بلادنا ودول المنطقة كافة تحديات بيئية خطيرة، ولعل تحقيق أهداف التنمية مع ضمان الحفاظ على بيئة سليمة يشكل أول تلك التحديات. وبغياب الرؤية الاستراتيجية والتخطيط التنموي الشامل التشريعات والقوانين المنظمة للبيئة والاستغلال الجائر للموارد الطبيعية تتضاعف تلك التحديات. وقد ساهمت الحروب التي فرضت على المنطقة بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وما نجم عنها من استخدامات لأسلحة محرمة دوليا في خلق أخطار بيئية وصحية. وهناك أيضاً تحدٍ آخر لا يقل خطورة وهو المتعلق بالوضع المائي، حيث تواجه البلاد وضعاً مائياً مقلقاًً وخطيراً يهدد مستقبلها الحياتي والمعيشي.
وانطلاقاً من هذا الوضع فإن التجمع القومي الديمقراطي يدعو إلى :
1. وضع استراتيجية متكاملة للتعامل مع قضايا البيئة في البحرين، وتشخيص مشاكلها، وتوفير المعالجات السليمة، مع إشراك القطاع الخاص في مشروعات حماية البيئة.
2. وضع الحلول الناجعة للحد من انبعاث الغازات السامة من عادم المركبات التي تسير في الشوارع والتي تقدر بأكثر من 200 ألف مركبة، واتخاذ التدابير اللازمة ومنها تطوير مواصلات عامة مريحة ومكيفة وخالية من انبعاث الغازات المضرة بالصحة. كما ينبغي إدخال تحسينات بيئية على المصانع القائمة وعدم الترخيص مستقبلاً للمصانع التي تسبب تلوث البيئةً.
3. عدم دفن أو تمليك السواحل والخلجان والأماكن التي تضر بمصائد للأسماك والشُعب المرجانية والزراعة والحياة الفطرية والبيئية.
4. المحافظة على نظافة السواحل البحرية، ومنع رمي الأوساخ والقمامة وتفريغ أنابيب الصرف الصحي فيها.
5. حماية ما تبقى من الأراضي الصالحة للزراعة ومنع تحويلها إلى أراضِ لاستعمالات أخرى، وتشجيع الاستثمار الزراعي لتوفير غطاء نباتي للبلاد.
6. سن القوانين والتشريعات المانعة للسفن التي تجوب مياه الخليج العربي من رمي مخلفاتها الضارة بالبيئة في مياهه، وذلك بالتنسيق مع جميع الدول المطلة على الخليج العربي.
7. حماية الثروة المائية عن طريق فرض التشريعات والقوانين، ووضع البرامج والخطط لتوفير المياه الصالحة للشرب.
8. حماية الحياة الفطرية والثروة السمكية عن طريق التشريعات والبرامج اللازمة لحمايتهما ورعايتهما باعتبارها ثروات للوطن والأجيال القادمة.
(3) السياسة السكانية :
المسائل المتعلقة بالسكان هامة وحساسة نظراً لارتباطها الشديد بمقدرة الاقتصاد الوطني على تحقيق الرفاهية للمواطنين، حيث أن تفوق معدلات النمو السكاني على معدلات النمو الاقتصادي والإنتاجية والاستثمار الوطني يؤثر تأثيراً سلبياً على تلك المقدرة. وتتضاعف خطورة هذا الموضوع عند الأخذ بالاعتبار صغر مساحة البحرين وارتفاع كثافتها السكانية ومحدودية مواردها الاقتصادية.
ومما يُفاقم من مشكلة النمو السكاني ضعف كفاءة إدارة الاقتصاد والموارد المتاحة. علاوة على تزايد أعداد العمالة الأجنبية. لذلك يجب صياغة استراتيجية تأخذ بالاعتبار كافة هذه العوامل، إضافة إلى عوامل التكامل الخليجي والعربي، وأن تنبع هذه الاستراتيجية من هدف تحقيق العدالة والمساواة في السياسة السكانية لجميع المواطنين. كما يجب العمل على تطوير المشاريع الإسكانية في القرى والمدن والأحياء القديمة لإزالة مظاهر الفقر والبناء العشوائي لتحقيق الانسجام والترابط الاجتماعي في كافة المناطق، وتسهيل إعمار الأراضي الصحراوية والمحافظة على الأماكن الزراعية وتوسيعها. ورفض سياسة التجنيس السياسي الهادف إلى خلخلة البنية الاجتماعية للوطن وإثارة الفتن الاجتماعية والطائفية.
(4) المرأة والأسرة والطفولة :
إن تطور المجتمع البحريني يبقى ناقصاً ما لم تؤمن حقوق المرأة كاملة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والتي تعني مشاركة المرأة الكاملة في مجمل الحياة العامة. ووضع حد للضغوطات وكافة أشكال التمييز التي تتعرض لها.
إن النساء يشكلن نصف عدد سكان المملكة، أي نصف طاقة المجتمع الإنتاجية. وقد أصبح تطور المرأة معياراً لمدى تطور ونمو المجتمع. لذلك، لابد من إسهامها في عملية التنمية، على قدم المساواة في الحقوق والواجبات مع الرجل، وأن تُسن كافة التشريعات والقوانين، ولا سيما تلك المتعلقة بالأحوال الشخصية والاتحاد النسائي والعمل والسكن والرعاية الاجتماعية والأسرية والضمان الاجتماعي، كذلك إيجاد البنى المؤسسية والمجتمعية التي تكفل هذه المساواة، وتمكين المرأة سياسياً واقتصادياً، بما يلبي احتياجات المجتمع وظروف تحوله، ويفتح الباب أمام الإمكانيات والطاقات الخلاقة للمرأة على أكمل وجه.
ولأن الأسرة هي الخلية الأولى للمجتمع، وأن الحفاظ عليها يقود إلى وجود مجتمع سليم من الأمراض الاجتماعية التي تنتج عن التفكك الأسري، فإن من الأهمية بروز دور الرجل والمرأة كشريكين في تحمل مسئولية الحفاظ على الكيان الأسري ورعايته.
وفي هذا الاتجاه، تشكل رعاية الطفولة إحدى المقومات الوطنية لبناء المستقبل، وهذا ما يستوجب وجود الخطط وللبرامج الكفيلة برعاية الأطفال وصيانة حقوقهم، وتأسيس هيئة وطنية، توفر لها الإمكانيات المادية والبشرية وتضم نخبة من المتخصصين في مجالات التربية والاجتماع، لحماية هذه الحقوق، ومراقبة وتوجيه السياسات والقرارات المتعلقة بالطفولة وحمايتها من أية انتهاكات، سواء في مجال الضرب أو التعذيب أو الاستغلال الجنسي وغيرها من الانتهاكات التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال من أية جهة كانت.
(5) مؤسسات المجتمع المدني :
إن وجود مؤسسات المجتمع المدني القوية والحرة هو مصدر قوة ودافع قوي للتطور نظراً للدور الذي تلعبه هذه المؤسسات في النمو الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى ما يمكن أن تقدمه من أدوار في ترسيخ مفاهيم احترام حقوق الإنسان والرأي الآخر، وتعميق المشاركة الشعبية.
وفي البحرين، كان لهذه المؤسسات إسهامات إيجابية في خدمة المجتمع وتطوره، رغم المعوقات التي كانت تقيد حركتها، وخاصة في الجوانب التشريعية ومحاولة فرض الوصاية والانتقاص من حرية القائمين والعاملين فيها.
ومع بداية عهد الإصلاح الذي أطلقه عاهل البلاد شهدت مؤسسات المجتمع المدني هامشاً أكبر من الحرية والحركة، وأصبح حضورها بارزاً وقوياً في القضايا الوطنية والقومية. إلا أن الكثير من العقبات لازالت تعترض طريق عملها في القضايا المجتمعية، ومنها غياب التشريعات والقوانين التي تلبي احتياجاتها، وضعف إمكانياتها المادية والمالية مما يجعلها رهينة للإمكانيات الذاتية المتواضعة والمساعدات الحكومية الشحيحة، الأمر الذي ينعكس سلباً على أنشطتها وفعالياتها.
وانطلاقاً من هذا الواقع الذي تعيشه مؤسسات المجتمع المدني، فإن التجمع القومي يدعو إلى:
1. إلغاء جميع القوانين والتشريعات التي تعطل حرية عمل المؤسسات الأهلية التطوعية واستبدالها بقوانين تنسجم مع المبادئ الدستورية وميثاق العمل الوطني والتشريعات الدولية المتعلقة بإنشاء وعمل ودور مؤسسات المجتمع المدني.
2. العمل على توفير عامل الاستقلال المالي والإداري لمؤسسات المجتمع المدني من خلال تأسيس صناديق تضامنية تساهم فيها الحكومة والقطاع الخاص والأفراد، بما يساعد العاملين والمنضوين تحت لواءها على التحرك بصورة أكثر فاعلية دون تدخل من قبل الدولة وأجهزتها المختلفة.
3. تأسيس النقابات والاتحادات المهنية في القطاعات والمهن الرئيسية وكذلك للطلاب والنساء، وتعزيز دورها في حماية المصالح الاجتماعية والاقتصادية لأفرادها، تحقيقاً للعدالة والتوازن في المجتمع.
4. احترام ومراعاة حقوق الطبقة العاملة التي كفلها الدستور وأكد عليها ميثاق العمل الوطني، ونصت عليها كافة المعاهدات ومواثيق منظمة العمل الدولية.
5. إطلاق حرية النقابيين والمهنيين في الاشتراك والتعاون مع نظرائهم في المحيط الإقليمي والقومي والدولي.
6. نشر الوعي بأهمية العمل التطوعي في أوساط المجتمع البحريني من أجل ترسيخ المبادئ التي تضمن الحريات لجميع المواطنين.
(7) الطلبة والشباب :
يمثل طلبة المدارس والجامعات نسبة كبيرة من إجمالي السكان، حيث توضح إحصائيات وزارة التربية والتعليم والجهاز المركزي للمعلومات لعام 2002م أن عدد هؤلاء الطلبة يبلغ في المدارس الحكومية والخاصة نحو 115 ألف طالب فيما يبلغ عدد طلبة جامعة البحرين نحو 10 آلاف طالب. ويمثل مجموعهما نحو 18% من إجمالي السكان. والسكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 عاماً و30 عاماً يعتبرون من فئة الشباب ويبلغ عددهم 196 ألف أي ما نسبته 28% من إجمالي السكان.
لقد عرف الطلبة في بلادنا بريادتهم للنضال المطلبي والسياسي، وكانوا سباقين في هذا النضال من خلال تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين عام 1972م. وقد أهلهم للعب هذا الدور وعيهم المبكر لقضايا مجتمعهم وتحررهم من الخوف بفقدان أرزاقهم، وانخراطهم بالعمل السياسي في إطار الأحزاب أو الجمعيات أو الأندية الثقافية.
ويواجه المجتمع الطلابي في البحرين في الوقت الحاضر تحديات جدية تؤثر سلباً على دوره، تبدأ بحرمانه من تأسيس نقاباته بشكل حر، وتدني مستويات التعليم الجامعي والمرافق المدرسية والجامعية، وغياب التخطيط، وندرة الوظائف والأعمال التي تلبي تخصصاته.
إن وجود الشباب الواعي والقوي والمتفاعل مع قضايا مجتمعه شرط أساسي لبناء مستقبل مشرق، ومن هنا تأتي أهمية التوجه إلى فئة الشباب وتبني همومها ومشاكلها، والتي تبدأ بهموم التعليم الثانوي والجامعي، وتمر بالبطالة وهموم التغريب الثقافي والاجتماعي، حيث تتفشى بين بعض فئات الشباب الأمراض الاجتماعية مثل إدمان المخدرات وممارسة السرقات.
لذا فإن التجمع القومي الديمقراطي يدعو إلى:
1. التعامل بجدية ومسؤولية مع جميع الظواهر والأمراض الاجتماعية السائدة في أوساط الشباب، وإجتثاث الأسباب الحقيقية الكامنة وراء شيوعها في المجتمع.
2. خلق أجهزة حكومية وأهلية تتمتع بكفاءة ومقدرة عاليتين تأخذ على عاتقها مسؤولية التعامل مع الشباب بصورة علمية وواقعية من أجل حمايته من التغرب والضياع.
3. التوسع في المؤسسات الاجتماعية من أندية وجمعيات ومنتديات ثقافية ورياضية في سبيل استيعاب الشباب وتوظيف ما يتمتعون به من طاقات وقدرات لصالح المجتمع والوطن.
4. توجه مؤسسات البحث العلمي في البلاد لدراسة الظواهر الشبابية بشكل علمي، ووضع الخطط والبرامج الملائمة للتعامل مع فئة الشباب.
5. قيام إتحاد طلبة البحرين، كممثل نقابي شرعي لكافة الطلبة في الداخل والخارج.
6. الاهتمام بالتعليم الجامعي والثانوي، ووضع الخطط لتطويره، وإعادة النظر في المقررات التعليمية الراهنة وتحديثها، وإعطاء اهتمام أكبر للبرامج والتفريعات التقنية القائمة تلبية للتوجهات الحديثة للتنمية.
7. الاهتمام بالمرافق الجامعية والمدرسية وتحديثها وتزويدها بالتكنولوجيا الحديثة، والاهتمام بالمراكز البحثية والعلمية في هذه المرافق بما يشجع الإبداع العلمي والمعرفي لدى الطلبة.
8. الاهتمام بالكوادر الجامعية والمدرسية، وتوفير وسائل التدريب والتطوير الملائمة لمهاراتهم وتخصصاتهم.
9. غرس قيم والثقافة الوطنية والقومية والإسلامية لدى الطلبة والشباب.
(7) الجنسية والتجنيس :
هناك إجماع وطني على أن سياسة التجنيس السياسي والعسكري التي طبقتها الدولة خلال السنوات الأخيرة خاطئة، وتحمل في طياتها مخاطر سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية.
ومع إيماننا العميق بضرورة إعطاء الجنسية لمن يستحقها من المقيمين ولاسيما الأشقاء العرب الذين أمضوا عقوداً طويلة في البحرين، إلا إننا نعارض التجنيس السياسي والمذهبي، وسحب جنسية أي مواطن لذات الأسباب، على اعتبار أن الجنسية هي حق لكل مواطن ولا يجوز بأي حال من الأحوال سحبها منه أو استخدامها كوسيلة سياسية. وفي هذا الاتجاه ندعو إلى :
01 تعديل قانون الجنسية بما يضمن حق المواطنة والجنسية لأولئك الذين ولدوا وعاشوا على أرض هذا الوطن ولم يعرفوا وطناً غيره.
02 عدم استخدام التجنيس لتغيير التركيبة السكانية للبحرين، لما له من آثار سياسية واقتصادية واجتماعية تؤثر على سلامة وأمن المجتمع والتنمية البشرية فيه.
03 مراجعة وتقييم الضوابط التي تمنح على أساسها الجنسية لأعداد كبيرة من خارج البلاد وداخلها خلال السنوات الماضية.
(8) المجالس البلدية :
خاضت البلاد تجربة انتخاب أعضاء المجالس البلدية التي أوصلت لها عناصر وطنية كفوؤة. إلا أنه يلاحظ تزايد شكاوى الأعضاء من تعثر التجربة البلدية بسبب قلة الصلاحيات الممنوحة للمجالس وتداخلها مع صلاحيات المحافظات، وهيمنة السلطة التنفيذية على قراراتها، وضآلة المخصصات المالية المرصودة لتنفيذ مطالبها وبرامجها. لذلك ينبغي إعادة النظر في التشريعات الخاصة بالمجالس البلدية بما يمنحها المزيد من الصلاحيات، وتحديد دور المحافظات بما يحقق الدعم والتنسيق والتكامل مع وظائف ومهام هذه المجالس، وتوفير الموارد المالية والبشرية التي تمكنها من أداء دورها في تحسين حياة المواطنين، مع التركيز على المناطق والقرى والتجمعات السكنية الأكثر حاجة للتطوير على أسس اللامركزية في الإدارة كما جاء في برنامج الحكومة.
(9) الآداب والثقافة والفنون :
للآداب والثقافة والفنون دورها الذي لا يستهان بها في بناء المجتمع، كما أن العمل السياسي بحاجة دائماً إلى نفحات ثقافية تفتح الأبواب على آفاق التجديد والإبداع. والثقافة بهذا المعنى ليست معرفة مجردة، بل التزام وإبداع نابع من عمق المعاناة. وعلى هذا الأساس، فإن انفتاح السياسة على الثقافة والفنون والآداب هو إثراء للمشروع الوطني والتحام بالواقع المعاش. لذلك فإنه يغدو مهماً ترسيخ الثقافة والآداب والفنون التي تعمق الانتماء للوطن وتنتشر مفاهيم العدالة والقيم النبيلة، والتواصل مع إبداعات الحضارة الإنسانية وعطاءاتها. وفي هذا الاتجاه ندعو إلى ما يلي:
1. رعاية المثقفين والفنانين والأدباء ودعم مشاريعهم، بما يخدم تطوير ووعي المجتمع والالتزام بالثوابت الوطنية والقومية والدينية والقيم الإنسانية النبيلة.
2. الابتعاد عن التمييز والتفرقة والحرص على الأمانة في نشر المعلومات والمصادر والكتب التاريخية بعيداً عن إثارة الحساسيات.
3. العمل على حماية اللغة العربية من الضعف والتشويه الذي تتعرض له ودعم المشاريع التي من شأنها الارتقاء باللغة العربية والافتخار بها كجزء حيوي في تكوين هوية المواطن العربي.
4. إزالة العوائق المفروضة على الثقافة والفنون وفتح مجالات العمل بها للجميع دون تمييز.
5. توفير المسارح والصالات الثقافية والفنية الهادفة.
6. إصدار التشريعات التي ترعي وتحمي الإنتاج الثقافي والفني، وتقديم الحوافز المالية والفنية للفنانين والمبدعين والاهتمام بشئونهم الحياتية والإبداعية.
7. الاهتمام بالأماكن الأثرية والتراثية والحضارية في البلاد.
(10) الإعـــلام :
عبر شعبنا عن إرادته في دعم مسيرة الإصلاح الديمقراطي في البلاد، وتجاوبه مع ميثاق العمل الوطني، واعتبره مجسداً لتطلعاته قي قيام مملكة دستورية يكون الشعب فيها مصدر السلطات، وتحقيق إصلاحات جوهرية في كافة المجالات، وبالشكل الذي يدعم التحول نحو الديمقراطية والتي تمثل حرية الرأي والتعبير وقبول الرأي الآخر أهم قواعدها. وهي مسائل جوهرية ذات علاقة بالإعلام ودور أجهزته في إشاعة أجواء الديمقراطية.
وعلى هذا الأساس، فإن الإعلام، بمختلف أجهزته، يتحمل مسئولية المراقبة والنقد والتقييم لأداء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وكانت الظروف السابقة، التي شاعت فيها أجواء القمع والكبت وغياب السلطة التشريعية وتهميش دور السلطات القضائية، قد جعلت الغلبة للسلطة التنفيذية باعتبارها الجهة الوحيدة التي تقود كل السلطات بما في ذلك سلطة الإعلام. ولا شك أن ذلك يتعارض مع المبادئ والتحولات الديمقراطية، ويفقد وسائل الإعلام بما في ذلك الصحافة المحلية وظيفتها الأساسية ويقودها إلى الجمود والتكلس.
وقد ضاعف من مساوئ الواقع الإعلامي والصحفي في البلاد غياب التشريعات والقوانين التي تنسجم مع التحولات الجديدة، التي يفترض أن تقوم على مبدأ ضمان حرية واستقلالية الإعلام والصحافة وأجهزته المختلفة. ويبدو هذا التناقض فاضحاً في إصرار الحكومة على التمسك بالقوانين التي سادت في فترة أمن الدولة، والمكرسة للترهيب والمنع والرقابة والحد من حرية التعبير. وهي بلا شك متعارضة مع التوجه الديمقراطي والإقرار بحقوق الإنسان، كما حصل مع قانون رقم 47 الصادر في نوفمبر عام 2002م الخاص بتنظيم شؤون الصحافة والطباعة والنشر، والذي هو نسخة طبق الأصل من قانون رقم 14 لعام 1979م.
لذلك فإن من الضروري القيام بإجراء إصلاحات شاملة في مجال الإعلام والصحافة وعمل أجهزتها، وفق مفاهيم الحرية والشفافية، والتخلص من العقليات والإدارات التي تكرس المنع والكبت، والتي تحول هذه الأجهزة إلى أبواق رسمية لا غير، وكذلك التخلص من جميع القوانين التي تحد من حرية الرأي والتعبير بل وإعادة النظر في مسألة وجود وزارة الإعلام، كجهاز رقابي على حرية الأعلام. ومن هذا المنطلق فإن التجمع يدعو إلى :
1. إعادة النظر في السياسة الإعلامية الحالية وتوجهاتها، وبناء إعلام حُر ومتفاعل ومساند لقضايا الوطن والأمة.
2. خل خلق المؤسسات الإعلامية والأجهزة التي تغني وتطور الثقافة في البلاد.
3. فتح مجالات الثقافة والفنون والآداب في إطار توجه إعلامي يعزز مفاهيم الديمقراطية والمواطنة والولاء للوطن والابتعاد عن الأفكار الطائفية والعنصرية.
4. بناء سياسة إعلامية تعنى بشئون الشباب وتعزز الجانب العلمي والأخلاقي لديهم، وترسيخ الارتباط بالقيم الوطنية والانتماء إلى الأمة العربية وقضاياها المصيرية.
5. إطلاق حرية الإعلام والصحافة وإزالة كافة القيود والوصايا التي تجعل من هذه الأجهزة أبواق رسمية، و تكبل الإبداع والعطاء، وإتاحة الفرصة أمام جميع المواطنين من أصحاب المواهب للمساهمة هذه المجالات دون أية عوائق.
6. اهتمام وسائل الأعلام باللغة العربية وتشجيع كافة الأعمال الأدبية والفنية التي تعزز من مكانة هذه اللغة ، وبالشكل الذي يقوي ارتباط الأجيال الجديدة بلغتهم الأصيلة والجميلة.
ب. على الصعيد القومي :
1. المنطلقات الفكرية للتجمع :
أن التجمع الذي اختار طريق التوجه القومي، وأكد على ذلك في مسماه، لم ينطلق من اعتبارات عاطفية، وتشبث بماض قديم، بل وجد في ذلك ضرورة حضارية، ووسيلة لتحقيق الحرية والديموقراطية والتقدم والازدهار، وفك الارتباط من إسار التبعية.
إن الهوية البحرينية، من وجهة نظرنا، تكمن في كونها جزء من أمة عربية واحدة لها كامل الحق في العيش في دولة موحدة، شأنها في ذلك شأن سائر الأمم الأخرى التي تمكنت من استكمال وحدتها القومية.
لقد أكدنا في مقدمة هذا البرنامج على التلاحم العضوي بين العمل الوطني والعمل القومي، ليس انطلاقاً من إيماننا وإيمان العديد من القوى السياسية الوطنية بهذا التلاحم وترجمته في برامج عملها السياسي فحسب، بل لكون هذا التلاحم يمثل قانون حركة نهوض الأمة العربية، وتحررها ووحدتها. أن إرهاصات الفكر والعمل القوميين في البحرين تعود كما ذكرنا إلى بدايات القرن الماضي إلا أنها بدأت بالتبلور بصورة منظمة وواضحة خلال الثلاثينيات من القرن الماضي، بعد أن شهد هذا العقد تأسيس العديد من التنظيمات القومية مثل عصبة العمل القومي عام 1932م ( التي مثلت النواة لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1947م ) والحزب القومي العربي عام 1934م والحزب العربي عام 1937م وجمعية الدفاع عن إمارات الخليج العربي عام 1939م ). ولعل تأسيس نادي العروبة في البحرين عام 1939م جاء ليؤكد التلاحم بين العمل الوطني والقومي، حيث نقرأ في مواد دستوره أن أحد أهداف إنشاء النادي هو نشر الوعي القومي وبث الروح القومية ومحاربة الطائفية وإيقاظ الوعي الاجتماعي والإسهام في الإصلاح الاجتماعي.
وقد شاركت القوى القومية في البحرين في العمل الوطني في كافة مراحله، ابتداءً بحركة هيئة الاتحاد الوطني خلال الأعوام 1954م – 1956م، وانتفاضات الشعب في الستينيات، ولاسيما انتفاضة 5 مارس 1965م من خلال مشاركتها في تأسيس جبهة القوى التقدمية خلال نفس العام. وشهدت نهاية الستينيات وعقد السبعينيات انتشار قوي ونشط للقوى القومية في البحرين، حيث لعبت دورا أساسيا في حشد الجماهير البحرينية لصالح التصويت على عروبة البحرين، ثم شاركت في المجلس التأسيسي عام 1972م، وانتخابات المجلس الوطني عام 1973م. كما أصدرت مع القوى السياسية الأخرى عدة بيانات بعد حل المجلس الوطني عام 1975م دانت فيه هذا الإجراء، وناشدت فيه الشخصيات الوطنية من المثقفين والنواب والمحامين والمنظمات الشعبية العمالية والنسائية والطلابية التصدي له، وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة الديمقراطية وأدانت الخطوات غير الدستورية التي أقدمت عليها السلطة. إلا أن العمل القومي في البحرين تأثر سلباً بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979م، وانتشار الولاءات الطائفية بحكم تركيبة المجتمع البحريني. ومما أسهم في ذلك إسهاماً سلبياً هو قصور القوى القومية في البحرين آنذاك عن التعبير عن وجودها في الساحة من خلال مواقف وطنية معبرة، وحضور جماهيري من خلال أنشطة أو فعاليات وطنية وسياسية مؤثرة، واقتصار أنشطتها على الفعاليات الثقافية والفكرية، كما أسهمت موجة القمع المتصاعدة ضد التيارات الوطنية والقومية والإسلامية وخلال الثمانينيات والتسعينيات، وكذلك نشوب حرب الخليج الثانية عام 1991م في هذا الانكماش، وفي تراجع مجمل العمل القومي ليس في البحرين فحسب، بل وفي الكثير من ساحات الوطن العربي.
وفيما يخص الموقف من العلمانية، فأن هذا المفهوم يعتبر من المفاهيم التي تعرضت إلى سوء فهم والى سوء استخدام، أخذت طابع الاختلاف والتعدد في ضوء الأهداف أو الأغراض التي ترمي إليها، وكثيراً ما جرى ربط هذا المفهوم كمسألة نظامية أو قانونية بمسألة القومية كوجود, بمعنى أن العلمانية يجري التعبير عنها أحيانا من قبل مؤيدوها أو معارضوها بصورة لا تخلو من الغلو والشطط و إلباسها مضامين لا تنسجم مع واقعنا ولا تلبي حاجات مجتمعنا، خاصة عندما يتم استخدامها للدلالة على فصل الدين عن الدولة أو اتخاذ موقف معادي من الدين ورجاله, من باب التأثر بالحالة الأوروبية التي فصل فيها الدين عن الدولة بعد صراع طويل بين السلطة الدينية ( الكنيسة والدولة ) وتزامن ذلك مع ظهور الدولة القومية في أوروبا وبروز الدولة الديمقراطية على حساب الدولة الدينية.
مقابل هذه المواقف السلبية والمتطرفة في فهم العلمانية هناك المواقف المعتدلة والمعقولة والبعيدة عن التزمت والتعصب والنظر إلى العلمانية من زاوية مختلفة ـ وهذا هو موقف التجمع القومي ـ الذي ينظر إلى العلمانية من زاوية الديمقراطية ويرحب بها إذا كانت ركن من أركانها أو جزء أصيل منها، وهي الديمقراطية التي تعنى فيما تعنيه ضمان الحرية والعدالة والمساواة لجميع المواطنين من دون أي نوع من أنواع التميز وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وتساوي المواطنين أمام الدولة والقوانين.
فالدولة الديمقراطية هي دولة المؤسسات والقوانين إلى التي هي محايدة في نظرتها للمذهب والطوائف من البلاد وتقوم على دعائم حرية الرأي واحترام تعددية المذاهب والأديان وحقوق الإنسان التي منها حرية ممارسة الشعائر والطقوس الدينية دون تدخل من جانب الدولة, أو فرض من جانب قوى المجتمع الدينية والسياسية.
إذن … رؤيتنا للعلمانية تقوم على أساس الدور والهدف الذي يراد الوصول إليه, فنحن ندعو إلى أن تكون سياسة الدول بعيدة عن الممارسات التي تنمي الشعور بالتخوف عند هذه الطائفة أو تعمق الشعور بالغبن عند الطائفة الأخرى والابتعاد عن إذكاء مشاعر الطائفية والمذهبية التي تقضي على الوحدة الوطنية وتؤجج نزاعات التعصب والتزمت، والعلمانية حسب هذا الفهم وفي ظل الدولة الديمقراطية هي نظام وقوانين تجرم الفعل والممارسات الطائفية وتحرم السياسات ذات التوجه الطائفي, وترفض الزعامات السياسية التي تعمل بوحي من الطائفية وتسعى إلى تغذية الأوضاع الطائفية خدمة لمصالحها.
من هذا المنطلق نحن مع الدولة الديمقراطية ونرفض الدولة الدينية, فالدين هو مذاهب وطوائف لكل منها مفاهيمه واجتهادا ته المتباينة ويصعب على الدولة عندئذ أن تفرض أيا من هذه الاجتهادات دون أن تصادر أو تحد من حريات الطوائف الأخرى, دون أن يعني ذلك أننا ندعو إلى فصل الدين عن الدولة والمجتمع أو أننا نقف ضد الدين ورجال الدين, بل العكس من ذلك نحن ندين العلمانية الملحدة التي تعادي الدين وقيمه الروحية, وتعتبره معاديا للعلم والتطور لان هذه النظرة المتطرفة ليست ديمقراطية، لأنها في الأساس تحدد موقف سلبي من الدين وتنحاز إلى الإلحاد، وهذا من تقديرنا يتعارض مع مبدأ الديمقراطية الداعية إلى ضمان حرية الفكر والاعتقاد لكل المواطنين، ونرى أن هذا الفهم المغالي والمتطرف للعلمانية غير مبرر وغير مشروع بل ولا معنى له في مجتمعنا العربي المسلم الذي يدين أهله بالدين الإسلامي.
لذا فان موقفنا من الناحية المبدئية والموضوعية يقوم على اعتبار الإسلام مقوماً أساسياً للوجود العربي سواء من الناحية الروحية بالنسبة للعرب المسلمين أو من الناحية الحضارية بالنسبة للعرب جميعاً مسلمين وغير مسلمين، والتأكيد على أهمية حضور الإسلام كشريعة وناظم للحياة في مجتمعاتنا العربية حيث الأغلبية الساحقة من أفرادها من المسلمين, فالإسلام من وجهة نظرنا هو روح العروبة وهو باعث حضارتها وقيمها الروحية وهو المعبر أيضا عن طموح الأمة العربية ونزعتها الإنسانية وهو أيضاً ثورتها وثروتها وحافظ هويتها القومية.
أن الفكر القومي للتجمع ذي هدف رسالي، ونظرة شمولية وطابع إنساني علمي يوضح حقيقة السياق التاريخي للتجربة القومية المعاصرة المرتبطة موضوعياً بقضايا العالم المعاصر وتقدمه العلمي والحضاري، ويستند إلى فكرة الديمومة والأصالة من جهة وفكرة الصيرورة والانفتاح من جهة أخرى.
ويمكن تشخيص المنطلقات الفكرية القومية للتجمع فيما يلي :
1. الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر. ومثلما اختار الله سبحانه وتعالى العرب لحمل وتبليغ ونشر رسالة الإسلام الخالدة، فقد أصبحت هذه الرسالة هي رسالة القومية العربية، وروحها وعنوان تجددها وديمومتها ومحرك بلوغها أهدافها في الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية.
2. الإيمان بالقومية العربية كحقيقة خالدة، وأننا حينما ننادي بالقومية العربية فإننا لا ندعو إلى فكرة، وإنما ننشد تفتح واستنهاض الوعي والوجود القوميين للأمة كطريق لتحقيق مشروعها الحضاري.
3. رفض التجزئة، باعتبارها حالة طارئة مفروضة على واقع الأمة.
4. الإيمان ” بالحرية ” كمنطلق أساسي لانبعاث الأمة العربية وتكامل نهضتها ووجودها.
5. الإيمان بضرورة العدالة الاجتماعية والاقتصادية لأنها عنصر حي في صميم القومية العربية، واعتبارها النظام الأفضل لتحقيق وتفتح الشخصية العربية، وفتح عبقرية الأمة، ويؤكد التجمع على الطابع الاجتماعي لفكره وانحيازه للطبقات والفئات الكادحة، وان الثروة العربية في الوطن العربي هي ملك لكل الأمة العربية.
6. الإيمان بالترابط الجدلي بين القضية القومية وأهدافها ” الوحدة ” و ” الحرية ” و ” العدالة الاجتماعية ” و اعتبارها أهدافاً أساسية مترابطة ترابطاً عضوياً تكاملياً.
7. الإيمان بالديمقراطية والتعددية السياسية كمنهاج للمشاركة السياسية والشعبية في الحكم وإدارة شئون المجتمع، وكطريق لإعطاء البعد الشعبي التحرري لنضال الأمة من أجل بلوغ أهدافها.
8. الإيمان بالثورة الفكرية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية في سياق بناء المجتمع الحديث في عصر العلم والتكنولوجية.
9. التمسك بالمبادئ والقيم الأخلاقية التي تعبر عنها رسالة الأمة الخالدة.
10. وانطلاقا من الإيمان بأن أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية تبقى تمثل السبيل الوحيد لخلاصها من أزماتها الراهنة، وأن هذه الأزمات ناتجة عن جملة التحديات الخارجية الممثلة في أطماع ومخططات القوى الإمبريالية، والتحديات الداخلية الممثلة في التخلف الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، فأن المطلوب من مفكري الأمة وحركاتها القومية التحررية إجراء مراجعة شاملة للفكر القومي ومنهاج وأساليب العمل والنضال بما يحقق الارتقاء إلى مستوى هذه التحديات، ويحشد طاقات وموارد الأمة لمواجهتها والتغلب عليها لبلوغ الأهداف المنشودة.
2. المنطلقات السياسية للتجمع :
أما على الصعيد السياسي، فأن التجمع يرى بأن أقطار الوطن العربي ظلت لقرون عديدة تشهد شكل من أشكال الدولة العربية الموحدة بالرغم من أنه لم يكن يسودها نظام إداري مركزي صارم، وحدوداً سياسية مرسومة مثل التي تعرفها الدول العربية في الوقت الراهن، وأن الأقطار العربية لم تنكمش وراء حدوها الحالية وتتمسك بأوضاعها الراهنة إلا بعد أن خضعت للاستعمار بين القرن التاسع والقرن العشرين وأصبحت فريسة للأطماع الأوروبية المتربصة بها، أي أن الوطن العربي قبل العصر الحديث لم يعرف التجزئة كما هي قائمة اليوم بكل تجلياتها السياسية والقانونية والجغرافية مثل الحدود الفاصلة والحواجز الجمركية، وتحديد الجنسية والجوازات وإيجاد العملة الخاصة والنشيد الوطني الخاص، وهي جميعها قد خلقت بفعل الاتفاقات والمعاهدات التي عقدتها الدول الاستعمارية حين تقاسمت فيما بينها الأقطار العربية وسيطرت عليها، أي بكلمة موجزة إن هذه الحواجز والاختلافات في النظم الإدارية والتشريعية والاقتصادية والسياسية هي من مواريث الاحتلال الأجنبي.
رغم هذه الحقائق والوقائع التي فرضها الاستعمار على الوطن العربي، بقت عوامل التوحد عصية على الاقتلاع والاجتثاث، وبقت الأقطار العربية ـ ولا زالت ـ مشتركة في الدين واللغة والتاريخ والتراث والحضارة، وبقي تجاورها الجغرافي وتطلعها الاجتماعي والثقافي موحداً، كما بقيت الأخطار والمحن المحدقة بحاضرها ومستقبلها مشتركة وشاملة. وبالنتيجة أصبحتا التجزئة القومية والتقوقع القطري هما مصدراً رئيسياً لعللننا ومشاكلنا السياسية والاقتصادية. فقد نكبت أقطار الوطن العربي باستعمار الدول الأوروبية بدأت جولاته مع الحملة الفرنسية على مصر والشام وانتهت باقتسام بريطانيا وفرنسا أقطار الشام والعراق وإخضاع أقطار الخليج العربي لنفوذ بريطانيا، وبذلك تكالبت الهيمنة الاستعمارية وظهرت التجزئة في صورتها الراهنة.
وامتداداً لهذا التاريخ تواجه اليوم القوى القومية على الصعيدين السياسي والفكري صراعاً مع قوى الاستعمار والإمبريالية، وهي تحاول فرض سياساتها وأهدافها المعادية للوحدة وللقومية العربية, فبالأمس تجلت مظاهر هذا الصراع في مؤامرة سايكس ـ بيكو التي أوجدتها الإمبريالية الأوروبية، ثم مؤامرة زرع الكيان الصهيوني قي قلب الوطن العربي لتصبح التجزئة وكأنها القدر المحتوم للأمة العربية. ثم توالت المواجهات ضد القوى والأنظمة التي حملت لواء الوحدة والقومية العربية، حيث تعرضت ثورة 23 يوليو في مصر وثورة 17-30 يوليو في العراق لأقسى المؤامرات، كما ووجهت وحدة مصر وسوريا عام 1958م بمؤامرة الانفصال التي أدانتها القوى القومية، كما أدانت مدبريها. واليوم يدخل الوطن العربي أخطر المراحل التي تهدد كيانه ووجوده، ويتجلى هذا الصراع الجديد الذي تقوده الإمبريالية الأمريكية مع حليفتها بريطانيا في مشروع تجزئي أخطر من اتفاقية سايكس ـ بيكو، بدأ بالعدوان على العراق الشقيق واحتلال أرضه وضرب نظامه الوطني ونهب خيراته وثرواته الوطنية، من أجل إعادة رسم خارطة المنطقة العربية سياسياً وجغرافياً وطمس هويتها القومية والثقافية، وإبراز ملامح ما يسمى ” بالشرق أوسطية ” بما يسمح بإدخال الكيان الصهيوني في هذا المشروع كقوة ضاربة ومهيمنة. ولم تكن قمتي شرم الشيخ والعقبة في حزيران 2003م وإعلان ما يسمى بخارطة الطريق لتسوية – والأدق القول لتصفية – القضية الفلسطينية سوى الجزء الظاهر من جبل الثلج ونتاج الحرب العدوانية التي شنت على العراق الشقيق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا واحتلال أرضه بعد إسقاط نظامه الوطني والقومي الذي كان يمثل عقبة حقيقية في وجه المشاريع الإمبريالية.
أن مشروع ما يسمى ” بالشرق الأوسط الكبير أو الواسع ” الذي صاغته إدارة بوش إنما هو في حقيقته صيغةً معدَّلةً لمشروع “ا لشرق الأوسط الجديد ” ـ الذي طرحه الإرهابي شمعون بيريز وتبنَّتْهُ إدارة بيل كلينتون قبل نحو عشر سنوات ـ ومحاولةً يائسة لإحياء الأحلاف والمشاريع الاستعمارية الصريعة منذ نصف قرن، ويهدف بالأساس إلى إسقاطُ الهوية العربية للمنطقَة وإدراجُ الكيان الصهيوني كشريكٍ ” أصيلٍ ” فيها، وتحويل الدول العربية ـ فضلاً عن باكستان وإيران وتركيا التي يُدرجُها المشروع الأمريكي ضمن مجال المشروع إلى هوامشَ وملحقاتٍ داخل نظامٍ إقليمي يديره المركز الصهيوني بالوكالة وتتحكم بمقاليده الولايات المتحدة الأمريكية بالأصالة!
إن التجمع، إذ يرفض مشروع ” الشرق الأوسط الكبير” وينّبِّهُ إلى الأخطار الكبيرة الناجمة عنه على صعيد هوية المنطقة ومصالح الأمة، يدعو إلى اتخاذ ردٍّ عربيٍّ شاملٍ عليه من خلال إطلاق مشروعٍ سياسيٍّ واقتصاديٍّ (تنمويّ) وثقافي وحدوي عربي يعيد بناءَ النظام العربي وتأهيلَ مؤسَّسته الإقليمية (جامعة الدول العربية) بعد إصلاحها، ويسعى إلى تفعيل مشاريع الوحدة الاقتصادية العربية وفي مقدمها قيام سوق عربية مشتركة، كما يسعى إلى تكامل اقتصاديّ متدرّج يبدأ بإقامة مناطق تجارة حرّة دون أن ينتهي بإقرار عملةٍ عربية موحَّدة، كما يفتح المجال أمام إنشاء برلمان عربي موحد. وبنفس الوقت يطالب التجمع بوجوب إجراء إصلاحٍ سياسيّ جذري للنظام السياسي والاقتصادي والتعليمي يفتح الباب أمام انتقال ديمقراطي حقيقي نحو تداول ديمقراطي للسلطة ونحو مشاركة سياسية فعالة للمواطنين في صناعة القرار، ويفتح الباب أمام تنمية متكاملة ومستقلة وتوزيعٍ متوازن وعادلٍ للثروة وسيطرةٍ مباشرة على الثروات والمُقَدَّرَات، وتعليم عصري مرتبط بالتنمية وقادر على تزويد مجتمعاتنا بالقدرة العلمية.، ويعتبر التجمع هذا البرنامج الإصلاحي – المنطلق من جدول أعمال عربي مستقل – الردّ القومي الوحيد على الضغوط الأجنبية والجواب التاريخي عن معضلات الاستبداد والفساد والتخلف. ومن هذا المنطلق أيضا، يرفض التجمع رفضا باتا الدعوات المشبوهة والمغرضة التي تنادي أو تدعم أو تتواطأ مع الدعوات والمحاولات الرامية لتدخل القوى الأجنبية في شئون الدول العربية وتغيير أنظمتها بالقوة بحجة شعار” فرض الإصلاح من الخارج”.
ثم أن جزء لا يقل خطورة في هذا المشروع الإمبريالي الجديد هو تحميل منظومة التربية والقيم والثقافات الإسلامية السائدة في المجتمعات الخليجية والعربية مسئولية تنامي بذور الإرهاب في العالم، وبالتالي مسئولية هجوم 11 سبتمبر. وغير واضح لحد الآن المدى الذي ستذهب إليه الولايات المتحدة في محاربة هذه المنظومة وتغييرها. فإذن من لفقت ضده التهم المزورة بأنه مصدر محتمل لتزويد الإرهابيين بأسلحة الدمار الشامل – ونعني بذلك العراق – قد ووجه بغزو بربري استخدمت فيه كافة الأسلحة المحرمة دولياً لإسقاط نظامه، فكيف سيكون التصرف مع ما تعتبره هو المصدر لبذور الإرهاب. ويقيناً نقول، أن محاربة المنظومة الحضارية الإسلامية للمجتمعات الخليجية والعربية إذا ما بدأتها الولايات المتحدة قريباً، فأنها سوف لن تعفي أحداً من المواجهة سواء أولئك المحسوبين مباشرة على التيارات الإسلامية نفسها بمختلف طوائفهم وتلاوينهم أو من القوميين واليساريين.
لقد أثبتت هذه الأحداث حجم التحديات والمخاطر التي تهدد الوجود العربي، وفي المقابل أكدت عجز وتواطؤ النظام العربي الرسمي في تحمل مسؤوليته القومية، وقد أدى غياب الرؤية القومية السليمة والموقف العربي القومي إلى الكوارث الكبرى التي تعاني منها الأقطار العربية جميعها دون استثناء سواء في فلسطين أو العراق، وما سوف ينتج عنهما من تداعيات سوف تطال سوريا ولبنان ومصر والمملكة العربية السعودية وغيرها من الأقطار العربية التي سوف يجد العديد منها نفسه عاجلاً أم عاجلاً يجني ثمار سياساته الخاطئة والمتخاذلة.
إن التجمع القومي الديمقراطي يؤمن إيماناً راسخاً بأن المشروع الاستعماري الجديد التي تقوده الإمبريالية الأمريكية وحليفتها الصهيونية، إنما يستهدف بالأساس وحدة هذه الأمة، الوحدة التي تمثل شرط جوهري لنهوض العرب وتحررهم وبناء كيانهم القومي الموحد المستقل وحمل رسالتهم الخالدة على قاعدة وحدة المصير والانتماء، وعلى قاعدة المصالح المشتركة أيضاً، وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية لإطلاق طاقات الجماهير وإشراكها في اتخاذ القرار، الأمر الذي يمكن الأمة من لعب دورها الحضاري الإسلامي والإنساني الذي هي مؤهلة له بفعل التاريخ والحضارة والموقع، وبفعل القدرات والإمكانيات المادية والروحية التي تزخر بها.
فالوطن العربي يمثل قبلة العالم ومهد الديانات السماوية التوحيدية، وهو قلب العالم الإسلامي النابض، ومن أرضه ولد الإسلام الذي أصبح رسالة الأمة إلى العالم، وهو مهد عطاء العرب الحضاري والإنساني والأخلاقي، بل إن الإسلام هو روح هذه الأمة وشرط استمرارها وأساس وحدتها وقوتها وكينونتها. من هنا كان الوطن العربي وسيبقى كما كان دائماً هو النواة وهو المرجعية وهو الاحتياط الدائم للعالم الإسلامي.
ومع الإقرار بخطورة التحديات الخارجية التي تواجهها أقطار الوطن العربي كافة، فأن التجمع القومي لا يغفل دور التحديات الداخلية فيما وصلت إليه هذه الأقطار من أوضاع بالغة التردي والضعف. ففي ظل غياب الإيمان الحقيقي بالديمقراطية والتعددية السياسية ودور المشاركة الشعبية، وفي ظل تسييج كافة أشكال التقوقع القطري، وفي ظل التخلف الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي، علاوة على رهن الإرادة السياسية بالأجنبي، والوقوع في جملة من الأخطاء السياسية الوطنية والقومية والممارسات التسلطية والقمعية التي عطلت طاقات المجتمع والجماهير وأضعفت ولاءها الوطني والقومي، وفي ظل غياب العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة، وممارسة التمييز الطائفي والقبلي والعشائري، ساهمت جميع هذه الممارسات والأخطاء في إضعاف حال الأمة وشرذمة قواها وأضاعت ثرواتها، مما سهل أمام القوى الأجنبية تنفيذ مخططاتها الاستعمارية في الوطن العربي.
3. الأهداف القومية للتجمع :
أن المسؤولية القومية والتاريخية تحتم على القوى والتيارات السياسية القومية دراسة الواقع العربي الراهن، في ضوء ما يعانيه هذا الواقع من ضعف وتفسخ على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما أفرزه من نكسات ونكبات متتالية تكاد أن تمثل بمجملها حالة القاعدة – وليس الاستثناء – التي تحكم هذا الواقع. وعليه فإن التحليل الفكري والسياسي الموضوعي يشترط الرجوع إلى الأسباب أو المصادر الحقيقية التي جعلت الأقطار العربية عموماً عرضة للهزات والأخطار المحدقة، وممزقة الأوصال كما هو حاصل اليوم حيث تعاني من النزعات القطرية والاتجاهات الانفصالية، وغياب الديمقراطية أو الحد الأدنى من المشاركة السياسية.
وانطلاقاً من هذه الحقائق فإن التجمع القومي يدعو إلى :
1. الدفاع عن قضايا الأمة المصيرية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية باعتبارها جوهر الصراع العربي الصهيوني، ويحذر من خطورة الإنجرار وراء مشاريع التسوية، وحشد القوى الوطنية والشعبية لتحرير كامل التراب العربي الفلسطيني. ومقاومة كافة أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني, ويشكل هدف دعم الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني أحد مرتكزات عملنا الوطني والقومي.
2. رفض وإدانة الاحتلال العدواني الأمريكي البريطاني للعراق الشقيق الذي وقع بمشاركة وتواطؤ بعض الأنظمة العربية والقوى والتنظيمات السياسية المتخاذلة والعميلة وعجز المجتمع الدولي ومؤسساته عن إيقافه، كذلك رفض كل تداعيات ونتائج الاحتلال، والمطالبة بضرورة الإنهاء الفوري لهذا الاحتلال، ودعم كل ما يحقق هذا الهدف الوطني والقومي، بما في ذلك تقديم كافة أشكال الدعم للمقاومة العراقية الباسلة. وأن يتحمل المجتمع الدولي مسئولياته في تجريم الاحتلال والعدوان الخارج على الشرعية والقانون والمواثيق الدولية.
3. تعزيز العمل الخليجي والعربي المشترك، والإيمان بوحدة مصير بلادنا مع شقيقاتها من الدول الخليجية والعربية، وتعزيز كافة أشكال التنسيق والتكامل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثقافية، والعمل على فك تبعية هذه الدول عن القوى الأجنبية، وإزالة القواعد العسكرية الأجنبية في المنطقة لكي لا تكون بلادنا منطلقا في تنفيذ المخططات الاستعمارية ضد الأمة العربية.
4. دعم نضالات الجماهير في أقطار الوطن العربي من أجل التحرر والديمقراطية والتطور الاقتصادي، وكفاحها لتحرير كامل الأراضي العربية المحتلة في الجولان ولبنان والجزر العربية الثلاث وغيرها، ورفض ومقاومة ما تتعرض له بعض أقطار الأمة من ضغوط ومشاريع استعمارية مشبوهة.
5. العمل على إقامة تحالف استراتيجي بين كل القوى المؤمنة بالعمل القومي والوحدوي في البحرين وفي كافة أقطار الوطن العربي، وذلك بهدف إقامة جبهة شعبية تسعى إلى توفير الدعم للشعب العربي في فلسطين والعراق، من اجل طرد الاحتلال وتحقيق الاستقلال والإسهام في نهضة الأمة.
6. التركيز على قضايا الديمقراطية في المنطقة العربية، وإعطاءها الأولوية في برامج العمل الوطنية والقومية للقوى السياسية والمجتمعية، باعتبارها السبيل لحشد طاقات وتعزيز وحدة هذه القوى، ودرء الأخطار وحماية الاستقلال الوطني.
7. المطالبة بإطلاق مشروع للإصلاح في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية والاجتماعية تصاغ أهدافه وبرامجه وتوجهاته كاستجابة للاحتياجات الحقيقية للنهوض القومي للأمة.
8. دعم مؤسسات العمل العربي المشترك الإقليمية والعربية وفي مقدمتها الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، مع الدعوة لإدخال إصلاحات جوهرية على أهدافها وبرامج عملها وأجهزتها بما يحقق تفعيل حقيقي لدورها في تحقيق التكامل العربي على كافة المجالات.
9. حماية مصالح وثروات الأقطار العربية من نهب الدول الكبرى ومخاطر العولمة والنظام الدولي الجديد والسعي لتوظيفها لصالح برامج التنمية الوطنية والتكاملية بينها.
10. نشر وتعميق ثقافة مقاطعة البضائع الأمريكية والبريطانية وكافة أشكال التطبيع مع الكيـان
الصهيوني.
ج. على الصعيد العالمي :
يرى التجمع القومي أن العالم يشهد في الوقت الحاضر الكثير من التحولات الجذرية، التي بدأت مع انهيار الاتحاد السوفييتي، وتسيد الولايات المتحدة كقوة مهيمنة على العالم، وسعيها إلى فرض مخططاتها ومصالحها مستخدمة في ذلك الأساليب الاستعمارية القديمة والحديثة. كما باتت تروّج للعولمة بكافة أشكالها وصورها، والتي تقف ورائها القوى والكارتلات الاقتصادية والمالية المهيمنة في سعي منها لإعادة رسم خارطة العلاقات السياسية والاقتصادية الدولية، والدور المرسوم للكثير من مناطق وأقطار العالم بما يخدم مصالح هذه القوى بشكل أحادي، دون الأخذ باعتبار مصالح الدول النامية والفقيرة وخيارات واحتياجات شعوبها. ولا شك أن هذه السياسات المجردة من كافة المضامين الأخلاقية والحضارية، والمرتكزة أساساً على خدمة المصالح الإمبريالية تفتح الباب واسعاً أمام الصراع بين الحضارات، وما بين الشعوب المستعمرة والمستعمرة مجدداً، بل وفيما بين القوى الكبرى نفسها، مما يهدد البشرية والسلام العالمي بالأخطار والحروب.
لذلك، يؤكد التجمع القومي على ضرورة تكتل الدول النامية والمستضعفة لحماية مصالحها بوجه تيارات العولمة التي تقودها الكارتلات العالمية, وفرض احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والعمل على إقرار السلام العالمي والتمسك بمبدأ الحياد الايجابي وعدم الانحياز. كذلك العمل على إقامة علاقات مع مختلف دول العالم التي تحترم سيادة مملكة البحرين والدول العربية واستقلالها السياسي والاقتصادي وتلتزم بعدم التدخل في شئونها الداخلية. كما يجب تحديد آفاق وأبعاد العلاقة مع مختلف دول العالم بضوء مواقف تلك الدول من قضايانا الوطنية والقومية وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية.