مريم الشروقي
سُرقت عين الطفل أحمد النهّام قبل أشهر، وكان الخبر فاجعةً للجميع، فهذا الطفل لا يعرف من أمر دنياه شيئاً، ولا يفقه في الإرهاب حديثاً، وليس له تواصل مع المعارضة ولا مع أي كان! وكلّ ما يفهمه في الدنيا هو اللعب والشرب والأكل والنوم والأمان في كنف والديه، ولكنّ الأمان ذهب وولّى عندما أُصيبت عينه وسُرقت بالقوّة أمام مرآى الجميع، فمن يرجعها اليوم بعد أن استُئصِلت وفارقت حياة وجه هذا الطفل؟!
نعم… سُرقت عينه حينما قام أحد المحسوبين على الأمن بتوجيه طلقته نحو هذا الطفل الذي لا يزيد عن 5 سنوات، ومهما كان الموقف، فإنّ إصابة طفل في هذا العمر وفقده عينه يُعتبر إرهاباً شديداً وإساءة معاملة، تطالب فيها الأمم بوقع أقصى العقوبة على من ارتكبها.
من سيعوّض هذا الطفل عينه التي ذهبت؟ ومن سيعتذر على ما حدث له؟ وهل القانون سيقتص ممّن قام بهذا العمل الشنيع؟ أم أنّ القانون على ناس وناس كما يُقال؟
إنّ جرم هذا الفتى بات واضحاً، فهو محسوبٌ على «الفئة الضالة»، أو كما يُقال «الروافض»، ولديه أجندات مع إيران وولاية الفقيه، وقد كان يشهد الاعتراك ويبلّغ الناس بوجود قوّات الشغب، وعليه لابد من النيل منه بأشد العقوبة، وعقوبته كانت فقد بصره!
من ذاك الذي لا يهتز عندما يجد طفلاً صغيراً يئنّ ويصيح؟ وما هو ذاك القلب الذي وجّه طلقته على هذا الطفل البريء إن كان له قلب؟ أوَصَل بنا الأمر حداً أن تقف القضية «محلّك سر» ولا نجد القانون يطبّق وبشدّة على من أولى به احترام القانون وتطبيقه على الخارجين عنه، ولكنه لم يصب إلاّ طفلاً شديد الصغر وسرق عينه، فهل نستطيع إرجاع العين التي سُلبت بقوّة طلقات الشوزن؟ أم نقول: «لك الله يا الفقير»، فعينك ليست مهمّةً بأهمّية ذاك الرجل الذي أطلق عليك الرصاص!
سيكبر هذا الطفل وكلّه ألم وكراهية لمن أطلق عليه النار، لأنّه لم يجد من ينصفه في يوم ما، وسيقرأ الأحداث وسيتذكّر المشهد، ذلك المشهد الذي لم نجد فيه أحد المسئولين يعتذر بصدقٍ عمّا حدث له، ولن يكون في قلبه إلاّ الخوف من رجال القانون والكره لمن لبس ذلك الزي.
أحمد النهام لا يريد ملايين، لأنّ الملايين وببساطة لا تنفع لإرجاع عينه، وما يحتاجه هو تصرّف مباشر من وزيري العدل والداخلية لأخذ حقّه ممن استولى عليه غصباً، ولنضع أنفسنا في مكانه، ولننظر بعينه الباقية له، وسنجد حينها معنى أن يتألّم طفل طري المنبت لم يبلغ الحلمَ بعد.
ونستغرب من أولئك الذين ابتعدوا عن الإنسانية كل الابتعاد، وسخروا أو ضحكوا على ما حدث لهذا الطفل البرئ، وتمنّوا له ولغيره مزيداً من الإعاقات، ونقول لهم شكراً لكم! فالله من فوق سابع سماء يرى ويعلم وسيعاقب، سيعاقب من ضحك وسخر وطلب في زيادة عذاب هذا الطفل، لأنّ حكم الله أساسه العدل لا غير!
لو كان الاعتذار يكفي يا طفلي الحبيب، لطلبت أنا الاعتذار منك شخصياً، ولقبّلتُ يديك ورأسك الطاهر، ولكن الاعتذار لا يكفي لأنّ ما أُخِذ لن يُعاد إليك، ونحن بانتظار ردّ وزيري العدل والداخلية على ما نقول، والله من وراء القصد.
تذكير لتجمّع الفاتح: ما هي الـ 80 % من المطالب التي اتّفقتم عليها مع المعارضة؟
تذكير لسعادة النوّاب: هل تمّ تحويل ملفات الفساد إلى النيابة العامة كما طالبتم بذلك؟ أم إلى الآن لم تجتمع اللجنة لتحويل الملفات!
تذكير للمحامين الشرفاء: أين ذهبت الأموال «أموال النفط» (على قولة المعاودة)؟