منصور الجمري
العملية التحاورية الحالية تراوح في مكانها، ولايزال الحديث متوقفاً عند الآليات من دون توافق، وهو أمر متوقع، إذ إن تحديد الآليات سيحدد مدى إمكانية تحقيق حل سياسي يخرج البلاد من الأزمة التي تعقدت بعد أكثر من عامين من الأحداث المتتالية.
مساء أمس ناقش فريق العمل المصغر (التابع لحوار التوافق الوطني) موضوع تمثيل الحكم، وتقرر إرجاء ذلك إلى الجلسة العامة. كما ناقش الفريق كيفية التعامل مع مخرجات الحوار، بصفتها اتفاقات نهائية وملزمة كصيغ دستورية، واختلف المتحاورون حول كيفية التعامل معها. الحكومة تصر على أن المخرجات ترفع إلى جلالة الملك، بينما تطالب المعارضة بالاستفتاء على نتائج الحوار لكي تكون ملزمة شعبياً ودستورياً، ولم يتفق الطرفان على هذا الأمر. ثم طرحت المعارضة موضوع مشاركة المستقلين بحيث يكون هناك توازن، بخلاف الوضع الحالي إذ اختارت الحكومة 8 شخصيات من مجلسي الشورى والنواب. المعارضة تود الاتفاق على أشخاص يتم اختيارهم بالتساوي، ولكن لم يحدث توافق على هذا الموضوع أيضاً، وأرجئت جميع النقاط إلى الجلسة الموسعة يوم الأحد المقبل.
المحادثات الجارية – إذا كانت جادّة – فإنها ستحدد مستقبل البلاد للسنوات المقبلة، ولذا فإن الآلية التي يتم اعتمادها يجب أن تكون قادرة على تفعيل الحل، ولاسيما أن هناك ملاحظات كثيرة حول مدى استيعاب العملية الحالية وتشكيلتها لتعقيدات الأزمة.
البحرين بحاجة إلى الاستقرار السياسي الداخلي، ومسار الأحداث الحالية، وكذلك القرارات والمحاكمات والأحكام القاسية والتصريحات الرسمية تشير إلى التصعيد أكثر مما تشير إلى التوافق. إننا بحاجة إلى رؤية شيء مختلف عن السياق الحالي الذي لا يمكن أن يحدث اختراقاً مهمّاً إذا استمر بهذه الطريقة، ولاسيما أن كُلاً من الحكومة والمعارضة ينظران إلى ما يطرحه الآخر بالشك والريبة، ونرى أن كثيراً من التصريحات والقرارات (داخل وخارج إطار الحوار) إنما هي لتسجيل نقاط على الطرف الآخر. ثم إن المراقبين يتساءلون كيف يمكن أن يكون الحوار جادّاً والحل الأمني لايزال سارياً؟