جميل المحاري
فيما يريد البعض متعمداً تشويه صورة الجمعيات اليسارية والعلمانية في البحرين، يسعى البعض الآخر إلى ضرب التحالف القائم بين الجمعيات السياسية المعارضة، منتقداً تحالف القوى اليسارية مع جمعيات سياسية تحمل الصفة الدينية، فتارةً تتهم القوى الوطنية بالتبعية لجمعية «الوفاق»، فيما تتهم «الوفاق» بالوصولية لتحالفها مع جمعيات تختلف معها أيديولوجياً.
الهدف من ذلك واضحٌ تماماً، وهو فك الارتباط بين هذه الجمعيات الوطنية من أجل صبغ الحراك الشعبي في البحرين بالطائفية، وعزل هذا الحراك عن انتفاضات وثورات الربيع العربي.
الغريب أن من يقود الهجمة على الجمعيات السياسية الديمقراطية، ويدعي الفكر التنويري، الذي لا يقبل هيمنة الفكر السياسي الديني الرجعي، مدللاً على ذلك بانتسابه في السنين الماضية لجمعيات سياسية علمانية، أو تيار ليبرالي، هو من يقف اليوم ضد أي توجه نحو الديمقراطية الحقيقية، ويتخذ المواقف الرجعية المتشددة، ويدافع بكل ما لديه من حججٍ واهيةٍ عن السلطة في أكثر وسائل الإعلام طائفيةً، بشرط أن يقبض مقابل ذلك.
يكفي أن ننظر إلى مواقف من راح يروّج لمقولة اختطاف الجمعيات السياسية العلمانية من قبل أعضاء هذه الجمعيات المنتمين لطائفة معينة، وحرف هذه الجمعيات عن طريقها العلماني والتقدمي، وما يطرحه من آراء لا تنسجم مع التاريخ النضالي لأبناء شعبه فقط، وإنّما تتناقض مع جميع المبادئ الإنسانية المدافعة عن حقوق الإنسان والحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية.
لم تكن الجمعيات السياسية العلمانية وحدها من اتخذ موقفاً منحازاً للشعب، وإنّما وقف السواد الأعظم من مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والحقوقية والنقابات العمالية والمهنية، إلى جانب المطالب الشعبية والحراك الشعبي في البحرين، باستثناء عددٍ قليلٍ جداًَ من جمعيات «الغونغو» التي أنشئت أساساً بجهود حكومية.
وفيما أثبت اليسار البحريني سواءً من جمعيات سياسية أو شخصيات وطنية مستقلة تؤمن بالفكر العلماني، تمسّكها بقضية الشعب البحريني وتاريخه النضالي، وإنها جزءٌ لا يتجزأ من نسيج الحراك الشعبي، سقط البعض الآخر، في شباك الطائفية والانتهازية السياسية والمصالح الشخصية الضيقة.
لم يكن اليسار البحريني حالةًً شاذةً في موقفه من المطالب العادلة لأبناء شعبه، فجميع القوى اليسارية في الدول التي اشتعلت فيها ثورات الربيع العربي كانت تقف دائماً مع حراك شعبها، من تونس إلى مصر واليمن وليبيا، كما أن جميع القوى اليسارية والعلمانية العربية والعالمية وقفت إلى جانب ثورات الربيع العربي بما في ذلك انتفاضة الشعب البحريني.