منصور الجمري
أستاذة علم الاجتماع منيرة فخرو كانت إحدى المشاركات في منتدى التنمية الخليجي الذي عقد في الكويت (7 – 8 فبراير/ شباط 2013)، الذي يتناول «سياسات وآليات لمواجهة الخلل السكاني المتفاقم في دول مجلس التعاون الخليجي»، وفي مداخلتها استشهدت بتغريدات لسيدة اسكتلندية تغرد بصورة مستمرة وتصرح للقريب والبعيد بأنها تمثل 600 ألف أجنبي يعيشون في البحرين، وأن هؤلاء يمثلون أكثر من نصف السكان، وأن من حقهم المشاركة في الحوار الوطني وأخذ رأيهم في العملية السياسية.
طرح السيدة ليس عفوياً، وهو يقصد منه تهديد المعارضة (وأيضاً تهديد أية فئة مجتمعية متضررة حالياً) بأن بالإمكان «تشغيل» بعض هؤلاء الأجانب لزيادة السدود التي تصطنع لمنع الاستجابة لأية مطالب عادلة. ولكن لو فكر من يدفع بهذه السيدة في هذا المعترك فسيجد أن الموضوع يمثل خطراً عليه قبل أية جهة أخرى. فحالياً لا يأبه أحد من الأجانب بما تقوله هذه السيدة، فهم لا يعرفونها وهي لا تعرفهم، ولكن فيما لو توافرت الفرصة لإدخال الأجانب في العملية السياسة فإن أكثرية الجاليات تأتي من بلدان متطورة سياسياً (حتى لو كان كثير منهم فقيراً من الناحية الاقتصادية)، وهذه الجاليات ستنتخب ممثليها الحقيقيين بصورة ديمقراطية، وهؤلاء ربما سيكونون مدعومين من قبل حكوماتهم وأحزابهم الوطنية ونقاباتهم، وهم في المحصلة جزء لا يتجزأ من عملية سياسية أخرى جارية فعلاً في بلدانهم.
إن أكثرية الأجانب لهم تشكيلاتهم التي ينتظمون من خلالها، بل إن أعداداً كبيرة يدفعون رسوم الاشتراك السنوية لأحزاب وطنية في بلدانهم، وهؤلاء ليس فقط بإمكانهم إزاحة السيدة المذكورة التي تدعي تمثيلهم، وإنما يستطيعون أيضاً أن يجروا تعديلات جوهرية في طبيعة النظام السياسي. كما أن بإمكانهم أن يجبروا الدولة على اعتماد الاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وعوائلهم (التي ترفض دول الخليج حالياً اعتمادها)، ومن خلال هذه الاتفاقية الملزمة دولياً – بالإضافة إلى الصلاحيات التي سيحصلون عليها – يمكنهم أن يحدثوا تغييرات أكبر بكثير من تلك التي تطالب بها المعارضة.
ولو عدنا إلى فبراير 2008، عندما كانت الطفرة الاقتصادية في قمتها وتحسن المستوى المعيشي في البلدان الأصلية للجاليات الآسيوية، لرأينا كيف استطاع العمال الآسيويون تنفيذ أكثر من 30 إضراباً عن العمل، واستطاعوا بالفعل تحقيق ما أرادوه من خلال تلك الإضرابات التي لم تتوقف حينها إلا بعد الاستجابة لمطالبهم آنذاك. وقد تحدث بعض المراقبين حينذاك عن وجود تنسيق بين عدد من تلك الإضرابات ونقابات وأحزاب في الوطن الأم، وأن بعض تلك النقابات والأحزاب تزعج حكومات تلك الدول في عقر دارها وهي لا تستطيع منعها، فكيف ستستطيع منعها خارج حدودها.
من جهة أخرى، فإن دخول الأجانب في العملية السياسية – كما لو أنهم مواطنون – قد لا يتسبب في ضرر أكبر للفئات المتضررة حالياً… بل لربما ينفتح الباب للتأثير بالمقلوب على ما يجري في البحرين، إذ قد يتمكن المتضررون حالياً من التعاون مع هذه الجاليات والتعاون كذلك مع اللوبيات والأحزاب والنقابات في البلدان الأصلية لهؤلاء، وبسبب النفوذ المؤسسي الذي سيتحقق لهم، فإن المتضررين حالياً ربما يستطيعون الحصول على كثير من حقوقهم التي يطالبون بها من دون عناء كبير مماثل للعناء الحالي. ما أريد قوله، إن البعض يدفع بسيدة هنا أو هناك للتشويش على المعارضة، ولكن هذا التشويش ربما يتحول إلى لعب بالنار لا يمكن التحكم بنتائجه.