دعوا إلى الوحدة الوطنية والابتعاد عن العنف
أكدت البيانات الأخيرة الصادرة عن قادة المعارضة المعتقلين، على العمل السلمي وعلى التمسك بالإصلاح والعدالة الاجتماعية، كما دعت بعضها إلى الحوار الجاد لإنهاء الأزمة التي تمر بها البلاد.
ففي 9 سبتمبر/ أيلول 2012، أصدر رجلا الدين المعتقلان محمد حبيب المقداد وميرزا المحروس، بياناً أكدا فيه تعرضهما ومجموعة الـ13 للتعذيب، مؤكدان أن استهدافهم كان بسبب مواقفهم الوطنية ومعارضتهم السياسية.
وجاء في البيان: «لقد تعرض السجناء الثلاثة عشر للتعذيب الجسدي والنفسي والانتهاكات والتجاوزات الحقوقية، والسب والشتم للدّين والمذهب، و كل تلك الشهادات تمَّ تدوينها وتوثيقها أمام هيئة القضاء».
وجدد المقداد والمحروس في بيانهما، تمسكهما بـ «الحقوق المشروعة» و»النهج السلمي المتحضّر»، والتضامن مع الشعب من أجل الكرامة والديمقراطية والحرية في ظل العدالة الاجتماعية، بحسب ما أورد البيان.
وفي 30 سبتمبر 2012، أصدرت مجموعة الـ13 بياناً أعلنت فيه قرارها باستئناف حكم محكمة الاستئناف العليا الصادر بحقها، والذي أيد الحكم الصادر عن محاكم السلامة الوطنية القاضي بأحكام بالسجن تصل إلى السجن المؤبد.
وأكدت المجموعة خلال بيانها، الذي جددت فيه تأكيدها على كونهم «سجناء رأي»، أنه لم يصدر عنهم أي عمل عنفي أو جنائي، وجاء في البيان: «من المعروف عنا نشاطنا الوطني والحقوقي والسياسي، والتزامنا العميق بالعمل السلمي ودفاعنا عن حقوق المواطنين ووحدة الشعب بجميع طوائفه وفئاته تحت مبدأ المواطنة المتساوية في ظل نظام ديمقراطي حر».
وتابع البيان: «لقد تم استهدافنا من قبل الأجهزة الأمنية بسبب مشاركتنا في احتجاجات 14 فبراير/ شباط 2011، حين مارسنا حقوقنا المشروعة في التجمع السلمي والتعبيير من أجل تحقيق مطالب الشعب المشروعة».
كما نفوا في البيان وجود أية أدلة مادية تدينهم بأي جرم جنائي، عدا الشهادات التي تقدم بها أفراد من جهاز الأمن الوطني، وغيرهم من المواطنين والتي وثقت بعضها اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
وطالب قادة المعارضة في ختام بيانهم بالإفراج الفوري عنهم وعن جميع المعتقلين السياسيين، وتقديم المعذبين والمسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان للمحاكمة العادلة، وإلغاء وإسقاط جميع الأحكام والتهم والمحاكمات المستمرة.
وفي منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول 2012، أصدرت القيادات السياسية بياناً أعقب زيارة وفد مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لهم في «سجن جو»، وأكدوا في البيان أن «الإصلاح لا يمكن أن يتم بالآليات القانونية والقضائية والإدارية العادية، وإنما عبر آليات العدالة الانتقالية وبالتراضي بين جميع الجهات ذات الصلة، وبمساعدة جهات دولية مثل الأمم المتحدة».
وطرح النشطاء على ممثلي مكتب المفوض السامي عدداً من النقاط، أكدوا خلالها على أن المطالبة بالديمقراطية في البحرين مستمرة منذ أكثر من سبعين سنة، وأن إصرار المناضلين والنشطاء على المطالبة بالديمقراطية والحقوق هو السبب الوحيد وراء استهدافهم.
كما أكدوا أن السلطات تعمل على التقليص من مساحة الحريات وملاحقة المعارضين والنشطاء، مطالبين في الوقت نفسه بتحسين إجراءات المحاكمات وإصلاح القوانين بما يتواءم مع الالتزامات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وجاء في البيان: «إن الأحداث والانتهاكات التي شهدتها البحرين خلال العامين الماضيين، هي من الخطورة والعمق بحيث لا يمكن معالجة آثارها عبر تقديم التدريب أو الدعم الفني لذات المؤسسات والأجهزة المتورطة في تلك الانتهاكات، وأن الإصلاح الجذري لتلك المؤسسات ومحاسبة المسئولين عنها هو جزء لا يتجزأ من توصيات لجنة تقصي الحقائق، وتعهدات البحرين أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة».
وتابع البيان: «كون البحرين قد شهدت انقساماً سياسياً واجتماعياً عميقاً وتمر في حالة أزمة شاملة، فإن الإصلاح لا يمكن أن يتم بالآليات القانونية والقضائية والإدارية العادية، وإنما عبر آليات العدالة الانتقالية وبالتراضي بين جميع الجهات ذات الصلة، وبمساعدة جهات دولية مثل الأمم المتحدة».
وارتأى قادة المعارضة في البيان ذاته، أن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لن يتمكن من تقديم الدعم الفني أو التقني أو المساهمة الحقيقية في تعزيز حقوق الإنسان في البحرين، من دون أن يكون له تواجد ميداني متواصل على الأرض لمعالجة القضايا المتنوعة في ظروف سياسية وأمنية واجتماعية معقدة، بحسب البيان.
وتطرقوا في البيان كذلك إلى المراحل التي مرت بها قضيتهم أمام القضاء، وما وصفوه بـ «الانتهاكات البالغة» في كل تلك المراحل، والتي تم فيها -على حد تعبيرهم – تجاهل ما ورد في تقرير لجنة تقصي الحقائق من استنتاجات وتوصيات.
ودعا قادة المعارضة في ختام بيانهم، مكتب المفوض السامي لإجراء مقارنة بين ما خلص إليه تقرير تقصي الحقائق فيما يتعلق بهذه القضية، وبين حيثيات قرار محكمة الاستئناف العليا الأخير، والذي تجاهل انتهاكات القبض، والاعتقال التعسفي، والتعذيب النفسي والجسدي، ليخلص إلى تأكيد أحكام «محكمة السلامة الوطنية» على هذه المجموعة، على حد تعبيرهم.
ومنذ مطلع العام الجاري، أصدر قادة المعارضة بيانين، تلاهما رسالة صادرة عن الناشط الحقوقي المعتقل نبيل رجب، والتي أكد فيها الأخير على العمل السلمي والوحدة ونبذ الخلافات.
ففي 10 يناير/ كانون الثاني الماضي (2013)، أصدر المقداد والنوري، بياناً في أعقاب صدور حكم التمييز بتأييد أحكام محكمة الاستئناف العليا بالسجن لمدد تصل إلى السجن المؤبد.
إذ أكدا في البيان على هدفهما بالإصلاح الحقيقي والعدالة الاجتماعية، وأن الحراك الذي شهدته البحرين كان لأجل تحقيق الإصلاح الحقيقي وعلاج الأوضاع الفاسدة، وأن أعداداً كبيرة من أبناء شعب البحرين قدموا في سبيل ذلك الكثير من التضحيات، وتعرضوا للسجن والتعذيب ومختلف صنوف الأذى، وفقاً لما جاء في البيان، الذي أكد في الوقت نفسه، على أن الرؤية السياسية المتوازنة الموضوعية لمجمل الظروف المحلية والإقليمية والدولية، تقتضي التمسك بسقف الإصلاح الحقيقي الجاد، الذي ينبثق من الإرادة الشعبية ويخضع لرقابتها ومحاسبتها، ويحقق أهداف الشعب في الحرية والعدالة والكرامة.
واعتبر البيان أن وحدة المعارضة هي الخيار الاستراتيجي. وجاء في البيان: «إننا نعتقد بصورة قاطعة أن قوتنا وانتصارنا يكمن في وحدتنا والتحام صفوفنا، وأن الافتراق والاختلاف يقود إلى الفشل ويضعف القضية والموقف».
وتابع البيان: «للحفاظ على وحدة الصف والكلمة يلزم التذكير بأن من مسئولية الجميع السعي الجاد والحثيث -في حدود الممكن والمستطاع- للتوافق بشأن مشروع سياسي مشترك، تتوجه إليه الأنظار وتتكاتف حوله الطاقات والفعاليات.
ونعتقد أن مطلب الإصلاح الحقيقي المنبثق من الإرادة الشعبية يمثل الإطار العام الذي يمكن أن تتوحد حوله الكلمة وتتوجه إليه الأنظار، كما أن من المهم تكامل الجهود واحترامها دون بخس لدور أية جهة احتجاجية أو سياسية أو حقوقية أو إعلامية».
وجدد المقداد والنوري عبر بيانهما، تأكيدهما على النهج السلمي الحضاري باعتباره الخيار الاستراتيجي لتحقيق المطالب المشروعة العادلة.
إذ أوردا في البيان: «عُرف شعبنا بأساليبه السلمية والحضارية لتحقيق مطالبه المشروعة. وذلك، إيماناً من الشعب بضرورة تحقيق توازن حرج ودقيق بين مجموعة من الأمور، أبرزها ضرورة استمرار الالتزام بالاحتجاجات السلمية الحضارية ذات المظاهر المتنوعة، وقد استطاع شعبنا تحقيق إنجازات كبيرة في هذا السبيل. وضرورة تعريف المجتمع الدولي الحقوقي والسياسي بأهدافنا ومطالبنا العادلة، مع ضرورة الحفاظ على الصورة المتسامية النبيلة المشرفة لحضارية وقيم وسمو شعبنا وهو ما تتكفل السلمية بتحقيقه بكل جدارة».
كما أكدا في البيان على «ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي والنسيج والاستقرار الاجتماعي، من دون السماح بانحراف الأمور نحو دوامة العنف، مما يفسد مقومات السلم الأهلي، ويذهب بجوهر الوحدة والنسيج الاجتماعي والوطني. وإلى تقليل الخسائر المادية -بقدر المستطاع- الواقعة على الجماهير، مع إيجاد التفاعل والمشاركة الجماهيرية الكبيرة والواسعة».
وشدد البيان على ضرورة عدم تحويل الصراع من صراع سياسي حقوقي إلى صراع أمني صدامي، يعطي الذرائع الأمنية للسلطة للتهرب من الاستحقاقات السياسية والحقوقية وتشويه الحركة المطلبية.
وجاء في البيان: «إن السلمية المنضبطة شرعياً وأخلاقياً تمثل عنصر ضعف وفق بعض الحسابات الضيقة، إلا أن السلمية المحكومة بالشريعة والأخلاق هي أكبر مفاخر شعب البحرين».
كما أكد المقداد والنوري على أن «الحوار الجاد هو الخيار الطبيعي الكفيل بعلاج أزمات الوطن»، وفي هذا الشأن أورد البيان «نعتقد أن الحوار الحقيقي الجاد إذا تحققت ظروفه الموضوعية المناسبة، يمثل السبيل الطبيعي الأمثل لعلاج الأزمة وتحقيق الحل السياسي الكريم المشرف. ويكثر الكلام هذه الأيام عن الحوار، ونحن وإن كنا ولا نجد فعلاً علامات حقيقية على الجدية فيه (…)، ولكن ذلك لا يعني أن الأمور بالضرورة تستمر على هذه الحال للأبد».
وفي إشارتهما إلى الوحدة الوطنية، جاء في البيان: «لم ينادِ أحدٌ من أطراف المعارضة بمكتسبات تخص فئة أو طائفة خاصة فضلاً عن تهميش مكون من مكونات الوطن. بل لا معنى لعدالة اجتماعية تخص فئة وتحرم منها أخرى، ولا لإصلاح تنعم به طائفة وتبؤس به أخرى».
وتابع البيان: «لقد عاش أبناء الطائفتين الكريمتين على هذه الأرض في وئام وسلام، وكانت المصالح السياسية الضيقة وخداعها هي العدو الذي يتهدد ذلك الوئام. وقد بدا واضحاً ما فعلت شهوات السياسة في الأحداث التي مرت بالوطن والشرخ الذي أحدثته في النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية».
وواصل البيان: «إن الوطن يسَعُ الجميع ولا يحق لأحد كائناً من كان أن يستفرد بقراراته ويستبد بمقدراته. والكلمة الفصل هي أن يشترك أبناء الوطن من كلا الطائفتين بصورة ديمقراطية في إدارة شئونه بما يحقق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. وأن يكون العدل والموضوعية وتحكيم المصالح الوطنية العليا هو دليلهم الذي يهتدون به، وعندها تعمر البلاد وينعم العباد وتنزل الرحمة وتتآلف القلوب بعد الخصام ويتحد السبيل بعد الافتراق وتتقارب العقول والأفكار بعد التشتت».
وبعد يومين من صدور بيان المقداد والنوري، أصدر 12 من قادة المعارضة في السجن، رسالة مفتوحة، جاء فيها: «بعد 22 شهراً من الاعتقال التعسفي، أصدرت محكمة التمييز حكمها النهائي بتأييد أحكام محكمة السلامة الوطنية (…)، وقد خلت أوراق الدعوى من أي دليل مادي يربطنا وأخوتنا المحاكمين غيابياً بأي أعمال عنف مزعومة، كما لم تُقدم أية أدلة على تهمة التخابر مع جهة أجنبية، وهي التهمة التي نفتها لجنة تقصي الحقائق».
وتابع البيان: «لقد استندت الدعوى في الأساس على ادعاءات جهاز الأمن الوطني بوجود تنظيم سري يجمع المتهمين المعروفين بانتماءاتهم التنظيمية والسياسية والأيديولوجية المختلفة، وبأن هذا التنظيم قام بمؤامرة مدعومة لقلب نظام الحكم وإشاعة الفوضى والدعوة للعنف. ولم يقدم مسئولو الأمن الوطني أي دليل مادي، فيما زعموا أنهم استقوا معلوماتهم من (مصادر سرية) لم يفصحوا عنها».
وذكر قادة المعارضة في بيانهم أيضاً: «إن الحرية لا تقبل التقسيم أو التجزئة، وكذلك شعبنا وقواه الوطنية المعارضة. إن معركة الحرية التي تخوضها القوى الإصلاحية الحقيقية هي معركة مبادئ لا مصالح. ونحن من جانبنا نُحيي جميع القوى الشعبية والجمعيات المعارضة في جهودها من أجل توحيد الطاقات للمعركة الواحدة المصيرية من أجل يوم نكون فيه جميعاً متساوين في المواطنة، أخوة متحابين».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3808 – السبت 09 فبراير 2013م الموافق 28 ربيع الاول 1434هـ