محاضرة الدكتور/ يوسف مكي
إلى أين تسير الأوضاع في العراق؟
إعداد: مكي حسن
استباح الغزاة الامريكان والبريطانيون في مارس 2003 العاصمة العباسية (بغداد) حين حاصروها وهاجموها، وياعجبا ما أكثر من مروا على ارض هذه العاصمة الشامخة، فكل من مروا قد رحلوا، جارين معهم مرارة الهزيمة، وغرد طائر الفينيق من جديد في سماء أرض السواد.
ترددت هذه الكلمات التي قالها الدكتور يوسف مكي "نائب الامين العام للمؤتمر القومي العربي" مساء 21 يناير الجاري في أرجاء الصالة الصغيرة بمقر التجمع القومي، قاصدا بذلك ان الامريكيين والبريطانيين قد رحلوا عن بلاد ما بين النهرين.
كادت هذه المقدمة ان تنفجر بالصالة الصغيرة ومن فيها من الحضور من قوة الكلمات وبلاغة هذه العبارة بمعانيها ومضامينها الدقيقة مجسدة بذلك الحقيقة الدامغة في أن بغداد وإن لم تعد حتى هذه اللحظة بكامل ثوبها الطاهر حرة ومستقلة، فهي في طريقها الى ذلك، وسوف تعود، وما انتفاضة الأنبارالتي يطمح ان تنشر الى جميع المحافظات العراقية إلا احدى الخطوات الجماهيرية والأساسية باتجاه الحقيقة التي طال انتظارها.
واصل الدكتور يوسف حديثه عن الأوضاع في العراق، والى أين تسيرمشيرا في هذا الشأن أنه لا زال يستحضر في ذاكرته الأيام القليلة التي سبقت الهجوم على العراق في مارس من عام (2003) حيث كان مع الإخوة والرفاق في ( نادي العروبة)، حينها كان إعتقادنا ان قدرة الجيش العراقي على القتال وصد هجمات المعتدين ستكون رادعة لهم وتلحق بهم الهزيمة، واستدرك إلا أنه حين حصلت الحرب، سقط النظام الوطني (نظام حزب البعث) في العراق مشيرا الى وجود اسباب أدت الى ذلك، علينا تشخيصها ودراستها وتمحيصها للإستفادة منها من خلال المكاشفة وتقبل النقد والعبر.
وقال موضحا المزيد من الملاحظات والتقييم لما جرى بعد سقوط النظام الوطني في العراق ، مسلطا الضوء على الأمور التالية:
أولا: بدأت المقاومة العراقية منذ اليوم الاول لاحتلال بغداد في الانطلاق والتنظيم بدعم من الحزب.
ثانيا: عول (الحزب) على الشعب العراقي في قيادة المقاومة، وذلك على إعتبار أن القضية الآن (بعد الإحتلال) هي قضية الشعب العراقي بأكمله، ولندعه يأخذ دوره.
ثالثا: بهذا القرار، أتاح الحزب الفرصة (لكل من هب ودب) بالدخول في صفوف العمل الوطني (المقاومة العراقية) فدخل المصلحيون والمحاصصون والصحويون … في تشكيلات الجيوش التي تكونت حينها.
رابعا: بادرالقادة العسكريون الكبار في الجيش العراقي بتدريب (رجالات المقاومة) وتقديم السلاح لهم.
خامسا: كان قرار (إجتثاث البعث) في عهد برايمر وبعده هدفه تدمير بنية الدولة العراقية وكينونة النظام فيها، والتدرج في تفتيت العراق الى كيانات طائفية ثلاثة (السني والشيعي والكردي) .
سادسا: تمكنت ايران وأتباعها في الدخول في العملية السياسية (الجعفري والمالكي) والتعاون مع المحتل الامريكي في الوصول الى السلطة وتقسيم العراق.
سابعا: من المهم جدا في العمل السياسي العمل بمبدأ "حرق المراحل" مثلما حصل في الصين ووقوف قيادة (الحزب الشيوعي الصيني) بعد تردد الى جانب الفلاحين مما أدى الى نجاح الثورة، وغدت الصين اليوم دولة كبرى لها ثقلها ومكانتها بين الدول على خلاف ( ستالين) الذي سحق (حركة الكولاك) الفلاحية.
ثامنا : يشوب عقل المواطن العربي تخوف من نتائج "ثورات الربيع العربي" نتيجة ما حصل في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن حيث تسلط (السلفيون) في تونس ومصر من جهة وشكلت ميليشيلت عسكرية من جهة أخرى كما هو الحال في ليبيا واليمن حيث (مشروع تقسيم اليمن بين شمال وجنوب) يعمل عليه الآن.
تاسعا: مالم يعمل (حزب البعث) على قيادة الانتفاضات والتظاهرات في الانبار والمحافظات الأخرى، وتوسيعها الى محافظات لتعم كل أجزاء العراق، ولو عن طريق إخراج (ما بين 40 الى 50 شخصا) في كل محافظة، فأن التخوف في نتائجها يظل وارداً بدعوى ان ما يحصل في العراق ليس إٍستثنائيا عما جرى في الدول العربية التي شهدت تحركات عفوية.
عاشرا: ثم تحولت الى ثورات شعبية ساحقة، أسقطت أنظمة، وجاءت بانتخابات جديدة وأنظمة جديدة، إلأ إنه ومع الأسف، ساد المد الديني على بعضها وسادت الميليشسات على بعضها الآخر.
احدى عشر: والسبب هو غياب دور الأحزاب الوطنية في قيادة هذه الثورات والإنتفاضات، اي أنها تخلفت عن القيادة، فجاءت أحزاب لا تختلف عن سوابقها من احزاب الانظمة السابقة، وخطفت نتائج هذه الثورات، وجيرتها باتجاهها كما يجري حاليا على أرض مصر على سبيل المثال.
ثاني عشر: ما يخص الانتفاضة الحالية في الأنبار، يجب أن تتسع وتشمل كل المحافظات، وتكون مشروع لكل العراقيين، ويقودها القوميون (حزب البعث) ولايسمح لأي من التيارات السلفية أو الطائفية باختطافها، بهكذا حال تظل وهاجة وتشع على باقي المحافظات، وبالتالي تعود الى العراق حريته وحدته واستقلاليته وحقوق شعبه.