المعارضة: هل الحكومة قادرة على إقناع المجتمع الدولي بأن الحوار جادٌّ لو كان مثل حوار التوافق ?
خليل: لابد أن يتوقف الحل الأمني حتى يتحرك الحل السياسي
طالبت قوى المعارضة الممثلة في الجمعيات السياسية الخمس (الوفاق، وعد، القومي، الوحدوي، الإخاء) ببدء حوار سياسي جاد بينها وبين السلطة في البلاد، مشددة على أنها «لن تدخل أي حوار بشكلٍ فردي، بل في تكتلٍ وطني».
وذكرت في ندوة عقدت تحت عنوان (أي حوار نريد؟) في مقر جمعية وعد في أم الحصم، أمس الأول الأربعاء (23 يناير/ كانون الثاني 2013) أن «النزوع إلى الحل السياسي يتطلب التخلي عن الحل الأمني وإيقافه».
ومن جهته، قال القيادي في جمعية الوفاق عبدالجليل خليل «للإجابة على سؤال الندوة هناك عدة رسائل نوجهها، أولها أن المطالب السياسية متجذرة، والحوار آلية لتحقيقها، حركة النضال في البحرين ليست وليدة 14 فبراير، هناك حراك عريق شارك فيه الأجداد، منذ العام 1919، و1934، و1938، و1954 و1956، والتسعينات، حتى الآن».
وأضاف «الحركة الوطنية متجذرة في المجتمع البحريني، وهذا الحراك لا يمكن أن يختزل في أحزاب أو أشخاص، هناك خوف وقلق من موضوع الحوار، وكأن هذا الحوار قد يصادر كل نضالات الشعب البحريني، أو أن المعارضة ليست واعية أو في المستوى المطلوب من النضج للمحافظة على هذه النضالات».
وأردف «هناك فرق بين الحوار والمحافظة على النضال، الحوار قد يفشل، وعندما ترى ردات الفعل الشعبية عبر التاريخ تجدها تزداد شعبية وقوة، ولا أحد يمكن أن يتوقع ماذا يمكن أن يحدث في البحرين خلال عام أو عامين من الآن».
وأكمل «البعض يتساءل عن توقيت طرح هذا الحوار الآن، وعلاقته بتاريخ 14 فبراير / شباط 2013، وأن الموضوع ربما يطرح على غرار طرح الحوار عندما كانت البحرين على موعد مع جلسات سبتمبر/ أيلول 2012 في المراجعة الأممية لملف البحرين الحقوقي، فهل هذا الحوار موسمي أم جاد؟، هل هو حلقة من حلقات الاتصال لا أكثر؟ هذه كلها أسئلة مشروعة».
وتابع خليل «اليوم نحن حاضرون في وعد، والأمين العام لهذه الجمعية إبراهيم شريف في المعتقل، فهل هذه الجمعية ستكون لها مطالب تختلف عن المطالب الشعبية التاريخية لأن أمينها العام معتقل؟ الحوار لن يستطيع أن يوقف هذا النضال إذا لم يحقق المطالب الوطنية».
وتساءل «هل يمكن أن يستمر الحل الأمني في ظل الحديث عن حل سياسي، هل يمكن أن تستمر السجون وقمع المعارضين وفي الوقت نفسه نتحدث عن الحوار، لابد أن يتوقف الحل الأمني حتى يتحرك الحل السياسي، ومن يدخل على المشهد البحريني يشعر بحالة التوتر السائدة في البلد».
وواصل «نتائج الحوار أهم من الحوار ذاته، والنتائج المطلوبة عميقة، وحتى لو توافق المشاركون في الحوار، وتم توقيع وثيقة تلو الوثيقة، ما حدث منذ 14 فبراير 2011 سبب جروحاً عميقة، ولابد أن يكن الحل بعمق هذه الجروح».
وشدد خليل «علينا أن نستفيد من التجربة الايرلندية في المصالحة الوطنية، وتساءلت عن سبب دخول البروستانت في حوار مع الكاثوليك وهم من كانوا يملكون بكل السلطة، وقد سألت أحد المسئولين هناك عن ذلك، فقال لي بعبارة دقيقة، (المشكلة ليس أن تمتلك كل السلطة، أنا أريد أن أرى ابنتي وابني والأجيال المقبلة في سواسية وأمن، إذا لم نصل إلى مصالحة حقيقية لا ضمان لمستقبل الأجيال)».
وتابع «وفي المقابل عندما جلسنا مع حزب «الشين فين» سألناهم لماذا وافقتم على الجلوس مع البروتستانت على طاولة الحوار، فقالوا لنا إنه منذ أن بدأ نضالنا المسلح في العام 1969، لم نرَ حواراً جاداً، بل كانت هناك مناورات، كانت نسبة الكاثوليك في جهاز الأمن الايرلندي 3 في المئة فقط، والباقي كلهم كانوا من البروتستانت، وعندما وجدنا أن هناك حلولاً جادة يمكن أن تخرجنا من هذه الأزمة دخلنا في الحوار».
وأشار خليل إلى أن «في ايرلندا الشمالية تمييز فاقع، وتهميش واضح في المناصب في البلد، عندما طرح موضوع الشراكة في إدارة البلد وفق القواعد الانتخابية جئنا إلى الحوار».
وأضاف «الوضع في البحرين ليس كالوضع في ايرلندا، ولكن من يذهب من المسئولين إلى ايرلندا يجب أن يستفيد من تجربتهم، لا أن يأتينا بشعارات فقط».
وقطع خليل «لنجيب على سؤال أي حوار نريد، نقول إن المعارضة تريد حواراً جاداً، وظلت متمسكة بهذا الحوار منذ بدء الحركة والنضال في 14 فبراير».
وتابع «نريد بصراحة تامة حواراً يخرج البلد من أزمتها، فكيف نعمل معاً من أجل أن يكون الحوار المقبل حواراً ناجحاً، دعونا نتلافى الأخطاء التي وقعت في حوار التوافق الوطني، وإذا أردنا لهذا الحوار أن يختلف عما قبله، أن يحتوي على مجموعة من العناصر، دعونا نتفق على دور مؤسسة الحكم في هذا الحوار، ففي الحوار الأول لم يكن هناك دور لها، ودورها هنا مهم لأنها تملك كل السلطات، فهل أتحدث مع من لا يملك السلطة، ويجب أن يكون لهذه المؤسسة دور وتمثيل».
ولفت خليل إلى أنه «يجب أن تكون هناك آلية لحسم ما يتم التفاوض عليه، أكبر خطأ في حوار التوافق الوطني السابق، أن يتحاور المتحاورون ويجلسون ليلاً ونهاراً، ثم كل ما يخرج توصيات تخرج للعاهل يختار منها ما يشاء، من يذهب إلى ايرلندا يعرف كيف تم الحوار هناك، لا يمكن أن تمنحني عنواناً ثم نجد أن المحتوى مختلف».
وأفاد «النقطة الأخرى هي أن يكون الحوار المقبل مركِّزاً على القضايا الأساسية، وقد سمعنا أن العدد قُلِّص، لأنه سيكون حواراً في الملف السياسي، والمهم الآن أن نعرف من أين نبدأ وعن ماذا نتحدث، نحن منذ سنتين نعيش في أزمة، نحن قدمنا «وثيقة المنامة»، وهناك أيضاً مبادئ ولي العهد التي تطرقت إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية والقضاء والأمن للجميع والتمييز والتجنيس».
وأردف «لا أرى في هذه المطالب أي فئوية، تعالوا نتفق على هذه الأمور، ما نريد أن نخرج به من هذا التفاوض ليس توصيات بل صيغ دستورية، وإذا لم تكن هناك إرادة جادة، فكل ما يوضع من صيغ يتم التلاعب فيه،
وأكد خليل أن «المعارضة ليست ساذجة، وإذا استطعنا أن نحقق جدية هذا الحوار المقبل ممكن أن نرى اختلافاً في التعاطي معه، ولكن إذا وضعت آليات مثل آليات الحوار السابق ستكون مزيداً من تضييع الفرص وستخلق المزيد من الإحباط».
وختم خليل بقوله «قيمة هذا الحوار والتفاوض بتحقيق ما سبق، أو أن يفقد قيمته، وبالتالي يخلق حالة من الإحباط وحالة من الغضب، خاصة لدى الشباب، بالإضافة إلى ذلك نسأل هل الحكومة قادرة على إقناع المجتمع الدولي بأن الحوار جاد لو كان مثل حوار التوافق الوطني؟ يمكنكم أن تسمعوا ماذا يقول الدبلوماسيون الغربيون».
من جانبه، ذكر القائم بأعمال الأمين العام لجمعية وعد رضي الموسوي أن «من حق الناس أن تطرح أسئلتها في أي حوار، لأن هناك أزمة ثقة بين السلطة والشعب، فالسلطة لم تفِ بأغلبية تعهداته التي قطعتها على نفسها في محطات مختلفة».
وتابع «ونحن على باب حوار، تأتينا رسالة تقول لنا اشطبوا أمينكم العام من سجلات أعضاء الجمعية، كما أن من يريد أن يدخل حواراً جاداً عليه أن يوقف هذا التحريض الذي زادت جرعاته في اليومين السابقين».
وواصل الموسوي «لا يمكن أن نتخلى عن المطالب المشروعة للمواطنين، الحل الأمني فشل، وإذا كانت وزيرة شئون الإعلام تقول إن كل المكونات السياسية ستحضر الحوار، إذاً فلتحضر جمعيات حق والوفاء وأمل للحوار أيضاً».
أما نائب الأمين العام لجمعية التجمع القومي محمود القصاب فأشار إلى أن «الحكومة رفضت طوال الوقت دعوات الحوار من المعارضة وقامت بالتنصل والتلاعب طوال الفترة الماضية».
وأضاف القصاب «يجب أن يحقق الحوار المطالب المشروعة لشعب البحرين وبه يمكن وضع خطة للمصالحة المجتمعية، ولكي يكون الحوار مجدياً يجب على كل الأطراف مناقشة ومقاربة كل الملفات العالقة بدون خطوط حمراء».
وتساءل «لماذا كل ما يذكر موضوع الحوار تزيد الجرعة الأمنية؟»، مردفاً «يجب أن يركز الحوار على الموضوع الأهم وهو النظام الديمقراطي».
وختم القصاب بتأكيده أن «مكونات المعارضة إذا دخلت حواراً، لن تدخل كل جمعية منفردة».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3793 – الجمعة 25 يناير 2013م الموافق 13 ربيع الاول 1434هـ