منصور الجمري
يوم أمس تم تأييد الأحكام الصادرة ضد «مجموعة الـ 21» وضد آخرين في قضايا أخرى، وهذا أدى إلى عودة تصدر البحرين لنشرات الأخبار العالمية بشكل سلبي. كما أن أحداثاً عديدة شهدتها البحرين أمس، من بينها مناوشات أمام مرأى سائقي السيارات على الشارع العام، وهي جميعها أجواء تعيد البحرين إلى دوران الأحداث المنهكة.
أما على الجانب السياسي، فقد سارعت وزارات الخارجية الأميركية والبريطانية والفرنسية إلى إصدار تصريحات انتشرت أيضاً في وسائل الإعلام الدولية. وهذه البلدان الصديقة للبحرين على المستوى الرسمي لها ثقلها بل أن ربما أشد تصريح صدر من بريطانيا التي كانت البحرين قد شكرتها رسمياً بشكل موسع وواضح في مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أليستر بيرت قال إنه شعر «باستياء بالغ»، بينما عبّرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند عن «القلق» إزاء هذه الحالات، وأعربت فرنسا عن «الأسف»، ودعت إلى «اتخاذ تدابير تشجع على التهدئة في إطار روحية توصيات تقرير بسيوني».
ولعلّ ما يُخشى حدوثه ليس فقط تعقد المسارات نحو الحل السياسي، وإنما أيضاً حدوث نوع من «الإعياء» بسبب تعرض الحياة العامة – ولفترات طويلة – للإجهاد المتكرر؛ ما يؤدي إلى التعب والإحباط المكلف للغاية على جميع المستويات، السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
إن استمرار مظاهر التوتر في مناطق البحرين المختلفة لا يمكن علاجه بصورة ناجعة من خلال الوسائل الأمنية، لأنه نتيجة لقضايا سياسية تنتظر المعالجة السياسية. وهنا يكمن الاختلاف في الطرحين الأمني والسياسي. فالطرح الأمني يرى الحل في المزيد من الإجراءات، ويتعامل مع الوضع من خلال نظرة تقول إن كل ما يحدث نتيجة للخروج على القانون أو للارتباط بأجندات خارجية. وهذا الطرح يبدو مغرياً لمن يرى إمكانية حسم الأمور بالقوة.
الطرح الآخر يرى أن البعد السياسي لمجمل الأوضاع هو العامل الحاسم، وأن هذا يحتاج إلى حل سياسي يؤمن بأن المشكلة الداخلية مهما كبرت تبقى قابلة للحل من دون تضييعها في متاهات ليس لها مخرج واضح. ولقد كان تقرير بسيوني فرصة لاعتماد رؤية مختلفة للتعامل مع مجريات الأمور، وهي فرصة مازالت ماثلة أمامنا تنتظر تفعيلها بشكل يمنع «الإعياء» ويؤدي إلى «حل سياسي».