منصور الجمري
العام 2013 يبدأ والغيوم السياسية تخيم على المشهد البحريني وتحجب رؤية مخارج للأزمة السياسية المستمرة منذ مطلع العام 2011. ولكن، ومع تلبد الغيوم، فإن ذلك يجب ألا يمنعنا من مراجعة الخيارات أمامنا، ومناقشة بعضها على الأقل، سعياً إلى تنمية بيئة عقلانية تتفاعل مع الشأن الوطني بصورة إيجابية بعيدة عن التشنجات.
عامان مضَيَا على اندلاع الأحداث في البحرين، وهذه الأحداث جاءت مع اشتعال شرارة الربيع العربي في تونس ومصر، وانخرط الشباب في حراك اقتبس مباشرة ما كان يحدث في ميدان التحرير. والواقع أن البحرين ليست مصر وليست تونس، وهو أمر نعرفه جميعاً. الاختلافات كثيرة من ناحية المساحة، وعدد السكان، والموقع الجغرافي، والنظام السياسي وارتباطه بالجوار بصورة مصيرية عبر تحالفات رسمية وعائلية، واعتماد الجدوى الاقتصادية البحرينية على طبيعة العلاقة مع الجوار بصورة مباشرة وكلية، وغيرها من الفوارق الجوهرية في تكوين النخبة السياسية الحاكمة وفي طبيعة العلاقة بين هذه النخبة ومكونات المجتمع المختلفة.
وعليه، فليس من الصحيح اقتباس شعارات من مصر وتونس وطرحها وكأنها هي الامتداد الطبيعي والحتمي للربيع العربي في البحرين، لاسيما فيما يتعلق بمطالب تحمل في طياتها مثلاً مبدأ إسقاط النظام بدلاً من إصلاحه. كما إن الاعتبارات الأخرى المتعلقة بارتباط البحرين مصيريّاً من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع جوارها العربي الخليجي يجب أن تكون محوراً أساسياً في اعتماد أي خيار سياسي، ولاسيما أن البحرين ليست بالحجم الذي تستطيع أن تفرض رأيها على جوارها فيما لو توافرت إرادة ما نحو إصلاح أو تغيير ديمقراطي واسع.
والمراجعة يجب أن تشمل الموقف الرسمي الحالي الذي تشكل بعد الأحداث، والذي يفسر من قبل المراقبين الموضوعيين قبل المعارضين والناقدين، بأنه يعتبر طائفة من المجتمع وكأنها عدو دائم للدولة وأنه يجب إضعافها أو التخلص من تواجدها في أي موقع من مواقع النفوذ في الدولة والاقتصاد والمجتمع. لا يمكن لأي قوة في عصرنا الحالي مهما علت أن تعتمد على سياسة من هذا النوع إلا إذا كانت قد قررت تحويل بلادها إلى منطقة صراع دائم ومدمر للإمكانات الحالية والفرص المستقبلية.
نعم، نحتاج إلى مراجعة عقلانية متأنية وشجاعة في الوقت ذاته، تأخذ في الاعتبار كل ما ذكر أعلاه، كما تأخذ في الاعتبار أن مجتمع البحرين المتنوع سيبقى متنوعاً مهما حدث أو سيحدث، وأن الأفضل الاستقواء بهذا التنوع بدلاً من إهلاك الذات محاولين إلغاءه.