هاني الفردان
ما هكذا الظن بكم يا مجلس النواب! فقط 90 في المئة من توصيات جنيف نفذتها السلطة؟ لماذا كل هذا الإجحاف في حق إنجازات الوطن، وطاقاته وقدراته؟ فرق عمل، لجان، زيارات، وفود، برامج، سفرات، مؤسسات وشركات علاقات عامة، لقاءات صحافية، برامج تلفزيونية، وخبرات أجنبية في مختلف المجالات، لإنجاز كل التوصيات، والآن تقولون فقط 90 في المئة ولم يبق إلا 10 في المئة.
لقد ظلمتم السلطة التنفيذية فيما قامت به طوال الأشهر الماضية يا نواب الشعب!
ما قالته لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب مؤخراً، هو جزء من الحرب الإعلامية «الشعواء» ضد البحرين، اعتمادا على تقارير مغلوطة ومفبركة من منظمات دولية مشبوهة. والحمد لله الحق بيّن، ولا يحتاج لاجتماعاتكم وبياناتكم، فلقد تم تنفيذ كامل للتوصيات الواردة في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وهي أهم من توصيات جنيف، رغم أن وزير الخارجية الشيخ خالد بن احمد آل خليفة أكد أن «البحرين أخذت خطوات متقدمة في تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق»، وذلك خلال مشاركته في اجتماع منتدى المستقبل الثامن الذي عقد يوم الخميس (13 ديسمبر/ كانون الأول 2012) في الجمهورية التونسية. وأكد وزير حقوق الإنسان صلاح علي في (22 ديسمبر) خلال استقباله وفداً من البرلمان الأوروبي أن السلطة «جادة في الشروع ببرنامج وطني شامل وخطة تنفيذية لتكون توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق على أرض التنفيذ».
ورغم أن كلام الوزيرين يؤكد عدم التنفيذ الكامل لتوصيات «تقصي الحقائق»، فإنه بإمكان مجلس النواب احتساب التنفيذ 100 في المئة، إذ ان الشعب كريم والحكومة تستأهل رفع النسبة. أما بخصوص الإصلاحات الوطنية وبرنامج المصالحة، فهو منجَزٌ منذ حوار «التوافق الوطني 2011» ولعن الله الشاك في ذلك، وتشهد على ذلك التعديلات الدستورية وتراجع صلاحيات مجلس النواب، ووقف سياسة التخوين!
أما رفع جميع القيود المفروضة على تنقلات الصحافيين الأجانب والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، فهي توصية لم يصبح لها وجود، وأصبحت البحرين بلداً مفتوحاً يمكن لكل من يريد دخوله بلا شروط، سوى تلك الأمور البسيطة جداً التي تتطلبها السلطة: تأشيرة، سمعة جيدة، صحافي ليس معادياً، ولا ينشر أخباراً كاذبة أو مغلوطة، ومنظمات غير مشبوهة ولا تسيء لسمعة السلطة! وللتأكد من ذلك يمكنكم سعادة النواب سؤال الصحافي الأميركي بـ «نيويورك تايمز» نيكولاس كريستوف، وعضو البرلمان الأوروبي الهولندية ماريتي شاك التي لم تستطع المشاركة في وفد البرلمان الأوروبي للبحرين بسبب التأشيرة.
أهم توصية نفذتها السلطة من توصيات جنيف، هي «الإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن جميع الأشخاص المحكوم عليهم بسبب ممارستهم لحقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع، وخصوصاً خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي بدأت في فبراير/ شباط 2011»، فكل المعتقلين الآن هم في منازلهم بصحة جيدة بفضل التنفيذ الكامل لهذه التوصية، إذ أصبحت سجون البحرين حالياً خاليةً من معتقلي الرأي والتعبير، حتى لو كشف عضو الوفد البرلماني الأوروبي الذي زار البحرين مؤخراً ريتشارد هويت عمّا أسماه باعتراف وزير العدل بوجود معتقلي رأي في البحرين، فهو أمرٌ يتطلب منا أن نغض البصر قليلاً عنه.
لقد جاءت محاكمة قتل الشهيد عبدالكريم فخراوي بعد تعذيبه في السجن حتى الموت، لتنهي ملف محاكمة المسئولين عن حالات الوفاة في الحجز، وعن التعذيب وسوء المعاملة وعمليات القتل غير القانونية والاعتقالات التعسفية، فالحكم بسبع سنوات فقط على شرطيين متهمين بالقتل العمد، دليل واضح على التزام السلطة بتنفيذ توصيات جنيف، حتى لو برئ الآخرون من القضايا الأخرى، وعدم فتح الملفات الباقية، المهم قضية واحدة وشرطيان يعني تنفيذ التوصية المطلوبة، وشطبها من القائمة، ألا يكفي ذلك سعادة النواب.
المساجد… مجلس نوابنا الأعزاء، ألم تصلّوا في المساجد المهدمة؟ لتتأكدوا بأن توصية «الالتزام بإعادة بناء المساجد التي تم هدمها» قد نفذت بالكامل، ولا يوجد مسجد مهدوم حالياً؟ فلماذا الإجحاف بحق السلطة والحديث عن 90 في المئة فقط؟ لقد بنيت كل المساجد وهي تكتظ كل يوم بآلاف المصلين.
لقد أصبح الإعلام الرسمي ودوداً للغاية مع المعارضة، وأصبحنا الآن نمل من رؤية وجوههم على شاشة تلفاز العائلة العربية وأصواتهم عبر الإذاعات الرسمية، وما كان ذلك ليتحقق لولا تنفيذ السلطة لتوصية «تخفيف الرقابة ومنح الجماعات المعارضة المساحة المناسبة لها عبر وسائل الإعلام، والوصول إلى وسائل البث التلفزيوني والبث الإذاعي والإعلام المطبوع»!
أهم التوصيات التي طرحت في جنيف والتي خلقت أزمة سياسية وإنسانية في البحرين نفذت وهي الحصول على شرف الجنسية بالنسبة لأطفال البحرينيات، والتي أوصت بها النرويج واليابان والأرجنتين والأوروغواي والهند وبلاروسيا، وكذلك التشريعات الوطنية المعنية بالتعليم والإعاقة، وقانون الأسرة، الذي جاءت بشأنه توصيات مصر وتشيلي والبرازيل، ولولا تنفيذها لما خرجنا من عنق أزمتنا السياسية الحالية، فشكراً لكم على كل جهودكم فقد توقفت الاحتجاجات ورضي الناس.
ومن أجل أن نرى صدق النواب وعدم إجحافهم بإنجازات السلطة بخصوص تنفيذ توصيات جنيف، فإننا ندعوهم لنشر جدول واضح لتوصيات مجلس حقوق الإنسان، وما نفذ منها وبالخصوص 90 في المئة، والعشرة في المئة المتبقية، لنخرس ألسن المتربصين بالسلطة والذين يدعون بأن التوصيات لم تنفذ، لنقول لهم «لعن الله الشاك»!