عبدالنبي العكري
في السياسة كما في مختلف مناحي الحياة، معقول أو ممكن، وغير معقول أو غير ممكن، والعاقل هو من يدرك ما هو ممكن فيعمل لتحقيقه، أو غير ممكن فلا يسعى وراء السراب. وفي بحرين اليوم هناك معقول ومنطقي لكنه أصبح عملة نادرة، وغير الممكن أو غير الواقعي لكنه هو السائد في وضع تسوده الهستيريا والشحناء.
وزير يغرد مخاطباً غالبية شعب البحرين وهم الذين يملأون الساحات والشوارع بالاحتجاج بقوله: «إذا لم تعجبهم البحرين فليذهبوا إلى كوكب آخر»، كيف بالله يذهب شعب أو لنقل أغلبيته إلى كوكب آخر؟ ألم يكن الأسهل أن يغادر موقعه مادام غير متوافق مع أغلبية شعبه؟!
وزير آخر يظهر على شاشة التلفزيون ويؤكد أن الأطباء متورطون في تخزين السلاح واستخدامه للتهديد وانتزاع المعلومات في مجمع السلمانية الطبي، وهم الذين لا يملكون غير مباضع الجراحة، ويتهمون بأنهم ضالعون في مؤامرة لقلب نظام الحكم، لأنهم خرجوا في مظاهرة في باحة مجمع السلمانية الطبي، هل هذا معقول؟
وزير آخر صرّح أمام وسائط الاعلام بأن المواطنين الذين أسقطت جنسياتهم متآمرون ويشكلون تهديداً للأمن الوطني، وأن إسقاط جنسياتهم تم بموجب القانون والدستور. هذا الوزير يعرف جيداً أن إسقاط الجنسية عن مواطن لا يتم إلا في حالة الخيانة العظمى أو ازدواج الجنسية، وبأمر من جلالة الملك فقط، فهل كلامه من ضمن المعقول؟
مسئول آخر يؤكد أن الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي اليسارية العلمانية إبراهيم شريف، تسلم الخمس لتمويل خطة قلب نظام الحكم وإقامة جمهورية على أنقاضه. هل هذا معقول أم يدخل في نطاق «الفانتازيا»؟
في تبرير الهجوم المفاجئ على المعتصمين السلميين في أطراف المرفأ المالي وما تلاها من أحداث واستخدام القوة النارية لإجلائهم وملاحقتهم، أشيع أنه كان لدى المعتصمين كابل مكهرب يحيط بهم ويستهدف كهربة رجال الأمن إذا ما حاولوا اقتحام المكان، وأن السلطات الأمنية أحبطت الخطة الجهنمية. فهل يعقل هذا الكلام؟ فإذا كان هناك كابل مكهرب فهو سيكهرب المعتصمين أولاً.
من هذه الحكايات تلك المتعلقة بالجهاز الغامض الذي زود به أحد الدبلوماسيين الأطباء في مجمع السلمانية، حيث يمكنهم من الاتصال بأي كان، وثمنه يتجاوز أربعين ألف دينار، هل هذه خرافة أم ماذا؟ حيث لم يظهر أثر لهذا الجهاز الخرافي لأنه بالأصل لا يوجد مثل هذا الجهاز إلا إذا كان «آي فون» مرصعاً بالألماس، وهو موجود لدى كيم كردشيان!
نستطيع أن نستطرد ونستطرد في فصول المؤامرة الخرافية ونختصرها في حكاية ذات معنى. في إحدى جلسات المحاكمة لما يعرف بمجموعة المنامة، وجّه القاضي لأحد المتهمين تهمة المشاركة في مؤامرة لقلب نظام الحكم بالقوة، فردّ بعفوية «أنا كارتون في دكان أبويي ما أقدر أقلبه».
مسكين هذا الشعب، ومساكين هؤلاء المفبركون، لأنهم جعلوا من أنفسهم أضحوكةً لدى العالم، وكان الأفضل لهم استخدام خيالهم الواسع في عمل أفلام وليس صنع المصائب لإخوتهم في الوطن.