هاني الفردان
مضى على إصدار الجمعيات المعارضة الست في البحرين (الوفاق، وعد، المنبر التقدمي، التجمع الوحدوي، التجمع القومي، والإخاء) الأربعاء (7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) وثيقة إعلان مبادئ اللاعنف أكثر من ثلاثين يوماً.
رحّبت بالوثيقة أهم دول العالم، منها الولايات المتحدة الأميركية، المملكة المتحدة، فرنسا، وغيرها، بعد يومين فقط من إصدار وثيقة المعارضة، وبالتحديد في التاسع من نوفمبر 2012، وقد أعلنت واشنطن ترحيبها بإعلان مبادئ اللاعنف الصادر عن المعارضة البحرينية واعتبرتها «خطوة مهمة نحو بناء الثقة»، وأثنت عليها.
في السادس عشر من نوفمبر 2012، أصدرت وزارة الخارجية البريطانية بياناً قالت فيه إن «وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أليستر بيرت تحدث إلى وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وتطرّق إلى أعمال العنف الأخيرة في البحرين، وإعلان نبذ العنف (وثيقة اللاعنف) التي أعلنها عدد من أحزاب المعارضة»، معلناً ترحيبه «بالخطوات البناءة التي اتخذت من قبل الوفاق وخمس جمعيات سياسية معارضة أخرى الذين أدانوا العنف من خلال إصدار إعلان مبادئ اللاعنف (وثيقة اللاعنف)».
على الجانب الفرنسي، قال الناطق باسم وزارة الشئون الخارجية الفرنسية فيليب لاليو، أثناء مؤتمره الصحافي الذي عقد في باريس يوم الاثنين (26 نوفمبر 2012) إن فرنسا تابعت باهتمام إصدار الجمعيات السياسية «وثيقة اللاعنف»، وتدعو السلطات إلى تنفيذ جميع التوصيات التي طرحها تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
المعارضة هي الأخرى بادرت من نفسها، وقدّمت نسخةً من وثيقة اللاعنف إلى الحكومة، قبل إعلانها، إلا أن الأخيرة لم تبدِ أية ملاحظات بشأنها، وذلك بحسب ما أعلنته في مؤتمرها الصحافي في الخميس (22 نوفمبر 2012)، بمناسبة الذكرى الأولى لإطلاق تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
بعد كل ذلك الصمت الرسمي، والالتزام بعدم التعليق، يخرج مسئول رسمي رفيع المستوى ويقول في منتدى «حوار المنامة»، وبعد أكثر من شهر على إعلان الوثيقة، «سمعنا من جانب عددٍ من الجمعيات السياسية أن هناك إعلاناً ضد العنف أو ما سمي بـ «وثيقة اللاعنف»، هو كلام سمعناه ونريد أن نعمل مع بعضنا البعض من أجل أن ينجح، لكن هناك مسئولية كبيرة تقع على من قال هذا الكلام، ويثبت أن هذا الكلام قابل للتطبيق».
المسئولون في البحرين يقولون: سمعنا بها، ألا يثير ذلك استغراباً ويطرح سؤالاً صادقاً وجاداً، وهو: هل هؤلاء المسئولون يعيشون معنا على هذه الأرض أم هم في مكانٍ آخر، لا تصلهم أخبار بلادنا وما يحدث فيها إلا بعد أن يتفاعل معها العالم بأكمله؟ ففي الوقت الذي تقول السلطة انها «سمعت»، يقول العالم «نحن ندعمها، ونؤيدها وبقوة»، وهو أمر محل استغراب شديد، كون بعض الجهات الرسمية في بلدنا أصبحت غير قادرة على مواكبة التطور، وملاحقة المجريات المتسارعة وخصوصاً السياسية منها.
هل يمكننا أن نفسّر كلمة «سمعنا» لحدث جرى في البحرين، وفي ظل أزمة سياسية واختناق أمني بأنه «قصور»، وعدم قدرة على فهم طبيعة المتغيرات، وحركة الشعوب، وقدرتها السريعة على الإدراك والتجاوب والتعاطي.
المسئول ذاته، كان له جواب في «حوار المنامة»، على سؤال بشأن التعليم والشباب، وهو أن الشباب أصبح سريعاً في التعاطي، ولا ينتظر نشرة أخبار الثامنة للحصول على الأخبار والمعلومات، ولكن السلطة انتظرت شهراً وأكثر لتعلّق على وثيقة المعارضة بكلمة «سمعنا»، فيما العالم تفاعل معها بسرعة روح الشباب الذي تكلّم عنه المسئول في «حوار المنامة»، معتبراً إياه (أي الشباب) «أذكى منا جميعاً».
كيف يمكن أن نفسّر رد فعل السلطة على وثيقة المعارضة بخصوص رفضها لـ «العنف» بعد أكثر من شهر، بكلمة «سمعنا»؟ غير أن السلطة فقدت قدرتها الشبابية على التعاطي السريع، في عصر لا ينتظر فيه أحد نشرة أخبار الساعة الثامنة.