سوسن دهنيم
لم يعد أمراً جديداً ما يعيشه بعض المعتقلين وأهاليهم في البحرين من حيث اختفائهم أو بقائهم في مركز التوقيف لأسابيع من دون عرضهم على النيابة أو معرفة تهمهم بالضبط؛ وهو ما عانى منه عددٌ ليس بالقليل من معتقلي الرأي في البلاد وخصوصاً منذ 14 فبراير 2011.
وعلى رغم أن القوانين المحلية والدولية تؤكد على حق المرء في إخباره بأسباب إيقافه، والاتصال بمن يرغب في إبلاغهم بتوقيفه، إلا أن بعض الموقوفين لم يتحقق لهم هذا الحق بل وأن أهاليهم لم يتلقوا جواباً صادقاً لدى توجههم إلى مراكز التوقيف للسؤال عن أبنائهم.
وبحسب كثير من القوانين، فإنه لا يجوز ترك المتهم لأكثر من 24 أو 48 ساعة من دون استجواب، ولا يجوز إيقافه لأكثر من هذا الوقت إلا بأمرٍ كتابي من المحقق نفسه.
وإذا ما تجاهلنا بطلان هذا القبض؛ باعتبار أن معظم الحالات كانت من دون أمر قبض، بل كانت تتم عن طريق مداهمات المنازل ليلاً وتكسيرها والعبث بمحتوياتها، وهو ما رأيناه جلياً في الصور ومقاطع الفيديو الكثيرة التي ينشرها أهالي الموقوفين، وإذا ما تجاهلنا أيضاً انتهاك القانون ومواثيق حقوق الإنسان التي تؤكد على وجوب معاملة الفرد بما يحفظ كرامته وعدم إيذائه جسدياً أو معنوياً أو مادياً، أو التعرض لعرضه وأهل بيته، فإن من حقّ الفرد على أقل تقدير أن يخبر ذويه بمكان تواجده، ويحظى باستجوابٍ عادلٍ في الوقت الذي حدّده القانون بحسب ما تنص عليه قوانين الدولة التي ينتمي إليها. وهو ما لم يتحقق في الحالات الكثيرة التي مازالت تنتظر أدوارها في عرضها على النيابة العامة أو معرفة تهمتها.
الأمثلة على ذلك كثيرة، وما تعرّض له من اعتقلوا مؤخراً من أهالي منطقة مهزة في جزيرة سترة، دليل حي مازال موجوداً، كالموقوف طالب علي الذي لم يتسنَ لأهله معرفة مكانه إلا بعد جهدٍ كبير، ولم يستطع الاتصال بهم حتى وقت كتابة هذا المقال إلا مرة واحدة لمدة 55 ثانية فقط، فلم يطمئنوا عليه ولاسيما أن ما يردهم عنه من معلومات هو تعرضه للتعذيب الشديد فقط. وكلما ذهبوا للسؤال عنه وطلب رؤيته لا يجدون من يسمعهم أو يحقق مطلبهم حتى مرّ الآن على اعتقاله ثلاثة أسابيع، في حين أن القانون يؤكد على وجوب عرضه على النيابة خلال 48 ساعة كما أكد ذووه.
حال طالب علي هي حال متكررة، وما هو إلا واحد من مجموعة تنتظر أدوارها في عرضها على النيابة وينتظر ذووهم اتصالاً منهم ليطمئنوا عليهم، ويتأكدوا أنهم مازالوا على قيد الحياة. فهل هذا كثير؟