سوسن دهنيم
«لدي طلب إسكاني منذ العام 1994 ولم أتسلم بيتي حتى الآن، بيتي الذي ربما لن أراه قبل مماتي». كانت هذه إحدى العبارات التي سمعتها من أحدهم عندما كنتُ في زيارةٍ لوزارة الإسكان قبل أقل من ستة أشهر، ومازال صداها يتردد في أذني وخصوصاً أن من قالها كان يبدو عليه الفقر وكبر السن. التفتُّ إلى المرأة التي كانت تجلس إلى جانبي مبتسمة بينما بادرتني هي بمفاجأة أخرى: حينما كانت في الوزارة قبل أسبوع فوجئت بأن عليها تغيير عنوانها إن أرادت تسريع تلبية طلبها؛ إذ قال لها الموظف ان هناك طلبات للمنطقة نفسها التي تسكن بها تعود إلى العام 1992 بينما يعود طلبها لبدايات الألفين، علماً بأنها أرملة وأم لأربعة أبناء فيما تنتظر ولادة الخامس.
مثالان بسيطان قد يبينان مدى التأخير في تلبية الطلبات الإسكانية الذي بات الجميع يعرف عنه في البحرين حتى صار هذا الأمر مثلاً شعبياً يستخدم للتندّر من تأخر حدوث شيء ما، إذ يقال لما يتأخر: «ليش انا طالب بيت اسكان؟»
وعلى ما يبدو فإن الحكومة لا تعلم عن هذا التأخير ولا عن أعداد الطلبات الإسكانية المتأخرة والمتراكمة في أدراج وزارة الإسكان، ولا تدري عن الكثير من البحرينيين ممن ينتظرون أدوارهم في الحصول على البيوت ليسكنها أبناؤهم؛ إذ يتزوج الابن قبل تلبية طلب والديه الإسكاني. ما يجعلني أظن هذا الظن، وهو في الواقع مستحيل، ما طالعتنا به صحيفة «الوسط» يوم أمس في الخبر المنشور عن خفض موازنة الإسكان في موازنة الدولة بنسبة 33 في المئة وذلك بحسب ما أوردته البيانات الرسمية التي حوتها مسودة مشروع قانون الموازنة العامة للعامين 2013 – 2014، وهو ما يعني انخفاض مخصصات المشاريع الإسكانية بمقدار 250 مليون دينار عن العامين السابقين، علماً بأن الموازنة ينظرها الآن مجلسا الشورى والنواب.
ولو نظرنا إلى هذا المبلغ المخصص للإسكان فإنه وبحسب الخبر المنشور أيضا لن يكفي لبناء أكثر من 3 الى 4 آلاف وحدة سكنية بينما نحن بحاجة إلى ما يقارب 7 آلاف وحدة في العام لتغطية الطلب المتزايد على الإسكان.
وما الأرقام البسيطة التي تعلن عنها وزارة الإسكان في كل تصريح عن المشاريع الإسكانية المنجزة في هذه المنطقة أو تلك، إلا نقطة في بحر من الطلبات المتأخرة، والدليل أنها تتخبط في التصريح بشأن سنوات الانتظار الحقيقية، فيما تَعِدُ في كل عام بتلبية طلبات العام الفلاني الذي تؤخره في العام الذي يليه وهو ما حدث قبل عامين حين أعلنت أن العام 2012 سيشهد الانتهاء من تلبية جميع الطلبات حتى العام 2002!
وإذا ما عرفنا أن عدد الطلبات الإسكانية الموجودة الآن في أدراج وزارة الإسكان هي 53 ألف طلب، فمتى ستنتهي الوزارة من تلبيتها إن بدأت الحكومة بتخفيض الموازنة التي تحتاج في الواقع إلى زيادتها أضعافاً مضاعفة؟ وخصوصاً أن الحكومة مازالت تستقدم المواطنين الجدد كل عام لتضيف عليها وعلى أبناء البلاد عبئاً جديداً يؤخر من تسليم الطلبات الإسكانية أكثر وأكثر؟