ما دام هذا القرار غائبًا، فلا خيار أمام الشعب إلَّا الثبات والإصرار مهما كلَّفه ذلك ثمنٍ باهض..
ونتمنَّى أنْ لا يموت الأمل لدى أبناء هذا الشعب فإنَّ لذلك نتائج في غاية الخطورة، حمى الله هذا الوطن من كلِّ الكوارث والمحن والشدائد.
حديث ليلة الجمعة: بلدُنا يمرُّ بأصعب منعطفٍ سياسي وأمني
تاريخ: 2012-11-29 م | الموافق: 16 محرم الحرام 1434هـ | مسجد الإمام الصادق(ع) بالقفول
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ..
الحمد لله ربِّ العالمين وأفضل الصلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين محمَّدٍ وعلى آله الطاهرين…
هذا البلد الصغير في مساحته، الكبير في قيمته، يمرُّ في الوقت الراهن بأصعب منعطفٍ سياسي وأمني، ونتيجة قراراتٍ خاطئة، ونتيجة أوضاعٍ مغلوطة… فما لم يُعاد النظر في هذه القرارات، وهذه الأوضاع فالمآلات خطيرة ومدمِّرة، والاتجاه إلى المزيد من التأزيم والتعقيد والاحتقان…
اللحظة الراهنة بكلِّ أخطارها في حاجةٍ إلى قرارٍ جريئ لإنقاذ هذا الوطن، ولإيقاف هذا التداعي المدمِّر.
مَنْ بيده هذا القرار؟
النظام بيده هذا القرار، ولن اتَّجه إلى القول بأنَّ القرار مرهونٌ لقوى من خارج الحدود…
ما المطلوب في هذا القرار؟
المطلوب الإصلاح السِّياسي الحقيقي، الذي يستجيب لمطالب الشعب العادلة المحقَّة، ويؤسِّس لمرحلةٍ جديدةٍ لا تحكمها أجواء البطش الأمني…
وما دام هذا القرار غائبًا، فلا خيار أمام الشعب إلَّا مواصلة الحراك السِّياسي، معتمدًا كلَّ الأساليب والأدوات المشروعة التي تبيحها منظومات الحقوق الإنسانية، وتسمح بها مواثيق الدول في الأنظمة المتحرِّرة من هيمنة القهر والاستعباد ومصادرة الحريات…
وما دام هذا القرار غائبًا، فلا خيار أمام الشعب إلَّا الثبات والإصرار مهما كلَّفه ذلك ثمنٍ باهض..
لن يمارس شعبنا عنفًا، ولا إرهابًا، ولا تطرّفًا، لكنه لن يتنازل إطلاقًا عن حقوقه، ولن يتراجع عن مطالبه، ما دام مؤمنًا بمشروعيَّة هذه الحقوق، وحقَّانية هذه المطالب، وبعدالة هذا الحراك…
إذا كان قرارُ السُّلطةِ الاستمرار في الخيار الأمني، فإنَّ خيارَ الشعب الاستمرار في الدفاع عن حقوقه العادلة…
فالحكمة كلّ الحكمة، والعقل كلّ العقل أن تتحمَّل السلطة المسؤولية في الإصلاح السِّياسي الحقيقي، وليس إنصافًا أنْ يُطالب الشعب بإيقاف حراكه المشروع، المطالب بالحقوق، لكي تفكر السُّلطة في الاستجابة أو عدم الاستجابة لبعض المطالب ووفق قناعاتٍ محدودةٍ لا ترقى إلى الحدِّ الأدنى من متطلَّبات الإصلاح، خاصة وأنَّ الشعب يجد نفسَه قد بذل تكلفة كبيرة وثمنًا باهضًا من أجل أنْ يحدث تغيير حقيقي، لا من أجل ترميمات شكليَّة لا قيمة لها.
إنَّ خارطة الطريق لإنقاذ الوضع تبدأ بمبادرةٍ جادَّة من النظام، ولن تتردَّد كلُّ القوى السِّياسية المعارضة، ولن يتردَّد الشارع في الاستجابة لأيِّ مبادرةٍ حقيقية وصادقة، ومحكومة لضماناتٍ يطمئن لها النَّاس…
لا يوجد مخلصٌ لهذا الوطن يريد أنْ تستمر الأوضاع المأزومة، ولا يوجد حريصٌ على مصالح هذا الشعب يسعى لتعقيد الأمور، وتوتير الأجواء، غير أنَّ ما يحدث على الأرض من تصعيدٍ مستمر للإجراءات الأمنية الضاغطة على أوضاع النَّاس، ومن استفزازات متواصلة حتى للشعائر الدينية كما حدث في موسم عاشوراء لهذا العام، كلُّ الذي يحدث لا يطمئن بوجود نيّة صادقة لدى السلطة في اتجاه التهدئة، وهي اتَّجاه الإصلاح الحقيقي، والتغيير الجدِّي، بل العكس هو الصحيح، فالنيَّة تتَّجه إلى المزيد من التأزيم والتعقيد، وإلى المزيد من مصادرة الحقوق والحرايات، رغم كلّ الإدانات والمناشدات الصادرة عن العديد من الدول، والعديد من المنظَّمات الحقوقية في العالم…
ونتمنَّى أنْ لا يموت الأمل لدى أبناء هذا الشعب فإنَّ لذلك نتائج في غاية الخطورة، حمى الله هذا الوطن من كلِّ الكوارث والمحن والشدائد.
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين…