قاسم حسين
تناقلت بعض وكالات الأنباء العالمية الأسبوع الماضي نبأً عن منع إحدى البلدان العربية المصلين عن التوجه إلى أحد الجوامع الواقعة على أطراف العاصمة، لأداء صلاة الجمعة.
الوكالات ضربت أخماساً في أسداس، لمعرفة سبب هذا الإجراء غير المسبوق على مستوى العالم العربي والإسلامي. فأرجع بعضها السبب إلى وجود أزمة سياسية عميقة في ذلك البلد منذ سنوات، بينما أرجعتها وكالات أخرى إلى وجود معايير سياسية مزدوجة، وحالات تمييز حتى بين المصلين. فبينما يُمنع بعض السكان من صلاة الجمعة بحجة عدم ممارسة الشئون السياسة في الأماكن العبادية، يُشجّع سكانٌ آخرون على التجمع في دار عبادة أخرى، وتنظيم اعتصام سياسي يرفع شعارات سياسية بحتة حتى دون ترخيص!
التنوع في التحليلات، وكثرة التأويلات والتفسيرات، دفعت وزارة المساجد في ذلك البلد إلى إصدار بيان توضيحي، لكشف اللثام عن جميع الحقائق والملابسات. فقد تبيّن أن المسجد صغيرٌ للغاية، ولا تزيد مساحته عن 400 متر مربع؛ وبالتالي لا يتسع لأكثر من 200 مصلٍّ، وحرصاً على راحة المصلين النفسية لأداء الصلاة في أجواء روحانية، فقد تم تحديد العدد بحيث لا يتجاوز المئتين. كما أن الازدحام يضرّ بالصحة؛ حيث يهبط بنسبة الأوكسجين داخل الجامع، فتنخفض نسبة السكر في الدم ويشعر المصلون بالإعياء، ولذلك لابد من تحديد عدد المصلين حرصاً على صحتهم العامة.
وأوضح بيان وزارة المساجد، أن هناك جوانب أخرى بيئية لم تأخذها في الاعتبار وكالات الأنباء التي تتعمد تشويه سمعة البلد، وهي أن توجه آلاف السكّان بسياراتهم إلى منطقةٍ واحدةٍ، حتى لو كان للصلاة، من شأنه زيادة نسبة تلوث الهواء بفعل الغازات المنبعثة من عوادم السيارات، وهو ما سيرفع احتمالات الإصابة بالسرطان والأمراض الجلدية. كما أن الازدحام سيؤدي إلى التهاب القصبات الهوائية وزيادة حالات الإنفلونزا ونزلات البرد، كما سيفاقم من حالات مرضى السكلر والثلاسيميا ويخفض نسبة الادرينالين في الدم.
إن القرار صدر بالتشاور مع وزارات الصحة والبيئة والبلديات والاقتصاد، ولم يصدر عبثاً أو لأهدافٍ سياسيةٍ كما روّجت بعض الأطراف المشبوهة في «التويتر» و«الفيسبوك»، وإنّما لأسباب فسيولوجية بحتة.
ومن هنا عمدت الجهات المعنية إلى توجيه النصائح الأخوية بصورةٍ وديةٍ راقيةٍ لمن توافد على المنطقة من خارجها، بالعودة إلى مناطقهم السكنية حفاظاً على راحتهم النفسية والجسدية.
إن من صميم واجبات وزارة المساجد أن توجّه النصائح والإرشادات المخلصة للمصلين، بما يضمن لهم أداء صلاة الجمعة على الوجه الأمثل. وفي هذا الإطار سيتم قريباً تدشين خدمة (GPS) جديدة خاصة للمصلين وروّاد المساجد، لإرشادهم للمساجد المزدحمة ليتمكنوا من الانتقال للمساجد غير المكتظة، من أجل خلق توازن روحاني جيوبوليتيكي في جميع أرجاء البلد؛ تطبيقاً لمفهوم التنمية المتوازنة الذي ما فتأت تدعو إليه الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون.