منصور الجمري
شهد يوم الأربعاء الماضي (7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) صدور إعلان تاريخي للمعارضة البحرينية، وذلك عندما أشهرت ست جمعيات سياسية معارضة «وثيقة اللاعنف»، وأعلنت من خلالها رفضها المطلق لكل أساليب العنف ورفضها لأيِّ تجاوز لحقوق الإنسان والآليات الديمقراطية. الوثيقة تُعتبر تاريخية، وهي لم تكن وليدة اللحظة، ولم تأتِ كردة فعل لما حدث خلال الأيام السابقة. فمثل هذه الوثيقة تحتاج إلى وقت لإعدادها وأخذ موافقة جميع الأطراف عليها، وهي – بحسب مصادر المعارضة – كانت جاهزة قبل أسبوع من الإعلان عنها، وكان هناك ترحيب حار من مختلف الأطراف التي كانت تنتظر إشهارها لكي تترتب عليه البدء بخطوات إيجابية نحو حوار جاد يؤسس لمصالحة وطنية شاملة.
لربما أن ما حدث من تفجيرات قبيل الإعلان عن الوثيقة أدى إلى طمسها قليلاً عن الرأي العام. ولكن أهميتها ثابتة، وقد أعلن الشيخ عيسى قاسم يوم أمس (9 نوفمبر 2012) مساندته أثناء خطبة الجمعة عندما قال «لقد أصابت الجمعياتُ السياسيةُ الستُّ في إعلانها الإدانة للعنف بكلِّ أشكاله ومصادره وأطرافه، والتزامها باحترام الحقوق الأساسية للأفراد والقوى المجتمعية، وبالدعوة إلى ثقافة اللاعنف وانتهاج السبل السلمية والحضارية في المطالبة بالحقوق، واحترام حرمات الأنفس والأعراض والأموال، ويأتي هذا الإعلان منها تأكيداً على المنهج السلمي الذي التزمته في معارضتها». كما قال قاسم إن «أيّ تفجيرٍ يكون قد وقع أو يمكن أن يقع – أبعد الله ذلك – من أيِّ جهة كانت مرفوضٌ ومدان، وهو استخفافٌ صارخٌ بحرمة الإنسان ولا مكان له من حرمة الدماء ومصلحة الوطن وسدِّ أبواب الفتنة والخروج من الأزمة، ولا قبول على الإطلاق لأيِّ أسلوب من أساليب العنف والعدوان».
إن تأييد قاسم لإعلان المعارضة «وثيقة اللاعنف»، يُعتبر أمراً مهمّاً، وينبغي أن نتطلع إلى الأمام نحو مستقبل يتأسس على الحوار والقبول بالآخر والسعي نحو وطن يحمي كرامة المواطن وعزته ويضمن له حقوقه، ويعيش في كنفه على أساس حقوقه الطبيعية الثابتة والتي لا تخضع للتعسف أو المزاج أو المساومات السياسية.
لقد جاء في إعلان المعارضة تأكيدهم على أن السلمية هي النهج الاستراتيجي في العمل السياسيلتحقيق المطالب العادلة من خلال مشاركة حقيقية في رسم مستقبل بلادنا نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والأمن الاجتماعي والسلم الأهلي، وأكد الإعلان على مبادئ التسامح والتعددية والتنوع، وأن هذه المبادئ نابعة من قناعات راسخة وصادقة بأنها الطريق الأمثل لتعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب بمكوناته المختلفة.