سهيلة آل صفر
كيف بالإمكان حدوث التجاوزات وانتهاكات حقوق الانسان في مجتمعنا، وتعرض الأطباء والكوادر الطبية للظلم ومع ذلك استمروا في أداء واجباتهم المهنية؟
من هنا كانت البداية…
1 – كثرة الأجانب في السيطرة على القطاع الصحي واستبعاد البحرينيين، فحين يأتي الغرباء والتجار لاحتلال مفاتيح المهنة، تبدو العملية كالغزو الأجنبي في تكوين كوكتيل من العيادات والمستشفيات الخاصة الأجنبية.
لقد طغت الاستثمارات بألوان من المستثمرين المتعطشين وتشغيل المهنيين من كل الجنسيات، البريطانية والهندية والفلبينية والأردنية والمصرية واللبنانية والأميركية والألمانية. أما المستوى الطبي فمحدود ولا يعتبر عالياً.
فإذا ما زرت إحدى العيادات أوالمستشفيات الخاصة؛ تراك تنتقل فجأةً إلى بلد آخر ومن دون ركوب الطائرة، وتشعر بالغربة، ولن تجد أي بحريني يعمل في هذه العيادات إلا نادراً.
أما العلاجات فيها فليست مضمونة، لاعتمادها على معايير تجارية بحتة، ولن تعطيك العلاج أو التشخيص إلا بعد استنزاف دم قلبك، وعمل كل ما تحتاج إليه وما لا تحتاج إليه من التحاليل والأشعة على اختلاف أنواعها. وقد تستفيد أو يفشل العلاج ويضيع معها وقتك ومالك.
في حين أنه ومنذ ثلاثين عاماً، وحينما كان علي فخرو وزيراً للصحة، كانت وزارة الصحة تصر على الالتزام بأن تكون الأولوية لتعيين البحرينيين في أيّ مستشفى أو عيادة. ولا تعطى الرخصة لتعيين أي أجنبي في أية وظيفة إلا في حال عدم وجود بحرينيين للعمل في ذلك التخصص، وذلك لحماية البحريني وضمان مصدر رزقه.
أما الآن؛ فيأتينا الطاقم الطبي كاملاً ولا مكان لأهل الاختصاص من البحرينيين بينهم، على رغم وجود الكثير من البحرينيين دون وظائف! وأتساءل: أين ذهب مشروع بحرنة الوظائف؟ ومن سيحمي البحرينيين والعمالة البحرينية ويقلّل من نسبة الأجانب أمام كل ذلك العدد الكبير من الخريجين البحرينيين، بينما يتمتع الأجنبي بخيرات البلد ويحتل أماكن المواطن؟
2 – عمل الأجانب بالخفاء ودون ترخيص، وهي من المشاكل التي لم نتوصل إلى حلها، حيث اتخذوا بيوتاً نائية لعلاج المرضى، ومنهم من يعمل في العلاج الطبيعي (chyropractice) والتحليل النفسي (psycoanalysis)، أما في تقويم الأسنان فهناك من يأتي من السعودية ويعالج ثم يعود، وهنالك آخرون وعلاجات أخرى!
وما يثير الدهشة أن الوزارة تعلم بهؤلاء بعد تقديم الشكاوى ضدهم وبسبب سوء العلاج، لكنها لم تتمكن من القبض عليهم لعدم وجود القانون الضبطي القضائي لإدانتهم. وهؤلاء يعيبهم الإضرار بالمرضى والكسب غير المشروع، ويمارسون عملهم دون حسيب أو رقيب. كما أنهم يتجرأون على إعلان خدماتهم في الصحف الأجنبية وعبر شبكة الإنترنت، بينما لم يكن مسموحاً في السابق وضع أي إعلان طبي إلا بموافقة وزارة الصحة. كما أن هناك فئةً ممن يعملون في العيادات والمستشفيات الخاصة دون ترخيص!
ونحن نتساءل: أين هي الجهة التي تحمي المرضى من هؤلاء المخالفين؟ ومتى ستمنع وزارة الصحة مثل هذه التجاوزات؟ ومتى ستصدر قانون الضبطية للمخالفين؟ وكيف يتم الحفاظ على مستوى رفيع من الخدمات الصحية بما يتناسب مع قيمة العلاج ودون المغالاة في الأسعار ووضع سقف أعلى وأدنى للعلاجات؟ وأخيراً… متى سيعين أبناؤنا الخريجون قبل أن نتركهم فريسة لليأس والإحباط ما يدفعهم إلى الهجرة وترك الوطن… لنعود بعد ذلك كما كنا في الماضي، يحتل الأجانب وظائفنا ونبكي على ديارٍ ضاعت منا لأننا لم نعرف كيف نحمي أهلها… وللحديث بقية.