منصور الجمري
السياق الذي يسير عليه البعض لاختلاق صورة للمعارضة وفئة من المجتمع يشبه مشاهدة أفلام الكارتون، سوى أن أفلام الكارتون توجَّه أساساً للأطفال ويُقصد منها إدخال الفرحة في قلوب المشاهدين، وتثقيفهم بطريقة تمطيطية للواقع، كما هو الحال مع مسلسلات «ميكي ماوس»… أمّا الطريقة الكارتونية المستخدمة للحديث عن المستهدفين في البحرين فهي غير ذكية، ولا تُدخل الفرحة على أحد، وهي تسعى فقط لتمزيق المجتمع وإحداث مزيد من الاستقطاب. ولعل هذا الاستقطاب مطلوب لأنه خلق طبقة من النفعيّين الذين لا يهمّهم سوى مصالحهم الأنانية، حتى لو كان ذلك يؤدي إلى شلل سياسي تام.
من المؤسف جداً الاستمرار في نهجٍ فشلَ في إقناع أقرب المقربين، ومن المؤسف أن يكثر الحديث عن «الفزعة» وكأننا في صحراء قاحلة لم يصلها أي تطور إنساني بعد، وكأنه ليس فيها قدر من العقلانية التي يمكنها وبسهولة توضيح الواقع وعرضه بصورة أفضل ومن ثم تمكين الجميع للخروج بحلول وخيارات مجدية. الأسلوب الكارتوني المتبع حاليّاً يدعو إلى الحزن والرثاء على حال من ينشره ومن يصدقه، ولاسيما أن هذا التصوير أصبح وسيلة «تجهيلية» لهذا البعض.
نعم، بلاشك أننا نمرّ بظروف صعبة، ولكننا من المفترض أننا محظوظون أيضاً لأننا نعيش في مطلع القرن الحادي والعشرين حيث تتوافر وسائل علمية وأدوات مجربة إنسانيّاً لمعالجة الوضع الذي نمرّ فيه. وفي الواقع، فإن البحرين – حكومة وشعباً – لديها الكثير من الأصدقاء القريبين والبعيدين ممن نصحوا ومازالوا ينصحون بانتهاج خطوات عقلانية تبعدنا عن التشاحن والاستفزاز، وتأخذ بأيدينا جميعاً لما فيه مصلحة بلادنا، ومصلحة الحاكمين والمحكومين جميعاً.
ولعل البعض يكون من ألدّ الأعداء لنفسه، وذلك عندما يصرّ على تشويه صورة الواقع في ذهنه، أو عندما يصرّ على تمزيق المجتمع. ولكن مثل هذا التوجه خاطئ وقد أثبت فشله، وسيثبت فشله أكثر وأكثر مع الزمن، فالمعارضة وفئات المجتمع المختلفة ليست جزءاً من أفلام الكارتون، ولن يجدينا إغلاق عقولنا وإخضاعنا لمسلسل «ميكي ماوس» بالمقلوب، أي أنه مسلسل تجهيلي ومحزن في الوقت ذاته.