عبدالله الشملاوي-طه الدرازي-رولا الصفار-حميد الملا
طعن قانونيون على إجراءات ديوان الخدمة المدنية المتمثلة في استدعاء عدد من الأطباء ممن برأتهم المحكمة في قضية الـ 20 كادراً طبياً، وذلك للمثول أمام المجلس التأديبي مجدداً.
وأوضح محامون أن الحق في توقيع الجزاء التأديبي في حق الكادر الطبي قد سقط بعد حكم المحكمة الاستئنافية العليا وذلك بموجب القانون.
من جهته قال المحامي عبدالله الشملاوي لـ «الوسط»: «انطلاقاً من ذيل نص المادة (24) من قانون الخدمة المدنية ضمن باب سقوط الحق في توقيع الجزاء، والتي تنص (المادة) أنه لا يجوز مساءلة الموظف تأديبياً بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ علم رئيسه المباشر بوقوع المخالفة أو سنة واحدة من تاريخ وقوعها أيهما أقرب. ومع ذلك إذا نشأ عن الفعل جريمة جنائية فلا يسقط الحق في توقيع الجزاء التأديبي إلا بانقضاء الدعوى الجنائـيــة».
——————————————————————————–
——————————————————————————–
طالبوا بالتحقيق مع الذين امتنعوا عن علاج الجرحى خلافاً لواجبات العمل
أطباء: نرفض التحقيق معنا بعد تبرئتنا من القضاء
الوسط – محرر الشئون المحلية
أطباء: نرفض التحقيق معنا بعد تبرئتنا من القضاء
الوسط – محرر الشئون المحلية
طعن قانونيون في إجراءات ديوان الخدمة المدنية المتمثلة في استدعاء عدد من الأطباء ممن برأتهم المحكمة في قضية الـ 20 كادراً طبياً، وذلك للمثول أمام المجلس التأديبي مجدداً.
وأوضح محامون أن الحق في توقيع الجزاء التأديبي في حق الكادر الطبي قد سقط بعد حكم المحكمة الاستئنافية العليا وذلك بموجب القانون.
من جهته، قال المحامي عبدالله الشملاوي لـ «الوسط»: «انطلاقاً من ذيل نص المادة (24) من قانون الخدمة المدنية ضمن باب سقوط الحق في توقيع الجزاء، والتي تنص (المادة) أنه لا يجوز مساءلة الموظف تأديبياً بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ علم رئيسه المباشر بوقوع المخالفة أو سنة واحدة من تاريخ وقوعهما أيهما أقرب. ومع ذلك إذا نشأ عن الفعل جريمة جنائية فلا يسقط الحق في توقيع الجزاء التأديبي إلا بانقضاء الدعوى الجنائية؛ كل ذلك، في حال كون الإدانة نهاية إجراءات التقاضي الجنائي ضد الموظف الذي نسبت إليه المخالفة التأديبية».
وأوضح «أما في حال قضي ببراءة ذلك الموظف فإنه وحتى بافتراض وقوع مخالفة جارية منه تستوجب مساءلته تأديبياً، فإنها تكون قد سقطت لمضي المدة، لأن حكم البراءة لا ينشئ مركزاً قانونياً، بل يكشف عن مركز قانوني موجود هو البراءة المرتدة إلى يومها، وهو عدم نشوء الفعل المجرم أصلاً».
وأضاف «فإذا أعلمنا القواعد المتقدمة على حال الكادر الطبي الذي قضي ببراءته، فإنه لو سايرنا جهة الإدارة بإمكان نسبة مخالفات إدارية تستوجب المساءلة التأديبية لهؤلاء، فإنها تكون قد سقطت وفق النص القانوني المذكور، وما معاودة تحقيق الإدارة معهم من جديد على رغم السقوط، إلا أحد أمرين، إما الجهل بالقانون أو الأسف على تبرئتهم قضائياً ومحاولة الإساءة إليهم تأديبياً بخلاف القانون». مشيراً إلى أن «ذلك أمرٌ مسيءٌ إلى جهة الإدارة التي يتبعونها، ويكشف عن خطأ في النصيحة القانونية التي أعطيت لمن أصدر قرار التحقيق والمحاسبة التأديبية».
إلى ذلك، تساءلت رئيسة جمعية التمريض البحرينية رولا الصفار عن أسباب إعادة التحقيق مع الكادر الطبي على رغم تبرئته من قبل القضاء.
واستذكرت الصفار المراحل العقابية التي مرّ بها الكادر الطبي، موضحةً «في البداية تم التحقيق معنا عبر تشكيل لجان التحقيق، ومن ثم قالوا إنهم لا يصدقوننا، وأحالونا إلى النيابة العامة، وهناك تمت إعادة التحقيق، ومن ثم سجننا وتعذيبنا، بالإضافة إلى الحملة الإعلامية من قبل بعض الصحف المحلية وبعض الوزراء والمسئولين الذين اتهمونا بالإجرام في قضايا لم تحصل وقبل نطق القضاء كلمته».
وأضافت «مع كل ذلك، قال القضاء وهو أعلى سلطة في البلد كلمته، وتمت تبرئتنا من التهم الموجهة لنا؛ وهنا أتساءل: على أي أساس يتم طلبنا للتحقيق مرةً أخرى؟ هل ديوان الخدمة المدنية لديه صلاحيات أعلى من صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء؟».
وأردفت أن «هذا الأمر غير معقول، وهذه الزوبعة المراد منها فصل الكادر الطبي من وظائفه». مشيرةً إلى أنه «في الدول المتقدمة عندما يقول القضاء كلمته وهو أعلى سلطة في البلد ويبرئ أناساً من التهم الموجهة لهم، فإن ذلك يعني أنه لا يحق لأية جهةٍ كانت أن تعيد التحقيق مع هؤلاء لأنهم بريئون. وإن الإجراء الصحيح هو إعادة الاعتبار لهؤلاء، وإرجاعهم إلى وظائفهم».
وعبّرت الصفار عن رفضها لهذا التحقيق قلباً وقالباً، وقالت: «تم التحقيق معي من قبل، وسجني وتعذيبي، وأنا أكثر من عام ونصف العام من دون راتب ووظيفة، وبعد تبرئتي يريدون إعادة التحقيق معي».
واستفهمت: «هل هذا معناه أن لجنة التحقيق ستعاود إيداعي السجن مرةً أخرى؟ ومن هم هؤلاء الذين سيحققون من جديد معي؟». مردفةً: «إذا النيابة العامة سبق أن حققت والقضاء حقق في القضية وبرأني، كيف تأتي مجموعة لإعادة التحقيق معي مرةً أخرى».
وطالبت الصفار الجهات المسئولة بـ «التحقيق مع زملائي من الطاقم الطبي الذي امتنع عن علاج الجرحى والمرضى، وفرّ خلال أوج الأزمة التي مرت بها البحرين العام 2011»، متسائلة: «لماذا لا يتم التحقيق معم؟ ما معنى أن يتم التحقيق معنا نحن الذين ننتمي إلى طائفة معينة بالخصوص؟ على رغم أنني كنت أخرج من قريتي وأتوجه إلى المستشفى لمزاولة عملي على رغم صعوبة الوضع والظروف حينها، لماذا لا يتم التحقيق مع الزملاء الذين تفرجوا علينا ولم يقوموا بواجبات عملهم؟، لماذا لا يتم التحقيق مع الموظفين الذين وشوا على زملائهم من الأطباء والكادر الطبي واتهموهم زوراً وبهتاناً، وها هو القضاء يبرئهم؟ لماذا لا يتم التحقيق مع المرضى والآسيويين الذين كانوا متواجدين بالمستشفى وقت الأحداث؟ لماذا يتم التحقيق مع فئة معينة من الموظفين الذين ينتمون لمذهب معين؟».
واستدركت «أنا أرفض التحقيق مجدداً، وهذا الأمر لابد أن يتوقف، وإن هذه الحملة ستولد الكراهية والبغضاء، وستفرق بين الناس».
وقالت: «نحن نتحدث عن الكوادر الطبية التي لا تسمح أخلاقياته وأخلاقيات مهنته بالتمييز؛ ولكن عندما لا تحترم القانون فأنت تميز، وعندما لا تقوم بالتحقيق مع الجميع ويقتصر التحقيق مع فئة معينة فأنت تميز، وهذا تمييزٌ واضح».
وعادت لتتساءل: «ألا يكفي أننا قبعنا في السجون خمسة أشهر، ألا يكفي ما تعرضنا له، ومحاكمتنا، وحتى بعد تبرئتنا يعودون ليطلبون التحقيق معنا مجدداً».
وعبرت رئيسة جمعية التمريض رولا الصفار عن أسفها الشديد جراء ما يجري، قائلةً: «إن الأمر محزن جداً، فبدل أن يقف وزير الصحة مع الكادر الطبي ويأمر بإعادتهم إلى وظائفهم، وبدل أن يقف ضد حبس الأطباء، يتم العكس من ذلك، إذ الحبس والتحقيق من جديد».
وأضافت أن «الأولى التحقيق مع الفئة التي لا تريد للمواطنين أن يعودوا إلى وظائفهم، الأولى التحقيق في ملف عدم توظيف طلبة التمريض البالغ عددهم مئتا شخص والمتخرجين من جامعة معتمدة من قبل وزارتي التربية والتعليم والصحة، في حين يتم جلب آسيويين من مستشفيات خاصة وذوي كفاءة متدنية بدل هؤلاء الخريجين من أبناء البلد».
واختتمت الصفار تعقيبها على إعادة التحقيق مع الكادر الطبي بالقول: «كفى مضيعةً للوقت، وكفى البلد جروحاً، فما يجري يجب أن يتوقف، وهذا الأمر ليس من أجل الأطباء ولكن من أجل مستقبل هذا البلد».
من جانبه، رأى المحامي حميد الملا أن قيام ديوان الخدمة المدنية باستدعاء عدد من الأطباء المبرأين مخالف للقانون وللمادة (24) من قانون الخدمة المدنية التي تنص على سقوط الحق في توقيع الجزاء، إذ لا يجوز مساءلة الموظف تأديبياً بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ علم رئيسه المباشر بوقوع المخالفة أو سنة واحدة من تاريخ وقوعها أيهما أقرب.
وقال الملا: «إن الأولى بوزير الصحة أن يعزو إلى الطاقم التابع له أن يطلب من وزير الداخلية التحقيق مع الأشخاص الذين قاموا بالاعتداء على الطاقم الطبي وتعذيبهم جسمانياً ونفسياً، أما أن يفكر الوزير في تشكيل لجان من هذا النوع وكأنما يذكرنا بلجان التفتيش التي كانت أيام النازية، وهي التي تفتش في ضمائر الناس بخلاف الواقع».
وتابع أن «المحكمة برأت الطاقم الطبي من جميع التهم المنسوبة إليه، وإذا كانت المحكمة قد برأته من جميع التهم، فإنه لا يجوز للجنة تشكل من قبل وزارة وهي التي أقل مرتبة من القضاء أن تتخذ إجراءات بحق من برئوا، وخصوصاً أن المحكمة أبدت رأيها في الموضوع وتيقنت أنهم لم يرتكبوا أية جريمة».
وأبدى الملا استغرابه الشديد من «إعادة العمل بهذه اللجان مجدداً، إذ يفترض بوزير الصحة أن يكون في الصفوف الأولى للمدافعين عن موظفيه لا أن يشكل لجان تحقيق معهم مرةً أخرى».
واعتبر الملا أن «هذا الإجراء نوع من محاولة التهرب من مسئوليات الوزارة تجاه الأطباء والطاقم الطبي، والهروب إلى الأمام من هذه المسئوليات، لتثبت على الكادر الطبي ما لم تثبته المحكمة من تهم».
وقال: «أولى بوزارة الصحة أن تعوض هؤلاء وعوائلهم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء التعذيب الذي مورس ضدهم والتنكيل الذي حصل لهم ولعوائلهم. هذا هو الطريق السليم لمعالجة الوضع وليس إعادة تشكيل لجان التحقيق».
وبحسب اعتقاد المحامي حميد الملا فإن «الجهات المسئولة بهذا الطريق تعقد المشكلة بدلاً من حلها، وكأن الوزارة لا تعترف بالحكم الصادر عن محكمة الاستئناف العليا، وهذا خلاف للقانون والمواثيق والاتفاقيات والأعراف الدولية». منتهياً بالقول: «هذا الإجراء يعودنا إلى نقطة الصفر، وخصوصاً أن المحكمة برأت الطاقم الطبي، والسؤال: ما الداعي إلى تشكيل هذه اللجان في هذا الوقت؟ إنه أمرٌ غير مفهوم وغير مبرر». أما استشاري جراحة المخ والأعصاب طه الدرازي، رأى أن «المجالس التأديبية يجب أن تشكل لمحاسبة الأطباء والممرضين الذين قصروا في أداء واجبهم في علاج الجرحى والمصابين والمرضى، وفرّوا من أداء الواجب خلال الأحداث التي مرت بها البحرين، لا الطاقم الطبي الذي أدى واجبه المهني والأخلاقي والإنساني».
وقال الدرازي: «طالما أن القضاء، وهو سلطة قائمة بذاتها، وتعتبر أعلى سلطة من بين جميع المؤسسات الأخرى من مثل ديوان الخدمة المدنية، قد برأت الكادر الطبي، فإنه لا يحق لديوان الخدمة المدنية القيام بهذا الإجراء».
وبحسب رأي الدرازي فإن «هذا الإجراء يأتي لقطع الطريق على عودة الكادر الطبي إلى أعماله، فيقال إن المجلس التأديبي أدانك وأصدر بحقك أنك مخل أو مذنب وبالتالي لا حق لرجوعك إلى العمل».
وأوضح أن «الوزارة مضت في توقيف الكثير من الموظفين، واستقطاع رواتبهم، وغيرت أماكن عملهم، وخصوصاً الممرضين منهم، إذ نقلتهم من أماكن عملهم الأصلية إلى أماكن أخرى بهدف ترويعهم وإهانتهم».
وقال: «حتى لو أن المحكمة طلبت من وزارة الصحة تشكيل لجان تأديبية للنظر في الجوانب المهنية للمبرئين، على أساس ارتكابهم مخالفات؛ فإننا نرى أنه عملياً لم يرتكب هؤلاء أية مخالفة، بل على العكس من ذلك، هم قاموا بأداء واجبهم الإنساني الذي يجب أن يقوم به كل شخص، وأنه في حال تخلفوا عن أداء هذا الواجب يجب محاسبتهم».
وأردف «وعليه فإن المجالس التأديبية يجب أن تشكل لمحاسبة الأطباء والممرضين الذين قصروا في علاج المرضى والمصابين، والذين فروا من أداء الواجب، هؤلاء هم الذين يجب أن تشكل لجان لمحاسبتهم. وليس محاسبة الأطباء الذين عملوا على إنقاذ الجرحى، وكأنما نرى الشيء مقلوباً، إذ يكافأ المقصر ويعاقب من قام بالواجب».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3683 – الأحد 07 أكتوبر 2012م الموافق 21 ذي القعدة 1433هـ
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3683 – الأحد 07 أكتوبر 2012م الموافق 21 ذي القعدة 1433هـ