منصور الجمري
بعيداً عن الهستيريا التي أصابت البعض منذ جلسة جنيف الخاصة بالمراجعة الدورية الشامة لملف البحرين الحقوقي في 19 سبتمبر/ أيلول 2012، فإننا بحاجة إلى الإجابة عن سؤاله يتردد حول تبعات عدم تنفيذ التوصيات التي وافقت عليها الحكومة (تمت الموافقة على 145 توصية بشكل كلي، و13 بشكل جزئي، من أصل 176 توصية)، ولاسيما أن البعض أعلن النصر المبين، وفي الوقت ذاته أعلن هؤلاء تحديهم لأية سلطة في العالم أو في الدولة التي قد تحاول تنفيذ أي من التوصيات… بعيداً عن هذه الهسترة، نحتاج إلى الإجابة عن السؤال المذكور.
بصورة مباشرة قد لا يبدو أن أي شيء يتأثر بعدم تنفيذ توصيات صادرة عن مجلس حقوق الإنسان، ولكن الواقع هو أن البحرين تحتاج إلى مساندة القوى المؤثرة في المجتمع الدولي، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. وفي حال لم تقتنع هذه الدول بأن تنفيذ التوصيات قد تم بحسب التعهدات فإن الانتقاد والتعبير عن الاستياء سيستمران، وهذا يؤثر في السمعة، وهو ما لا نريده لبلادنا التي تحتاج إلى كل ما يساعدها على التعافي. وهذا طبعاً هو أقل الأشياء المتوقعة في حال عدم تنفيذ التوصيات بطريقة مرضية لخبراء حقوق الإنسان التابعين لآليات الأمم المتحدة.
ثم نأتي للوضع بشكل عام، فهو قد يبقى على ما هو عليه، وهذا أمر ليس حسناً بالنسبة للبحرين، لأن مثل هذا الوضع سيوفر أرضية خصبة لتطورات غير متوقعة في حال كان هناك حدث يغير قواعد اللعبة السياسية الحالية، أو ما يطلق عليه game-changing event وهذا الحدث قد يكون محلياً أو إقليمياً أو دولياً. ومثال ذلك أننا مررنا على المستوى المحلي بحدث من هذا النوع غيّر الكثير من الأمور، مثل الميثاق الوطني في 2001، وتقرير البندر في 2006، وما حدث في 14 فبراير 2011. وعموماً فإن وضع المنطقة منذ اندلاع انتفاضات الربيع العربي في 2011 مازال متقلباً، وهذا يعني أننا بحاجة إلى تهدئة الوضع بحرينياً لكي لا تحدث مفاجآت ذات عواقب كبيرة وليست في الحسبان حالياً.
وعليه، وبينما قد ينشغل البعض بالهستيريا التي استحوذت عليه من كل جانب، فإن خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة سيتابعون فيما إذا بدأت الحكومة بتنفيذ أي من التوصيات التي وافقت عليها (وهي تحتوي بداخلها جميع توصيات لجنة بسيوني أيضاً)، والمحطة المقبلة ستكون في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حيث سيراجع مجلس حقوق الإنسان هذا الأمر، بينما سنستذكر في البحرين الذكرى الأولى لإصدار تقرير بسيوني.