هاني الفردان
في البحرين، ميزات وصفات، وتصريحات، يمكن من خلالها قياس درجة الالتزام بمنهاج سياسي واضح يقوم على أساس التلاعب بالألفاظ والكلام.
في البحرين السياسة متلونة تشبه «الحرباء»، تتغير وفق معطياتها ومحيطها وما هو مطلوب منها.
لا تستغرب في البحرين عندما يكون الحديث عن الحريات، وحق الممارسات في التعبير والاحتجاج والمسيرات، ولا تستغرب عندما ترفض كل تلك الدعوات، وعندما يتم حديث عن محرمات ومناطق ومحميات.
لا تستغرب عندما تسمع في كل وقت أنه لا يوجد في السجون سياسيون ولا سجناء رأي، ولا تستغرب عندما توجه لك تهمة «التغريد» عبر «تويتر» على أنها جناية، أو الدعوة لمسيرة أو المشاركة فيها على أنها جريمة.
لا تستغرب الحديث عن تطبيق القانون على الجميع، ولا تستغرب عندما يتم القبض على «المخربين» في ساعات، فيما البحث جارٍ ولسنوات عن «المجموعات» التي تستهدف المواطنين وتقتل وتسرق وتخرب، رغم أنهم معروفون وأمام أعينهم موجودون، وفي الكثير من الأحيان يعلمون لمن يعملون.
لا تستغرب عزيزي القارئ، عندما يتم الحديث عن حوار، وعن لقاءات «تفاهم» وتلاقٍ وبحث عن رؤى ومخارج، وعن دعوات «صادقة» يقابلها رفض لحوار لا نسمع عنه ولا نراه إلا في الإعلام، وعندما تكون هناك عيون خارجية تراقب الأوضاع الداخلية.
لا تستغرب وأنت ترى في المقابل حديثاً عن عملاء وخونة وحملة ولاءات خارجية ومخططات صفوية، وأجندات تخريبية! لا تستغرب عندما تجد أن المدعو للحوار، هو ذاته المتهم بالخيانة، وأن من تجرى معه لقاءات التفاهم وتلاقي الرؤى هو ذاته العميل الخائن! بصدق لا تستغرب فما يحدث هو «إعلام» ومعارك للكلام.
لا تستغرب أبداً بين كلام هذا المسئول أو ذاك، فكلاهما يمثل التوجه الحقيقي للسلطة، وكلاهما يعبران عن رؤى وسياسات واضحة، وكلاهما صادقان فيما يقولان لأنهما يحملان رسائل رسمية واضحة، وإن تناقضا مع بعضهما، أو تصادما.
فالحقيقة الواضحة، أن ما يحدث هو مخطط مرسوم في التناقض والتصادم وهي السياسة الجديدة التي تقوم على أساس، قُل لكل من يريد منك شيئاً ما يرضيه، فالكلام بلا مقابل غير مكلف في السياسة، وما هو إلا خطوط للتقدم والرجوع في حال حدوث أي إرباكات سياسية غير متوقعة. وما هي إلا أحاديث يمكن التبرؤ منها بسرعة أو التمسك بها بقوة، متى ما تطلبت الأمور ومستجدات السياسة.
لا تستغرب، أنت في البحرين، بأجوائها المتقلبة وسياساتها المتلونة، فالحوار نهج قديم، وفي الوقت ذاته ورغم قدمه، إلا أنه ومن وجهة نظرهم لابد من أرضيات ومقدمات وتفاهمات للدخول فيه.
لا تستغرب فالحوار نهج راسخ، وهو ما يقال في كل التصريحات، ولكن أيضاً رغم رسوخه، فإنه يتطلب مقدمات وتفاهمات ليترسخ، فهو راسخ ويحتاج للترسيخ.
لا تستغرب عندما يطلب ممن في نظرهم «خونة» أن يكونوا جزءاً من حوار، ولا تستغرب عندما ترى من يصفونهم اليوم بـ «الخونة» سيوصفون بعد ذلك بالوطنيين، ومن ثم عملاء، وبعد أيام بأبناء الوطن ويلحقونها بـ «صفويين»! لا تستغرب… فأنت في البحرين.