يناقَش في سبتمبر المقبل
تقرير للأمم المتحدة ينتقد التهديدات التي تعرّض لها «الوفد الأهلي البحريني بجنيف»
انتقد تقرير للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، التهديدات التي تعرض لها الوفد الأهلي البحريني الذي شارك في جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، وذلك في إطار الاستعراض الدوري الشامل لمملكة البحرين، في 21 مايو/ أيار 2012.
جاء ذلك في التقرير السنوي للأمين العام، بناءً على التقارير الصادرة من مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وهو التقرير الذي سيناقش في الدورة الـ21 لمجلس حقوق الإنسان، وذلك في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، وهي الدورة ذاتها، التي سيتم فيها اعتماد تقرير البحرين النهائي في إطار الاستعراض الدوري الشامل.
ويُقدم هذا التقرير عملاً بقرار مجلس حقوق الإنسان 12/2، ويضم تجميع وتحليل أية معلومات متاحة، من جميع المصادر الملائمة عن الأعمال الانتقامية المزعومة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان المتعاونين مع آليات الأمم المتحدة، وكذلك تضمينه توصيات بشأن كيفية معالجة قضايا التخويف والانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان.
ويحتوي التقرير على المعلومات التي تم جمعها في الفترة من 15 يونيو/ حزيران 2011 إلى 15 يوليو/ تموز 2012، بشأن 15 بلداً، من بينها البحرين، ويسلط الضوء على الجهود التي تبذلها مختلف الجهات المعنية لرفع مستوى الوعي بشأن مسألة الانتقام والتخويف، والتدابير ذات الصلة لمكافحة مثل هذه الأعمال.
ويقدم التقرير وصفا للحالات التي تم فيها ترهيب أشخاص أو الانتقام منهم بسبب تعاونهم مع الأمم المتحدة أو ممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان، وفي هذا الإطار، أشارت مقدمة التقرير، إلى أنه في بعض الحالات، لم يكن من الممكن تسجيل الحالات بسبب مخاوف أمنية محددة أو لأن الأفراد يتعرضون لأعمال انتقامية، ولذلك طلبوا صراحة عدم إثارة قضاياهم علناً، كما يتضمن التقرير أيضاً متابعة المعلومات الواردة بشأن الحالات المذكورة في التقارير السابقة.
وأشار التقرير ضمن ثماني نقاط بشأن البحرين، إلى أنه وفقاً للمعلومات الواردة، فإنه تم اتخاذ إجراءات انتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان أثناء عملية الاستعراض الدوري الشامل لمملكة البحرين في 21 مايو/ أيار 2012، بما في ذلك نشر مقالات في عدد من الصحف البحرينية، التي وصفت المدافعين عن حقوق الإنسان في جنيف، الذين قدموا معلومات تتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في البحرين إلى الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل بـ»الخونة»، كما تم وصف الأفراد الذين حضروا جلسة جنيف بـ»مجموعة خونة كان هدفهم تشويه سمعة البحرين».
ولفت التقرير إلى أن المدافعين عن حقوق الإنسان الذين حضروا جلسة جنيف، أبدوا مخاوفهم بشأن سلامتهم وأية أعمال انتقامية محتملة قد يواجهونها عند عودتهم إلى البحرين، وأنه في جلسة 25 مايو، والتي تم فيها اعتماد تقرير البحرين من قبل الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل، عبرت رئيسة مجلس حقوق الإنسان لورا ديبوي لاسير، عن قلقها إزاء الحملة الإعلامية في البحرين ضد المدافعين عن حقوق الإنسان الذين شاركوا في الاستعراض ودعت السلطات البحرينية لضمان سلامة هؤلاء الأشخاص لدى عودتهم.
وتطرق التقرير، إلى تصريح وزير الداخلية البحريني بتاريخ 26 مايو، والذي أشار فيه إلى أنه قد يتم التحقيق مع الوفد العائد من جنيف بعد ما تطرق له الوفد الأهلي بشأن البحرين في جنيف، وأن أحد المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان، تعرض إلى حملة تشويه لدى عودته إلى البحرين من جنيف، فيما أصيب آخر بالاعتداء عليه من قبل رجال الأمن أثناء مشاركته في تظاهرة سلمية في البحرين.
ولفت التقرير، إلى عقد اجتماع ورسائل متبادلة بين المندوبين الدائمين للبحرين والأردن، بصفة الأخير رئيس مجلس السفراء العرب، ورئيسة مجلس حقوق الإنسان، للتشاور في هذا الشأن، فيما لم يورد التقرير ما نتجت عنه هذه المشاورات.
وتطرق التقرير كذلك، إلى اعتقال ومحاكمة عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين، مشيراً بذلك إلى الناشطين الحقوقيين عبدالهادي الخواجة، وعبدالجليل السنكيس، وحسن مشيمع، وعبدالغني خنجر، ونبيل رجب.
وأشار كذلك إلى تعرض منزل الناشط الحقوقي نبيل رجب في 21 مايو 2011 للهجوم من قبل قوات الأمن، ومنعه من السفر، بحسب ما ورد في التقرير، الذي أشار أيضاً إلى تعرض رجب للاعتداء عليه من قبل قوات الأمن، أثناء مشاركته في احتجاجات شهدتها العاصمة البحرينية (المنامة) في 6 يناير/ كانون الثاني 2012.
وذكر التقرير أن محكمة السلامة الوطنية حكمت على الخواجة والسنكيس ومشيمع وخنجر بالسجن مدى الحياة في 22 يونيو/ حزيران 2011، بتهمة اشتراكهم في «خلية ارهابية»، موضحاً التقرير بأن المعنيين بالإجراءات الخاصة التابعين للأمم المتحدة، أعربوا عن قلقهم من هذه الإجراءات.
كما لفت التقرير إلى أنه في 13 أبريل/ نيسان 2012، أصدر أربعة مقررين خاصين بياناً صحافياً حثوا فيه الحكومة على الإفراج فورا عن الخواجة، وخصوصاً مع ما تردد عن احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي قبل أن يسمح له بالحصول على محامٍ، ناهيك عن إجباره على الإدلاء باعترافات تحت الإكراه، والتي استخدمت في وقت لاحق كدليل في محاكمته، وكان الخواجة حينها في إضراب عن الطعام منذ 8 فبراير/ شباط 2012، وأنه على الرغم من تأكيدات السلطات البحرينية بسلامته، إلا أن التقارير والصور التي توثق حالته كانت تثبت سوء حالته الصحية، وفقاً لما جاء في التقرير.
وأشار التقرير كذلك، إلى أن المقررين الخاصين اعتبروا أن التعامل مع الخواجة، يأتي في سياق التعاطي العام مع المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين.
وتطرق التقرير في ختامه إلى عدد من النقاط والتوصيات، كان أبرزها، أن أعمال الترهيب والانتقام ضد من يتعاونون مع الأمم المتحدة، وممثلي آلياتها في ميدان حقوق الإنسان مازالت مستمرة، وأن هؤلاء مازالوا يشكون من التهديدات والمضايقات من قبل المسئولين الحكوميين، بما في ذلك من خلال التصريحات العلنية من مسئولين رفيعي المستوى، وحملات التشويه الإعلامي، والاعتداءات الجسدية والاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة والمنع من السفر.
وجاء في التقرير: «لا يمكن تفعيل آليات عمل الأمم المتحدة من دون الأفراد الذين يتعاونون معها، وتعرضهم للترهيب والاستهداف لأعمال انتقامية، يجعلهم ضحايا. وعندما يتم خنق تعاونهم، فإن ذلك يعرّض عمل الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان للخطر».
وحمّل التقرير الدول التي يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان فيها للخطر، المسئولية الأولى في ضمان حماية الأشخاص الذين يتعاونون مع الأمم المتحدة وآلياتها في ميدان حقوق الإنسان.
وانتقد التقرير، عدم المساءلة في غالبية الحالات المبلغ عنها، وطالب الدول بضمان أن يتم التحقيق بنزاهة في جميع أعمال الانتقام والترهيب وعلى وجه السرعة، وتقديم الجناة إلى العدالة وتوفير سبل انتصاف الضحايا المناسبة.
واعتبر التقرير، أن حماية المجتمع المدني يقع على عاتق الدولة، وأنه إذا لم تكن الدولة قادرة على أداء هذا الدور، فمن الضروري أن يضع المجتمع الدولي تدابير حماية قوية في هذا الشأن، وأن يكون هناك أسلوب منهجي يتم اعتماده من قبل الأمم المتحدة لحماية الجهات الفاعلة في المجتمع المدني والمنظمات على نحو أفضل.
وأكد التقرير الدور الحاسم الذي يلعبه المجتمع المدني في النهوض بحقوق الإنسان، منوهاً بأهمية استمرار منظمات المجتمع المدني في رفع الوعي بقضايا الانتقام ورصد التدابير التي تتخذها الدول لضمان المساءلة عن مثل هذا العمل.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3642 – الإثنين 27 أغسطس 2012م الموافق 09 شوال 1433هـ