هاني الفردان
أصدرت وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي، قراراً بوقف عمل مجلس أمناء صندوق سار الخيري، بسبب ما رأته من وجود مخالفات «مالية» وتجاوزات من قبل الصندوق.
وزارة التنمية مارست دورها وطبقت القانون على صندوق سار الخيري لأنه جمع واستثمر أموالاً داخل البحرين من دون علم الوزارة. وجمعية سلفية سياسية قامت هي الأخرى بجمع المال من الداخل، وإرساله للخارج في حقيبة يدوية، وليس عبر حسابات مصرفية بنكية ثابتة وواضحة، لدعم «الجيش الحر السوري».
الدولة تهربت من الموضوع بقولها إنه لا يوجد قرار يمنع الجمعيات السياسية من جمع التبرعات المالية بأي شكل من الأشكال، وأن ترسله لمن تشاء وحيثما تشاء، حتى لو كان ذلك دعماً لمجهود حربي وتنظيمات مسلحة، وذلك خلافاً لما هو متعارف ومتفق عليه دولياً من اتفاقات «تجفيف منابع تمويل الإرهاب».
قانون الجمعيات السياسية لا يوجد به ما يشير إلى عمليات جمع الأموال، إلا أنه حظر على الجمعيات السياسية أو أيٍّ من أعضاء مجالس إدارتها التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى. فهل الدعم المالي للجماعات المسلحة، لا تعده الدولة تدخلاً في الشئون الداخلية؟
القرار رقم (27) لسنة 2006 بشأن نظام الترخيص للجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والمؤسسات الخاصة الخاضعة لإشراف وزارة التنمية الاجتماعية بجمع المال، يشترط الحصول على ترخيص لجمع التبرعات. وينص على أنه «لا يجوز جمع المال من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين داخل أو خارج إقليم المملكة بأية وسيلة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الوزارة (الدولة)». ولا يجيز قرار استعمال الأموال التي تجمع في غير الغرض الذي جمعت له إلا بموافقة الدولة.
كما ينص القرار على ضرورة تحديد كيفية التصرف بحصيلة جمع المال، والجهات المستفيدة منه. فهل الدولة كانت على علم بما يحدث من عملية جمع أموال من المواطنين ومن ثم إرسالها للخارج لدعم مجهود حربي؟
هل الدولة والجهات المختصة بحسب ما نص قرار «جمع الأموال» على علمٍ باسم المصرف ورقم الحساب الذي استودعت به الأموال التي تم جمعها، من قبل الجمعية السياسية؟
هل الدولة تخاف من الجمعيات الخيرية وتصدير أموال التبرعات لمنظمات خارجية، ولا تخاف من الجمعيات السياسية؟ خصوصاً تلك التي كانت لها خلفيات وارتباطات بتنظيمات مسلحة. فهل ستطالب الدولة جمعية الأصالة الإسلامية بموافاتها بكشف تبين فيه حصيلة التبرعات ومفردات الإيرادات والمصروفات على أن تكون مشفوعة بالمستندات الدالة على صحتها؟
تنص المادة العاشرة من القرار على أنه «لا يجوز للجمعية أو للنادي تحويل أية مبالغ مالية إلى شخص خارج المملكة إلا بإذن من الدولة». فإذا كانت الأندية والجمعيات الخيرية، لا يمكنها أن تصدر أموالاً للخارج إلا بموافقة الدولة، فهل للجمعيات السياسية أن تصدر أموالاً للخارج ولدعم جماعات مسلحة؟
قرار «جمع الأموال» يشترط لمنح إذن جمع الأموال للخارج أن يكون المستفيد مؤسسة مرخصاً لها بمزاولة النشاط من قبل الدولة التي ينتمي إليها، فهل الدولة على علمٍ بأن الجيش الحر السوري مؤسسة رسمية مرخصة من الدولة السورية أم لا؟ أم أنها لا تعترف بالدولة السورية الحالية؟ فالأمر يحتاج لجواب واضح وصريح.
كيف لا تعلم الدولة وزارة العدل المعنية بمتابعة الجمعيات السياسية، هل يحق للجمعيات السياسية جمع التبرعات أم لا؟ وإذا كان يحق لها فهل يحق لجمعيات سياسية مثلاً جمع التبرعات لحزب الله اللبناني أو لأحزاب عراقية أو لدعم جمعيات ومنظمات أهلية وسياسية خارجية؟ وهل يحق لجمعية سلفية إسلامية جمع التبرعات لتنظيم القاعدة؟
كيف أصبحت الدولة الآن لا تعلم بأن جمع المال من قبل الجمعيات السياسية قانوني، أم غير قانوني، وهل لوزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف أن يجيب على هذا السؤال؟ لأن الجواب على هذا السؤال سيغير الكثير وسيفتح الباب على مصراعيه للجمعيات السياسية في التعاطي مع الخارج مالياً.
هل التصريح غير الرسمي من الدولة، محاولة هروب ولكن للخلف، وعدم قدرة على تحمل «الفاجعة» وتبعاتها، إذ تعلم بأن السماح لجمعيات سلفية بجمع تبرعات لدعم جماعات مسلحة يفتح عليها باب التأزيم الدولي، ويعيد فتح ملف تمويل «الإرهاب العالمي».
هل تعلم الدولة أم لا تعلم، بأن ما حدث من تصدير أموال من قبل جمعية سياسية لدعم جماعة مسلحة، تشوبها شبهة «تبييض أموال». وهل تناست الدولة أن مشروع تعديل قانون حظر ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب جاء نتاج تقييم قطاع الخدمات المالية «FSAP» من قبل صندوق النقد الدولي العام 2005، بخصوص القطاع المالي في البحرين الذي انتهى إلى التوصية بمراجعة قانون حظر ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتضمينه الجرائم الواردة في التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل الدولية، تفادياً لإدراج اسم البحرين ضمن قائمة الدول غير المتعاونة والتي تشكل مخاطر على المجتمع الدولي.
هل الدولة قادرة على الرد؟ لا أعتقد.