أكدت أن استخدامها لم يسبق له مثيل خلال 100 عام
حذرت منظمة أطباء لأجل حقوق الإنسان من الآثار الصحية المترتبة عن الإفراط في استخدام الغازات المسيلة للدموع في البحرين، وطالبت في الوقت نفسه بمساءلة المسئولين عن الاستخدام المفرط لمسيلات الدموع.
جاء ذلك في التقرير الذي أطلقته المنظمة، ويقع في ستين صفحة، بعنوان «استخدام الغاز المسيل للدموع كسلاح في البحرين».
وأشار التقرير، إلى أن رجال إنفاذ القانون في البحرين يستخدمون مسيلات الدموع لمعاقبة المتظاهرين، وتسبيب المعاناة لهم، وقمع المحتجين، في حين أنه من المفترض أن تستخدم مسيلات الدموع للسيطرة على الحشود، إلا أنه في البحرين يتم استخدام الغاز المسيل للدموع، بكميات كبيرة وفي الأماكن المغلقة، ما يشكل مخاطر صحية خطيرة، قد تؤدي إلى الموت.
وجاء في التقرير: «الاستخدام الواسع النطاق والمستمر لمسيلات الدموع في البحرين، لم يسبق له مثيل خلال 100 عام من استخدام الغاز المسيل للدموع ضد المدنيين في جميع أنحاء العالم، وهذا ما يجبرنا كمنظمة للفت انتباه العالم إلى الخطورة المعروفة وغير المعروفة للعواقب الصحية للغاز المسيل للدموع، بما في ذلك الوفاة».
وأوضحت المنظمة، أن النتائج التي استندت إليها في هذا التقرير، تعتمد على البحوث الميدانية التي أجريت في البحرين في أبريل/ نيسان الماضي (2012)، للتحقيق في الاستخدام المفرط للقوة من جانب الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون منذ شهر يونيو/ حزيران من العام 2011.
وأجرى فريق البحث الذي ضم نائب مدير المنظمة ريتشارد سولوم، وأستاذة الطب هولي أتكينسون، 102 مقابلة معمقة مع البحرينيين الذين تعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان، وشهود عيان على هذه الأحداث، وقادة المجتمع المدني، ومسئولين حكوميين.
وشملت الدراسة إجراء الفحوصات الطبية، وتقييم السجلات الطبية، واستعراض التصوير الشعاعي، والتصوير الفوتوغرافي، وأدلة الفيديو.
وتوثق نتائج التقرير، وسيلتين مترابطتين لاستخدام مسيلات الدموع في البحرين ضد المدنيين، الأولى من خلال استخدام السلطات للمسيلات بشكل روتيني انتهكت من خلاله مبادئ الأمم المتحدة التي تنظم استخدام الشرطة للقوة، والثانية من خلال استخدام مسيلات الدموع ضمن الأسلحة المستخدمة في الهجوم على المدنيين داخل منازلهم وسياراتهم.
وأشار التقرير، إلى أنه في حين أن القانون الدولي الحالي يسمح للحكومات باستخدام بعض المواد الكيميائية لأغراض تفريق الحشود، إلا أن السلطات البحرينية فشلت في ممارسة ضبط النفس قبل اللجوء إلى استخدام القوة؛ كما أنها تستخدم القوة المفرطة عند الرد على المتظاهرين، وفشلت في الحد من الضرر والأذى الذي يقع على المتظاهرين جراء هذا الاستخدام.
وجاء في التقرير: «تسبب الاستخدام غير المقيد لهذه المواد الكيميائية السامة ضد المدنيين، بتهديد حياة الأشخاص في بعض الحالات. ومن خلال الإصابات التي عاينها فريق المنظمة في البحرين، تبين الإصابة بصدمة حادة وتمزقات في الرأس والأطراف نتيجة تأثير الإصابة المباشرة للعلب المعدنية لمسيلات الدموع التي أطلقت عليهم من مسافة قريبة».
وأشارت المنظمة إلى تعرض أحد المارة لطلقة مسيل دموع في الرأس بينما كان يسير بالقرب من موقع للاحتجاج في منطقة كرانة، ما تسبب في إصابته بكسر ونزيف في الجمجمة.
واعتبرت أن مثل هذه «الاعتداءات غير المبررة»، تشكل تهديداً بحسب مبادئ منظمة الصحة العالمية، وعدم التزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، إذ تعتبر تعذيبا أو عقوبة قاسية، ومعاملة لا إنسانية.
وحذرت المنظمة من أن استمرار استخدام مسيلات الدموع على مدى 18 شهرا، من شأنه أن يتسبب في تأثيرات صحية سلبية جداً بين هذه الفئة من السكان، وأن استمرار استهداف المدنيين في الأماكن المغلقة يؤدي إلى خطورة العواقب الصحية على المدى الطويل، بما في ذلك الإجهاض وضيق التنفس الحاد الذي قد يؤدي إلى الوفاة المبكرة.
واعتبر التقرير، أن سلطات إنفاذ القانون، أساءت استخدام الغازات المسيلة للدموع بشكل كبير، وأوصت بموجب ذلك حكومة البحرين، بإنهاء جميع الهجمات على الأفراد، بما في ذلك استخدام الغاز المسيل للدموع على المدنيين ومنازلهم.
كما دعت إلى النظر للآثار الضارة الناجمة عن إساءة استخدام الغاز المسيل للدموع في البلاد، وإلى وقف كلي لاستخدام الغاز المسيل للدموع، إلى أن تقوم الحكومة بإجراء تحقيق كامل وحيادي في الأحداث الواردة بالتفصيل في هذا التقرير، وإعادة تدريب قوات الأمن على الاستخدام السليم للغاز المسيل للدموع، وتحمل مرتكبي الاستخدام المفرط أو غير المناسب للقوة للمساءلة.
وأوصت بعد استيفاء المعايير الأولية في هذا الإطار، بالالتزام بمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن استخدام القوة وقانون العقوبات البحريني من أجل وقف إساءة استخدام الغاز المسيل للدموع في المستقبل.
كما أوصى التقرير بإنشاء هيئة مستقلة تتكون من الأفراد المعنيين بحقوق الإنسان والذين على دراية بالقواعد القانونية فيما يتعلق باستخدام القوة للتحقيق في سوء الاستخدام المتعمد للمواد الكيميائية السامة في البحرين، والكشف عن معلومات بشأن الأنواع المختلفة من المواد الكيميائية السامة المستخدمة من قبل رجال إنفاذ القانون، نظراً للأدلة المقلقة من الآثار الضارة من العوامل الكيميائية السامة بحسب ما توصلت إليه نتائج تحقيق منظمة أطباء لأجل حقوق الإنسان واللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، باعتبار أهمية توافر هذه المعلومات لعلاج المواطنين البحرينيين من آثار مسيلات الدموع، وإجراء البحوث العلمية في المستقبل عن آثار جميع المواد الكيميائية السامة.
ودعت كذلك لأن يتم السماح للعلماء والمهنيين الصحيين، وأخصائيي الأوبئة بإجراء المسوحات البحثية لاستخدام وتأثيرات الغاز المسيل للدموع في البحرين.
كما أوصت المنظمة بتعليق الصادرات العالمية من الغاز المسيل للدموع إلى البحرين إلى أن تجري الحكومة تحقيقاً كاملاً ونزيهاً في استخدام مسيلات الدموع، وتدريب قوات الأمن على الاستخدام السليم للغاز المسيل للدموع، وإحالة المسئولين عن الاستخدام المفرط لمسيلات الدموع للمساءلة.
ودعت إلى عقد اجتماع لفريق متعدد التخصصات من المهنيين الصحيين، والمحامين، ورجال إنفاذ القانون وخبراء الصحة العامة لوضع مشروع المبادئ التوجيهية بشأن الاستخدام السليم لجميع المواد الكيميائية السامة، وخصوصا تلك التي تصنف على أن لها خاصية الإدماع، وذلك لتحديد ما إذا كانت تتطلب إعادة تصنيفها تحت اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
كما أوصت بدعم البحث العلمي في الآثار الصحية للغاز المسيل للدموع، بما في ذلك البحث عن الروابط الممكنة بين آثار مسيلات الدموع والإجهاض أو الأمراض الوراثية، وكذلك تأثيرها على الجهاز التنفسي على المدى الطويل.
ودعت إلى المراجعة الدولية والإقليمية والوطنية، للمبادئ التوجيهية المحلية لاستخدام الغاز المسيل للدموع، وضمان اتباع رجال إنفاذ القانون للمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة، بما في ذلك آليات المساءلة عن سوء الاستخدام.
أما في توصياتها إلى الولايات المتحدة الأميركية، فدعتها المنظمة للاستمرار في رفض منح رخص التصدير للغاز المسيل للدموع لمملكة البحرين، إلى حين إعلان الأخيرة التزامها بمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن استخدام القوة فيما يتعلق باستخدام الغاز المسيل للدموع، ومساءلة المسئولين من رجال إنفاذ القانون عن استخدام القوة المفرطة أو انتهاك المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة.
ودعت كذلك إلى إلغاء تراخيص استخدام الغاز المسيل للدموع للبلدان التي تبدي مؤشرات على الاستخدام غير السليم للغاز المسيل للدموع أو غيرها من مواد مكافحة الشغب ضد المدنيين السلميين.
وأوصت المنظمة كذلك بالتأكد من ضرورة انسجام أية مساعدات عسكرية إلى البحرين مع «قانون ليهي» القسم 502 (ب) من قانون المساعدات الخارجية للعام 1961، والدعم الكامل للجهود الدولية لوضع المبادئ التوجيهية بشأن الاستخدام السليم لجميع المواد الكيميائية السامة، وقيادة المجتمع الدولي في الدعم العلمي للبحث عن الآثار الصحية لهذه المواد.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3618 – الجمعة 03 أغسطس 2012م الموافق 15 رمضان 1433هـ