طالبوا بمحاسبة المسئولين الذين شهّروا بهم وطعنوا في مهنيتهم
أطباء برّأهم القضاء يطالبون بالعودة للعمل والتعويض
طالب عدد من أطباء «الكادر الطبي» بإعادتهم للعمل، مع صرف تعويضاتهم وخصوصاً مع نطق المحكمة ببراءتهم، مطالبين أيضاً بمحاسبة المسئولين الذين قاموا بالتشهير بهم وتوجيه اتهامات ضدهم.
والتقت «الوسط» مجموعة من الأطباء الذين أصدر في حقهم حكم البراءة خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي، وقد حضر اللقاء كل من فاطمة حاجي وزهرة السماك ونجاح خليل وأحمد عمران ونادر الديواني.
وفي هذا الصدد قالت حاجي: «إن بعد صدور الحكم راجعت وزارة الصحة وقد كنت توجهت للوزارة بملف يضم 57 صفحة إضافة إلى رسالة من المحامي تثبت حكم براءتي، إلا أنني تفاجأت بالمعاملة القاسية من قبِل حراس الأمن هناك، إذ تم رفض إدخالي الوزارة وتم طلب بطاقتي السكانية إضافة إلى رخصة سياقتي، في الوقت الذي كان فيه بقية الزائرين يدخلون الوزارة بمجرد إعطاء حارس الأمن بطاقة الهوية».
وتابعت قائلة: «على رغم إعطائي حراس الأمن بطاقة الهوية ورخصة السياقة إلا أنهم حققوا معي في سبب الزيارة وفي سبب عدم امتلاكي بطاقة العمل والتي أخذت أثناء فترة اعتقالي، في الوقت الذي كان يؤكد فيه أحد حراس الأمن أن هناك أوامر».
وأوضحت حاجي أنها حاولت إبلاغ حراس الأمن بأنها ستسلم إدارة الموارد البشرية متمثلة في مديرتها فاطمة عبدالواحد نسخة من رسالة المحامي التي تثبت براءتها، إلا أن حارس الأمن بعد مراجعة الموارد البشرية أبلغها بأنه لا داعي لوجودها هناك، طالباً منها الرحيل من مبنى الوزارة مع ووضع الأوراق في صندوق الوزارة، ما أدى إلى رفضها مغادرة المبنى ولكن من دون جدوى أو حتى السماح لها بمقابلة المسئولين، مستنكرة المعاملة غير اللائقة التي تلقتها، مؤكدة أنها مازالت موظفة رسمياً في وزارة الصحة ومن حقها الحصول على معاملة محترمة عند مراجعة الوزارة بدلاً من التحقيق معها.
ولفتت حاجي إلى أنها أرسلت رسالة تضم نسخة من حكم المحكمة بالبراءة عبر البريد المسجل بوصل الاستلام إلى مكتب الوزير، إلا أنه مضى شهر ولم يتم الرد على الرسالة، مبينة أنه مع المراجعات تم إبلاغها من قِبل مكتب سكرتير الوزير بأنهم بانتظار أوامر من مكتب إدارة الموارد البشرية، في الوقت الذي تؤكد فيه الإدارة أنه لا توجد أوامر حتى الآن.
وطالبت حاجي بإعادتها للعمل، مؤكدة أن ذلك حق من حقوقها، إلى جانب صرف مستحقاتها المالية وخصوصاً أن المحكمة برأتها، مشيرة إلى أن وزارة الصحة لم تصرف بدل مناوباتها منذ شهر فبراير/ شباط 2011، في الوقت الذي لم يصرف راتبها بعد ذلك، ولم يُصرف لها راتب شهر مايو/ آيار 2011 وقدره 5 دنانير و810 فلوس، مؤكدة أن أفضل ما تستلمه كان 270 ديناراً.
وأشارت إلى أنه من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2011 تم إيقاف الراتب وذلك بعد صدور الحكم الأولي، مؤكدة أنه مع إصدار حكم البراءة فمن حقها الحصول على مستحقات الأشهر السابقة والتي تشمل رواتبها بالكامل وبدل التفرغ أيضاً.
وأكدت حاجي أن هناك مماطلة من قبِل وزارة الصحة سواء في ما يتعلق بإرجاعهم للعمل، أو حتى السماح لهم بالحصول على رخصة مزاولة المهنة للعمل في القطاع الصحي الخاص، مبينة أنها قدمت طلباً بذلك منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 وإلى الآن لم تتلقَ أي رد.
واستغربت حاجي سياسة الأبواب المغلقة، مبينة أنهم التقوا وزير الصحة صادق الشهابي في شهر مايو 2012، وقد أكد الوزير آنذاك أن الأبواب مفتوحة للجميع وخصوصاً أن اللقاء كان يتعلق بعدم رد الوزارة على خطابات الأطباء، مبينة أن بعد هذا اللقاء حاول الأطباء الحصول على موعد ثانٍ من أجل مقابلة الوزير، إلا أن الأبواب كانت مغلقة أمامهم.
كما استغربت حاجي أيضاً ما أسمته بالرعب عند توجه أحد الأطباء إلى الوزارة، مؤكدة أنه يتم التعامل مع الطبيب على أنه مجرم على رغم ثبوت براءته من قِبل المحكمة. وذكرت حاجي أن التهم الموجهة للأطباء تهم سياسية وليست مهنية ومن حق الجميع العودة إلى أعمالهم، وخصوصاً أن بعضهم تهمهم تتعلق بالتجمهر وهي تتعلق بحرية التعبير عن الرأي كما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق.
السماك: نطالب بالعودة إلى العمل
وتعويضنا عن الضرر النفسي والجسدي
من جهتها قالت زهرة السماك: «أطالب بعودتي للعمل، كما أطالب بصرف مستحقات وصرف تعويضات عن الضرر الذي لحق بنا كأطباء فقد تعرضنا لضرر نفسي وجسدي واعتقلت من مكتب رئيس الأطباء وقد تعرضت للإهانة الجسدية والنفسية، إلى جانب التعريض والتشهير بمهنيتنا والتي أثبتت المحكمة بأننا لم نقصر في علاج المرضى ولم نميز بين المرضى».
وأضافت السماك أن «بعد صدور حكم البراءة تابعت كبقية الأطباء مع الوزارة وبعد سماعي لما لاقته حاجي من معاملة أثناء مراجعتها قمت بالمتابعة عن طريق إرسال رسالة بالبريد المسجل مع علم الوصول، وكنت أتابع بشكل يومي وقد قمت بالاتصال عدة مرات».
وأكدت السماك أنها قامت بالاتصال بمكتب سكرتير وكيلة وزارة الصحة بشأن رخصة مزاولة المهنة في القطاع الصحي الخاص، إلا أن الرد جاء بأن من حقها العودة للعمل، على أن تقوم بمراجعة مكتب وزير الصحة، ملفتة إلى أن جميع الاتصالات باءت بالفشل.
وأشارت السماك إلى أن هناك أنباءً بأن قضية إرجاعهم للعمل أحيلت للموارد البشرية وإلى الشئون القانونية في الوزارة وذلك للنظر في قضيتهم، مؤكدة أنه مع صدور حكم البراءة فإن على الوزارة احترام القانون وإن حكم البراءة يقتضي عودة الأطباء إلى أعمالهم. وذكرت السماك أنه تم انتهاك حقوق الأطباء ابتداءً من عدم صرف رواتبهم والبند السادس من المادة (22) من القانون ينص على «جواز وقف الموظف عن عمله إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على 6 أشهر مع صرف الراتب خلال فترة الوقف، وذلك وفقاً للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية، ويكون الوقف بقرار من رئيس مجلس الوزراء بالنسبة إلى شاغلي الوظائف العليا ومن في حكمهم ومن السلطة المختصة بالنسبة إلى بقية الموظفين، وجاء في المادة (22) ضمن باب التحقيق الإداري والتأديب أن كل موظف يحبس احتياطياً يعتبر موقوفاً عن عمله مدة حبسه ومع انتهاء الحبس يصرف للموظف ما سبق إيقافه إذا حفظ التحقيق أو الحكم ببراءته.
واستغربت السماك أنه حتى مع صدور حكم البراءة فإن الوزارة مازالت مصرة على عدم إرجاعهم للعمل وصرف مستحقاتهم، مستغربة أيضاً ما يسمى بسياسة الأبواب المفتوحة، مؤكدة أنه على رغم محاولة الأطباء مقابلة وزير الصحة إلا أن الأبواب كانت مغلقة أمامهم على رغم أنهم يعتبرون جزءاً لا يتجزأ من الوزارة.
وأكدت السماك حق الأطباء ممن صدر في حقهم حكم البراءة بالعودة للعمل وخصوصاً أن التهم التي وجهت لهم لم تكن تتعلق بعلاج المرضى، إذ إن التهم سياسية، مبينة أنه حتى من صدر في حقهم الحكم شهر أو شهران أو حتى عام أو غيرها من حقهم العودة للعمل فتهمهم سياسية ولم تتعلق بمهنتهم الطبية، مطالبة باحترام القضاء وإعادة الجميع للعمل.
خليل: «الصحة» أخلّت بعقد بدل التفرغ
من جانبها قالت نجاح خليل: «بعد نطق الحكم بالبراءة قمت بمخاطبة وزارة الصحة عن طريق إرسال خطاب بالبريد المسجل إلى إدارة المراكز الصحية وقد استلمت الإدارة الرسالة، إلا أن الإدارة أبلغتني بأنها بانتظار رد من إدارة الموارد البشرية بالوزارة».
وطالبت خليل بعودتها للعمل مع صرف تعويضات بالمستحقات السابقة على أن تشمل المستحقات الراتب الأساسي وبدل التفرغ وخصوصاً أن الطبيب يكون على عقد مع الوزارة بشأن بدل التفرغ، مبينة أن الوزارة هي التي أخلت بالعقد لذلك فإن عليها دفع التعويضات كاملة.
عمران: الرسائل المرسلة
للموارد البشرية في علم المجهول
من جانبه أكد أحمد عمران أن جميع الرسائل المرسلة من قبِل الأطباء إلى الموارد البشرية تكون في علم المجهول، مبيناً أنه بمجرد إحالة الخطابات إلى مديرة الموارد البشرية فاطمة عبدالواحد فإن هذه الخطابات تصبح في علم المجهول ولا يتم الرد عليها.
وأوضح عمران أنه قام بإرسال أحد أفراد العائلة للمتابعة مع الوزارة إلا أن حراس الأمن منعوه من التوجه للمسئول المعني وقد تم استلام الخطاب من قِبل حراس الأمن مع ختم الوصول، إلا أنه عند المراجعة أكدت إدارة الموارد البشرية أنه لم يتم تسلم الخطاب.
وذكر عمران أنه بعد صدور الحكم توجه للوزارة وذلك للمتابعة، إلا أن حارس الأمن منعه من ذلك بحجة أن بطاقة العمل قديمة، مبيناً أنه طلب من حراس الأمن اعتباره زائراً أسوة ببقية الزائرين ولكن دون جدوى، مشيراً إلى أنه قام بالاتصال بعدة أشخاص في الوزارة والذين قاموا باستقباله وخصوصاً لكونه يعمل في الوزارة منذ تسعة أعوام، مشيراً إلى أنه سلم المسئولين في الوزارة الخطابات بشأن العودة للعمل والتي تؤكد أيضاً حصوله على البراءة، إلا أنه لم يحصل على جواب صريح على رغم المراجعات المستمرة، مشيراً إلى أنه وصلته أنباء عن أن قضية عودتهم تتم مناقشتها من قبِل الموارد البشرية وديوان الخدمة المدنية، مستغرباً غياب الشفافية في هذا الموضوع.
وأكد عمران أن على الوزارة إبلاغ الأطباء فيما إذا كانت ترغب في عودتهم أو لا، موضحاً أن العديد من الأطباء تلقوا عروضاً خيالية في الخارج، إلا أنهم يرغبون في مزاولة مهنتهم في البحرين وخصوصاً أنهم نذروا أنفسهم لخدمة البحرين.
واستغرب عمران هذه المماطلة، مؤكداً أن على الوزارة الالتزام بحكم القضاء وإعادة الأطباء إلى العمل.
وذكر عمران أن الأطباء تعرضوا للإهانة واعتقلوا بطرق وحشية، فضلاً عن التعذيب الجسدي والنفسي، مع دخولهم في محاكم عسكرية ومدنية، مؤكداً أن بعد كل ما تعرض له الأطباء فإن لهم الحق في العودة للعمل.
دواني: أطالب بالعودة للعمل
مع صرف مستحقاتي
أما نادر دواني والذي حكم عليه بشهر، في حين أنه قضى خمسة أشهر في المعتقل، طالب هو الآخر بعودته للعمل، مع صرف مستحقاته المالية جراء إيقافه عن العمل وعدم صرف راتبه.
وأشار دواني إلى أنه أثناء فترة الاعتقال كان يُصرف له نصف الراتب، في الوقت الذي توقفت الوزارة عن صرف الراتب منذ خروجه من المعتقل.
وتساءل دواني عن مصلحة الوزارة في عدم إرجاع الأطباء إلى العمل، وخصوصاً مع صدور حكم البراءة للأغلبية.
ولفتت دواني إلى أنه سلم خطابات إلى الوزارة من أجل العودة للعمل، إلا أن الوزارة مازالت تماطل في الرد عليه أسوة ببقية الأطباء، مطالباً بحقه في العودة للعمل وصرف رواتبه السابقة وتعويضه.
وقال جميع الأطباء: «إن بعد صدور حكم البراءة في حقنا فنحن نطالب بعودتنا للعمل وفي أماكننا، إلى جانب محاسبة المسئولين الذين قاموا بالتشهير بمهنيتنا على أن تتم محاسبة الجميع دون استثناء وخصوصاً من اتهمونا بتهم مشككة، والتي أثبتت المحكمة براءتنا منها، على أن يتم تقديم اعتذار للأطباء جميعاً وخصوصاً في ظل ما تعرضوا له من تشهير سبب لهم أذى نفسياً، إضافة إلى الأذى الجسدي الذي لاقوه خلال فترة الاعتقال».
وأضافوا أن «تطبيق القانون يجب أن يكون على جميع المسئولين الذي ساهموا في تشويه صورة الأطباء عبر عقد مؤتمرات لتشويه سمعتهم ومهنيتنهم وولائهم، إذ إن محاسبتهم وتقديمهم الاعتذار سيكون أولى خطوات المصالحة والتي لن تكتمل دونها، على أن يتم تطبيق توصيات لجنة بسيوني».
وأكد جميع الأطباء في ختام حديثهم أن جميعهم مضى عليهم في خدمة وزارة الصحة ما بين 12 إلى 30 عاماً، مستغربين أن تُقدّر إنجازاتهم بالمماطلة في عودتهم للعمل، مبينين أن من حقهم العودة للعمل أسوة بأطباء الجنح الذين عادوا إلى أعمالهم، مشيرين إلى أن حكم البراءة صدر في حقهم، لذلك فإن وضعهم القانوني يسمح لهم بالعودة للعمل أسوة بالبقية، مبينين بأن من حقهم العودة للعمل كما عاد أطباء الجنح إلى أعمالهم قبل صدور الحكم، مؤكدين بأن جميع الأطباء أبرياء من التهم المنسبوبة إليهم سواء كانوا أطباء الجنايات أو الجنح، إلا أن وضع من صدر في حقه حكم البراءة أفضل من لم يصدر في حقه الحكم حتى الإن، مما يجعل العودة للعمل حق من حقوقهم.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3606 – الأحد 22 يوليو 2012م الموافق 03 رمضان 1433هـ