حِزْبُ البَعْثِ العَرَبي الاشْتِرَاكي أُمةٌ عرَبِيةٌ وَاحِدَة ذاتُ رِسالَةٍ خَالِدَة
القيادة القومية وحدة حرية اشتراكية
مكتب الثقافة والإعلام
لتكن دروس ثورة 17 تموز بوصلة طريق لثوار الامة العربية
ياجماهير امتنا العربية الباسلة
تمر اليوم ذكرى انطلاق ثورة 17-30 تموز – يوليو عام 1968 في العراق المناضل بقيادة حزبنا العظيم -حزب البعث العربي الاشتراكي-، والوطن العربي يمر بمخاض حاسم يضعه امام احتمالات متناقضة وخطيرة لكنه يفتح افاق التطور الثوري والتحرري الديمقراطي امام الجماهير العربية وقواها الوطنية كافة. من هنا فان البحث في اهمية هذه الثورة وميزاتها ودروسها يمكن ان يسخر في ان واحد لخدمة اهداف النضال الشعبي العربي الحالي ضد النظم الفاسدة والمستبدة والامبريالية الامريكية والصهيونية العالمية والقوى المعادية الاخرى.
لاشك ان ثورة السابع عشر من تموز قد شكلت نقلة نوعية للعراق من حالات الضعف والتخلف والتبعية وانعدام الحريات الى اوضاع جديدة تمثلت ببناء العراق الناهض القوي والمتقدم وبروز امكانيات التطور وبناء تجربة ايجابية وتاريخية في العراق. فما الذي قدمته ثورة 17 تموز للعراق والأمة العربية وجعلها موضع فخر واعتزاز لكل مناضل عربي؟
ايها الاحرار في الامة
انه من الصعوبة بمكان تعداد انجازات الثورة كلها، ولذلك سنلخصها بالانجازات الرئيسة فقط، فلقد اممت النفط في خطوة جبارة غير مسبوقة في نجاحها وتأثيراتها الايجابية، وسخرت موارده الضخمة لإعادة بناء الانسان وقطر العراق، اذ اصبحت موارد النفط وسيلة للقضاء التام على الفقر ومحو الامية والتخلف، كما شهدت السبعينيات من القرن الماضي ومطلع الثمانينيات بدء الرفاهية في المجتمع العراقي وزوال الفقر والأمية، نتيجة مجانية التعليم والطب وخدمات الاسكان والغذاء وإرسال ألاف الطلاب للدراسة في الخارج على نفقة الدولة في فروع علمية مهمة جدا، وإلزامية تعيين كل الخريجين وإجبارية التعليم. وازدهرت الثقافة والفن والعلوم التطبيقية بشكل لم يسبق له مثيل، وكانت تلك التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الجذرية قد نقلت العراق من موقع الدولة المتخلفة الى دولة توشك على دخول تصنيف الدول المتقدمة كما اشار تقرير للأمم ألمتحدة.
ومن بين اعظم انجازات الثورة بناء جيش محترف وعقائدي وفي نفس الوقت كان جيشا لم يسبق لقوته مثيل في الوطن العربي، ضم مليون مقاتل مجرب وخبير بكافة فنون القتال، مزودا بأحدث الاسلحة. وكان لهذا الجيش دور عظيم في حماية العراق وإعادة دوره الفعال اقليميا وعربيا مسهما اسهاما جادا وفاعلا في حماية الامن القومي العربي عامة الى جانب حماية والامن الوطني العراقي خاصة. وما تجربة حماية العراق والأقطار العربية من غزوات ايران على البوابة الشرقية من الوطن العربي في عهدي الشاه وخميني الا مثالا ساطعا على تلك الحقيقة.
اضافة الى هذا فقداقيمت شبكة طرق ومواصلات متقدمة وحديثة ربطت اجزاء العراق بصورة ممتازة وردمت فجوات المسافات وخففت من الفوارق بين الارياف والمدن وسهلت تنقل العراقيين وخدمت الثورتين الزراعية والصناعية في العراق، على اعتبار ان البنية التحتية من اهم شروط النهضة والتقدم.
واما بالنسبة للقضية الكردية فقد حلت سلميا عبر بيان 11 اذار عام 1970م الذي وضع الحل الجذري للمشكلة الكردية من خلال الاعتراف بالقومية الكردية وحقوق كافة العراقيين من كافة الاديان والطوائف والقوميات والأقليات. وأقيمت الجبهة الوطنية والقومية التقدمية التي ضمت اهم القوى العراقية، اذ كانت مشروعا لإنهاء الصراعات السياسية في العراق والتي استنزفت الشعب العراقي نفسيا وماديا، وكان البعث المبادر والسباق في تنفيذ هذا الهدف الوطني الكبير، و الى جانب هذا الهدف الوطني الكبير، كان يخطط لإقامة نظام تعددي منطلقا من ادراكه لأهمية التعددية الحزبية واستيعابه لدوره القيادي في الثورة وما حققته من المنجزات التاريخية العظيمة، وتأكيده ان الحزب الذي فجر ثورة 17- 30 تموز وحقق كل تلك المنجزات قادر على مواصلة الثورة مع شركائه في التعددية الحزبية والديمقراطية وحماية الكثير من المنجزات التي اصبحت ملكا لكل ابناء العراق بشكل خاص وقوة مضافة للأمة العربية في مواجهة اعدائها التاريخيين.
ايها المناضلون العرب
لقد شكلت هذه المنجزات مصدر رعب في محيط اعداء الامة فكان العدوان الايراني ثم العدوان الثلاثيني الغاشم محاولة اجتثاث هذه التجربة المتميزة في المنطقة وضرب انجازاتها الداخلية التي اقترنت بانجازات خارجية عربية وإقليمية ودولية كثيرة، اهمها التمسك الحازم بحقوق الشعب الفلسطيني ورفض اي مساس بها ارضا وشعبا وتاريخا وهوية، ودعم المقاومة الفلسطينية بكافة الطرق، والعمل الجاد على تحقيق الوحدة العربية ولو باشكال تمهيدية، وكان اول اشكالها هو العمل على تحقيق التكامل الاقتصادي العربي تمهيدا لتحقيق اي خطوة وحدوية بين الاقطار العربية. وتضمن هذا التوجه تقديم الدعم المالي والفني والعسكري الكبير للأقطار العربية الفقيرة او لحماية وحدتها واستقلالها، وفتح ابواب الجامعات والكليات والمعاهد العراقية للطلاب العرب ومعاملتهم معاملة العراقيين وتقديم ألاف الزمالات الدراسية المجانية سنويا للمحتاجين من الطلاب العرب من مختلف الاقطار العربية، لتمكين اقطارهم من اللحاق بالعالم المتقدم. وكان العراق قد بنى المستشفيات والجسور ومصافي النفط وقنوات التلفزيون والشوارع الحديثة وتفاعل مع الكثير من الاقطار العربية في حقول التنمية بحقولها المختلفة، وكانت خطوة اقامة مجلس التعاون العربي خطوة مهمة كان للعراق دور ايجابي في انبثاقه وتشكيله ايمانا منه بحتمية الوحدة العربية.
بعد وصول خميني للسلطة وتبنيه لهدف غزو الاقطار العربية تحت شعار مضلل هو (نشر الثورة الاسلامية) تصدى العراق لتلك الموجة الخطيرة وافشلها بعد ان فرضت ايران الحرب على العراق وخرج منها منتصرا في القادسية الثانية. وبفضل القفزات النوعية في تطور العراق علميا وتكنولوجيا واجتماعيا وامتلاكه القوة المتعاظمة والتأثير الكبير في الوطن العربي و الاقليم والعالم اكتسب العراق دوره كقوة اقليمية عظمى حققت وظيفة الردع الستراتيجي للعدو الصهيوني، وليس التوازن معه، وتلك الوظيفة كانت تشكل تهديدا للكيان الصهيوني من خلال اعتراف العديد من قادته، وكانت عمليات قصف الكيان الصهيوني بصواريخ الحسين والعباس وأبابيل وغيرها انذارا للكيان الصهيوني بعدم التجاوز على العرب وإسقاطا لنظرية الامن الاسرائيلي التي قامت على حصر الحروب مع العرب داخل اراضيهم ومنع وقوعها على ارض فلسطين المحتلة، فكان لوصول صواريخ العراق الى العمق الستراتيجي في فلسطين المحتلة اثر خطير في تغيير التوازن الستراتيجي، لاول مرة لصالح العرب.
وكان من انجازات الحزب دعم حركة عدم الانحياز من اجل تفعيلها وجعلها اطارا لحماية الدول المستقلة والعمل على اطفاء الازمات الدولية وتشجيع التعاون الايجابي بين مختلف الدول، كما بحث العراق في امكانية تخفيف التوترات بين الاقطار العربية ودول العالم خصوصا في الغرب وإيجاد نقاط تنسيق وتعاون معها، مثلما حصل بين العراق وفرنسا وبعض الدول الغربية المعتدلة في نظرتها وتعاملها مع قضية العرب المركزية فلسطين.
ان هذه الانجازات التاريخية والعظمى وغيرها كثير شكلت نقلة نوعية في واقع ووضع ودور العراق العربي والاقليمي والعالمي وفرضته كقوة اقليمية مهمة ليس بمعايير القوة فقط بل بمعايير التقدم العلمي والتكنولوجي والرفاه الاجتماعي ايضا، وكل ذلك كان ترجمة لمفهوم الثورة ومعناها واللذان تحققا بفضل توفر عوامل النجاح الضرورية لاي ثورة حقيقية، وفي مقدمتها وجود تنظيم ثوري جماهيري قوي متسلح بتجارب غنية وعميقة تؤهله لمعرفة معالم الطريق من خلال التخطيط للثورة وتحديد اهدافها ومراحل تحقيقها وتوفير ضمانات نجاحها وامتلاك امكانية قيادة الدولة والمجتمع باقتدار، مهتديا بعقيدة الحزب القومية الاشتراكية. تلك الشروط المسبقة وفرت بوصلة رؤية الطريق بكافة مطباته وساعدت على اكتشاف فخاخ الانتهازيين و اللصوص منذ البداية، فأصبح مستحيلا سرقة الثورة وحرفها عن مسارها وتسليمها لقوى الردة.
أيها المنتفضون العرب في كل مكان
ان عرض بعض اهم ملامح تجربة حزبنا الثورية في العراق الهدف منه هو المساعدة على مضاعفة عوامل النجاح للانتفاضات العربية ضد الانظمة المستبدة والفاسدة عبر امتلاك نظرة إستراتيجية شاملة للصراعات وماهية القوى المؤثرة والفاعلة المشتركة وحجم دور كل منها، ومعرفة امكانيات الثوار، وفرص ممارسة تكتيكات الاستفادة من وجود قوى وكتل كثيرة تلتقي حول هدف التغيير دون التورط في مواقف تتناقض مع قيم ومبادئ الثورة بصفتها تغييرا وطنيا وديمقراطيا في ان واحد. فلا ثورة حقيقية بدون وعي شامل وتنظيم العمل والتنسيق مع الاصدقاء وتحديد الاعداء، والخروج بخطة موحدة للثوار وإستراتيجية وطنية تحدد بدقة مراحل التعامل مع متغيرات الثورة وأهدافها واستكشاف وسائل واهداف القوى المضادة للثورة والنهضة.
ومادام المناخ الثوري قد توفر فان على كل الثوار البحث عن افضل الطرق لضمان انتصار الثورة وعدم السماح بحرفها او ركوب موجتها، ولن يتم ذلك الا بتوحيد كافة القوى الوطنية والشبابية في اطار جبهات وطنية تضع إستراتيجية التغيير وتحدد قواها ومن هم الاصدقاء ومن هم الاعداء، القائمين والمحتملين، وبذلك تنجح الانتفاضة في منع السطو عليها او اجهاضها وتسليمها لعناصر النظام السابق ليعيدوا انتاجه بأشكال مختلفة دون تغيير جوهر النظام.
ايها البعثيون المناضلون على امتداد الوطن العربي
انها لحظات تاريخية مجيدة وعلينا ان نكون في طليعة صناع التاريخ الحديث لامتنا وقدوة لكل الثوار في مفاهيمنا وممارساتنا مستندين على دروس وخبرات ثورة 17/30 تموز – يوليو عام 1968 والتي كانت وماتزال مثالا ايجابيا بانجازاتها ونجاحاتها وطرق خوضها للصراعات المعقدة والصعبة، وهي دروس نحتاج اليها الان وشعبنا العربي يخوض معركة معقدة تشترك فيها الى جانب القوى الوطنية قوى مشبوهة تتحرك لتحويل المناخ الثوري الى مناخ للردة وعودة الاستعمار.
لتعش ثورة 17 تموز المجيدة ولتكن نبراسا للثوار وطلائع التغيير الثوري.
تحية لثوار تموز وفي مقدمتهم الشهيد صدام حسين والمرحوم احمد حسن البكر والشهيد طه ياسين رمضان.
وتحية خاصة لثوار العراق ابطال المقاومة العراقية الباسلة الذين يخوضون معركة الامة ضد الاحتلال الامريكي ووارثه الاحتلال الايراني.
تحية للرفيق الامين العام للحزب المجاهد في ارض الجهاد عزة ابراهيم ورفاقه قيادات وكوادر الحزب ومناضليه كافة.
مكتب الثقافة والإعلام القومي
17/7/2012