علي ال غراش
كاتب وناشط سعودي
اننا نرفض كافة اعمال العنف واهل المنطقة الشرقية في السعودية يرفضون العنف وقد حذروا من استخدام العنف خوفا من ردة الفعل. فهناك احتقان، وبقاء عدد من المواطنين معتقلين ونزيف المزيد من الدماء يزيد في التأزم، وعلى الجهات الحكومية وبالخصوص الاعلام تدارك الوضع الخطير الذي وصلنا اليه، الذي هو اخطر من مجرد احداث امنية وفوضى وفتنة كما يصورها البعض.
فالقطيف والاحساء أي الشرقية والوسطى والغربية والشمالية والجنوبية كلها مناطق غالية، فالقطيف بمدنها وقراها ومنها العوامية جزء من وطننا العزيز واهلها هم اهلنا نحن المواطنون في اي منطقة في الوطن، لا تفريق بين المواطنين على اساس مناطقي او قبلي ومذهبي وعرقي أو طبقي.
أقول هذه الكلمات في هذا الجو المشحون المؤلم، من باب المحبة والاخلاص للوطن وللمواطنين والمسؤولية، ولان مصلحة الوطن والمواطنين تهمنا، ونتيجة للاحداث المؤلمة التي تحدث لاهلنا وهم ابناء الوطن، ندعو الى المحافظة على ارواح المواطنين العزيزة وحمايتهم والبعد عن كل ما يؤدي الى خسارة الارواح ونزيف الدماء الغالية، وندعو لايقاف التأزيم والتأجيج والتصعيد، فلكل فعل ردة فعل… واستمرار الوضع يعني عكس العقل والحكمة!.
على الجهات المسؤولة ان تتعامل بحكمة بعيدا عن التصعيد وما يؤدي الى ذلك، فالقوة ليست دائما الحل انما الحكمة والتعقل ومعالجة الاسباب والملفات وهي معروفة بطريقة سياسية هادئة والانفتاح على المواطنين فهي افضل قدرة؛ وعادة الدولة هي اكثر حكمة وصدرها واسع بتحمل المواطنين ومهمتها حماية الناس، وعلى كافة المواطنين المخلصين في ربوع الوطن الاهتمام بالامر والتدخل من باب حب الوطن والمواطنين لايقاف التأزيم والتأجيج والتصعيد.
الى اين تتجه الاحداث؟
الى اين تتجه تداعيات الاحداث في الوطن وبالتحديد في القطيف، وكم سيكون عدد الضحايا، ولماذا الاصرار على استخدام اسلوب المواجهة والتحدي والاصطدام، وما الحل اذا اصر الاهالي على المواصلة واستمرت السلطة على سياستها، من صالح منْ هذا التصعيد والاستفزاز واستخدام لغة التخوين والخطاب الذي لا يخلو من رائحة الطائفية وتصفية الحسابات مع فئات وطنية على حساب الوحدة واللحمة الوطنية، واين الحكمة الرشيدة، والمبادرات الايجابية السياسية لتنفيس الاحتقان قبل الانفجار؟
الحل بالارادة السياسية والاصلاحات
الحل يبدأ بالاعتراف بوجود ازمة واحتقان بحاجة الى حل جذري والى معالجة وارادة سياسية، والمبادرة بازالة الاسباب التي تؤدي الى استمرار الاحتقان ومنها عدم اطلاق سراح المعتقلين المسالمين، وعدم تطبيق المطالب والاصلاحات التي يطالب بها الشعب التي تتناسب مع هذه المرحلة. فمطالب اهل العوامية ومطالب اهل القطيف والاحساء والرياض وابها وتبوك وبقية مناطق المملكة هي واحدة، مطالب تصب في مصلحة المواطنين والوطن العزيز.
والمشكلة والازمة لا تتعلق باشخاص يتم القبض عليهم واعتقالهم والزج بهم في السجون واعتقال المزيد. فالحقيقة ان الاعتقالات تزيد من الامر سوءا ولا تنهي المشكلة بل العكس، فالامر يتعلق بتحقيق الاصلاحات بشكل جدي وسريع، فالبلد يحتاج الى اصلاح وقيادة الوطن تعترف بذلك كما صرح خادم الحرمين الشريفين.
الحملات الاعلامية وتصفية الحسابات
كما ان لغة الخطاب المستخدمة لا تخلو من التشكيك والتخوين والربط بالخارج والترهيب وزرع الكراهية عند جزء كبير من المواطنين عمل لا يصب في مصلحة اللحمة الوطنية بل على العكس، فمجرد القاء نظرة على وسائل الاعلام وبالخصوص الانترنت كافية لمعرفة شراسة الحملة ضد عقيدة ورموز اهالي الشرقية والمطالبة بتصفية الحسابات وصلت الى درجة قتل وطرد كل ابنائها الاصليين من الوطن الذي يعيشون فيه وعلى ترابه من مئات السنين قبل انشاء الدول الحديثة، فهم عرب اقحاح ولا احد يستطيع الطعن في عروبتهم، ولم ينتقلوا من مناطق اخرى لهذه المنطقة!
الشراكة الوطنية
الى متى سيستمر التصعيد والاصرار على الحل الامني بعيدا عن الحل السياسي، واستمرار الفوضى والاعتقالات وسقوط المزيد من ارواح المواطنين الغالية التي ستولد حالة من التحدي والغليان التي تتأصل مع نزيف المزيد من الدماء؟
فهذا وطن ونحن جميعا شركاء فيه وليس مجرد شركة محدودة، فكل مواطن مسؤول ومن باب المسؤولية ومحبة الوطن تغليب لغة العقل والعمل بما يساهم في تقوية اللحمة الوطنية وخدمة جميع المواطنين، وعلى الاعلام ان يساهم في التهدئة وعدم التصعيد وصب الزيت على النار وزيادة الفجوة..، عبر تركيزه على لغة التشكيك والتخوين ووصف الاخر بما لا يخدم الوطن، فلقد حذرنا مرارا وتكرارا من القفز على المشاكل والازمات..، قد يكون هناك اختلاف في الاراء والتوجهات وهذه سنة الله في الكون ولكن لا يعني استغلال ذلك لمأرب مريضة، والمساهمة في التأزيم والتصعيد.
ان هذا البلد بلادنا ونحن شركاء فيه فيجب فتح المجال للمواطنين بالمشاركة في الحلول بعيدا عن التخويف والترهيب والاعتماد على خطاب واحد كلغة التصعيد والتخوين والتشكيك بولاء المواطنين، والتشكيك في من ينتقد الاخطاء واسلوب المعالجة.. أو التشكيك في من يسعى للمساهمة في حقن الدماء، ولمن يعبر عن رأيه ويطالب بالحقوق والاصلاح الوطني.
من الخطر على الوطن والوحدة الوطنية في هذه المرحلة الخطيرة استخدام لغة الطائفية والتشكيك بولاء المواطنين وبالخصوص لاهالي الشرقية بشكل مباشر او غير مباشر مثل الطلب من المواطنين في المنطقة باثبات وطنيتهم مع كل ازمة داخلية او خارجية، وتركيز الاعلام المحلي عليهم باجراء المقابلات معهم بنفس طائفي وليس وطنيا لنقد ما يحدث في الازمات فيما يسعى لتهميشهم في الظروف الطبيعية وفي حالة مطالباتهم!
مطالب وحقوق وطنية
أهالي المنطقة الشرقية مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات كبقية المواطنين، وليس لديهم اي اجندة خاصة إلا المطالب الوطنية لخدمة الوطن والمواطنين، وان يكونوا شركاء في البناء واعمار الوطن مثل ما يطالب به اي مواطن محب للوطن في ارجاء الوطن بان تسود سيادة القانون والعدالة والحرية والمساواة وينعم اي مواطن في اي منطقة في الوطن ببحبوحة الخير.
نحن جميعا في خدمة الوطن، ونحن مع رجال الامن المخلصين الذين هم في خدمة الشعب والحفاظ على ارواح وممتلكات كافة المواطنين من جميع المناطق وكذلك المقيمين من انحاء العالم ومن جميع المعتقدات، واننا نتطلع ليكون وطننا نموذجا في اللحمة الوطنية لا تفريق بين المواطنين ولا تشكيك ولا تخوين ولا ممارسات بغيضة، وان ما يحدث حاليا امر خطير جدا جدا ومخيف، وعلى كافة المواطنين من جميع المناطق تحمل المسؤولية ورفض التصعيد، الذي يصب في مصلحة الاعداء الذين يريدون تدمير الوطن من خلال عقليتهم التي تخلو من الحس الوطني والانساني. فعلى محبي الوطن الدعوة للوحدة الوطنية وانقاذ اللحمة الوطنية والعمل على القضاء على الاسباب التي تؤدي للاحتقان، فالحل كما قلنا يحتاج الى معالجة وارادة سياسية بعيدا عن الحلول الامنية، والبداية المبادرة بازالة الاسباب التي تؤدي الى استمرار الاحتقان عبر اطلاق سراح المعتقلين المسالمين والعمل على تطبيق الاصلاحات الشعبية والقضاء على الفساد، وفتح المجال لمؤسسات المجتمع المدني بالمشاركة. ورفض العنف من اي جهة كانت. حمى الله وطننا وجميع المواطنين من كل شر.