مع اندلاع ألسنة حريق السوق الشعبي "الحراج" مساء اليوم الأحد، بصورة ضخمة، تبادر إلى الأذهان سؤال قديم جديد، بشأن الأسباب الحقيقية وراء الحريق، وما إذا كان مفتعلاً، والقصد منه إجبار التجار فيه على الخضوع لتوجهات الرسمية بنقل السوق الشعبي من مدينة عيسى لسلماباد، وسط رفض شديد من قبل تجار السوق.
فقد تناقل مغردون، الخبر مربوطاً بتساؤلات كبيرة حول أسباب الحريق، وعلاقته بالمستثمر الكويتي، وكذلك زيارة الوزير يوم الإثنين الماضي للسوق الشعبي.
يأتي ذلك، على بعد أن أفصح وكيل وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني نبيل أبوالفتح في يناير 2011، عن مشروع لاستثمار سوق مدينة عيسى الشعبي من قبل مجموعة مستثمرين بكلفة تصل إلى 20 مليون دينار. مبيناً أن السوق الحالية سيتم نقلها إلى أرض مفتوحة بمنطقة سلماباد (المساحة التي تمر عبرها خطوط نقل الكهرباء المعلقة).
وأفاد أبوالفتح بأن المشروع جاء لزيادة إيرادات الوزارة التي ستصب بالتالي في المشروعات الخدمية المباشرة للمواطنين، ومن أجل إيجاد أسواق شعبية نموذجية مجهزة بكامل الخدمات والمرافق على غرار نظيرتها من الأسواق في الدول الخليجية المجاورة، مشدداً على أن كل أصحاب المحلات والفرشات الحالية سيتم ضمان محلاتهم في السوق عقب تطويرها وبمبالغ الإيجار نفسها، لكن بزيادة نسبية طفيفة سيقبل بها التجار والباعة مقابل الخدمات التي ستقدم.
وقام وزير شئون البلديات والتخطيط العمراني جمعة الكعبي الإثنين 9 يوليو 2012 بزيارة تفقدية للسوق الشعبي بمدينة عيسى يرافقه النائب عيسى القاضي ورئيس وأعضاء المجلس البلدي لبلدية المنطقة الوسطى والمدير العام لبلدية المنطقة الوسطى محمد سلمان وعدد من المسئولين.
وكشف وزير شئون البلديات والتخطيط العمراني عن آلية شاملة لتطوير السوق الشعبي بمدينة عيسى، حيث تتضمن تطوير المنشآت الحالية بما فيها المحلات خلال الفترة القليلة المقبلة، إضافة إلى تطوير السوق الشعبي بشكل متكامل عبر إيجاد أفضل السبل الكفيلة لتهيئته بالشكل المطلوب ليوفر للمواطنين والمقيمين أفضل الخدمات.
ومن جانبهم، أفصح عدد من تجار السوق الشعبي في مارس 2011 عن أنهم سلموا وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني قبل عام تقريباً، مخططاً تفصيلياً ورسومات لتطوير السوق، إلا أنها لم تتواصل معهم حتى الآن.
وقال التجار إنهم سلموا المخططات لوكيل الوزارة نبيل أبوالفتح، ووعدهم بالتواصل معهم من أجل التوصل إلى صيغة توافقية من أجل تطوير السوق الشعبي، إلا أن ذلك لم يتم وتجاهلهم، بحسب ما قالوا، مشيرين إلى أنهم دفعوا مقابل الحصول على مخططات ورسومات تطوير السوق الشعبي قرابة 3 آلاف دينار.
وعبّر التجار وهم أصحاب نحو 183 محلاً تجارياً في السوق الشعبي، عن رفضهم لتسليم مشروع تطوير السوق لأحد المستثمرين الكويتيين، معتبرين أن "هذه الخطوة سترفع إيجار المحال التجارية، وبالتالي سيضطر كل تاجر إلى رفع أسعار بضاعته، الأمر الذي سيقلل عدد الزبائن التي تتخذ من السوق الشعبي مكاناً لشراء حاجياته بأسعار أقل من الأسواق الأخرى".
ولوّحوا بإضراب وإغلاق محالهم في حالة اتخاذ هذه الخطوة من قبل "البلديات"، مبينين أنه "كنا ننوي تنظيم اعتصام في الخامس والعشرين من شهر فبراير/ شباط الماضي، إلا أن الأحداث والأزمة السياسية التي تمر بها البحرين جعلتنا نؤجل هذا الاعتصام إلى حين آخر".
وأوضحوا أنه "قبل 3 أعوام تقريباً، وعد المستثمر الكويتي وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني، بأن يطوّر السوق بمبلغ 95 مليون دينار، على أن تكون على شكل مجمع تجاري، إلا أنه سرعان ما تراجع وحدد مبلغ 20 مليون لتطوير السوق، والأمر مازال معلقاً حتى الآن، ولم يتم التوصل إلى توافق بينه وبين الوزارة".
وأكدوا أنه "نحن مع عملية تطوير السوق الشعبي، إلا أنه ينبغي أن لا تكون على حسابنا، ونحن من أسسنا هذه السوق في العام 1995، بعد أن كنا في المنامة، وتم نقلنا إلى سوق واقف وبعدها إلى مدينة عيسى، حيث السوق الشعبي حالياً".
وذكروا أن "المستثمر الكويتي سيدفع إيجاراً شهرياً للوزارة يقدر بـ 600 ألف دينار، ونحن ندفع حالياً قرابة 480 ألف دينار بعد أن تم رفع الإيجارات علينا، ومستعدون بأن نرفع المبلغ أكثر في سبيل بقائنا في محالنا التجارية وعدم تشتيتنا وتحميلنا خسائر مادية كبيرة".
وأوضحوا أنهم اقترضوا أموالاً من البنوك التجارية، من أجل توسيع تجارتهم في السوق الشعبي، وبقاؤهم بعد بدء تطوير السوق من دون عمل، سيمنعهم من دفع الأقساط الشهرية للبنوك، وهو ما قد يسبب لهم حرجاً مع البنوك، فضلاً عن أنها قد تلجأ إلى رفع قضايا في المحكمة تطالبهم بتسديد الأقساط المتأخرة.
وعن المكان المقترح أن يتم نقلهم فيه لحين الانتهاء من تطوير السوق، أشاروا إلى المكان المقترح لنقلهم فيه حالياً، بعد أن يتم التوصل إلى توافق بشأن تطوير السوق، هو الساحة المقابلة لنادي طيران الخليج في سلماباد، مبينين أن نقلهم من مكان إلى آخر يحملهم خسائر، لا يمكن تغطيتها بسهولة.
ونوّهوا أيضاً إلى أن مكان السوق الشعبي الحالي اشتهر لدى جميع البحرينيين والخليجيين، ونقله إلى مكان آخر يتطلب وقتاً طويلاً ليشتهر مرة أخرى، وهذه خسائر أكبر، لأن السوق سيبقى خالياً في الأيام الأولى من نقله إلى المكان الجديد.
وبيّنوا أنهم اشتروا الأراضي التي أنشأوا عليها المحال التجارية، في مزاد علني، ولديهم عقود الشراء وأرصدة الدفع، وأن هذه العقود مازالت سارية المفعول، ولا تنتهي إلى بعد 3 أعوام تقريباً.
وأفادوا أيضاً بأنهم كانوا يوصلون التيار الكهربائي لمحالهم التجارية بواسطة مولدات كهربائية، واستمروا على هذا الوضع لسبعة أعوام، إلى حين تم توصيل الكهرباء لهم عن طريق الكابلات الأرضية.
وقالوا إن العشرات من العائلات البحرينية تسترزق من السوق الشعبي، وإخراج أصحاب المحال التجارية سيخلق مشكلة اجتماعية في هذه العائلات.