تراجعت البحرين في مؤشر وزارة الخارجية الأميركية لمكافحة الاتجار بالبشر للعام 2012، والذي جاءت فيه البحرين ضمن دول «الفئة الثانية – تحت المراقبة»، بعد أن تحسن تقييمها في العام 2011، حين صنفتها الخارجية الأميركية ضمن دول «الفئة الثانية».
وأطلقت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، يوم الثلثاء الماضي (19 يونيو/ حزيران 2012)، التقرير السنوي للخارجية الأميركية بشأن مكافحة الاتجار في البشر في دول العالم للعام 2012.
وتمنح الخارجية الأميركية في مؤشرها ثلاثة تصنيفات للدول، وفقاً لما تقوم به في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، وتضع البلدان التي تلتزم حكوماتها بشكل تام بالحد الأدنى للمعايير المنصوص عليها في قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر للقضاء على أعمال الاتجار بالبشر ضمن قائمة «الفئة الأولى».
أما «الفئة الثانية» فهي تنقسم إلى قسمين، القسم الأول تمنح للدول التي لا تلتزم حكوماتها بشكل تام بالحد الأدنى للمعايير المنصوص عليها في قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، ولكنها تبذل جهوداً كبيرة لتحقيق الامتثال لتلك المعايير.
أما القسم الثاني «الفئة الثانية – دول تحت المراقبة»، فتمنح للبلدان التي لا تلتزم بشكل تام بالحد الأدنى للمعايير المنصوص عليها في قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، ولكنها تبذل جهوداً كبيرة ومهمة في تحقيق الامتثال لتلك المعايير، ويكون فيها العدد المطلق لضحايا الأشكال الخطيرة من أعمال الاتجار بالبشر كبيرا، أو أن العدد متزايد بشكل كبير، كما أنها تخفق في توفير أدلة تثبت أن الجهود المبذولة لمحاربة الأشكال الخطيرة للاتجار بالبشر تتزايد وأنها تفوق تلك التي بذلت في العام السابق، بما فيها ازدياد التحقيقات في جرائم الاتجار بالبشر ومقاضاة مرتكبي هذه الأعمال وإدانتهم، وازدياد المساعدات للضحايا، وانخفاض الأدلة التي تثبت ضلوع المسئولين الحكوميين في الأشكال الخطيرة لأعمال الاتجار بالبشر، أو أن الجهود المهمة والكبيرة التي يبذلها البلد للالتزام بالحد الأدنى للمعايير تستند على التزامات قدمها البلد باتخاذ خطوات إضافية خلال العام التالي.
فيما الدول المدرجة ضمن «الفئة الثالثة»، هي الدول التي لا تلتزم حكوماتها بشكل كامل بالحد الأدنى من المعايير، ولا تبذل الجهود المهمة لتحقيق هذا الالتزام.
وفيما يتعلق بالبحرين، أشار التقرير إلى أن خادمات المنازل أو العمالة الأجنبية غير الماهرة التي تعمل في قطاعي البناء والخدمات، تواجه ظروف العمل القسري بعد وصولها إلى البحرين، من خلال بعض الممارسات غير القانونية، كاحتجاز جوازات السفر، والقيود المفروضة على الحركة، وعدم دفع الأجور، والتهديد، والاعتداء البدني أو الجنسي.
وذكر التقرير أن تقارير صادرة عن المنظمات غير الحكومية، تشير إلى ارتفاع الطلب على العمالة غير الماهرة من بنغلاديش، وهو ما اعتبرته استغلالاً لهذه العمالة التي لا تحتج غالباً على ظروف العمل الصعبة أو تدني الأجور.
وجاء في التقرير: «ان حكومة البحرين لا تمتثل امتثالا تاما للمعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر، إلا أنها تبذل جهودا كبيرة للقيام بذلك. وعلى رغم هذه الجهود، فإن الحكومة لم تظهر أدلة على وجود المزيد من الجهود المبذولة لمعالجة الاتجار بالبشر خلال العام الماضي، على رغم الالتزامات والتعهدات السابقة التي قدمتها للتصدي للاتجار بالبشر في البحرين».
وأضاف التقرير: «حكومة البحرين لم تصلح نظام رعاية العمال المهاجرين، في الوقت الذي مازالت تعطي فيه أرباب العمل صلاحيات تامة من شأنها أن تسهم في أعمال السخرة والعبودية. وفي الواقع، فإنه بدلا من إصلاح هذا النظام، اعتمدت الحكومة قانونا من شأنه أن يزيد من الحد الأدنى من الفترة التي يجب فيها أن يبقى العامل مع صاحب العمل».
كما أشار التقرير إلى عدم وجود ما يشير إلى أن حكومة البحرين اتخذت خطوات رسمية لتحديد هوية الضحايا، وأنها قدمت المساعدة إلى عدد قليل جدا من الضحايا، إلا أنها ومع ذلك، استمرت في التحقيق ومقاضاة القليل من جرائم الاتجار بالبشر خلال الفترة المشمولة بالتقرير، وبالإضافة إلى ذلك، عفت الحكومة في حالتين عن عمال أجانب وسمحت بعودتهم إلى بلدانهم من دون فرض غرامات أو عقوبات ضدهم.
وفي توصياتها إلى البحرين، دعت الخارجية الأميركية إلى استمرار تنفيذ قانون مكافحة الاتجار بالبشر، وإبداء المزيد من الاهتمام بالتحقيق ومقاضاة المتورطين في جرائم الاتجار بالبشر، وخصوصاً تلك المتعلقة بالعمل القسري، وإصلاح نظام الكفالة للقضاء على العقبات التي تعترض العمالة الوافدة للجوء إلى القضاء بغرض تقديم شكاواهم من العمل القسري.
كما أوصت البحرين باتخاذ إجراءاتها الرسمية لتحديد ضحايا الاتجار بالبشر بين الفئات الضعيفة، مثل خدم المنازل اللواتي فررن من أصحاب العمل المسيئين أو النساء اللواتي يتم استغلالهن في الدعارة، ودعت إلى توسيع الملجأ الذي تديره الحكومة لحماية جميع ضحايا الاتجار بالبشر، بما في ذلك الضحايا من الذكور، وضمان أن الملجأ لا يقيد بشكل غير لائق حركة الضحايا، وأن يتحدث الموظفون في المأوى لغات العمال الأجانب. وأوصت الخارجية الأميركية أيضاً بضرورة ضمان عدم معاقبة ضحايا الاتجار بالبشر الذين يرتكبون الأفعال غير القانونية كنتيجة مباشرة للاتجار بهم، مثل الهجرة غير الشرعية أو الدعارة؛ مؤكدة في الوقت نفسه ضرورة الاستمرار في رفع الوعي بقضايا الاتجار بالأشخاص ومكافحة الاتجار غير المشروع، ونشر رقم الخط الساخن لتقديم الشكاوى في وسائل الإعلام والمنافذ الأخرى للمهاجرين الأجانب، وعلى وجه التحديد، خدم المنازل، ومد مظلة قانون العمل ليشمل عاملات المنازل للتأكد من أن لديهن الحماية نفسها في ظل القانون وغيرهن من العمالة الوافدة.
أما على صعيد إجراء المحاكمات، فأشار التقرير إلى أن حكومة البحرين قدمت جهودا محدودة للتحقيق ومحاكمة وإدانة جرائم الاتجار بالبشر خلال الفترة المشمولة بالتقرير، غير أنها في الوقت نفسه لم تبذل أي جهود وتمويل لتدريب المسئولين الحكوميين ورجال الشرطة لمكافحة الاتجار بالبشر.
ولفت التقرير إلى أن حكومة البحرين حققت في 18 قضية اتجار بالبشر، انتهت من خمس قضايا منها خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
واستند التقرير إلى ما ورد في وسائل الإعلام من وفيات عدد من العمال الأجانب في مواقع العمل بسبب التسمم بغاز أول أكسيد الكربون أو الحرائق، مشيراً التقرير إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة قد حققت في هذه الوفيات أم لا، لافتاً إلى أن الحكومة لم تبلغ أيضاً عن أية جهود للتحقيق في تواطؤ الحكومة في جرائم الاتجار بالبشر.
وجاء في التقرير: «الحكومة لم توفر التمويل اللازم لتدريب موظفيها على مكافحة الاتجار بالبشر خلال الفترة المشمولة بالتقرير، إلا أن مسئولين شاركوا في دورات تدريبية خارج البلاد لمكافحة الاتجار بالبشر. كما أن مسئولين بحرينيين يشيرون إلى وجود نقص في الوعي العام لجرائم الاتجار بالبشر على مستوى العمل بين رجال الشرطة».
واعتبر تقرير الخارجية الأميركية، أن حكومة البحرين تقدمت تقدماً ضئيلاً في مجال تحسين حماية ضحايا الاتجار بالبشر خلال العام الماضي، على رغم أن الحكومة لم تقم بأية إجراءات منهجية لتحديد هوية الضحايا بين الفئات الضعيفة، مثل خدم المنازل الذين تركوا أصحاب العمل أو النساء اللواتي تم القبض عليهن بسبب ممارسة الدعارة، مشيراً التقرير، إلى أنه ونتيجة لذلك، قد يكون ضحايا الاتجار بالبشر المحتملين الذين اتهموا بمخالفة قوانين العمل أو الهجرة، قد تم القبض عليهم أو ترحيلهم من دون حماية كافية.
وجاء في التقرير: «اتهم في كثير من الأحيان معظم العمال الأجانب الذين تمكنوا من الفرار من أصحاب العمل المسيئين لهم، بأنهم هاربون، ويتم عادة احتجازهم لمدة أسبوعين قبل أن يتم ترحيلهم».
وذكر التقرير أن حكومة البحرين واصلت تمويل مأوى دار الامان، الذي يقدم خدماته لضحايا العنف الأسري، إلا أنه أشار إلى عدم وجود أية أدلة تشير إلى أن هذا المأوى يقدم خدماته لضحايا الاتجار بالبشر.
وتطرق التقرير إلى تقارير صادرة عن منظمات غير حكومية، أفادت بوجود 128 ضحية للاتجار بالبشر خلال العام 2011، وأن بعضها تمت إحالة قضاياها إلى الحكومة، فيما غالبية الضحايا اضطروا للبحث عن ملاجئ في سفاراتهم أو مأوى تديره منظمة غير حكومية.
وذكر التقرير أن الإجراءات اللازمة لإحالة ضحايا الاتجار بالبشر إلى هذه الملاجئ، مازالت غير واضحة للعديد من ضباط الشرطة، في الوقت الذي لفتت فيه إلى أن إحدى المنظمات الدولية أشارت إلى أن هذه الملاجئ تقيد حرية التنقل، وتفتقر إلى الموظفين المؤهلين، ناهيك عن عدم توافر مأوى طويل الأمد أو منافع السكن للضحايا.
كما لفت إلى عدم وجود أي مأوى أو غيره من خدمات الحماية التي تقدمها الحكومة لضحايا الاتجار بالبشر من الذكور، مشيراً إلى ما رصدته منظمة «هيومن رايتس ووتش» من سبع حالات لمقيمين أجانب ممنوعين من مغادرة البحرين بسبب ديونهم أو التزاماتهم التعاقدية مع أرباب عملهم، وأنه علاوة على ذلك، تم منع هؤلاء العمال من العمل لتسديد ديونهم أو لتلبية احتياجاتهم الأساسية من السكن والرعاية الصحية.
وبين التقرير أنه على رغم تشجيع حكومة البحرين للضحايا على مقاضاة المتاجرين بالأشخاص، فإن العمال عادة لا يرفعون دعاوى قضائية ضد أصحاب العمل بسبب الخوف أو الجهل بالقانون وعدم الثقة في النظام القانوني، وعدم القدرة على تحمل تكاليف التمثيل القانوني، وعدم وجود الترجمة الشفوية والتحريرية التي تقدمها المحاكم، والخوف من فقدان تصاريح إقامتهم خلال الإجراءات القانونية، وتجنب سوء المعاملة الإضافية على يد صاحب العمل.
وجاء في التقرير: «على رغم استمرار وزارة الداخلية بتشغيل خط ساخن مجاني لضحايا الاتجار بالبشر، فإن المسئولين لاحظوا انخفاضا كبيرا في عدد المكالمات الواردة على الخط الساخن في العام 2011».
وفيما يتعلق بالجهود التي بذلتها الحكومة، أشارت الخارجية الأميركية في تقريرها، إلى أنه في العام 2011، أنشأت الحكومة لجنة مشتركة بين الجهات المعنية لرصد وتحديد قضايا الاتجار بالبشر، ناهيك عن قيام هيئة تنظيم سوق العمل بنشر المعلومات ذات الصلة بالعمال الأجانب من خلال وسائل الإعلام، إضافة إلى تقديم البرامج الإذاعية باللغتين الهندية والانجليزية لتوعية العمال بحقوقهم وكيفية حل القضايا.
كما أشارت إلى الخطوات التي بذلتها وزارة العمل لوضع حد لنظام الكفالة، الذي أسهم إلى حد كبير في الحد من أعمال السخرة، بحسب الخارجية الأميركية، التي لفتت في الوقت نفسه إلى أن إلغاء نظام الكفيل لم يسهم بصورة مجدية في منع الاتجار بالأشخاص.
وبينت الخارجية الأميركية أن قانون العمل في البحرين لا يوفر الحماية الأساسية لعاملات المنازل، وأنه على رغم أن القانون البحريني يمنع حجز جوازات سفر العمال، فإنه لا يتم تطبيق القانون على نحو فعال.
كما اعتبرت أن القانون الذي أصدرته الحكومة في شهر يونيو/ حزيران من العام 2011، والذي يشترط أن يكمل العامل الأجنبي ما لا يقل عن عام واحد من العمل مع صاحب العمل قبل أن ينتقل إلى صاحب عمل آخر، يطيل الحد الأدنى من وقت بقاء العامل مع صاحب العمل، ويوسع أيضا طول الفترة الزمنية للعامل الذي قد يتعرض لظروف العمل القسري.
وختمت الخارجية الأميركية تقريرها، بالإشارة إلى أن البحرين لم تبذل أي جهد للحد من الطلب على ما أسمته بـ «الجنس التجاري».