هاني الفردان
نفت إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة التربية والتعليم في بيان لها الاثنين (18 يونيو/ حزيران 2012) نفياً قاطعاً ما تم تداوله في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن مزاعم بقيام معلمات في إحدى المدارس بالاحتفال على خلفية (وفاة ولي العهد السعودي سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود).
الوزارة تحاشت أن تقول ان هذا النفي ليس فقط على ما أشيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً أن كتّاباً حاولوا إثارتها على طريقتهم السابقة «الوشاية» والاصطياد في الماء العكر ومحاولة استغلال الظروف لضرب أي شخص لا ينتمي لفكرهم المتخلف المريض.
بالطبع الغباء متأصل فيهم، إذ يعتقدون بأن ما كان يمكن فعله في السابق يمكن إعادته الآن، بالأساليب البالية ذاتها، ونسوا أن ما فات لا يمكن أن يعود، وأن ما حدث من قبل ليس بالإمكان تكراره، وأن الأمم تتعلم من دروسها، إلا من هم على شاكلتهم التي لا تتعلم ولا تستوعب الدروس جيداً.
الحمد لله أن وزارة التربية والتعليم لم تتعاطَ مع تلك الإشاعات كعادتها السابقة، وتسلم بها على أنها حقيقة مطلقة، لتبدأ بالسيناريوهات المعتادة من لجان تحقيق صورية، وتوقيف وفصل مباشر عن العمل لكل من طالته الوشاية.
ما لم يستوعبه أولئك الكتبة، استوعبته وزارة التربية والتعليم، إذ أدركت أن الترويج لهذه الوشاية ونشرها وتأكيدها سيكون محرجاً للسلطة، ولن يخدمها سياسياً، وقد يسيء أيضاً لعلاقتنا بالجيران والحلفاء.
ومع ذلك أفادت الوزارة أنها قامت بالتحقيق في الموضوع، وأرسلت وفداً من التربويين لزيارة المدرسة (وهي مدرسة البديع للبنات)، وقد تبين للوزارة أنه لا صحة لهذا الادعاء وفقاً لما أدلت به المديرة والشهود، وأن كل ما في الأمر أن عدداً من المعلمات وبحسب ما كان مخططاً له من قبل قد نظّمن إفطاراً بمناسبة عودة إحدى زميلاتهن إلى العمل بعد إجراء عملية جراحية لها، أما (الكعك) فقد كان بمناسبة نجاح ابنة إحدى المعلمات وحصولها على تقدير امتياز.
هذه الحادثة ليست فريدة من نوعها فقد شهدنا العام الماضي صورا متنوعة، وقصصاً ووشايات متعددة، لم تقتصر على المعلمين بل طالت جميع المؤسسات الرسمية والشركات الخاصة، وبلغت ذروتها حتى وصلت للطلبة الصغار.
فلم يكن يعطس أحد من المغضوب عليهم، حتى فسرت عطسته على أنها «إساءة»، أو أن يهمس في هاتفه، حتى قيل انه قد يخطط لقلب النظام، أو أن يغلق درج مكتبه حتى تستدعى الأجهزة الأمنية لاحتمال تحويل المكتب لمخزن أسلحة أو لوجود مواد شديدة الانفجار لضرب الحركة التعليمية في البحرين. وما كان طفل يلهو في الفسحة بقنينة ماء بلاستيكية، حتى قيل ان المدرسة تحوّلت لساحة تدريب إرهابية، يتعلم فيها الأطفال فنون القتال ورمي القنابل العنقودية والجرثومية، وقد تصل للنووية في المستقبل القريب!
لا نستغرب أن تتحول العلاقات الاجتماعية داخل المؤسسات الرسمية والتعليمية، لمحاولات تشويه، فعندما تحتفي بزميلك العائد للعمل بعد رحلة علاج، أو تسعى لإشراك الآخرين فرحتك بنجاح ابنك أو ابنتك، تتحول إلى «خائن» و «عميل»! واحتفالك هذا «مشبوه»، وما هو إلا «تقية» تقصد بها شيئاً آخر.
في أمثالنا الشعبية يقال «كل من يرى الناس بعين طبعه»، فلم ينسَ نصف هذا الشعب أو أكثر توزيع الحلوى عندما كانت قرارات الفصل تحدث في مختلف المؤسسات، وعندما كانت المناصب تُصطاد بالوشاية والكذب والتلفيق، حتى أصدر وزير قراراً، بمنع توزيع الحلوى في وزارته منعاً لإحداث أزمةٍ داخليةٍ لا يمكن تداركها بعد ذلك!
نقول للواشين، والمستنفعين والناعقين كالغربان، ذاك الزمان ولى، فاتعظوا وتعلموا من الدروس إن كنتم ممن يتعظون، ولو أني أشك في ذلك.