مريم الشروقي
نعم، هل قرأتم العنوان جيّداً… بعد ملف الأطباء… من سيعوّضني، وسيعوّض زملائي في الكادر الإداري والتعليمي! ممّن حُقّق معه داخل أروقة وزارة التربية والتعليم، التي تحوّلت في السنة الماضية إلى وزارة تحقيق؟!
لقد عانت بعض إداراتنا ومعلّمينا ومعلّماتنا الكثير، وشربوا من الكأس ذاتها التي شرب منها الأطباء، فحُقّق معنا، وتمّ التضييق علينا، واستمر الخناق، حتى وصل إلى حوافزنا ومستوى إنتاجيتنا خلال العام الجاري.
فقد بلغت الكراهية أوجها داخل صرح الوزارة والمدارس الحكومية، وانتشرت ثقافة «نحن» و«هم»، وكذلك ثقافة جديدة، بمستوى منحط من العبارات غير اللائقة بالمعلّم، إذ يكفيه أنّه من تلك الطائفة أو محسوب عليها، أو حتى أولئك الذين لم يقبلوا بإهانة زملائهم في العمل، فإنّهم كانوا في دائرة الشك، وكنتُ أنا من بينهم.
«التعليم وظيفة الأنبياء، وليست للخونة»، تلك كانت عبارة أقرأها كلّ يوم في مدينتي الحد، وأحزن على تلك الأيام التي مرّت، عندما درّستني معلّمات الحد، بشيعتها وسنّتها، ولم أعتقد أبداً بأنّ زحف الطائفية سيرسو في هذه المدينة العريقة، فتلك العبارة قرأها كلّ مدرّس «شيعي» حضر منذ الصباح الباكر، ليعلّم أبناء الطائفة السنّية، ولكأنّ لسان العبارة يقول: «توقّفوا عن تدريس أبنائنا، فأنتم لستم أهلاً لها يا خونة»!
هذه العبارة وغيرها من العبارات المقزّزة، لا تجعلنا وطناً واحداً ولا شعباً واحداً بهويّة واحدة، ولجان التفتيش ـ آسفة… التحقيق – كانت تأخذ مجراها السياسي البشع، فيكفي أنّك معلّمٌ أو إداريٌّ في مدرسة ومحسوب على تلك الطائفة، فإنّك ملاحق من قبل هذه اللجان لا محالة، وما يخفى بعد اللجان كان أعظم.
فمن يترافع عن الإداري والمعلّم اليوم؟، ومن لديه القوة والخبرة في تعويضنا نحن الكادر التعليمي والإداري؟، فالإهانات وما تلاها من تحقيقات شائنة تعتبر وصمة عار في مجتمع المؤسّسات، وقد شكونا إلى السيد بسيوني، بعد رفع الشكوى إلى الله، ومازلنا ننتظر المرافعات التي تنصرنا، فبعضنا قد عَلِمَ بجزائه، وبعضنا لم يعلم، والبعض الآخر همّش في العمل. (ووزير التربية والتعليم ماجد النعيمي هو المسئول الأوّل لما حدث لنا).
فهل ينصرنا القضاء النزيه الذي شرّف البحرين بحكمه على ملف الأطباء، فيرفع من شأن المعلم مرّة أخرى؟ أم سيظل المعلّم «الطوفة الهبيطة» خلال وبعد الأحداث المؤسفة في البحرين.
إنّنا نناشد المحامين الشرفاء الترافع عنّا، واسترجاع حقوقنا معنوياًّ ومادياًّ، فإن كنّا أبرياء سنستحق هذه الحقوق، وإن كنّا أجرمنا في حق الوطن ومن ثمّ في حق التربية والتعليم إبان الأحداث؛ فأنا أوّل موظّفة أطالب بتشديد العقوبة عليَّ وعلى منتسبي الوزارة، ممّن قد يكونوا سيّسوا التعليم، وحرّضوا وأحرقوا وخرّبوا، أو حتى رفعوا سكّيناً على أحد ـ كما قيل -، لأنّ الحق يجب أن يرجع إلى أصحابه، والمدرّس هو من أهم عناصر المجتمع، فبه يرقى العلم والتعليم، وبه ينخفض إلى أدنى المستويات.
ننتظر إجابة وزارة التربية والتعليم، ورده على الكلمات النابية التي أطلقها بعضهم على المعلّم والإداري «الخائن»، ونعيدها ونكرّرها: القضاء البحريني هو الفاصل وهو الذي يبيّن الخائن من الشريف.