مالك عبدالله
يتحمل شخصٌ أو أشخاص نتيجة القيام بأي فعل أو أفعال، ويشار إليهم عادة إذا ما كان الأمر علنياً، وقد لا يعرف هؤلاء إذا ما كانوا متخفين للقيام بهذا العمل، إلا أن بعض هذه الأفعال وخصوصاً السيئة منها تتطلب بذل جهود للوصول إلى فاعلها، وتبذل هذه الجهود وفق معايير ومحددات معينة.
وأبرز هذه الأفعال السيئة التي يعاني منها العالم العربي وتعاني منها بحريننا الحبيبة هو الفساد الذي يستشري في العديد من القطاعات والمؤسسات والوزارات، إلا أن هناك شيئاً غريباً، فمرتكبو الفساد لدينا لا يتحملون مسئولية أفعالهم، إذ إنهم يقومون بكل شيء والنتيجة «لا من شاف ولا من درى».
ولأن النتيجة دائماً هكذا، يمر علينا سنوياً تقرير ديوان الرقابة المالية المليء بالأخطاء الإدارية والمالية وشبهات الفساد، ولكن لا مفسدون أمام القضاء أو أمام مجلس النواب.
ملايين ضائعة، وبحر يدفن من كل جانب، وسواحل يحرم منها المواطنون، ومواطنون ينتظرون بيت أحلامهم 20 عاماً، وبحرينيون يقالون من أعمالهم ويحل محلهم أجانب، ومؤسسات تتحول من الشفافية الغائبة إلى الشفافية الأكثر غياباً، ولكن المسئولية ضائعة والنتيجة «لا من شاف ولا من درى».
تكتشف قضية كبرى كقضية «ألبا – الكوا» والحديث عن مليارات الدولارات من الفساد، ولكن لا مسئول يقف أمام القضاء ليحاكم، وتصل خيوط القضية إلى أميركا، ولكن تبقى النتيجة في داخل البحرين «لا من شاف ولا من درى».
تشكل لجان تحقيق لتكشف أن الأرض بما فيها تم الاستيلاء عليها، وأن إيجارات أراضٍ ومبانٍ تصل إلى فلس واحد فقط، ولكن لا مسئول عن كل هذا يُحاسب.
تقول لجنة نيابية رسمية إن 65 كيلومتراً مربعاً بقيمة تصل إلى 15 مليار دينار تم الاستيلاء عليها، وتقول لجنة أخرى إن رمالاً بمئات الملايين من الدنانير تؤخذ من البحر بالمجان ويتم تدمير البيئة البحرية معها، ولكن المحصلة النهائية «لا من شاف ولا من درى».
وقد يكون كل ذلك خطأً، وأن الفاعل لا ينتمي للإنس، بل قد يكون من الجن، لذلك يجب وضع قوانين تتناسب مع استدعاء الجن لمحاسبتهم على كل ذلك، ولابد أن نضع آليات محددة للقبض عليهم واسترجاع الأموال العامة والحفاظ عليها والتخلص من النتيجة الدائمة لحالات الفساد المنتشرة وهي «لا من شاف ولا من درى».