منصور الجمري
الحديث عن مسارات الحدث البحريني صعب للغاية، وأعتقد أن هناك همّاً لدى الكثيرين ممن تتألم قلوبهم لما جرى ويجري، هو أننا قد نخرج كما دخلنا، كما هي قصة الثعلب مع البستان «دخلتك وأنا جوعان، وخرجت منك وأنا جوعان»، إذ تحكي لنا تلك القصة المتخيلة ما حدث لثعلب شعر بجوع شديد، وبعد أن مضى عليه ثلاثة أيام بلا طعام، رأى بستاناً حوله سور مغلق ولم يجد سوى فتحة صغيرة في السور، أدخل رأسه من الفتحة بصعوبة وسحب بقية جسمه شيئاً فشيئاً حتى تمكن من المرور من خلال الفتحة، وعندما دخل البستان وجد الثمار والماء فأشبع بطنه منها، وفجأة احتاج إلى الخروج بعد وصول مزارعين إلى البستان، وأسرع إلى الفتحة التي دخل منها يريد الهرب لكن بطنه المنتفخ منعه من ذلك، وعليه أختبأ ولم يستطع الخروج من البستان إلا بعد أيام وبعد أن جاع وهزل جسمه بحيث يستطيع الخروج «جوعاناً» من الفتحة التي كان قد دخلها «جوعاناً».
وهذا المثال مشابه لنظرية «zero-sum game»، وهي النظرية التي تقول بأن محصلة القيام بنشاط ما تكون صفراً في النهاية، بمعنى أن المكاسب الإجمالية المتوقعة من عملية ما، تعادل الخسائر، وبما أن هذه اللعبة «محصلتها صفر» لا تكون مرغوبة من الأساس. وهذا الشعور يؤدى إلى عدم التفاعل مع ما يطرح في الساحة، ولاسيما أن الكلفة قد تزداد أكثر، وبالتالي تتجه الأمور نحو التشدد نتيجة للشعور بالخيبة.
لا شك أن القلق يساور الكثيرين في خضم الاضطرابات التي تعصف بلادنا بتموجاتها العاتية، والتي قد تُضيع فرصاً للتقارب، ولا تنتج مخارج سليمة ومستدامة. ولعل عدم وضوح الحل السياسي يدفع باتجاه تشنجات ومواقف وقرارات قد تزيد التعقيدات في المناخ السياسي المتوتر.
البحث عن بدائل لا تكون «محصلتها صفراً» يحتاج إلى تمعُّن في ما حدث منذ مطلع العام الماضي، والنظر إلى المستقبل بصورة مختلفة.
نعم، إن الحل السحري لا يتوافر لأحد، ولكن الأهم من كل ذلك هو أن يتوافر الأمل لأكبر عدد ممكن من المواطنين ومن مختلف الفئات والاتجاهات بأن المستقبل الأفضل ينتظرهم، وهذا المستقبل يجب أن يكون عادلاً وأن يستفيد من حسنات الماضي وأخطائه، ويعيد الحيوية التي تجمعنا على الخير وتحفظ بلادنا من كل سوء.