كلمة للرفيق :هشام احمد النجداوي
بمناسبة الذكرى 45 للنكسة
بسم الله الرحمن الرحيم
عمتم مساءا الشكر للملتقى الوطني في مادبا بدعوته لنا للمشاركة في إحياء الذكرى الخامسة والأربعين لنكسة حزيران والتحية والتقدير والفخار لمأدبا الأهل والعشيرة.
السيدات والسادة الاكارم
حرب حزيران عام 1967 كانت إحدى الجولات في سلسلة المعارك التي ما فتئت أمتنا العربية تخوضها مع العدو الصهيوني … وهي ذكرى أليمة ينبغي التوقف عندها دائما لأخذ العبرة والدروس .. لأنها رغم كارثتيها تعتبر محطة هامة من محطات كفاح جماهير شعبنا ضد هذا العدو المغتصب المتغطرس .. يجب التأمل فيها وتحليلها لكي نتعلم ونتعظ منها .
هذه الحرب (حرب الأيام الستة .. كما أطلق عليها الصهاينة وأعوانهم) تفاخرا بأنها استغرقت ستة أيام فقط ..استطاع بها العدو الصهيوني احتلال ما تبقى من الأرض الفلسطينية بما فيها القدس وغزة وهضبة الجولان وسيناء.
لقد كانت نكسة حزيران محصلة خطيرة للكثير من المؤامرات والمخططات الصهيوني أمريكية التي ترافقت مع بعض الأخطاء في تقديرات بعض الأنظمة الرسمية العربية وتخاذل بعضها وتجاهل إرادة الشعب وقمعها ما أدى الى الخوف على أنظمة الحكم فيها وكراسيها .. ما تسبب في وقوع كوارث قومية وفشلا ذريعا لسياسات هذه الأنظمة نتيجة استبعادها وتجاهلها لدور القوى والحركات الشعبية واعتمادها لأساليب قمع الحريات والانكفاء القطري نظرا لان هذه الحرب جرت في ظل عوامل وأبعاد غير واضحة نطرح عنها التساؤلات التالية:
1- عدم وضوح الأهداف … وهل كانت الأنظمة الرسمية العربية تريد حربا ومستعدة لها ام هي كانت مجرد مناورة منها ؟
2- اعتماد أسلوب الفزعة وبالتالي غياب التنسيق العربي حتى اللحظة الأخيرة .. فالقوات العراقية مثلا لحقت بالحرب في السادس من حزيران وضربت على الطريق وقبل ان تصل ساحة المعارك بدون اي غطاء جوي واستعدادات كافية.
3- تغيب كامل لدور الشعب .. فقد همشت الجماهير العربية واستبعدت من المواجهة .
4- الاختراقات الصهيونية التجسسية للمفاصل الأمنية العربية ومعرفة العدو بتفاصيل التحصينات العسكرية وخصوصا المطارات المصرية.
5- العدو من جانبه خاض المعركة الشاملة ( السياسية والعسكرية والاعلامية والنفسية والاقتصادية .. وكانت المبادرة للعدو الصهيوني فأوقع المفاجاءة الكارثية واحتل كامل فلسطين بالإضافة الى أراضي عربية أخرى وتفاخر العدو بان جيشه لا يقهر وانه بات قوة إقليمية فأحدث مزيدا من الإحباط واليأس والعجز والفشل لدى النظام الرسمي العربي.
أيها الأخوة
العنصر الهام الذي أفرزته تلك الهزيمة للنظام الرسمي العربي هو تفجير طاقات النضال والثورة للجماهير العربية متجاوزة سلوكيات وسياسات الأنظمة تجاه القضية المركزية للأمة معتمدة مبدأ الكفاح المسلح والعمل الفدائي الشعبي لتحرير الأرض والإنسان .. وقد جاءت معركة الكرامة بعد وقت قصير تلاحم الجيش العربي الأردني والثورة الفلسطينية المسلحة لتسجل أول نصر عربي مباشر على العدو الصهيوني فوق ارض الكرامة المباركة حيث اعتبرت من المعارك الحاسمة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني الغاشم كونها أعطت العرب دفعة وحافزا معنويا أكد بأن العمل الشعبي المسلح والإرادة والتصميم الجماهيري تمثل عوامل مهمة في تحقيق النصر على العدو حيث جاءت بعدها حرب أكتوبر عام 73 التي حقق فيها الجيش المصري انتصارا عظيما في اقتحام خط بارليف و تحطيم القوة الصهيونية والمزاعم عن الجيش الذي لا يقهر ، واذا كانت القيادة المصرية آنذاك لم تستثمر هذا النصر لأسباب تكشفت فيما بعد فانه يحق لنا ان نسأل هل استفادت الأنظمة الرسمية من هذه التجارب وبنتائج عزلها الشعب عن المشاركة في صناعة القرار وإشراكه في الأمور المصيرية والمشاركة بالحكم كونه مصدر السلطات .. انتم أيها الأخوة الأقدر على الإجابة .. فالشعب قد قال كلمته في كافة الساحات العربية … ولا بد من القول هنا للتاريخ ايضا ان الثورة والمقاومة الفلسطينية كانت على الدوام محورا للتآمر عليها من مختلف الأنظمة العربية واغتيال قادتها المؤثرين.
الحضور الكريم
ان واقع الأمة المجزأ والتخلف الذي فرض ويفرض عليها نتيجة المؤامرات العربية الرسمية والدولية الغربية والقوى الإقليمية الطامعة بالوطن العربي عبر صفحات الصراع وخاصة في فلسطين والعراق يجعلنا واثقين ان المراهنة الفاعلة إنما تعتمد على دور الجماهير العربية كقوة حاسمة في هذا الصراع الطويل ضد كل العناصر المعرقلة والمعيقة لنهوض الأمة ومشروعها الحضاري الكبير الذي كان طرحه البعث العربي الاشتراكي منذ أربعينات القرن الماضي وان ما تشهده ساحات الوطن العربي من هبات وانتفاضات هو خير دليل على هذا التحليل ونحن اليوم ندعو الى حماية وتأطير هذه الانتفاضات لقطع الطريق على قوى الردة والشد العكسي والاستعمار لحرفها عن مسارها الصحيح ونجدد الدعوة لقيام جبهة وطنية داخل كل قطر عربي مقدمة لتحقيق الجبهة القومية الشعبية للدفاع عن حقوق الأمة وانتفاضة جماهيرها حتى تتحقق الأهداف في الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية .
وهنا في الأردن فان لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة الوطنية الأردنية تؤكد على ( ان المطالب الإصلاحية التي حددتها أحزاب المعارضة والجبهة الوطنية للإصلاح والحركات الشعبية والشبابية هي مطالب عادلة وموضوعية وضرورية لمصلحة الوطن والمواطن وأنها لم تكتمل لغاية الآن كون نظام الحكم ما زال مترددا ومسوفا في إنجازها وتبقى ) تتمثل بما يلي :
1- تعديلات دستورية هادفة للإصلاح الحقيقي تزيل التناقض بين المواد الدستورية بما يمكن الشعب من ان يكون مصدر السلطات وان يكون مجلس الأمة بشقيه منتخبا انتخابا حرا دون تدخل حكومي لتزوير إرادة الناخبين وتحصين مجلس النواب من الحل.
2- التأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية هذا العام 2012 يعتمد قانون انتخاب متفق عليه يمكن المواطنين من التعبير عن آراءهم ومصالحهم يعتمد النظام المختلط الذي يجمع بين القائمة النسبية المغلقة على مستوى الوطن والقائمة المفتوحة على مستوى الدوائر الانتخابية بعد إعادة توزيع الدوائر على أسس موضوعية تحقق التوازن بين مختلف الأبعاد السكانية والجغرافية والتنموية بنسبة 50 بالمائة لكل منهما .
3- التأكيد على ضرورة الإسراع في تحقيق الإصلاح والاستجابة لمطالب الشعب للخروج من الأزمة المركبة التي يعيشها المواطن بإبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإدانة الأساليب التي يتم التعامل بها من قبل قوى الشد العكسي في النظام بالتحريض على قوى الإصلاح الحزبية والشعبية وتحريك قوى التشكيك المرتبطة بها في نواياها وردع محاولات التصدي للفعاليات الجماهيرية السلمية باستخدام القبضة الأمنية بكل مسمياتها في ملاحقة الناشطين واعتقالهم.
4- التحذير من سياسة رفع الأسعار ونبش جيوب المواطنين وفرض الضرائب غير المباشرة وعوضا عن ذلك تبني إستراتيجية اقتصادية وطنية تعمل مخلصة على استعادة مقدرات الشعب وثروات الوطن المنهوبة وتعيد النظر في جميع صفقات الخصخصة لاستثمار خيرات الوطن استثمارا مجديا … علاوة على ضرورة إنهاء حالة التبعية الاقتصادية لمراكز العولمة الرأسمالية الشرسة وتشديد حملة مكافحة ومحاربة الفساد والفاسدين بإخلاص وبطريقة منهجية صحيحة تستهدف مصالح الوطن وتقطع الطريق على كافة المتلاعبين والنهابين تحت غطاء الولاء للنظام والتزلف له .
الحضور الكريم
إننا على ثقة اليوم أكثر من اي يوم مضى بأن ظلام الليل الحالك الذي خيم على بعض جوانب وطننا العربي سوف ينجلي قريباً رغم ما يقتضي ذلك من التضحيات.
وإن عودة رفات شهداءنا الأبطال … رفات الشهداء في مقابر الأرقام … غرست في الأرض شتلة جديدة لروح التصدي ومجابهة الاحتلال … فهنيئا للأرض التي احتضنت رفات شهداء العزة والكرامة …!!
تحية إلى أرواح الشهداء الطاهرة …والتحية إلى ذويهم الصابرين.
تحية لشعب فلسطين ولأبنائه الذين يواجهون الموت بعزم وإيمان لرسم صورة للحياة الحرة الكريمة في مقاومته المتواصلة للدفاع عن الأرض والحقوق والهوية، وندعو إلى سرعة انجاز مشروع المصالحة والوحدة الوطنية الذي من شانه توفير الحماية للمقاومة ومشروعها.
تحية عز وتقدير للأسرى في المعتقلات.
تحية للكرك الأبية وأهل الربة الذين طردوا الصهاينة قبل أيام عن الأرض الأردنية.
رحم الله من عاش واستشهد وهو يقول عاشت الأمة.
عاش العراق وعاشت فلسطين حرة أبيه من البحر الى النهر
والله اكبر… الله اكبر… الله اكبر وليخسأ الخاسئون.
عضو القيادة العليا
حزب البعث العربي الاشتراكي
م.هشام احمد النجداوي