عبدالنبي العكري
بحريني وأفتخر، عنوان حملة علاقات عامة قامت بها مجموعة لإظهار الوضع الحالي البائس، وكأنه «عال العال».
بحريني وأفتخر… نعم وأفتخر، فقد أضحى اسم البحرين في كل مكان، على كل شفة، في الفضائيات و «التويتر» و «الفيسبوك» وفضاء الإنترنت، والمؤتمرات والندوات رديفاً لاستخدام القوة ضد النساء والأطفال والشيوخ، وضد المحتجين السلميين، والاستخدام المفرط للغازات المسيلة للدموع ضد أكبر عدد من المواطنين في «المناطق الخارجة على القانون» مع الغازات الخانقة والسامة، التي يتم رميها بكل دقة داخل البيوت الآمنة حتى غرف النوم.
بحريني وأفتخر… فقد تم التوصل إلى وسائل لا تخطر على عقول جهابذة الـ (كي جي بي)، أو (سي آي أيه) وانتزاع الأفكار العميقة في العقل الباطني، ولا يمكن أن تحدث إلا في أفلام الخيال.
بحريني وأفتخر… فقد أضحى بالإمكان حشد مجموعةٍ من المواطنين في قضية مؤطرة، ورسم أدوار كل منهم في مؤامرة مفترضة، حتى ولو لم يعرف أحدهم الآخر، ثم حشد الأدلة من مصادر مجهولة، وإدانتهم والحكم عليهم مدى الحياة.
بحريني وأفتخر… فقد أضحى الآلاف يتمتعون برفاهية البطالة، وهاهم يتسكعون في المقاهي الفاخرة، ويعيشون حياة تقاعدٍ مبكر، فيما سخّرنا الأجانب للقيام بمهامهم ووظائفهم وخدمتهم.
بحريني وأفتخر… فقد أضحت سياسة التمييز، عفواً «التميّز»، لها جائزة ومهرجانات، وما المشكلة؟ فأصابع اليد لا تتماثل… ألم تقم حضارة روما العريقة على تصنيف أسياد وعبيد؟
بحريني وأفتخر… فقد أصبح شعب البحرين شعباً كوزموبوليتيّاً، أي من جميع جنسيات العالم، يتكلمون عشرات اللغات، ومن مختلف الأعراق؟ أليس ذلك من علامات التعددية والتحضر والتسامح؟
بحريني وأفتخر… فقد أصبحت الجنسية في متناول الجميع، وأضحت متاحةً في أطراف المعمورة، بحيث يتفحص ضباط الهجرة في كل مطار وميناء هوياتنا بتعجب، ويسألك ضابط المطار العربي، بحريني أم لا؟
بحريني وأفتخر… فقد رسخت الفكرة أنني طيّب إلى حد «الهبل»، والتساهل في الأرض والعمل والمال، وتحوّلت إلى ضيف في بلدي، مثلما قال الشاعر: يا ضيفنا لو جئتنا لوجدتنا… نحن الضيوف وأنت رب المنزل.
بحريني وأفتخر… فمشهورٌ عني السلمية، حتى إذا ضربك أحدٌ على خدّك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، حتى طالت الإهانة والضرب والأذى الجميع، النساء والأطفال والرجال والشيوخ.
بحريني وأفتخر… مشهور بالثقة في الآخرين، ورعاية الذمة، فلم تكن هناك حاجةٌ لعقود فيما بيننا وحتى مع الأجانب، والبيع بالسلف ولذلك دخلت الأسواق وأخذت منها حاجتي على اعتبار أن هناك ثقة، وبالتأكيد سأسدّد قيمتها عندما تتيسر الأمور، فإنها سلفةٌ ليس إلا.
بحريني وأفتخر… عفيف اللسان، غاض الطرف، ولذلك أنفّس عن مكبوتي ببذاءات تخرج غصباً عني في التلفزيون والإذاعة والصحف والإنترنت والجامع والمسجد، جهراً أو سرّاً.
نعم بحريني وأفتخر… ولكن لشعب مكافح صبور، كالعين التي تقاوم المخرز. والصدور العارية التي تواجه المدفع بالورود.
بحريني وأفتخر… للعقول والكفاءات الطبية والأكاديمية والهندسية والأدبية والإعلامية، وهي تقدّم عصارة جهدها للجميع، بحرينيين ومقيمين، في تجرّدٍ وصدقٍ ونزاهة، ثم تعاقب بقسوة على عطائها بدل التكريم. إنها التماعات الأخوة والإنسانية لشعب عربي كريم.