هاني الفردان
فاجأت رئيسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لورا ديبوي لاسير، يوم الجمعة الماضي، الوفد الرسمي البحريني بجنيف، حين طالبت بأن تضمن حكومة البحرين حماية أعضاء الوفد الأهلي المشارك في جلسات الاستعراض الدوري الشامل للبحرين، بعد عودتهم إلى بلادهم، وذلك على إثر التهديدات التي وُجهت لهم في تقارير إعلامية، على حد قولها.
هذا الحديث رفضته الحكومة على لسان وزير شئون حقوق الإنسان صلاح علي ودعمتها في ذلك أربع دول أعضاء في مجلس حقوق الإنسان. وأربع دول من أصل 67 دولة يمكن أن تعتبرها صحف محلية «إجماعاً دولياً» لأن أربع دول (السعودية، اليمن، الكويت، وبيلاروسيا) يشكلون أكثر من (50+1) من إجمالي أعضاء مجلس حقوق الإنسان!
قد يتهم الكاتب بالإساءة للبلد، والمساهمة في تشويه سمعته، لأنهم كعادتهم ينظرون لقشور المشكلة، وليس للبها وأصلها. فمن يا ترى يشوه سمعة البلد؟ هل من يطالب بالإصلاح والتغيير والحرية والكرامة أم المتمسكون بالإقصائية وهواة التخوين. من يسيء للوطن؟ من يحمل هموم أبنائه، أم من يخوّن النصف أو الأكثر من الشعب؟ من يطالب بالتعليم والخدمات للجميع، أم من يريدها حكراً على أتباعه وحرمان كل من يخالفهم في رأي من كل شيء، والنظر على الوظائف كغنائم يجب الاستحواذ عليها؟
أليس من الأولى محاسبة أولئك الذين مارسوا التحريض والتخوين لفئة من أبناء هذا الوطن ممن حملوا على كاهلهم أعباء إصلاح الخلل في البلد، بينما هناك فئة متمصلحة همّها تحقيق المكاسب الشخصية على حساب الأمة.
عندما طالبت رئيسة مجلس حقوق الإنسان السلطات في البحرين بحماية الوفد الأهلي، فلم يكن طلبها سابقة فريدة من نوعها، فهذا الطلب يوجه للدولة المعنية بحماية مواطنيها، إلا إذا كانت الدولة غير معنية بذلك. وعندما دعت لتأمين عودة الوفد الأهلي وعدم الإضرار به، فذلك كان اعتماداً على رصد مركز خدمات الأمم المتحدة، بعد أن تبين لها الهجمات الإعلامية التي شنت من قبل وسائل إعلامية وكتاب محليين، وخصوصاً ان التجربة التي أثبت صحتها تقرير لجنة تقصي الحقائق أن أي حملة إعلامية تعقبها ملاحقات أمنية ضمن إطار ممنهج وواضح، كما هو موثق في التقرير.
ربما لم يتابع وزير الدولة الصحف المحلية، أو أن الفريق الإعلامي الذي كان مرافقاً له ضمن أكبر وفد رسمي يشارك في المراجعة الدورية الشاملة (أربعة صحافيين من أصل 38 عضواً في الوفد) لم يقم بواجبه الكامل من خلال رصد كل ما يكتب عن الوفد والمراجعة الشاملة للوضع الحقوقي في البحرين، ليقدمه للوزير حتى لا يقع في حرج وصف كلام لورا ديبوي لاسير بأنه اعتمد على «معلومات غير موثقة أو غير دقيقة». وحتى لا يذهب آخرون، وكعادتهم، لتخوين السيدة رئيسة مجلس حقوق الإنسان ووصفها بالانحياز، لأنها فقط طالبت بحماية بشر وصل لعلمها أنهم أصبحوا مهدّدين، لأنهم حملوا هموم بشر لا تتفق مع سياسة حكومتهم.
والسؤال: لماذا انحازت رئيسة مجلس حقوق الإنسان للوفد الأهلي بحسب البيانات الرسمية؟ فهو أمر يستحق البحث، هل أنها تنتمي الى دينهم ومذهبهم وأصبحت «صفوية» و«مجوسية» كما يحلو للبعض من وصفٍ لمكون كبير في المجتمع؟ أم لأنها تسلمت منهم مبالغ مالية كبيرة تجعلها تتخلى عن مبادئها وقيمها؟ أم أنها تحمل أحقاداً صهيونية؟ أم أنها تعاطفت مع أحاسيسها البشرية؟
ربما تكون رئيسة مجلس حقوق الإنسان انحازت، ولكن انحيازها للإنسانية التي تمثلها عندما سلمت زمام مجلس حقوق الإنسان، وهذا ما لم يعجب الوفد الرسمي فثار عليها لأنها عبرت عن إنسانيتها.