د. محمد صالح المسفر
(1) مابرحت ردود الفعل تتوالى حول الدعوة الى تحول مجلس التعاون الخليجي الى اتحاد يضم الدول الاعضاء طبقا لما جاء في وثيقة التأسيس عام81 والتي مؤداها في نهاية المطاف ان الهدف الاسمى هو الوحدة، ولما كان يتعذر قيام هذه الوحدة بين جميع دول المجلس في الوقت الراهن فلتكن البداية الوحدوية او الاتحادية بين المملكتين السعودية والبحرينية.
ردود الفعل كانت بين مؤيد ومتحفظ ومعارض.
( 2 )
المؤيدون كان انطلاقهم ان في الوحدة /الاتحاد قوة تشد ازر الصديق وترد كيد العدو ،وبما ان دول مجلس التعاون تتعرض لتهديدات من محيطها العجمي الى جانب الندرة السكانية وكثافة العمالة الاجنبية التي ستكون في لحظة من لحظات التاريخ عنصرا مخيفا لامن المنطقة برمتها فان الوحدة هي الضامن الاساسي لامن المنطقة وسلامة سيادتها واستقرارها. المتحفظون لا يرفضون الوحدة او الاتحاد لكنهم يشترطون توفر الظروف الموضوعية لقيام مثل هذا النظام ففي البحرين هناك حراك شعبي مصر على نيل حقوقة السياسية الكاملة وانه لن يقبل باي وحدة مع اي طرف قبل تحقيق مطالبه المشروعة، ومن هنا ندعو القيادة السياسية في البحرين الى حل هذه الاشكالية بالاستجابة لمطالب الشعب بكل طوائفه قبل الدخول في اطار الوحدة مع المملكة السعودية او دول الخليج الاخرى، ان على القيادة البحرينية الا تسارع في احراج المملكة العربية السعودية بالاصرار على الوحدة ثم تفشل بعد اعلان قيام تلك الوحدة او الاتحاد في فترة زمنية قصيرة، الحل لمعضلة مملكة البحرين اليوم ليس الهروب الى الاستقواء بالوحدة مع المملكة السعودية وانما على عقلاء البحرين من مثقفين ورجال اعمال ومشايخ دين وقيادات سياسية وحزبية ان يجدوا مخرجا يضمن للكل حقوقهم تحت شعار الوطن البحريني للكل والولاء للوطن ولا للطائفية. ان المظاهرات التي خرجت في البحرين تعارض وترفض الاتحاد مع المملكة السعودية والمظاهرات التي خرجت هناك ايضا لتأييد الاتحاد ودعما لتوجهات النظام السياسي في المنامه لا تقود البلاد الى الاستقرار ونيل الحقوق السياسية. ان اخواننا من الشيعة في البحرين لهم حقوق بحكم مواطنيتهم كغيرهم من المواطنين ولا يجب تجاهل تلك الحقوق من قبل النظام السياسي، في المقابل يجب ان يدرك هؤلاء الاخوة من الشيعة ان الاستقواء باي قوة اجنبية اعني ايران على النظام السياسي في البحرين من اجل تحقيق مطالبهم امر غير مقبول ولن يحقق لهم اهدافهم السامية. الوحدة الوطنية هي الاجدى والامثل لتحقـيق المطالب المشروعة بعيدا عن التحزب الطائفي.
( 3 )
في الجانب الاخر من المسألة في الاعوام الاخيرة اخذ النظام السياسي في البحرين بمغازلة اسرائيل تارة بتصريحات من وزير الخارجية واخرى من قيادات سياسية عالية المستوى وكان اخرها تصريحات السفير البحريني في بروكسيل السيد احمد محمد الدرسي عندما هاجم ايران في المؤتمر المركزي الاول للبرلمان اليهودي الاوروبي وطالب المجتمع الدولي واسرائيل بالوقوف الى جانب البحرين في ما يتعرض له من اشكالات سياسية وتهديدات اجنبية في سيادته. السفيرة البحرينية في واشنطن هدى النونو (يهودية بحرانية) جلست على المنصة الرئيسية للمؤتمرالبرلماني اليهودي وقالت نقلا عن صحيفة اسرائيلية: 'اشعر بان مكاني هنا في البرلمان اليهودي …… الخ' ان هذه التصريحات من مسؤولين بحرانيين تسيء الى المملكة السعودية التي ترغب البحرين الاتحاد معها، والسعودية حتى هذه الساعة لا نعرف ان لها اي علاقة مع اسرائيل او محاولة التطبيع معها من قريب او من بعيد.
المعارضون لديهم قناعة انهم في حالة انضمامهم الى اي شكل من اشكال الوحدة مع المملكة فانهم سيفقدون ما حققوه من الانجازات السياسية والحرية ولو في حدودها الدنيا، كالبرلمانات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني ودستور مكتوب عليه موافقة الاغلبية من المواطنين، ولكي تعمل المملكة على طمأنة شركائها المطلوب الاتحاد معهم اجراء بعض الاصلاحات الجوهرية على مؤسسات الدولة في كل الصعد وتسييد مبدأ المواطنة والولاء للوطن على مبدأ تسييد القبلية والبيوتات والمذهبية. في المنطقة الشرقية من المملكة حراك ترتفع وتيرته احيانا وتهدأ احيانا اخرى. ذلك الحراك له اسبابه ودوافعه فلا بد لكي يستقيم الامر هناك من حوار جاد وفعال بين الادارة السياسية في المملكة وقيادات ذلك الحراك سواء قيادات مذهبية او ذات مطالب مواطنين مشروعة وتأسيس توافق وطني في شأنها. هذا الاجراء يبعث بطمأنة فعالة الى اخواننا في البحرين المتخوفين من الاتحاد مع المملكة.
نريد ان نذكر اخواننا في البحرين بان مطامع ايران في الاستيلاء على دولتهم تتجدد جاء ذلك في بيان التسعين نائبا فارسيا وكذلك ما ذكرته صحيفة كيهان القريبة من مرشد الجمهورية السيد خامنئي في الاسبوع الماضي بان البحرين جزء من ايران يجب استعادتها وان شعب البحرين يعتبرون انفسهم ايرانيين يرغبون العودة ببلادهم الى ايران.
اخر القول: شيعة البحرين عرب وولاؤهم للعروبة والوطن البحريني وقد عبروا عن ذلك مع اخوانهم اهل السنة يوم الاستفتاء عام 1970على عروبة بلادهم واستقلالها ورفضهم للتبعية الايرانية.