عبد الباري عطوان
اللقاء التشاوري الذي سيجمع قادة مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض صباح اليوم سيكون لقاء مختلفا عن كل اللقاءات السابقة لانه لن يكون روتينيا، ومن اجل التقاط الصور وتبادل المجاملات.
التسريبات الاخبارية التي سبقت هذا اللقاء تركز على امكانية اعلان وحدة سياسية بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، تؤدي الى اندماج المملكتين في كيان واحد.
العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز فاجأ زملاءه قادة مجلس التعاون الخليجي مرتين: الاولى عندما دعا الى انضمام كل من الاردن والمغرب باعتبارهما مملكتين الى مجلس التعاون الخليجي كرد على ثورات الربيع العربي وتكوين ناد خاص للممالك العربية وتحصينها امام الاحتجاجات التي تطالب بالتغيير الديمقراطي، اما الثانية فتمثلت في مطالبته بنقل مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون الى مرحلة الوحدة.
الاقتراح الاول اي ضم الاردن والمغرب الى مجلس التعاون لم يكتب له النجاح، وواجه اعتراضات من قبل الدول الاعضاء، كما لم يتحمس له بعض الامراء الكبار في العائلة السعودية الحاكمة، وجرى ارضاء البلدين بمنحة مالية تصل الى خمسة مليارات دولار كتعويض عن التراجع عن هذه الخطوة.
اما الاقتراح الثاني اي الانتقال الى صيغة الاتحاد فوجد معارضة ‘مؤدبة’ من شركاء السعودية في مجلس التعاون وخاصة سلطنة عمان التي طالبت من خلال وزير خارجيتها السيد يوسف بن علوي بضرورة وضع دراسات مستفيضة لهذه الخطوة وعرض نتائجها على الزعماء للبت فيها. كما تحفظت على الاقتراح ايضا دولة الامارات العربية المتحدة وفضلت دولة الكويت الصمت.
الوحدة بين دولتين عربيتين امر مستحب ويستحق التشجيع لا شك في ذلك، شريطة ان تكون بتراضي الشعبين اولا، ومن خلال استفتاء شعبي، والا اصبحت انضماما بالقوة، الامر الذي سيؤدي الى تعقيدات كبيرة في المستقبل.
من الواضح ان المملكة العربية السعودية التي ارسلت اكثر من الف جندي الى البحرين لمنع سقوط النظام اثناء تصاعد اعمال الاحتجاجات المطالبة بالاصلاح قبل عام واربعة اشهر تشعر ان البحرين مهددة من قبل المعارضة التي يغلب عليها اللون الطائفي الشيعي، ولهذا تريد من اقتراح الوحدة هذا حماية الاسرة الحاكمة في المنامة.
والاهم من ذلك ان المملكة العربية السعودية تخشى من انتقال الاحتجاجات المطالبة باصلاحات جذرية من بينها المساواة والشفافية والملكية الدستورية الى المنطقة الشرقية فيها حيث تتركز الاقلية الشيعية وتوجد فيها حقول النفط الاساسية.
جمعية الوفاق الوطني في البحرين وهي اكبر جماعة معارضة في البحرين عارضت وجود قوات سعودية في البحرين، مثلما عارضت اقتراح الوحدة او الاتحاد المطروح حاليا، وطالبت بموافقة الشعب على اي وحدة بين البلدين، وهذا مطلب مشروع دون اي شك.
لا جدال في ان الاسرة الحاكمة في البحرين، ورئيس الوزراء الامير خليفة بن سلمان آل خليفة خاصة، تؤيد الخطوة السعودية هذه كمخرج من الازمة الحالية، والحصول على حماية المملكة العربية السعودية في مواجهة ما تراه تهديدا ايرانيا لها، ولكن رفض قطاع عريض من الشعب لها، قد يؤدي الى تأجيج الاحتجاجات الشعبية وفتح الباب امام تدخلات خارجية غير مرغوبة لجميع الاطراف.
مجلس التعاون الخليجي يواجه حزمة من المشاكل وعلى رأسها الخلافات الحدودية بين بعض اعضائه، علاوة على خلافات اخرى حول العملة الخليجية الموحدة ولذلك هو ليس بحاجة الى اضافة خلافات جديدة تزيده ضعفا، مثل تلك التي نراها حول مشروع الاتحاد بين السعودية والبحرين، وهو مشروع قد يؤدي الى حالة من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة ان لم يكن الى حرب اقليمية.
القدس العربي
مجلة الجزيرة العربية » البحرين