جميل المحاري
يبدو أننا متجهون خلال الفترة المقبلة نحو نفق أشد ظلمة وحلكة مما نعيشه الآن، فجميع المؤشرات تدل على ذلك مع غياب أي أفق يمكن أن يعطي ولو بصيصاً من الأمل.
فما نشهده الآن من تشديد القبضة الأمنية، وارتفاع وتيرة العنف والعنف المضاد، ومصادرة حق الرأي والتعبير ومعاقبة النشطاء على مجرد آرائهم يؤكد أن الحل الأمني مازال هو الحل الأوحد حتى الآن.
وما نشهده من إفلات مرتكبي جرائم القتل والاعتداء والتعذيب من العقاب، يؤكد أنه ليست هناك نية حقيقية لمحاسبتهم أو حتى الكشف عن هويتهم.
وما نشهده من التشبث بما خرج به حوار التوافق الوطني الذي لم يكن إلا حواراً بين طرف واحد، يؤكد أن هناك من يختزل الشعب في مكون واحد ويلغي المكون الآخر.
وما نشهده من إغفال إجراء تعديلات دستورية حقيقية وتعديل الدوائر الانتخابية بما يمثل مكونات جميع الشعب البحريني بشكل عادل ومنصف، يؤكد أن سياسة التحكم في مخرجات العملية الانتخابية وضمان الأغلبية بشكل مسبق مازالت هي سيدة الموقف.
ما نشهده من استمرار الهجمة الإعلامية على مكون واحد من مكونات المجتمع، واستمرار اتهامه بالعمالة والخيانة، يؤكد أن الحرب الطائفية مازالت قائمة وأن هناك من يغذيها يوميّاً بمزيد من كلمات الحقد والكراهية لتبقى الطائفية مستعرة في البحرين.
وما نشهده من تزوير لإرادة مؤسسات المجتمع المدني من خلال حل بعض الجمعيات الأهلية والمهنية وإلغاء انتخابات بعضها والتحايل على نظامها الأساسي بهدف السيطرة عليها سيطرة مطلقة لتكون مجرد جمعيات تابعة، يؤكد أن هناك من يعمل على أساس أن الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت هذه الغاية غير إنسانية وظالمة، ومهما كانت الوسائل كاذبة ودنيئة.
ما نشهده من تكذيب لجميع تقارير المؤسسات الحقوقية الدولية والمنظمات العالمية بشأن حقوق الإنسان في البحرين وجدية الدولة في تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصّي الحقائق، واتهامها بعدم الحيادية واستقاء معلوماتها من جهات معينة دون السماع لوجهة نظر الحكومة، وأن جميع ما جاء في هذه التقارير يفتقد المصداقية، يؤكد أن الرأي الآخر لم يعد مقبولاً.
ما نشاهده من عدم غلق ملف المفصولين، وعدم إرجاع ولو صحافي واحد تم فصله، ومن الاستيلاء على المناصب والوظائف العليا وحتى الدنيا منها، ومن ظهور المنتفعين والمتمصلحين على أكتاف الناس، ومن سرقات في وضح النهار، ومن استمرار الهجوم على القرى وتحطيم بيوت وممتلكات الناس، ومن تصاعد نبرة الاستقواء، ومن سقوط المزيد من الضحايا، ومن انسداد الأفق عن أي حل أو تسوية أو مصالحة وطنية؛ يؤكد أن القادم أسوأ.